فتيات وغانيات في عصابات الخطف العصابات تستخدم الفتيات لاستدراج الضحايا وخطفهم ومساومة ذويهم

تلجأ عصابات الخطف التي نشطت مؤخرا في العاصمة بغداد الى اساليب متجددة و”ذكية” في استدراج الضحايا بداعي الابتزاز المادي وغالبا ما تنتهي القصة بقتل المخطوف، بحسب ما يؤكد قاضيان عراقيان.

ويشير القاضيان وهما خبيران بشؤون الإرهاب والجريمة المنظمة إلى ازدياد عمليات الخطف في بغداد، جراء عدم الاستقرار الأمني وانشغال أجهزة الدولة بمقاتلة تنظيم “داعش”.

وفي خضم أوضاع امنية مرتبكة في العراق على مدى أكثر من عقد طورت عصابات الخطف من أساليبها ونوعتها بصورة مستمرة. وباتت تستهدف مؤخرا شرائح محددة ولا سيما سائقي سيارات الأجرة والتجار.

وقال رئيس محكمة التحقيق المركزية القاضي ماجد الأعرجي إن جهود أجهزة الدولة الأمنية تنصبّ الآن على محاربة داعش، ما فتح المجال لعصابات الجريمة المنظمة أن تنشط في بغداد لممارسة عمليات الخطف.

وأضاف في تقرير للسلطة القضائية اطلعت عليه “الصحيفة العربية” أن القوات الأمنية استطاعت كشف عمليات كثيرة وحررت عددا من الرهائن إلا أن نسبة ما يتم السيطرة عليه من عمليات لا تعدو أن تكون من 20-25% بسبب عدم توفر تقنيات المراقبة الحديثة، واحتراف العصابات الإجرامية.

ولفت إلى أن بعض عناصر هذه العصابات من المجرمين الذين تم شمولهم بقانون العفو عام 2008 حيث دخلوا السجون وتعرفوا على عتاة المجرمين هناك وتفتحت عقليتهم الإجرامية فأصبحت لديهم خبرة في أساليب التحقيق.

وحذّر رئيس محكمة التحقيق من أساليب أخرى للخطف كاستدراج الرجال عن طريق الهاتف من قبل فتيات، أو عبر قنوات التعارف في الانترنت أو الهواتف.

ونوّه الأعرجي إلى أن عمليات الخطف الأشد خطورة هي استدراج سائقي سيارات الأجرة وقتلهم واستغلال سياراتهم للتفخيخ، مؤكدا أن هذه الجريمة مزدوجة بثلاث جرائم؛ الخطف، فالقتل والتفخيخ.

وعن كيفية خطف السائقين أكد القاضي أنه في العادة يقوم أحد افراد العصابة باستئجاره وإدخاله الى احد الدور بحجة انزال المواد فيفاجأ السائق بعصابة مسلحة.

وأشار إلى أن السيارة تستغل لغرض التفخيخ، لأن أرقامها أصولية ومسجلة لدى المرور ويُمكن اختراق نقاط التفتيش الأمنية بواسطتها، لكنه ذكر أن اكتشاف الجريمة يتم عادة بعد انفجار السيارة بعد التحقيق في ملكية السيارة.

واكمل الأعرجي حديثه عن إحدى هذه الجرائم “يتبيّن بعد ذلك ان صاحب السيارة مخطوف منذ فترة وبعد التوصل الى الجناة الحقيقيين وجدنا الشخص المخطوف قد دفن في حديقة إحدى الدور في بغداد”.

وبشأن مدى لجوء ذوي المخطوف إلى السلطات الأمنية ذكر أن “أغلب أهالي المخطوفين يفضلون دفع الفدية على اللجوء الى الأجهزة الأمنية بسبب الإجراءات البطيئة وتخوفهم من أن يقتل الضحية قبل فوات المهلة البسيطة التي يمنحها الخاطفون لجلب الفدية”.

من جانبه، قال قاضي محكمة التحقيق المركزية عمار رشيد إن جريمة الخطف ترتكب من قبل عصابات منظمة، تتكون من ثلاثة أفراد وأكثر وهذا أمر بديهي، أما الغاية من هذه الجريمة فهو المردود المادي.

وأكد رشيد ازدياد هذه الجرائم بالعاصمة في الآونة الأخيرة، لأنها ترتبط بمدى استقرار الوضع الأمني، ففي الأحداث الطائفية عامي 2006 و2007 ارتفع منسوب هذه الجريمة أيضاً وكانت عمليات الخطف في أوجها، وبعد أن استقر الوضع الأمني نسبياً قلت هذه العمليات التي خرجت من سباتها الآن في 2014.

وأضاف أن هذه العمليات انصبّت على التجار، وتبين من خلال إحصائية أجراها جهاز الأمن الوطني أن أكثر المناطق التي تنمو فيها هذه الجرائم هي مناطق وسط بغداد.

وأوضح رشيد أنه من خلال التحقيقات لوحظ أن بعض العصابات التي ترتكب هذه الجرائم يكون أفرادها من عائلة واحدة أو تربطهم صلات قرابة.

ونفى القاضي صحة أن تكون دوافع الخطف طائفية، مشيرا إلى أن الغاية الأساسية هي المردود المادي، لأن الفدية وصلت إلى مبالغ طائلة تتعدى حاجز المليون دولار أحياناً.

وعن مدى نجاح الأجهزة الأمنية في تحرير رهائن مخطوفين، قال رشيد أن “مساومة الخاطفين تتم عن طريق الهاتف النقال وهذا عامل يساعد في الكشف، ولكن ذكاء العصابات أخذ يرتفع وواكبوا التطور، فقد يقوم هؤلاء بمساومة أهالي الضحايا بهواتف المخطوفين أنفسهم مما يصعّب معرفة هوية العصابة من خلال عائدية الهاتف”.

وبالنسبة لتقنية تحديد الموقع أفاد بأن “عقلية الإجرام تطورت فأخذت العصابات تتنقل بواسطة السيارة أثناء عملية المساومة مما يصعّب تحديد موقع معين للخاطفين”.

وبشأن الأساليب التي تتبعها هذه العصابات قال إن “هناك عمليات خطف تتم عن طريق الهجوم المسلح إذ يبدأ أفراد العصابة بمتابعة الضحية ومعرفة الأماكن التي يرتادها حتى تحين ساعة الصفر فينقضون عليه عبر تهديده بالسلاح”.

وأضاف “تتم عمليات خطف ايضا عبر استدراج الضحايا عن طريق الانترنت أو اجهزة الموبايل، وهذه حدثت بكثرة مؤخرا اذ تجنّد العصابات نساء من فتيات الليل تقع على عاتقهن مسألة استدراج الضحايا”.

وبين أن “هؤلاء الفتيات يقمن بإغواء الضحية عبر وسائل التواصل الاجتماعي والكاميرا واستدراجه إلى البيت وأثناء ذلك يفاجأ بوجود العصابة وتبدأ عملية تقييده والمساومة”.

وحذّر رشيد من أن بعض أفراد عصابات الخطف يقومون بتزوير هويات أمنية، مشيرا إلى أن القوات الأمنية ألقت القبض في مرات عدة على خاطفين أثناء إيقافهم في نقاط التفتيش حيث يجدون الضحية مقيدا داخل صندوق السيارة، وأثناء مساءلتهم يكون الجواب أنهم ينتمون للجهات الأمنية وان الشخص المقيد مطلوب، لكن بعد التحقيقات يتضح زيف ما يدعون به لحملهم هويات مزوّرة.

وأفاد قاضي التحقيق بأن الضحايا بالدرجة الأولى يكونون من الأطفال، لأن الطفل من السهولة استدراجه وخطفه، وبالدرجة الثانية الرجال.

وفي سياق خطف الفتيات يضع القاضي “علامات استفهام كثيرة عند التحقيق ففي مرات كثيرة يحضر المدعي ويقول ان ابنته اختطفت وبعد إجراء التحقيق يتبين أن الفتاة غير مخطوفة وذهبت بمحض إرادتها وهجرت أهلها بسبب علاقات عاطفية”.

ويورد رشيد احتمالين لمصير الضحية “الأول؛ أن يُعيد الخاطفون الضحية إلى ذويه وهذا في حال لم يتعرف المخطوف على هوية العصابة والمكان، ولكن الاحتمال الثاني -وهو الأكثر- يكون مصير الضحية القتل لأن اغلب الخاطفين من معارف المخطوف أو أقربائه”.

وعمّا يشاع عن وجود عمليات خطف في مدن حزام بغداد قال ان “هذه المناطق عسكرية بحتة ومسيطر عليها من قبل القوات الأمنية بصورة دائمة، لذلك فأن عمليات الخطف هناك تكون قليلة”.

وكجزء من الحلول، دعا قاضي محكمة التحقيق المركزية إلى “رفد الأجهزة الأمنية بمعدّات التكنولوجيا الحديثة بينها أجهزة تحديد المواقع”.

Facebook
Twitter