استشهاد 294 صحافيا خلال 13 عاما

خلال عام واحد: الصحفيون يتعرضون لـ 87 حالة إحتجاز وإعتقال، و 98 حالة منع وتضييق، و 32 حالة إعتداء بالضرب وغيرها

   

بارية، والتهديدات المباشرة وغير المباشرة للصحافيين وابتزازهم،  في انتهاك واضح لحق الحصول على المعلومات ولمنعهم من كشف ملفات الفساد ومحاربة الفاسدين التي كانت العنوان الابرز للتظاهرات والاحتجاجات السائدة. وهو الامر الذي يشير الى تصاعد متزايد في التضييق على الحريات الصحافية.

جاء ذلك ببحث أجراه مرصد الحريات الصحافيةومنظمة مراسلون بلا حدود رصد جميع الجرائم التي إرتكبها تنظيم “ “داعش” بحق الصحافيين ومساعديهم، في المنطقة الشمالية من العراق.

وبحسب بحث المرصد فان خطر القتل المتعمد للصحافيين العراقيين ما زال قائماً في جميع مناطق البلاد. اذ أعدم  تنظيم “داعش” الارهابي 5 صحافيين في مدينة الموصل، فيما قتل مسلحون مجهولون 4 آخرين في العاصمة بغداد ومحافظتي البصرة وديالى.

وذكر ايضا “الملاحظ لدينا ان الجهات التي تستهدف الصحافيين قتلا وتهديدا تحاول استهداف الصحافيين بمكونات مزدوجة، أي ان يقتل صحافي من مكون معين بمعية قتل صحافي من مكون اخر بصورة مترافقة. والغرض كي تضيع المؤشرات الدالة على الفاعل والجاني”.

ووثق مرصد الحريات الصحافية (JFO) شريك منظمة مراسلون بلا حدود في العراق، إعدام التنظيم الارهابي بعد سيطرته على مدينة الموصل، صحفيين ومصورين بطرق وحشية مختلفة بتهمة “الخيانة والتجسس”.

مجمل الإنتهاكات التي وثقها مرصد الحريات الصحافية (JFO) لهذا العام بلغت 477 إنتهاكاً، منها 87 حالة إحتجاز وإعتقال، و 98 حالة منع وتضييق، و 32 حالة إعتداء بالضرب، و4 هجمات مسلحة و 243 ملاحقة قضائية و4 حالات إغلاق ومصادرة، في حين سجل هذا العام مقتل 9 صحافيين عراقيين.

المؤشرات التي يتضمنها التقرير السنوي تدلل على زيادة مضطردة في الاستهداف النوعي والمباشر للصحافيين من قبل كافة اطراف النزاع في العراق.

ويقول المرصد ببحثه، “لقد أظهرت حالات القتل شكلاً واضحاً لنوايا سياسية بازدراء العمل الصحافي، والتخطيط الواسع لعمليات تخويف الصحافيين، بهدف تشويه التغطية الإعلامية”.

وتكشف البيئة المحيطة بعمل الصحافيين العراقيين، المصاعب الجدية التي تواجههم في إنجاز التغطيات الإستقصائية والمحايدة، وتأتي مع رفع الزعامات السياسية سقف القيود المفروضة على مصادر المعلومات، عبر إستغلال نفوذهم الأمني والسياسي في إبعاد المراسلين بالقوة عن مواقع النشاط الإعلامي الميداني. يقول المرصد.

ويضيف، “مايزال العمل الصحافي الميداني وحمل الكاميرا أمراً معقداً للغاية، إذ تحصر السلطات أمر السماح لحركة الصحافيين وتجوالهم بالقيادات العسكرية والأمنية في جميع المدن العراقية (في مناطق إقليم كوردستان يتم الامر بحسب مزاج الحزب السياسي المسيطر على محافظة او منطقة ما).

ويشير الى تعرض الصحافيين في أغلب الأحيان للمنع من التصوير والتغطية الإعلامية ما لم يحصلوا على موافقات أمنية مسبقة تكون معقدة وكيفية في الغالب، على الرغم من صدور أمر من قبل رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي يقضي بإلغاء الوصاية العسكرية على الفرق الإعلامية.

وأثرت الإستهدافات النوعية على طبيعة المادة الخبرية للإضطرابات الأمنية المتصاعدة، وجاءت على نحو أحادي، بسبب إحتكار المعلومة من قبل أطراف الصراع، في ظل تقييد مقلق لحركة الصحافيين المستقلين.

ويقول “على غرار السنوات الماضية عمدت السلطات العسكرية التحكم بحركة الصحافيين والفرق الاعلامية، وفي الغالب تهدد هذه القوات مراسلي وكالات الأنباء والقنوات الفضائية والصحف بالإعتقال بسبب السياسات التحريرية لتلك المؤسسات، ومدعاة ذلك الصلاحيات غير المحدودة الممنوحة لعناصر الجيش وأجهزة أمنية أخرى من الحكومة المركزية”.

ووجد تقرير مرصد الحريات الصحافية (JFO)الذي وثق الإنتهاكات للفترة ما بين ٣ آيار/مايو ٢٠١5 و ٣ آيار/مايو ٢٠١6، أن محافظة نينوى اختفى العمل الصحافي فيها نهائياً وكذلك بعض المناطق من محافظات الأنبار وديالى وكركوك، حيث وضع الصحافيون تحت مرمى النيران المباشرة للأطراف المتصارعة ولم يتمكنوا من تغطية الاحداث هناك.

وبينت المؤشرات السنوية أن مخاطر الاحزاب المتنفذة مازالت قائمة، خاصة تلك الأحزاب التي تمتلك أجنحة عسكرية تقوم بمراقبة الصحافيين ووسائل الاعلام بشكل غير مباشر وتبعث رسائل رعب عبر التصفيات والاختطافات للعاملين في المؤسسات المحلية والاجنبية، وفي أحيان أخرى توجه لهم تهديدات مباشرة بالموت في حال إنتقدوها أو تطرق أحدهم لملفات فساد ضدهم.

الملاحظ ان بعض الجهات الحزبية والحكومية كانت تمتلك فائضا ماليا يتيح لها السعي إلى شراء بعض الذمم في بعض المنابر الاعلامية، لكن الازمة المالية جعلت تلك الجهات تميل الى التهديدات المباشرة والضغط والتهديد للحيلولة دون قيام المنابر الصحافية لانتقاد فسادها او الاشتباه بتورطها بملفات فساد بدلا من اغراء تلك المنابر مالياً كما الحال في السابق. بحسب المرصد.

وتشير الإحصاءات التي أجراها مرصد الحريات الصحافية (JFO) منذ العام 2003، الى مقتل 294 صحفياً عراقياً وأجنبياً من العاملين في المجال الإعلامي، بضمنهم 166 صحفياً و73 فنياً ومساعداً إعلامياً لقوا مصرعهم أثناء عملهم.

كما يلف الغموض العديد من الاعتداءات التي تعرض لها صحافيون وفنيون لم يأت استهدافهم بسبب عملهم، ولم يكشف القضاء ولا الجهات المعنية عن مرتكبي الجرائم التي يتجاوز تصنيفها بكثير أي بلد آخر في العالم.

ووثق تقرير أعده مرصد الحريات الصحافية (JFO) ومنظمة مراسلون بلا حدود، في 27 اكتوبر من هذا العام، 48 حالة اختطاف في صفوف الإعلاميين والصحفايين والعاملين في المؤسسات الإعلامية، حيث أُعدم منهم ما لا يقل عن 13 في مدينة الموصل. وما زال الغموض يلف مصير 10 صحفيين آخرين، يُعتقد أنهم محتجزون في معتقلات “داعش”.

وما تزال هيئة الإعلام والاتصالات العراقية تتعامل بشكل سيء مع القنوات الفضائية المحلية والاجنبية، وعمدت خلال هذا العام إلى غلق مكاتب قناة “البغدادية” ومكاتب قناة “الجزيرة” في بغداد.

وتضغط الهيئة بشكل مستمر على جميع وسائل الإعلام بما تسميه “اجور الطيف الترددي” الذي تطالب من خلاله المؤسساتِ الإعلامية بدفع غرامات مترتبة عليها منذ عام 2003، حيث تصل تلك المبالغ الى مليون دولار تقريبا على المؤسسة الواحدة، وهي واحد من اساليب الضغط التي تستخدمها الهيئة على الفضائيات العراقية في الازمات السياسية.

 وبصدد مواقع الانترنت الاخبارية، تعمل مؤسسات واجهزة رسمية عسكرية وأمنية للسيطرة على المعلومات والحد من حرية الصحافة، وتسعى من خلال جهود مستديمة لفرض قيود على تدفق المعلومات والهيمنة على شبكة الإنترنت بالتعاون مع وزارة الاتصالات والحد من مستوى المعرفة لدى المواطنين وفرض الرقابة والسيطرة على الشبكة الدولية للمعلومات الإنترنت في البلاد، في ظل تنازع الاختصاصات بين وزارة  الاتصالات وهيئة الاعلام والاتصالات.

واخفق البرلمان العراقي على مدار 13 عاما في حماية حرية الصحافة ولم يلجأ لتغيير القوانين النافذة التي تهدد حرية الصحافة والتعبير بشكل مباشر، حيث  يتضمن قانون العقوبات العراقي (15) مادة تتعلق بتجريم النشر، ووفقا لتحليلات مرصد الحريات الصحافية (JFO)، فإن القانون المرقم 1969/111، يجرم المخالفات المتعلقة بالصحافة، ويفرض عقوبات صارمة على الصحافيين.

وتنص المواد 81، 82، 83، 84، 201، 202، 210، 211، 215، 225، 226، 227، 403، 433، و434 من قانون العقوبات على فرض غرامات وأحكام بالسجن لفترات طويلة، أوكليهما معاً، على من يدان بطائفة من المخالفات الصحافية.

ويفرض القانون عقوبة الإعدام على بعض المخالفات وعقوبة السجن مدى الحياة أوالإعدام على من يدان بإهانة الرئيس، أوالبرلمان، أوالحكومة، كما يفرض عقوبة السجن لمدة سبع سنوات على من يهين المحاكم، أوالقوات المسلحة، أوالسلطات العامة، أوالوكالات الحكومية.

وفي الكثير من الدعاوى القضائية  حرصت محكمة النشر والاعلام على توفير بيئة حسنة لممارسة العمل الصحافي وحرية التعبير، وعملت باجتهادات قانونية وفقا للمواثيق والاعراف الدولية، بمعزل عن القوانين العراقية النافذة.

(يتبع في عدد مقبل)

 

Facebook
Twitter