1
إذا كانت الشمس ” تجري لمستقر لها “، كما جاء في الذكر الحكيم، فهي عندنا تجري من أجل أن تطلع على الحرامية!!
منذ أن أتينا إلى الدنيا ونحن نسمع بأن الشمس سوف تطلع على الحرامية، ولا ندري ان كانوا يقصدون شمسا أخرى غير شمسنا هذه؟
وإذا كانت الشمس تطلع علينا جميعا فهل يعني ذلك ان الجميع حرامية؟!
ربما كان الجواب المضاد هو اننا نعرف الحرامية، بل هم أكثر وضوحا من الشمس، لكننا نتغاضى عنهم أو لا نشير إليهم، ونضع أستارا تحول دونهم، ونشرّع الشرائع التي تحميهم وتجعلهم ناصعين على الدوام بلا شائبة ولا شبهات.
وفي النهاية، نحن شركاء معهم في الحرمنة واللصوصية.
فكيف نريد من الشمس أن تدلنا على الحرامية إذا كانوا هم صنيعتنا ومنا وفينا؟
وأيّ أبله ذلك الذي يصدق ان شمسنا غير مستأجرة للحرامية، وانها لا تخرج إلاّ ممهورة بتواقيعهم، بل استأجروا حتى أبواق الفجر التي تسبق طلوعها!!
الشمس عندنا هي الساحة الاستثنائية لهم، يلعبون فيها ويلهون ويتخاصمون ويزمجرون ويكتبون بياناتهم ويشرحون لنا خططهم الجديدة على مناضد الرمل وعلى جميع وسائل الإيضاح المتاحة، والتي هي الوجه الآخر للخيبة.
2
الأرض تدور حول الشمس والشمس تدور حول الحرامية ونحن ندور حولهم، فهي في متناولهم وليس في متناولنا، ودائما ما نرى ” أسواق الحرامية ” مفتوحة في الهواء الطلق وتعرض بضائعها المسروقة تحت وهج الشمس وفي عز الظهيرة !!
كان فلاسفة الإغريق يعتقدون ان الشمس لا يعتريها الفساد، لكنها فسدتْ في سمائنا، وأصابها الوهن والعطب والكسوف المزمن، وقد اتخذها أجدادنا البابليون شعارا لإمبراطوريتهم أما اليوم فقدا أصبحت شعارا للحرامية، يترنمون باسمها ويتغنون بها وهم يرتدون نظارات يروننا بها خارج تقاويم طلوعها.
ليس غريبا أن يجتاحنا الحرامية، بل الأغرب أن يكون عريهم الإمبراطوري متعلقا بطلوع الشمس، وكأننا ننذرهم بعقاب جماعي وهمي!!
فما جدوى طلوع الشمس إذا كنا لا نفرق بين النواطير والحرامية؟!
حتى وان قبضنا عليهم متلبسين بجنايتهم فإننا نمهّد لهم سبل التواري والاختفاء، وربما يأتي اليوم الذي يعلن فيه الحرامية إضرابا عاما لعدم كفاية ضوء الشمس!!
وتبقى الحقيقة المرة التي نلوكها:
لا الشمس طلعت على الحرامية ولا الحرامية يخشون طلوعها!!