مبعوث من صدام الى عزة الدوري يفشل في لقائه بعد انتظار عدة اسابيع
كشف المشرف على محاكمة رئيس النظام السابق، صدام حسين، القاضي منير حداد “خفايا جديدة” عن احداث ومواقف قرار اعدام صدام حسين.
وقال حديد خلال مقابلة تلفزيونية، ان “الرئيس السابق جلال طالباني أبدى موافقة ضمنية على إعدام صدام حسين”، مبينا انه “لا صلاحية للرئيس طالباني بتعديل قرار الإعدام أو تأجيله، لأن قوانين المحاكم الدولية لا تسمح بذلك”.
وأكد حداد أن “مكان إعدام صدام حسين كان (مخصصاً للإعدامات)، وأن “رقمه في تسلسل المعدومين هو 64″، نافياً أن “تكون للمستشار السابق للامن الوطني، موفق الربيعي، أية علاقة بموضوع المحكمة”،
وأشار الى ان “طبيب السجن هو من وقع على شهادة وفاة صدام”.
وعن وصية صدام حسين، يجيب القاضي حداد “لم يحضر رجل دين لأخذ وصية صدام، وأنا من قام بهذا الدور”، مضيفاً “حين طلبت من صدام قبيل إعدامه وصيته، قال: تعيش ابني”.
وكشف حداد أن “القانون العراقي لا يجيز إعدام شخص يوم عيده، إلا أنه كان لدينا رأي بأن صدام حسين كان يمكن أن يهرب من السجن”، مشيرا الى ان “القضاة أصدروا حكم الإعدام على صدام حسين ورفاقه من دون علم المستشارين الأميركيين”، لأن الأميركيين “كانوا يماطلون وحاولوا إرجاء الحكم 14 يوماً”.
ولفت الى ان “الرئيس الليبي السابق معمر القذافي كان يسعى إلى رشوة الحراس الأميركيين وتهريب صدام”، بحسب رواية حداد.
وعن أجواء المحاكمة، التي سبقت تنفيذ الحكم، يؤكد القاضي منير حداد أن “محكمة صدام كانت في عمومها مستقلة، ورشحها مجلس القضاء”، وأن “35 قاضياً في محكمة صدام كانوا من البعثيين”، معترفاً في ذات الوقت بأن “خروقات كثيرة موجودة في الحكم الراهن نتيجة مندسين من النظام السابق”.
وانتقد في ذات الوقت فريق الدفاع عن صدام، لأنهم “كانوا إعلاميين أكثر مما كانوا قانونيين”، مبينا انهم “كانوا ينظرون إلي كأحد أفضل القضاة في المحكمة، ولم يؤثر عليّ إعدامه لأخوتي”، حتى إنه “حين دخل صدام حسين المحكمة نظر إليَّ كقاضٍ مستقل ومحايد ولست معادياً له”.
ويروي محامي صدام خليل الدليمي في مذكراته عن محاولات تهريب صدام قائلا : أثناء ذهابي في أحد الأيام لزيارة الرئيس عرض علي الشخص الذي يؤمن لي مداخل بغداد ومخارجها ، وكذلك حمايتي الشخصية برجاله ، وهو قائد لأحد فصائل المقاومة العراقية ، وكان عزيزا جدا على صدام حسين ، عرض علي إخبار الرئيس بأنه سيقوم بإعداد فرقة من رجال القوات الخاصة والفدائيين لاقتحام سجنه وإنقاذه . وحين أخبرت صدام ، كان مسرورا وقال : إذا ما وصلت إلى حالة من اليأس تجاه أي حل آخر مع الأمريكان ، فإنني سأعطي الجماعة الموافقة على اقتحام السجن »
في يوم ما ، قابلت في عاصمة عربية ، يقول الدليمي ، شخصا يكنى «أبو عمار» ، بناء على اتصاله وإلحاحه الشديد ، وكان معنا أحد أبناء عم صدام من المخلصين له . قال أبو عمار : نحن قوة تقدر الآن بفرقة من مختلف صنوف الجيش ولدينا لواء قوات خاصة ، وهي القوة التي خصصها صدام قبل اعتقاله ، وحدد لنا واجبا وهو اقتحام سجنه إذا ما وقع في الأسر….وحدد لنا كلمة سر بيننا ، فطلبت منه كلمة السر المتفق عليها ، ثم قال : نحن جاهزون لاقتحام السجن وإخراجه لقيادة المقاومة وقال : لقد هيأنا له أكثر من أربعين مكانا والعملية ناجحة بنسبة 90% واشترط أن يكون الرد مكتوبا بخط صدام كي يحمي نفسه إذا ما فشلت المحاولة أو لامه أحد…. أخبرت صدام بكل ما جرى من حديث مع كلمة السر ، فقال « الحمد لله ، لقد تركتهم لواء وأصبحوا الآن فرقة كاملة وربما أكثر ، » …أخبرت الجماعة فاستطلعوا المكان ونقلوا قواتهم وأسلحتهم بالقرب من الهدف ، وقالوا : أبلغ صدام أننا جاهزون ، والوقت من صالحنا . طلب مني صدام عدم إخبار عائلته ، وأن يبقى الموضوع في غاية الكتمان وطلب أن أحضر له ملابس كي يرتديها عند الخروج ،وأخبرني أن أعود لزيارته في اليوم الفلاني ليعطيني القرار النهائي والتوقيت . وفي يوم 17 يوليوز 2006 ذهبت لمقابلته فقال لي قل ل «أبو عمار» أن يتكل على الله…وقبل الشروع في العملية بعدة أيام ، اتصل بي أحد الأشخاص يقيم خارج العراق وقال لي : قل لصدام هل وصلت الرسالة ؟ وحين استوضحته تبين بأن لا علاقة له بالموضوع الذي كنا بصدد تنفيذه ولا يعلم شيئا …لكن كان من الواضح أنه بعمله وغموض محاولته قد عقد الأمور وعقد الخطة بل كل المحاولات لتنفيذ العملية سواء كان قاصدا ذلك أم لم يقصد
ذهب الدليمي لزيارة صدام فوجده متعبا جدا من السهر وعلامات التعب تبدو على وجهه وعينيه . فقال له : سمعت قبل أربعة أيام صوت إطلاق نار من بندقيتين والأغلب كلاشنكوف ، أطلقت على السياج الخارجي للمعتقل ، هرع الأمريكان عندها يحملون آلات لحام وقطع حديد وأقفالا كبيرة جدا لم أرها من قبل . ومنذ ثلاثة أيام وهم يعملون في لحم أقفال كثيرة لهذه الأبواب الأربعة ليلا ونهارا ، ومن شدة ارتفاع ضجيج هذه الأبواب ، لم أنم ساعة واحدة ، ولا أدري من سبب لي هذه المتاعب ، لذلك دع أبو عمار ورجاله يثريتون حتى تهدأ الأمور »
بعدئذ ، يضيف الدليمي ، طلب مني أن أ خبر الجماعة أن يعدوا أنفسهم جيدا ، ويستوثقوا من بعضهم البعض ، وأعطاني خطة الاقتحام كاملة وحين طلبت منه أن أشارك مع قوة الاقتحام قال : يا أبا علاء أنت لم تقصر أبدا وأحتاجك لمواقف أخرى ، وأريدك بعيدا عن هذا الموضوع كي لا تلاحق أو تعتقل »
ويؤكد الدليمي أنه كان مطمئنا للعملية التي ستجري بإشراف ومشاركة أوفى رجال صدام الذين كان أغلبهم مهمشا بسبب البطانة التي كانت تحيط به في السابق…كانت عملية إطلاق النار من الكلاشنكوف على سياج المعتقل ، وما تبعها ، السبب الذي عطل تنفيذ المهمة آنذاك ، وتأجيلها لما بعد ، واضطر صدام إلى تحديد وقت آخر يسبق قرار النطق بالحكم ، ليمنح الأمريكان فرصة أخيرة لأي عمل تفاوضي قد يحدث مع تحرك دبلوماسي كلف به رئيس فريق دفاعه ، وأعطى أوامره بذلك إلى قائد القوة .
وقد تم الاستعداد للعملية بشكل فائق وبسرية مطلقة ، ولم يطلع على عملية تحديد الهدف إلا ثلاثة من قادة قوة التنفيذ بالإضافة إلى خليل الدليمي . ثم انتقلوا إلى منطقة العمليات …أعطى صدام أوامره للقوة بالتهيؤ..ثم طلب من الدليمي أن يطلع عزة الدوري على العملية و«يترك بصماته على الخطة قبل تنفيذها ، فذهب الشخص المقرب من الرئيس لمقابلة الدوري لكنه بقي عالقا لعدة أسابيع من ذون التمكن من الوصول إليه فالوضع الأمني كان صعيا جدا» . ويوضح الدليمي ملابسات العملية التي فشلت ،ويؤكد : وضع صدام حسين الخطة الكاملة لاقتحام سجنه من قبل رجال المقاومة إذا ما باءت كل الجهود السياسية بالفشل ، وبقي معزولا لم يفاوضه أحد ..غير أن المحاولة لم تنجح إذ سرعان ما صدر حكم الإعدام في حق صدام . ففي يوم الأحد الخامس من نوفمبر 2006 حكم على صدام حضورياً في قضية الدجيل بالإعدام شنقاً حتى الموت بتهمة ارتكابه «جرائم ضد الإنسانية» ، ولم تمر إلا أسابيع قليلة حتى نفذ الحكم .