فتيل الحدود العراقية الكويتية

كاظم فنجان الحمامي

 

 

قالوا لن يخرج العراق من الفصل السابع حتى يدفع تعويضات الكويت فلسا فلسا, وقالوا لن نكتفي بالحصار ولا بالتعويضات حتى نقتحم المدن العراقية مدينة مدينة, وحتى نطلق لجيوشنا العنان ونحتل العراق بالقوة, فسارعت الكويت لفتح بواباتها وحدودها, وسمحت بمرور الفلول المعادية التي جاءت لغزو العراق, ثم قالوا لن نسمح للعراق بالخروج من الفصل السابع حتى يصادق على إحداثيات الحدود الجديدة بينه وبين الكويت, وهي الحدود التي اعترض عليها العراق مرارا وتكرارا, فما الجديد في هذه الحدود ؟, وما موقف الحكومة العراقية منها ؟. .

سنأخذكم في جولة خاطفة للتعرف على المواقف الرسمية العراقية المعترضة على السياقات الظالمة, التي رافقت ترسيم الحدود بين العراق والكويت بعد عام 1991 تمهيدا لتسليط الأضواء على المحاولات الرامية لقطع الشريان الملاحي الوحيد, الذي ترتبط من خلاله الموانئ العراقية بحوض الخليج العربي, الأمر الذي اضطر الحكومة العراقية لتسجيل اعتراضاتها المتكررة, والتي يمكن إجمالها على النحو التالي:-

·   اعترض العراق بداية على تشكيل لجنة الحدود, ووثَّق اعتراضه بمذكرة بعثها وزير الخارجية إلى الأمين العام في الثالث والعشرين من نيسان (أبريل) 1991, بيَّن فيها عدم جدوى اللجنة التي لن تحقق الحد الأدنى من العدالة والإنصاف, ولم يحضر ممثل العراق الدورات الست, التي تم عقدها للمدة من 15 تموز (يوليو) 1992 إلى أيار (مايو) 1993, بدعوى أن مجلس الأمن يفتقر إلى الاختصاص القانوني للبت في مسائل الحدود, وكرر العراق اعتراضه هذا في ثلاث رسائل متوالية.

·   أشار العراق في رسالته الموجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة إلى رفضه الأساس, الذي استندت عليه اللجنة في القيام بأعمالها, وهو بروتوكول عام 1963, بقوله انه لم تتم المصادقة عليه من قبل البرلمان وقتذاك, وبالتالي فهو لا يعد ملزما له.

·   رفض العراق تفسير مسار خط الحدود جنوبي صفوان, متهما الكويت بتحريك مواقع التنقيب ومواقع قوات الحدود ومراكزها لأكثر من سبعين كيلومترا, وأبدى اعتراضه المطلق على الأدلة المساحية, ولم يعترف نهائيا بإحداثيات خطوط الطول والعرض.

·    طالب العراق بمنفذ بحري وحيد لتأمين خطوطه التجارية والملاحية المتصلة بموانئه التجارية المحتجزة بين ميناءي أم قصر وخور الزبير, وجاءت مطالبته هذه برسالته, التي وجهها وزير خارجيته في السادس من حزيران (يونيو) 1993 إلى الأمين العام للأمم المتحدة, والتي بيَّن فيها ان منطقة خور عبد الله لا يصدق عليها وصف البحر الإقليمي وفقا لقانون البحار, وجاء في الرسالة: (ان الترسيم الحدودي الجديد يحرم العراق من امتلاكه السواحل البحرية), ولابد من الإشارة هنا إلى أن العراق لا يمتلك حاليا سوى (29) ميلا ساحليا محصورة في منطقة طينية ضحلة, وضيقة, وغير صالحة للملاحة.

وتجدر الإشارة إلى أن الحدود الكويتية الجديدة بسطت هيمنتها على مياه خور عبد الله برمتها, بحيث أصبحت القناة الملاحية كلها من ضمن المياه الإقليمية الكويتية, بمعنى أن الحدود الكويتية زحفت في غفلة من الزمن نحو ساحل الفاو, واستحوذت على الشريان الملاحي الوحيد الذي يغذي ميناء أم قصر, والمثير للعجب هنا إن التقسيم الحدودي الجديد لم يأخذ بنظر الاعتبار مسارات خط الثالوك في خور عبد الله, ولم يعتمد على النقاط العميقة للمجرى الملاحي المشترك بين البلدين, فقد باتت  الممرات العميقة كلها من حصة الكويت وحدها, ومن لم يصدق هذا الكلام ليرجع إلى الخرائط الأدميرالية الملاحية لكي يتأكد بنفسه, ويذرف الدموع على فقدان العراق لأبسط حقوقه الملاحية, ويبكي بمرارة على هذه التجاوزات الحدودية, التي حرمت العراق من منفذه البحري الوحيد.

ختاما نقول لابد من الرجوع إلى التشريعات الدولية النافذة, والاحتكام إلى العقل والمنطق, والرجوع إلى ابسط قواعد العدالة والإنصاف في تثبيت الحدود بين البلدين الجارين الشقيقين, والسعي لبناء مناخ سياسي يؤكد خيار التعايش السلمي الدائم, وبما يبعد عن المنطقة شبح العلاقات المتوترة والأزمات العقيمة المتفاقمة.

Facebook
Twitter