هفو الى ربة الحب والحكمة والصبر بغداد

نادية العبيدي

 

توقا لبغداد اعمده بنجيع الروح وارسله هيمانا على اجنحة حمام يتوله وجدا بنسائم خاطرات من قاسيون متهاديات فوق ساحة المرجة بدمشق، حمام يتبختر بدلال وغنج غير آبه بعيون المارة المتلصصين ويكابر خلف ريشات رمادية تتراقص طواعية تحت عزف منقار احمر …

سلاماً لبغداد من عاليات قاسيون مصحوباً برذاذ عطر صخوره الملساء … مع سحر وجمال دمشق وهي نائمة كصبية بين احضانه تداعب خصلات شعره الذهبية نسمات هواء لذيذة البرودة .. معجونة برائحة الذرة المشوية .. والحمص الشامي الساخن … وبرودة عصير التوت البري ..

اشواقاً لها بين يدي متجليات المسجد الاموي وارضيته المرمرية الرخامية … وبرودتها رغم نزق الشمس التموزية ، والدعاء للعراق مع رفع الاذان في ساحته الملأى بكركرات الصبايا … وعلى اطرافه تتسابق الايدي الصغيرة وهي تهش وتناكد ازواج حمام الدوح المتلاحمة فوق بعضها البعض مقتنصة اغفال الحارس لالتقاط صور تذكارية وسط ضجيج وصفق اجانحها..

سلاما لك بغداد من خرير بردى وصباه يداعب الوجنات المصطبغة بحمرة الشوق المائس تجوالا لاينقطع عبر الساحات والحدائق الغناء التي ارفع يدي اليها بالسلام واؤدي لها التحية …

سلاما من تحت نصب يوسف العظمة المتوسط مركز المدينة وهو يستند بكل هيبة ووقار على سيفه البتار وكأنه الحارس الامين الذي يتوسد الشاميون ذراعه وينامون امنين …

سلاما من ساحة عرنوس وغنج الصبايا في شارع الحمرا في الغدو والرواح، وسط هفهفات اردية الفرح التي ما انفكت صبايا دمشق يرتدنها كقوس قزح يشب من اضالع المدينة الى اقمارها وشموسها والليل الساهر بين الحب والكركرات.

سلاما لبغداد توأم دمشق وشريكة قيامها وقعودها، وهديرها وسكونها، والاسفار المدونة على جباه الحضارة للبدء الابداعي الانساني الاول.

سلاما لاطياف مثل يمام تتخاطف مابين البصر والبصيرة لبغداد التي احلم، بغداد الحب والشعر والابداع، بغداد دجلة الهيمان واللواتي سلبن هوى الشعر بين الرصافة والجسر من حيث يدري ولا يدري.

سلاما لكهرمانة تموسق فتنتها ماء وبهاء، وللهيمانين في الحكايا في ليالي الماء والخضراء والوجه الحسن شهرزاد وشهريارها.

سلاما لنوارس دجلة لائذة من الحب في الحب بين الماء والطين.

سلاما لكاظمية بغداد واعظميتها وكرخها ورصافتها.

سلاما للابداع يتأبط المشتعلين اناقة بانسانيتهم ومواقد جمر احاسيسهم وهي تستحيل كائنات تمشي على الارض وتشاطرنا يومياتنا اختيارا وعنوة.

سلاما للصابرين المحتسبين الذين ينامون من اجل بغداد بعين مغمضة على حلم وعين تترقب الاتي بفطنة ووعي.

سلاما لجياع بغداد، وعنوان انفتها وعفتها، وبيرق كبرها واعتدادها، وبسملة عصاميتها.

سلاما لساحة التحرير وتقحمات شبابها وركوبهم ظهور الخطوب بأنفة وتحد وبسالة.

سلاما لاهلة بغداد واقمارها وشموسها وقيظها المجمر.

سلاما ياربة الروح والشعر والحب والحكمة والصبر.

 

Facebook
Twitter