يُقّدر محامون وقضاة عراقيون أن تستغرق عملية التحقيق بجميع جرائم الفساد في العراق، وتقديمها إلى القضاء، سنوات طويلة، لكثرتها ولصعوبة وجود قضاء نزيه يحصر اهتمامه في تلك القضايا، وخصوصاً أنها كبّدت البلاد خسائر بشرية ومالية كبيرة، تُقدّر بين 450 و500 مليار دولار، حصلت عليها بغداد من عائدات بيع النفط، فضلاً عن عشرات المليارات الأخرى التي حصل عليها العراق من دول عدة، على شكل مساعدات ومنح وقروض، أبرزها من الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان وأستراليا.
وأثار تصريح وزير النفط العراقي، عادل عبد المهدي، الضجة في مؤتمر صحافي له ببغداد، حين أكد أن “موازنات العراق المالية منذ عام 2003 وليومنا هذا، بلغت 850 مليار دولار، وفقدنا 450 مليار دولار بسبب الفساد، من دون أن نعلم إلى أين ذهبت”. وذكر أن “المبلغ هو من عائدات النفط العراقية فقط، ولا نعلم أين ذهبت الأموال المتحصلة من الموارد الأخرى“.
وذكر عبد المهدي أن “مشروع مارشال لإعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945)، بلغ 15 مليار دولار للأعوام 1947 ـ 1951، أي ما يعادل 148 مليار دولار حالياً، ما يُشكّل تقريباً موازنة سنة واحدة من موازنات العراق، التي أُقرّت في السنوات الاثنتي عشرة الماضية”. وتمّ رصد 90 ملفاً حتى الآن، وفقاً لعضو هيئة النزاهة العراقية، عبد الكريم عبطان، الذي أكد أنه “تمّ جمع أبرز الملفات، لا كلها، تحديداً تلك التي كبّدت كل واحدة منها العراق خسائر تُقدّر بعشرات الملايين من الدولارات“.
ووفقاً لتقرير ديوان الرقابة المالية ولجنة الأمن والدفاع البرلمانية، فقد أنفقت حكومة المالكي الأولى والثانية، على ملف تسليح الجيش العراقي والوحدات القتالية التابعة له، 149.3 مليار دولار على مر السنوات الثمانية الأخيرة. وتوزّع المبلغ على الشكل التالي: 11 مليار دولار كنفقات تشغيل، من رواتب جنود وضباط ومصروفات أخرى كالطعام والشراب والنقل والتموين، فيما ذهبت 138.3 مليار دولار كمدفوعات لصفقات التسليح مع كل من الولايات المتحدة وإيران وروسيا والصين وتشيكيا.
وظهر الفساد، حين قُتل مئات الجنود العراقيين خلال معارك ضارية مع تنظيم “الدولة الإسلامية”، (داعش)، بسبب صفقة فاسدة من السترات والخوذات الواقية ضد الرصاص، والتي تمّ تزويد سبع فرق عسكرية بها، وتبيّن أنها غير قادرة على حماية الجنود من رصاص بنادق الصيد العادية.
- info@alarabiya-news.com