النظام الجماهيري الحل الانساني الامثل لمشكلة الحكم والصراع على السلطات

التمثيل النيابي أضحوكة العصرالبالية تقترب من نهايتها بسرعة كبيرة المجالس النيابية  حكم غيابي عن الشعب وإجهاض للديمقراطية العمل والمسكن والمأكل والملبس وواسطة النقل حاجات اساسية يوفرها المجتمع الجماهيري لمواطنيه

 

ما معنى النائب؟  أن تنتخب الجماهير شخصا يتنازلون له عن سيادتهم واحترامهم وحرية إرادتهم، ويعلقونها وشاحا في رقبته. فيلقب هو بالنائب المحترم دلالة على أن الناخبين جميعا ليس لديهم أي قدر من الاحترام بعدما تنازلوا عنه للنائب المحترم. كما لا يملكون أي قدر من السيادة بمجرد اعطائهم أصواتهم في الانتخابات وهي تعنى في نفس الوقت تنازلهم للنائب الذي ينتخبونه عن حصتهم من السيادة فالنائب لا يكون نائبا إلا إذا سلب احترام الشعب، وسيادته وحريته وكرامته ليسبغها على نفسه، فهو محترم سيد، يمارس السيادة الفعلية من خلال المجلس النيابي الذي يتمتع بعضويته، ويصدر من خلاله التشريعات والقوانين والأحكام باسم الشعب. ولذلك فإن أعضاء المجلس النيابي هم أصحاب الكرامة والسيادة والحصانة، حيث يعاملون من قبل أجهزة الدولة التقليدية معاملة خاصة بسبب ذلك، حيث لا يجوز مساءلتهم ولا القبض عليهم، في حين يداس المواطن الذي أعطاهم صوته بالاقدام، ويضرب بالقنابل الحارقة والرصاص والقنابل المسيلة للدموع، ويلقي القبض عليه بلا أي سبب في أحيان كثيرة، لأنه مسلوب السيادة والاحترام والكرامة والارادة. فقد سلم سيادته واحترامه وكرامته وارادته للنائب مع بطاقة التصويت، واستلم ايصالا بذلك، فكان ايصال بطاقة التصويت هو ايصال تسليم احترام الشعب وسيادته وكرامته وارادته للنائب المحترم. وبالرغم من ذلك فإن الرفض الشعبي يتواصل بما يعني أن النواب لا يمثلون الجماهير ولا يعبرون عنها، بدليل أنها تخرج إلى الشارع لتعبر عن نفسها، وهذا معناه أن التمثيل النيابي لا فائدة منه، وان السلطة يجب أن تكون بيد الشعب. ان كثيرين من المفكرين والمثقفين يقرون بفشل النظام النيابي وبعدم ديمقراطيته، بل عده الكثير منهم نظاما ديكتاتوريا معاديا للشعب، وقد بدأت محاولات ترميمه واصلاحه وترقيعه في كل مكان، حيث صار من حق الناخبين في بعض البلدان استرداد أصواتهم من نائب لينتخبوا نائبا آخر. كذلك نجد بلدانا أخرى، تلجأ إلى الاستفتاء العام، حيث إن المجلس النيابي غير كاف لتقرير أي قضايا نيابة عن الشعب، ولا تدلنا محاولات الترميم هذه الا على فشل التجربة النيابية وعجزها المطلق، فرغم نتيجة الاستفتاءات التي عادة ما تكون 100% أو قريباً منها، فإن الرفض الشعبي يستمر، رغم استمرار محاولات التلفيق عديمة الفائدة المشار إليها، ويستمر في ظلها التمثيل النيابي أضحوكة العصر-التي صارت بالية، تحتضر في صندوقها الزجاجي مقتربة من نهايتها بسرعة كبيرة. فقد ارتفعت في الأفق شعارات الديمقراطية الشعبية المباشرة. "لا نيابة عن الشعب.. والتمثيل تدجيل".. "المجلس النيابي حكم غيابي". "المجالس النيابية إجهاض للديمقراطية" وهكذا صار على العالم أن يصغي الى حقيقة ان  المؤتمرات الشعبية هي الحل الامثل لمعضلة الديمقراطية نهائيا، حيث يقسم الشعب الى عدد من المؤتمرات بدل جمع ملايينه العديدة في قاعة واحدة، لاستحالة ذلك موضوعيا. وهكذا فإن قاعة الشعب التي ضاقت بالشعب في أثينا ستصبح عشرات القاعات- حسب عدد السكان-. فليس من الضروري أن يجتمع كل السكان في قاعة واحدة ، وانما يجتمع الشعب في مؤتمراته الشعبية كل في مكانه ليناقش نفس القضايا، وتقرر الجماهير قرارها في وقت واحد في جميع أنحاء البلاد، وبهذا تتكامل القاعدة العملية للديمقراطية الحقيقية المباشرة. حيث يكون كل فرد عضوا بمؤتمره الشعبي ليقرر مصيره بنفسه،" فلا ديمقراطية بدون مؤتمرات شعبية".. لماذا؟.. لان إرادة جميع أفراد المجتمع ستكون حرة وفاعلة في المؤتمر الشعبى، وستكون معدومة خلاف ذلك. ولذا فإن الحل الديمقراطي السليم هو دفع الكفاح الجماهيري إلى أقصى منتهاه لتصل الجماهير إلى السلطة، فتقسم في مؤتمرات شعبية تمتلك السلطة في يدها. وهو أمر يمكن تطبيقه في أي مجتمع مهما كان عدد سكانه. ثم تختار المؤتمرات الشعبية لجانا شعبية تنفيذية، تنفذ قراراتها، وللمؤتمرات الشعبية القدرة على محاسبتها وحلها، واطالة مدتها وغير ذلك. كما تكون للمؤتمر الشعبي نفسه لجنة إدارية خاصة، تسمى أمانة المؤتمر الشعبي تنظم أموره الإدارية واجتماعاته وحيث إن الشعب كله موجود بالمؤتمرات الشعبية، فان اللجان الشعبية يضعها الشعب اذن، فتكون اللجان في كل مكان لتنفيذ إرادة الجماهير التي تحل محل جميع القوانين. وهكذا وعبر الفكر الجماهيري طويت جميع النظريات السابقة وأصبحت مستنفدة الغرض، فوضعت ضمنا في غرفة التاريخ من ضمن التراث الإنساني. فلقد طواها كفاح الشعوب من أجل الديمقراطية، وتجاوزها الطرح الانساني للنظرية الجماهيرية. فاعتبرتها الشعوب تجارب ناقصة، لم تحل مشكلات المجتمع الإنساني السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فتخطتها إلى تجربة جديدة كاملة وشمولية، لتحقيق فوزها التاريخي بقيام سلطة الشعب وعصر الجماهير.  جدل الحرية والسلطة :  بقيام سلطة الشعب يصبح كل الناس أعضاء بالمؤتمرات الشعبية، كما يصبحون متساوين، يقعدون معا جنبا الى جنب على نفس الكراسي. ويتبادر الى الذهن سؤال يفرض نفسه، هل ان وجودهم جميعا في المؤتمر الشعبي وعلى نفس المقاعد- يجعلهم متساوين فعلا؟.. ان الاجابة لا بد ان تكون بالنفي. فالسلطة ليست المطلب الوحيد الذي تريد الجماهير الحصول عليه لتكتمل حريتها.. كما أن السلطة ليست الاداة الوحيدة التي ترهب الانسان المعاصر. بل توجد أدوات أخرى يعتبرها أشد ارهابا له من الأداة السياسية التي حل المؤتمر الشعبي محلها.. فالسلطة تخيف الناس وترهبهم، لأنها تمتلك القرار الذي يتعلق به مصيرهم، ويستطيع من يمتطيها اخافة الناس وارهابهم بجعلهم يعانون توقع أسوأ الاحتمالات.. من جراء الخوف على حياتهم ومعيشتهم ومستقبلهم.. ومصير وجودهم، الذي يكون بيد السلطة وليس بيدهم. ان الحرية في هذه الحالة تعد مهزومة أو معدومة.. طالما وجد من يتسلط على الناس ويخيفهم، كما أن الناس في هذه الحالة لا يعتبرون أحرارا، بل عبيدا يقعون تحت وطأة الخوف على مصالحهم وارهاب السلطة لهم.. والمال ايضا يخيف الناس ويرهبهم.. ان الغنى يخيف الفقير.. فالذي يتحكم في قوت الآخرين وأرزاقهم.. أو يتحكم في سكنهم ومركوبهم.. أو يستطيع طردهم من العمل.. هو قادر على أن يخيفهم ويرهبهم وينتزع بالتالي حريتهم.. ان الاجير يخاف من رب العمل، يخاف الطرد أو الخصم من راتبه، ولذا فهو خاضع كليا لرب العمل. ان حرية الاجراء مهددة، بل هم عبيد في الواقع لسيدهم الذي هو رب العمل. ان الذي يمتلك أي حاجة من حاجاتك أو يتحكم فيها هو مصدر خوف وارهاب لك، فصاحب البيوت المؤجرة للناس هو السيد الذي يرفع الايجار أو يطرد السكان في أي وقت يشاء.. ويظل الساكنون عبيدا خائفين مرهبين تحت رحمة سيدهم بلا شك. وصاحب المتجر هو السيد الذي يتحكم في الاسعار، وفي الحاجات الضرورية التي تلزم المواطنين، فيخيفهم ويرهبهم، وبالتالي يخضعهم لمشيئته بسبب هيمنته وتحكمه في حاجاتهم. ان المال مصدر سلطة وبالتالي فهو مصدر خوف وارهاب للناس، وقتل لحرياتهم.  ومن هنا يتضح أن رب العمل ومالك البيوت، والتاجر لن يجدوا مقاومة تذكر في المؤتمر الشعبي من أولئك الذين يخضعون لهم ماديا، وحتى لو برزت معارضة ما، في وجوههم، فانهم قادرون بقوة أموالهم أن يجهضوها ويدمروها تدميرا، فعندما يقترح رب العمل اقتراحا مخالفا لمصلحة جميع الناس فان الاجراء لديه الذين يمتلك معاشهم لا يستطيعون معارضته. لان ذلك يعنى حرمانهم من معاشهم. وبهذه الوضعية فان قرار المؤتمر الشعبي المقترح من رب العمل أو مالك العقارات أو التاجر، ليس قرارا ديمقراطيا، بل هو قرار شخص واحد، فرضه على المؤتمر بفعل القوة والامتيازات التي يمتلكها. ان حاجة العمال التي يمتلكها رب العمل قد ألغت حريتهم. "ففي الحاجة تكمن الحرية". ولم يجعلهم جلوسهم في المؤتمر الشعبي جنبا الى جنب مع رب عملهم أحرارا متساوين معه في اتخاذ القرارات، لان وجودهم في المؤتمر الشعبي ليس سوى وجود صوري.. والديمقراطية في هذه الوضعية هي ديمقراطية صورية أيضا.. حيث المساواة صورية لان الفوارق الجذرية بين أفراد المجتمع قد جعلتها كذلك. ان السلاح -بمعناه المادي المحدود- هو المصدر الثالث للخوف والارهاب. فمن يمتلك سلاحا ناريا يستطيع في أى لحظة أن ينتزع الاشياء من أصحابها الذين لا يملكون سلاحا مشابها. وفي المجتمع التقليدي المعروف فئتان،فئة مسلحة وأخرى عزلاء ، والعادة أن الفئة المسلحة قادرة على تخويف وارهاب الفئة الاخرى بل قادرة أيضا على فرض سيطرتها وديكتاتوريتها عليها. اذن فان السلطة و الثروة والسلاح تشكل كل واحدة منها على حدة، تهديدا لحرية الجماهير الشعبية، وستظل الحرية ناقصة أو مسلوبة ما لم تكن السلطة والثروة والسلاح بيد الجماهير الشعبية.. فلا تكون حكرا في يد طبقة أو فئة أو فرد.  تحليل النظام الاقتصادي التقليدي إن الثروة هي أحد أهم العوامل التي تدفع الى الصراع على السلطة، كما انها أهمها من حيث حرية الأفراد سلبا وايجابا، لانه في الحاجة تكمن الحرية.  

كما لا يمكن احداث تغييرات جوهرية في بنية المجتمع التقليدي، دون تدمير النظام الاقتصادي السائد، ودون تبديل غاية النشاط الاقتصادي ذاتها، ويتضح ذلك حين نستعرض الشكلين الاقتصاديين الرئيسيين في المجتمع المعاصر فنجد بأن نظام رأسمالية الطبقة يجعل ثروة المجتمع مملوكة لبعض الافراد، الذين يبيح لهم أن يمتلكوا أدوات الانتاج من مصانع ومزارع وغير ذلك كما يبيح لهم استخدام عمال يتنازلون عن انتاجهم الرأسمالي مقابل أجرة تقل عن الجهد الذي بذلوه، وعن الانتاج الذي تم تحصيله، فالعامل الذي يعمل ثماني ساعات يوميا يسرق منه رب العمل ثلاث ساعات، يكون قد خسر شهريا تسعين ساعة، وحين يكون عدد العمال ألفا فان الساعات التي يخسرونها من جهدهم ويعتبرها الرأسمالي المستغل ربحا هي تسعين ألف ساعة عمل. فاذا كانت الساعة تساوى دينارا فانه يكون قد سرق تسعين ألف دينار من ألف عامل كل شهر، وبدا يصير غنيا فعلا، ولكن العمال يصيرون أشد فقرا من ذي قبل. ان أرباب العمل لا يعترفون عادة بأنهم سراق واستغلاليون، مدعين تقديم خدمة عامة، كما يدعون توفير أدوات الانتاج التي يملكونها ويسخرونها في استخدام العمال، ويوفرون سلعا هامة للمجتمع، على أسس قانونية وبتراخيص رسمية، ولم يجبروا العمال على العمل، وانهم يدفعون الاجرة المتفق بشأنها مسبقا مع العمال، وفق قانون العمل. غير أن ذلك كله لا يلغى حقيقة هامة وهي أن العمال لا يعلمون شيئا عن قيمة ساعات العمل، ولا عن القيمة التي يسلبها رب العمل من جهدهم كربح له، فرب العمل وحده يعلم ذلك، ويحدد وفقه قيمة ساعة العمل الواحدة، وعدد ساعات العمل التي عليه أن يسلبها من العمال وكذلك عدد العمال الذي يلزمه ليتحصل على ربح أوفر. ان العلاقة بين أرباب العمل والعمال هي علاقة بين سارق ومسروق، وقد يحاول السارق أن يظهرها في شكل مختلف. فيقدم المنح والهدايا، وبعض المزايا لبعض العمال لكسب عواطفهم والتأثير عليهم، وتعديل مواقفهم، لاجهاض وعيهم المعادى للاستغلال. وهو انما يقدم لهم مما سرقه منهم، لكن بعض العمال قد يدافع عن السارق بدعوى أنه طيب منحهم حقوقهم وزاد عليها من الهدايا والمزايا. ان السمسار السارق لجهد العمال سواء أكان تاجرا أو مقاولا أو صاحب مصنع أو مزرعة، لم يقم بهذا العمل أصلا الا بحثا عن تكديس المزيد من المال، ومن أجل ذلك يصنع من نفسه نصابا محترفا يخدع المغفلين ليكدس أكبر قدر من المال. ان ثمة نوعا آخر من الاستغلال لا يقل سوءا، هو الاستغلال العقاري، أي بناء وامتلاك العمارات والبيوت ودور السكن التي يكون محتاجوها على استعداد لتأجيرها من المالكين، وبالتالي يكونون على استعداد للخضوع والعبودية للمالكين، وهم يجهلون في أكثر الأحيان الطريقة التي تحصل بها الملاك على عقاراتهم، ولكن ألا يحق لهم أن يسألوا عن ذلك؟.. ان هذه الدور السكنية قد بناها مالكوها باستحواذهم على نصيب غيرهم من الامكانات اللازمة لبناء مساكن لهم، فهذه المساكن والعمارات صنعت من مواد بناء متوفرة في البلد أو مستوردة من خارجها مقابل ثمن يعادلها، فهي اذن جزء من ثروة المجتمع، وملك لجميع أفراده بالتساوي، وباعتبار المسكن حاجة ماسة لكل فرد من المجتمع، فمن حق كل فرد أن يملك مسكنه باستخدام حصته من ثروة المجتمع من مواد البناء، لكن القواعد والقوانين الخاطئة، والعلاقات الظالمة التي تنتج عنها تسمح لبعض الأفراد بالاستحواذ على حصص غيرهم وبناء مساكن وتأجيرها بعد ذلك لمحتاجيها، الذين يجدون أنفسهم مضطرين بحكم الحاجة للرضوخ للاستعباد. وفي نظام رأسمالية الحكومة، فان الشعب كله يكون عبارة عن أجراء، يعملون تحت سطوة الحزب الحاكم ولمصلحته ومن اجل تنمية املاكه، لان الانتاج يعود كاملا دون أن ينقص منه شيء، الا قدر ضئيل هو تلك الاجرة التي تدفع ليبقى الاجراء على قيد الحياة. إن الارض الزراعية التي قسمت الى مزارع جماعية أو جمعيات تعاونية، ليست سوى اقطاعية جديدة تمثل الحكومة فيها دور الإقطاعي الجديد. حيث ان ادارة هذه المزرعة أو الجمعية تكون بيد الحزب، بالرغم من الادعاء بأن الادارة ينتخبها الفلاحون، فليس ثمة ضمانات ولا ثقة تجعل الحكومة تترك هذا الامر للفلاحين، الذين لا واجب لهم الا العمل في المزرعة الجماعية، ليعود الانتاج بعد ذلك للجمعية التعاونية التي تبيعه للمستهلكين محققة أرباحا طائلة، تنتزع حظوة لادارة الجمعية، عندما يقوم رئيسها بتقديم كشف الحساب السنوي للحزب الحاكم، فبمقدار الربح يقاس تقدم الجمعية وفائدتها للحكومة. ان تبريرات كثيرة قدمت بين يدي هذا النظام باعتباره أفضل من نظام رأسمالية الطبقة حيث تعود المكاسب لجيوب بعض أفراد المجتمع وهم الرأسماليون الاستغلاليون فقط، أما نظام رأسمالية الحكومة ففيه تعود المكاسب للشعب باستخدامها لتفنيد الخدمات العامة من شق طرق، وإنشاء مدارس.. واستصلاح أراض، وتشييد مستشفيات ومصانع.. وشراء أسلحة.. وأبحاث فضاء، الى آخر ذلك، مما تنفذه أجهزة الحزب الحاكم من اجراءات خدمية وغيرها. غير أن الشغيلة الذين يعملون في المزراع الجماعية أو الجمعية التعاونية يتكاسلون ويتقاعسون، لأنهم يتنازلون على إنتاجهم للجمعية مقابل أجرة يتقاضونها عملوا أو لم يعملوا. ان الدولة تملك كل شيء، ويعتبر العمال أنفسهم أجراء لدى الدولة، ورغم أنهم يخافون رقابتها بلا شك، الا أن الواعز الذاتي، والحافز الموضوعي مفقود لديهم في العمل الذي يؤدونه. وصارت الجمعيات ذاتها هيكلا بيروقراطيا، حيث البيروقراطية سمة رئيسية من سمات هذا النظام، وقد اضطر أخيرا الى الاعتراف بأن البيروقراطية والتقاعس ظاهرتان تؤثران بقوة في الانتاج العام للدولة. فبالرغم من أن هذا النظام يقوم على الملكية العامة ويلغى الملكية الخاصة، فان أكثر البلدان التي تنتهجه بدأت بمنح الفلاحين قطعا من الأرض ليستثمروها استثمارا خاصا.. فقد وجدوا أن العامل ينتج لحسابه أكثر مما ينتج للدولة. حيث تعطي القطع الزراعية الصغيرة الخاصة أكثر مما تعطيه المزرعة الجماعية التي يشتغل بها نفس العمال. وفي المصنع أيضا حيث يرأس العمال مجلسا تبعا للحزب الحاكم، بالرغم من القول ان العمال هم الذين يكونونه، فقد قدمت للعمال قوائم معينة تم الاختيار داخلها، بحيث يتمكن الحزب من السيطرة على جميع مرافق الدولة. فان الاجرة هنا تمثل الحد الأدنى، الذي يمكن للانسان أن يبقى في ظله حيا، وحتى لا يبقى أحد من العمال دون عمل، ورغم أنه لا يوجد أى غنى بينهم، الا أن أحدا لا يوجد دون عمل. ومنتهى طموح الجميع أن يتحصلوا على أكلهم وشربهم ولباسهم لا أكثر، وهي أشياء تضمنها الحكومة، كما تضمن المسكن والكهرباء والمياه، وفق الحد الادنى الممكن، مقابل قيمة تستقطعها من مرتبات كل الأفراد فجميع الحاجات مملوكة للدولة -أي للحزب الحاكم- ولا يحق لأحد أن يمتلك حاجاته. ومن هنا تطفو البيروقراطية، ويعم التقاعس -كأشد ما يكون- الوضع الاقتصادي في ظل هذا النظام، فيفشل في تحقيق وفرة الإنتاج

Facebook
Twitter