الحكومة لا تستحي

عبدالرضا الحميد

 

 

 

تقول الحكومة انها تستحي.

واقول انا ان الحكومة لاتستحي.

وتقول الحكومة انها تستحي من الله والناس،

وانا اقول جازما انها لاتستحي من الله ولا تستحي من الناس.

وبين قولها وقولي يحكم الدين والناس والناموس والقانون والمعيار الاسلامي الدقيق القائم على ان علامة المؤمن الاولى حياؤه من الحي القيوم والناس.

ففي انباء الحكومة وليس انباء الناس ان اللصوص الذين ذاع صيت لصوصيتهم في كل اصقاع الارض من ذاك الذي (لطش) خمسة مليارات دولار بصفقة وهمية كاذبة لتعزيز قدرات العسكر الى ذاك الذي (خمط) مع اتباعه وذيوله ثلاثة مليارات دولار من اموال زاد الناس وقوت يومهم، مازالوا ينعمون بما لطشوا وخمطوا وتفرش لهم قلوب الذين في الحكومة قبل سجاجيدها، وتتدافع البنادق والقوانين والعدسات والشاشات للدفاع عنهم كما لو انهم بيرق العراق او بيرق الدين، ثم يتنكب اطفال انابيب الكتابة والصحافة من لاطعي صحون اللصوص وحملة سلال مهملاتهم اقلامهم التي قدت من عفن لتدبيج المديح لهم وكأنهم منقذو مكة من غزو فيلة الاحباش او محررو بغداد من خنازير اميركا.

وفي انباء الحكومة وليس انباء الناس ، ان ابناء طبقتها يتصارعون على عروشها وكراسيها ومناصبها لا لاجل هدف وطني ولا لغاية انسانية ولا لمبتغى اسلامي ، انما كي تحبل ارصدتهم باجنة سفاح جديدة، وتتورم املاكهم واطيانهم في لندن وباريس وجنيف وروما ومدريد ونيويورك وحتى تل ابيب ، بينما اجساد الناس يتقاذفها عصف المفخخات والتفجيرات واموالهم واعراضهم وحرياتهم تفتك بها المافيات والعصابات التي تلبس لبوس الحكومة وتركب مركوباتها وتتسلح باسلحتها وتسوم الناس الخسف والهوان بهوياتها.

وفي انباء الحكومة وليس انباء الناس ، ان اميا او شبه امي ، صار في زمن الغلط والسهو غير المرجوع للطرفين ، مسؤولا في الحكومة او نائبا في برلمانها، لاربع سنين يرفض ان يغادرها دون منزل على شاطئ وفصيل حمايات وعربات مدرعة وجوازات دبلوماسية مدى الحياة، بينما استاذ جامعي افنى عمره في طلب العلم وتعليمه، وخرج اجيالا من العلماء والاساتذة والمفكرين والمبدعين، لايجد له كوخا يتكوخ به هو وعياله فلا يطارده مستأجر او ملاك ، وبينما جواهر عقول العراق من علمائه وادبائه وشعرائه تتصدق عليهم دول المنافي والشتات؟

فهل تستحي حكومة تغدق على نائب كان سببا في مأزق العراق الراهن بما لايستحق ، ولاتعطي الاستاذ والاديب والشاعر والعالم ما يستحق؟

وتقول انباء الحكومة وليس انباء الناس ، ان وزراءها ومسؤوليها الكبار (يحوسمون) بيوت الناس في المنطقة الخضراء وفي الكرادة وفي المنصور وفي الحارثية ، ويؤجرونها بعشرات الاف الدولارات لشركات المرتزقة ، بينما اهل البيوت يعيشون في غيرها مشردين مطاردين ، وعندما ينبري احد ما ولو كان من حبال الحكومة واوتاد العملية السياسية لقولة حق يراد بها انصاف الناس المظلومين ، تدهمه غزوة تطيح به طريدا من منصبه على قعقعة البنادق ورشيش الشتائم ومهطال التهديد والوعيد.

وفي انباء الحكومة وليس انباء الناس ان شفلاتها وقالعاتها شرعت بهد بيوت الصفيح العشوائية على رؤوس المواطنين البؤساء اللائذين تحتها من هجير الارصفة ومحن التشريد وعسف الظالمين، مع ان هؤلاء لم يسرقوا كما سرق اعضاء في الحكومة ولم يختلسوا كما اختلس اعضاؤها ولم تمتد ايديهم الى مال دولة او مال ناس ، لانهم بكل بساطة يستحون من الله الحي القيوم ومن الناس بينما الحكومة لاتستحي من الحي القيوم ولا تستحي من الناس.

وفي انباء الحكومة ان حكومة ما في اوربا استقالت لان تفجيرا اصاب مواطنين ولم يؤد الى موتهم ، وان حكومة اخرى استقالت لان تقريرا صحفيا كشف قيام وزير فيها بصرف مبلغ صغير خارج صلاحياته او ان سهوا حسابيا مر عليه ولم ينتبه ، بينما حكومتنا مع كل مذبحة ومع كل مجزرة تصاعد فيها ارواح المواطنين الابرياء الى بارئها صارخة متظلمة ، تزداد تمسكا بعروشها وكراسيها. والسبب ان الفرق بين حكومتنا وتلك الحكومات هو ان تلك الحكومات علمتها ديمقراطيتها ان تستحي من القانون ومن الناس بينما لاتريد حكومتنا ان تتعلم كيف تستحي من الله ومن القانون ومن الناس.

وفي انباء الحكومة وليس انباء الناس ان عدة مئات من مسؤوليها ، الكبار منهم والصغار، قد زوروا شهادات دراسية لم يحصلوا عليها،وشهادة الزور من الكبائر وصاحبها من اصحاب النار، أفيستحي اصحاب النار وذووهم واترابهم من الراضين عنهم والساترين كبائرهم من الله ومن الناس؟

تقول حكاية احد المسؤولين الكبار الذي زعم انه حامل شهادة دكتوراه مع مجيئه صحبة الاحتلال عام 2003 انه لم يحصل عليها ، ولتدارك عار كذبته تقدم لنيل تلك الشهادة من جامعة عراقية، وفي يوم مناقشة رسالته ، لم يحضر سيادته، بل حضرت فتاة قامت مقامه في مناقشة الرسالة؟

هل سمع بشر ، ايما بشر ، بحالة مثل هذه ، منذ ان قامت الدنيا حتى الان؟

بالطبع لم تحدث ، وبالطبع فان اي عقل سليم لايعقلها، لكن عقل الحكومة التي لاتستحي من الله الحي القيوم ولا من الدين ولا من القانون ولا من الناس ولا من الناموس ، جوزها ومررها.

Facebook
Twitter