دولة بارازاني المستقلة بعد 5 سنواتالصراع على بئر النفط بين بغداد واربيل قد يشعل شرارة حرب

كشفت حكومة إقليم كردستان العراق، ان مشاركة رئيس الإقليم مسعود بارزاني في منتدى دافوس العالمي يمهد الطريق للاعتراف الدولي بكردستان كدولة مستقلة، فيما بينت ان الإقليم سيعلن خلال خمسة أعوام استقلاله عن حكومة بغداد.

وقال مستشار الموارد البشرية في حكومة إقليم كردستان علي حسين بلو في تصريح صحافي لوكالة “كرد نت” الرسمية، إنه “خلال الخمسة سنوات المقبلة سيعلن إقليم كردستان الاستقلال عن حكومة بغداد، وستتخلص كردستان من كونها منطقة داخل العراق”.

وأضاف بلو انه “يجري حاليا وضع خطة لتكون كردستان دولة مستقلة عن العراق في المستقبل القريب”، لافتا الى ان “النفط يلعب دورا اساسيا وحاسما في مسالة استقلال حكومة كردستان عن العراق”.

وذكر المستشار أن “مشاركة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس يمهد الطريق للاعتراف الدولي بكردستان كدولة مستقلة”.

وأشار بلو الى ان “وجود شركات نفطية عالمية في كردستان وضعت الاقليم تحت نظر العالم، وان النفط الموجود في الاقليم يرفع من مكانة حكومة كردستان الاقتصادية والسياسية بين دول العالم”.

وشارك رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني ، (الجمعة 24/1/2014)، على هامش المؤتمر الإقتصادي العالمي في دافوس في جلستين مغلقتين مع عدد من الرؤوساء والمسؤولين العالميين.

وعقدت الجلسة الاولى بحضور مسعود بارزاني ومسؤولة قسم العلاقات الخارجية والأمن في الإتحاد الأوربي كاترين آشتون ووزير الخارجية الإيطالي ومساعد الأمين العام للأمم المتحدة بارونيس آموس والسكرتير العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان ووزير الخارجية الإيراني جواد ظريف وعدد آخر من المسؤولين الدوليين، حيث جرى خلالها بحث التغييرات الأخيرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

كما عقدت الجلسة الثانية بمشاركة رئيس إقليم كردستان ووزراء اخارجية مصر وتركيا وإيران والأردن وأستراليا والسويد، بالاضافة إلى عدد من المسؤولين الدوليين ورئيس المنتدى الإقتصادي العالمي، حيث تناولت اجلسة تبادل الآراء ووجهات النظر فيما يخص الأوضاع السياسية والإنسانية في سوريا، كما تطرق الحضور إلى تلك الجهود الرامية للتوصل إلى حلول سياسية للأزمة السورية.

تجدر الإشارة إلى أن رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني شارك في اليوم نفسه في جلسة نقاشية للمنتدى الإقتصادي العالمي حول الأوضاع في سوريا والإتفاقية المبرمة بين إيران ودول 5+1 حول الملف النووي الإيراني.

وفي سياق متصل تقترب منطقة الشرق الأوسط من صدام محتمل بخصوص صادرات النفط في ظل الخلافات بين تركيا والعراق والأكراد.

والوقت ينفد مع تدفق مزيد من النفط عبر خط أنابيب جديد من إقليم كردستان العراق لتصديره من تركيا في تحد لبغداد التي هددت بمعاقبة أنقرة وأربيل على “تهريب” النفط إلى خارج العراق.

ولم تفرز المحادثات أي نتيجة تذكر وستضطر أنقرة قريبا إلى الانحياز لأحد الطرفين في وقت يبحث فيه الأكراد عن مشترين لنفط إقليمهم شبه المستقل بعد توقيع اتفاق مع تركيا في تشرين الثاني.

وقال مسؤول عراقي كبير طلب عدم ذكر اسمه “على تركيا أن تختار الآن بين أن تدير ظهرها لبغداد وتمضي قدما في اتفاقها مع الأكراد أو توقف الصادرات المباشرة من الإقليم لحين التوصل لاتفاق بين الحكومة المركزية وأربيل”.

وأضاف “مع الأسف تشير الوقائع على الأرض إلى أن أنقرة ستمضي قدما في اتفاقها مع الأكراد على حساب علاقاتها مع بغداد”.

ويتوقع بعض تجار النفط تصدير شحنة نفط رمزية واحدة على الأقل بنهاية الشهر ويفضل أن تكون بموافقة بغداد لكن من المتوقع أن يتم التصدير بدون موافقتها.

وقال مصدر من قطاع النفط في كردستان طلب عدم ذكر اسمه “سيفرض ذلك ضغطا إضافيا على بغداد للتفاوض”.

وأضاف “نرى أنه (خط الأنابيب) سيكون الحافز لبدء نقاش جاد وحل مشكلة التصدير”.

وفي حالة تعذر التوصل لاتفاق سيحتفظ الأكراد ببعض الأوراق السياسية القوية التي يمكنهم استخدامها في تشكيل أي حكومة عراقية بعد الانتخابات المقررة في نهاية نيسان. وعلى نفس المنوال قد تخفض بغداد التمويل الذي تقدمه للإقليم.

المسؤولون الأكراد على يقين من أن أنقرة ستقف معهم ولا يخفون تفاؤلهم في التوصل لصفقة مع بغداد لكنهم يعترفون في اللقاءات الخاصة بأن حل خلافاتهم أمر شبه مستحيل.

وانتهت أحدث جولة من المحادثات في بغداد الأحد الماضي بدون نتائج حاسمة. ومن المقرر أن يزور نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان لإجراء مزيد من المفاوضات في الأيام المقبلة ولكن لم يعلن رسميا عن أي موعد حتى الآن.

وسعت تركيا لأن تنأى بنفسها عن هذا النزاع فقال وزير الطاقة التركي تانر يلدز للصحفيين “قلنا مرارا إن هذه قرارات سيتخذونها فيما بينهم … أعتقد أن أشقاءنا سيصلون إلى اتفاق جيد”.

ولعل ما تريده أنقرة هو التوصل لاتفاق رسمي قبل السماح باستمرار الصادرات من الإقليم لكن مصادر من القطاع هناك تشكك في إمكانية صمود أي اتفاق.

وقال أحد المصادر “وصلت تركيا إلى حد يستلزم منها توخي مزيد من الحذر.. لا أتوقع التوصل لحل دائم.. لكن قد يكون هناك ترتيب مؤقت كي يخف الضغط على الأقل في الوقت الراهن”.

وإقليم كردستان شبه مستقل منذ عام 1991 وكثيرا ما يغضب الحكومة المركزية بل إنه أثار إمكانية الانفصال عن العراق لكنه يعتمد على بغداد في الحصول على حصة من الميزانية التي تزيد على 100 مليار دولار.

وحذرت بغداد من أنها ستقطع هذا الشريان الحيوي إذا صدر الأكراد النفط بدون موافقتها. ووافقت الحكومة العراقية هذا الشهر على مشروع ميزانية عام 2014 يتضمن خفض حصة الإقليم من إيرادات الدولة ما لم يصدر 400 ألف برميل يوميا من الخام عبر شركة تسويق النفط العراقية (سومو).

وتقول مصادر من القطاع إن ذلك يزيد كثيرا على طاقة التصدير الحالية لإقليم كردستان والبالغة نحو 255 ألف برميل يوميا.

وهناك مسؤولون في الإقليم على ثقة من أن البرلمان لن يوافق على الميزانية نظرا لمقاطعة معظم المشرعين السنة وانسحاب كردي قد يحول دون الوصول للنصاب القانوني.

ورغم ذلك يفكر مسؤولو الإقليم في الخيارات المتاحة أمامهم في حالة إقرار الميزانية.

وقال مسؤول كبير في أربيل طلب عدم ذكر اسمه “إذا نفذت بغداد تهديدها بخفض الميزانية فإن كردستان معه الكثير من الأوراق التي يمكنه اللعب بها … ومن بينها عدم السماح بتدفق النفط من كركوك إلى جيهان”.

ولم يتضح كيف سيمنع الأكراد تدفق النفط عبر خط الأنابيب من حقول كركوك إلى ميناء جيهان التركي المطل على البحر المتوسط لكن الخط يمر عبر إقليمهم.

وثمة خيار آخر أقل استفزازا هو لي ذراع رئيس الوزراء نوري المالكي قبل الانتخابات التشريعية المقررة في 30 نيسان والتي يحتاج فيها إلى دعم الأكراد للفوز بولاية ثالثة أو تشكيل حكومة.

وقال رمزي مارديني الباحث غير المقيم في أتلانتيك كاونسل “التهديدات التي تطلق اليوم لا تظهر سوى أن الخلافات النفطية ستطرح على مائدة التفاوض بين الأحزاب الكردية والعربية على الأرجح عند تشكيل الحكومة المقبلة”.

ومن شأن النفط الكردي أن يساعد تركيا على تنويع إمداداتها من الطاقة بعيدا عن روسيا وإيران وتقليص فاتورة الطاقة المتضخمة البالغة 60 مليار دولار لكن الدافع وراء تحسين العلاقات يتجاوز نطاق قطاع النفط والغاز.

ويقول سونر كاجابتاي مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن “اهتمام تركيا بحكومة إقليم كردستان مدفوع بعوامل جيوسياسية … بقدر ما تحركه احتياجات تركيا من الطاقة”.

فالتعاون مع حكومة كردستان يزيد نفوذ أنقرة على الساحة السياسية في بغداد كما أن الإقليم الذي ينعم بهدوء نسبي يشكل منطقة فاصلة تعزل المنطقة الجنوبية الشرقية في تركيا عن القلاقل التي يشهدها باقي العراق.

وتعول أنقرة أيضا على حكومة كردستان في مساعدتها على تحقيق السلام مع حزب العمال الكردستاني الذي خاض معها حربا استمرت ثلاثة عقود وأودت بحياة أكثر من 40 ألف شخص من الجانبين.

وانسحب بعض متمردي حزب العمال الكردستاني من تركيا متجهين إلى قواعدهم في جبال كردستان العراق في إطار عملية سلام بدأت العام الماضي.

وأعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو بوضوح عن النهج الجديد الذي تتبناه أنقرة تجاه الأكراد في محادثات مع رئيس أركان الجيش الأمريكي السابق الجنرال راي أوديرنو عقب هجوم شنه حزب العمال الكردستاني عام 2007.

وقال داود أوغلو إن حكومته تتعرض لضغوط للانتقام من حكومة إقليم كردستان.

ونقلت برقية دبلوماسية أميركية يرجع تاريخها لعام 2010 ونشرها موقع ويكيليكس عن الوزير التركي قوله “كان بإمكاننا تدمير أربيل لكننا لم نفعل. وبدلا من ذلك زدنا الاعتماد الاقتصادي المتبادل مع حكومة إقليم كردستان.”

وتوفر تركيا للأكراد الذين لا يطل إقليمهم على أي سواحل نافذة على الأسواق العالمية كما أنها حليف حيوي لأربيل في منطقة مضطربة عقب انسحاب القوات الأمريكية من العراق.

وقال كاجابتاي “الدافع هو الشعور المتبادل بين الطرفين بالاحتياج للآخر … فتركيا والأكراد في حاجة لبعضهما وأعتقد أن ذلك سيستمر على المدى الطويل”.

وفي ميناء جيهان التركي خصصت ثلاث ناقلات تخزين للنفط الكردي تبلغ طاقة كل واحدة منها 2.5 مليون برميل وتقول مصادر من القطاع إنه تم ضخ حوالي 300 ألف برميل في هذه الناقلات حتى الآن.

وطرحت حكومة كردستان بالفعل عطاء لبيع مليوني برميل بنهاية يناير كانون الثاني.

ويصر الأكراد على بيع الخام بشكل مستقل عن شركة تسويق النفط العراقية التي تقول بغداد إنها تنفرد بحق إدارة جميع مبيعات الخام العراقي.

كان مسؤولون من شركة تسويق النفط توجهوا إلى تركيا برفقة رئيس شركة نفط الشمال التي تديرها الدولة للقاء نائب وزير الطاقة.

وقال وزير النفط العراقي عبد الكريم لعيبي الأسبوع الماضي إن بغداد تستعد لاتخاذ إجراء قانوني بحق أنقرة وستنظر في إلغاء جميع العقود مع الشركات التركية في حالة المضي قدما في تصدير النفط مما يهدد تبادلا تجاريا قيمته 12 مليار دولار سنويا.

وكان اقليم كردستان يضخ الخام في خط أنابيب تديره بغداد إلى جيهان لكنه أوقف ذلك قبل عام بسبب خلاف على المدفوعات.

ومنذ ذلك الحين يرسل الأكراد كميات أقل من النفط إلى تركيا ويجمعون الإيرادات بأنفسهم مع مد خط أنابيب خاص بهم تم الانتهاء منه أواخر العام الماضي.

Facebook
Twitter