اكد سماحة الامام المجاهد المرجع الديني الشيخ جواد الخالصي على ان الإصلاح في العراق مطلوب وهو أمرٌ لا مفر منه، ولكن علينا ان ننتبه إلى ان اصل الفساد والإفساد الذي جرى ويجري اليوم أساسه المشروع السياسي الذي رسمه المحتل لنصل إلى هذه الحالة، فكيف يمكن لعملية سياسية فاسدة أوصلتنا إلى هذا الحال ان تقدم إصلاحاً على مستوى الوطن.
وقال سماحته في خطبة الجمعة في جامعة مدينة العلم للامام الخالصي الكبير في مدينة الكاظمية ببغداد ان “العراقيين يواصلون تظاهرهم مطالبين بالإصلاح ورأينا لم يتغير، فالإصلاح مطلوب وهو أمرٌ لا مفر منه، ولكن علينا ان ننتبه إلى ان اصل الفساد والإفساد الذي جرى ويجري اليوم أساسه المشروع السياسي الذي رسمه المحتل لنصل إلى هذه الحالة، فكيف يمكن لعملية سياسية فاسدة أوصلتنا إلى هذا الحال ان تقدم إصلاحاً على مستوى الوطن، وكما قيل في المثل : إذا كان المرء حافياً كيف تطلب منه نعلاً”.
واوضح سماحته ” إذا اردنا ان نجيب على سؤال مهم وهو كيف يتم الإصلاح في العراق؟ فالجواب عندنا واضحٌ جلي وقد طبق في عدة دول، هذا الإصلاح يتم من خلال النقاط التالية:
أ- ايقاف العمل بالدستور لأنه أساس الأزمة في العراق.
ب- حل البرلمان لأنه لم يقدم شيئاً لهذا الشعب.
ت- ايجاد عملية انتقالية لإدارة شؤون البلاد وإجراء انتخابات بعد سنة او سنتين من ذلك.
ث- المشاركة في العملية السياسية الجديدة يتم على أساس الثوابت الوطنية الثلاثة وهي : الوحدة والهوية والسيادة، لا على الاسس الطائفية أو العرقية”.
واضاف سماحته ” نقول لمن يسأل عن موقفنا من الهجرة ودعوات الهجرة التي تجري هذه الأيام، ان الأصل في ذلك هو الحرمة، فلا يجوز ان نترك بلاد المسلمين ونذهب إلى بلاد الغرب، وإذا كنت حريصاً على دينك وبلدك فعليك البقاء في هذا البلد والدفاع عنه ضد مخططات الأعداء، وإذا كانت هناك ظروف استثنائية فإن هذا لا يلغي الأصل في الحرمة”.
ودعا سماحته المؤمنين الى التقوى ” التقوى وصية الله فينا والغاية من عبادتنا له، لأنه قال لنا: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، فيا أيها الناس أدوا صلاتكم وزكاتكم وواظبوا على فروض الطاعة الأخرى، فمن لم يتقِ الله تعالى سقط في متاهات الردى وهلك وغوى، ومن عمل بما أمره الله تعالى فقد أفلح وفاز، وقد قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اِسْم رَبّه فَصَلَّى). 2- انظروا إلى الراحلين من اخوانكم ذهبوا إلى ربهم راضين مرضيين بعد ان أدوا رسالة الإسلام ودافعوا عنه، لذلك علينا ان نسير وأن نثبت على هذا المنهج، فنحن اللاحقون بهم حتى نصل إلى لحظة الفلاح والنجاح لحظة الحقيقة وهي لحظة الموت: (وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) (سورة ق)”.
واضاف سماحته “في هذه الأيام نعيش ذكرى إمامٍ وحدث عبادة، أما الذكرى فهي ذكرى شهادة وليٍّ من اولياء الله تعالى إمام التقى والهدى محمد بن علي الجواد (سلام الله عليه) وهو صاحب العمر القصير في هذه الدنيا والكبير بمواقفه أمام مضايقات واضطهاد وضغط أعداء الله، فقد عاش وهو يجابه اقسى انواع التشويه في الدين وأقسى انواع المؤامرات التي يقوم بها السلاطين ليبقى كرسي الحكم تحت سيطرتهم، وها نحن بعد أكثر من ألف عام نكتشف حقيقة هذا الثبات، فقد فارق الإمام الدنيا وفارق السلاطين الدنيا كذلك، وفرق بين الفراقين، فراق فيه لقاء الله تعالى والجنان، وفراقٌ فيه الردى والهلاك وحر النيران”.
وتابع سماحته” من منّا لم يسمع او يقرأ تلك المُحاججة بين العلماء الزائفون وبين الإمام الجواد (عليه السلام) عندما اجتمعوا مع حاكم ذلك الزمان (المأمون)، عندما اعترض عليه هؤلاء بقولهم : لماذا تقرب هذا الصغير حتى يتقوى علينا اصحابه؟، فقال لهم: اجتمعوا واسألوه، فكان سؤالهم وبالاً عليهم، إذ أن الإمام قد فصّل في السؤال وأجاب على هذه التفصيلات، وانتصر الحق على الباطل”.
واستدرك: لعل سائل يسأل: لماذا لم يقبل الإمام الخلافة او ولاية العهد عندما عرضت عليه، ويقول بعضهم لو استحوذ عليها لانتصر الإسلام؟، كان رفض الإمام يعني ان الإسلام لا يمكن ان يطبق من فوق وإنما يطبق من الأساس من الأرض والقواعد الجماهيرية ولا يطبق بدعوات التحضر والديمقراطية الزائفة والقسرية المغلقة، بل يطبق من خلال الدعوة للكلمة الصادقة والعمل الصالح والتطبيق الحق لأحكام الله تعالى بين الأمة”، لقد قال الإمام الجواد (عليه السلام) وهو يعلمنا جميعاً: (إياك ان تكون ولياً لله في العلن وعدواً له في السر)، الإمام يريد منا ان لا نكون أعداءً لله في اعماقنا او في ممارساتنا او عند الفراغ بحرمات الله وانتهاكها وإذا تسلطنا على عباد الله ظلمناهم، هذا عداء لا يريده الإمام (عليه السلام) بل يريد منّا ان يكون ظاهرنا كباطننا على مستوى الأخلاق والعمل وأداء الواجبات والعدالة والعدل بين ابناء الأمة. 7- اما حدث العبادة في هذه الأيام فهو اننا نعيش ايام الحج الأعظم، وهو أعظم وأكبر مؤتمر للبشرية في الأرض على مستوى الحضور والتنظيم وأداء العبادة مؤتمرٌ يجتمع الناس كلهم في مكان واحد وعلى صعيد واحد وبلباس واحد ويدعون إلهاً واحداً”.