هذا هو الاسلام ، هذا هو الخالصي-القسم الخامس

حاوره: عبدالرضا الحميد

 

مقدمة

يحدث ان يجرى حوار مع ثائر بين احراش الوطن او على اكتافه فلايجد المحاور ـ بخفض الواو ـ شديد مشقة في اقتناص اسئله من لغة الاحراش واناشيد الثائر.

ويحدث ان يجرى حوار مع زعيم وطني او ديني, فلايجد المحاور ـ بخفض الواو ايضا ـ كثير عناء في التقاط اسئلة من افواه الناس او عابري سبيل او جهد ذاتي محض.

ويحدث ان يسعى كاتب او صحفي الى حوار مع عالم انتبذ له ركنا قصيا في اقصي من الارض منجمد او في اقصى من الارض على فوهة بركان ناشط, فلايجد الساعي رهقا في قطف اسئلته من فضاء ذهني, قصير زمنه, خفيف ظله, نزير قلقه.

لكم ما لايحدث ان يجرى حوار مع وطن اجل: وطن.

هذا الجدل الذاتي استغرقني اسابيع طويلة وانا اروض عقلي لتقحم محاورة من نوع غير مطروق ايامنا هذه, مع وطن يمشي على قدمين اسمه جواد الخالصي .

قد يفتئت ضال فينعت قــولي هذا بــمديح, وحاشــا للخالصي ان يكون من طالبــي المديح وحاشــا لي ان اكون من المداحين, فحين ضج الوطن باكيا بنيه الذين خنعوا للغزاة وطأطأوا هاماتهم:

اضاعوني واي فتى اضاعوا

 ليوم كريهة وسداد ثغر

كان الجواد الخالصي وحــده مع صحابـــة الوطن وصديقــيه واهل بـــيته يذودون عن دياره وذماره, مهطال النار وطائشها, مديما بـــذلك نســغ النشــيد العراقي العظيم الهادر الذي اطلقه الامام الخالصي الكبير بوجه الغزو البــرطاني حتــى ضجت من هول مقاومته لندن وحلفاؤها.

ومابين وثبة الجد الاكبر ووثبة الحفيد الكبير ليست سلالة جهادية موقفية وطنية اسلامية عروبية فقط بل سلالة من الانتماء الفريد ونادر المثال للاصل الجوهر. ففي الاصل الجوهر ان الإســلام الواحــد وطن, والخاصيون وحدهم يمموا وجوههم شطر الإسلام المحمدي القرآني الموحــد في زمن تنابــز فيه الناس بــالطائفية والتمذهب, فلبــث الخالصيون في غار الإسلام وانصرف بعض سواهم الى اوثان الجاهلية الجديدة.

وفي الاصل الجوهر ان الإسلام وطن العرب الروحي والفكري والانساني الانبعاثي, وان العرب وطن مهد الإسلام وبؤرة نوره,والخالصيون وحــدهم وعوا مذ بدء مثاباتهم الاول هذه الحقيقة في وقت انزاح بــعض سواهم الى تفكيك هذه الاصرة, علها, مع التقادم, تغرب الإسلام وتعيد العرب الى الجاهلية الاولى.

وفي الاصل الجوهر ان العراق الوطن جمجمة العرب وان بغداد في البلاد كالأستاذ في العبــاد, وان حــب الوطن من الإيمان, وان بعض هذا الحــب جهاد دون ذله وذل اهله وان الجهاد من اصول الدين ومن أصول حــب الوطن الذي ماغزي أهله في عقـــره الا ذلوا, والخالصيون تنكبوا الوطن قياما وقعودا مع اهل بيت الوطن وصحابته وصديقــيه وتنادوا ان (حي على العراق), فما غشــيتهم غاشــية, ولا دانت لهم عالية, وما ارتد لهم طرف, ولا وجــب لهــم فــؤاد, ولــم يستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه ونزرة الخيل وشحة الزاد, وكأني بــهم يوم حشــر العراق تقوم قيامتهم وحدهم بين يديه تماما كالماشــي في الأرض بزهد ابن العذراء مريم.

ترى: من أي مآذن المعاني الإســـلامية الســـامية الاصيلة, ومن أي ذاريات المواطنة الصادقـة العفيفة الزاهدة, ومن أي مثابات التاريخ والحاضر الشريفة, يكون حواري مع الاســتاذ المرجع الديني الإمام المجاهد الكبير سماحـة الشـــيخ جــواد الخالصي؟

سؤال تركت الإجابة عليه الى متن الحوار الذي أسبح للحي القيوم حمدا وشكرا على الفوز بــه في زمن ندر فيه صوت عظيم مثل صوت الإمام الخالصي.    

 

ثورة الامام الحسين (عليه السلام) بشرى رسول الله الى الامة ببقاء اشراق الاسلام لمن اراد الهداية واتباع سبيل الحق

التطبير وضرب الاجساد بالسلاسل من البدع المنكرات والتشويه المقصود لدين المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)  ولاعظم احداثه الجهادية

 

التكفير خطيئة شرعية اذ لا يجوز تكفير المسلم الناطق بالشهادتين، بل ان الفاعل (المكفرَّ) قد يبوء باثم هذه الجريرة

 

دين الحق  يجمع ولا يفرق، ولكنه يجمع على الحق وتحت راية الحق  لا على الاختلاف والتمزق والتفرقة

 

المدرسة الخالصية ترفض التكفير والتناحر والاختلاف وتدعو الامة الى جمع الكلمة تحت راية التوحيد والرسالة 

في الأسئلة التالية التي وجهناها إلى المرجع الديني الإمام المجاهد سماحة الشيخ جواد الخالصي تفضل بالإجابة عليها من موقع المرجعية الدينية, التي تتحمل المسؤولية الوطنية في العراق, والمسؤولية الأممية لأهل القبلة كافة باعتبارهم امة واحدة هي امة الإسلام والقران, والمسؤولية الإنسانية, وهذا يشمل حتماً كل القوميات والشعوب والأمم التي تدخل في هذا الاهتمام الإنساني والاممي الشامل, ومنها الأمم والشعوب العربية والكردية والتركية والفارسية وباقي أمم الأرض, ضمن دعوة إيمانية ربانية إلى الإنسان أكرم المخلوقات, لكي يأخذ دوره في الاستخلاف الرباني ليعمر الأرض بالصلاح والإصلاح, كبديل عن المناهج المادية المنحرفة التي تريد أن تستولي على الأرض والإنسان والثروات وفق مناهج الاستكبار والاستعلاء التي سببت هذا الفساد الأخلاقي وما افرزه من تلوث في ضمير الإنسان وبيئة الإنسان. 

التكفير بين المسلمين

المحاور: شهدت السنوات الاخيرة تزايدا في تقولات التكفير بين المسلمين وتبعت تلك التقولات فتاوى باهدار دم المسلم. هل لهذه التقولات جذور تاريخية؟ متى واين حصلت وفي اي عصر من عصور التاريخ الاسلامي؟ وهل هي من الاسلام الحقيقي ام الاسلام السياسي وماموقف مدرستكم الجليلة منها؟

الخالصي: هذا التزايد التكفيري نابع من المخطط القديم والذي تجلى حديثاً بعد الصحوة الاسلامية وانتصارتها الكبيرة خصوصاً في اسقاط نظام الشاه في ايران، وكانت المدارس التي سألتم عنها في سؤال سابق تدفع الى المجتمع عناصر تفجيرية وتكفيرية وتدميرية مهمتها اذكاء نار الصراع والفتنة، وجاء الاحتلال بجوقة المثلث المشبوهة ـ شيعة ـ سنة ـ كرد ـ لتهيئ الاجواء لحرب طائفية مقيتة، وكانت فتنة وقى الله المسلمين شرها، وجاءت الفضائيات المسمومة والتي مازال بعضها يبث سمومه الحاقدة، وان تراجع اكثرها امام موجة المواجهة الواعية التي قادتها طلائع هذه الامة، فنحن نقول هنا اولاً ان التكفير خطيئة شرعية اذ لا يجوز تكفير المسلم الناطق بالشهادتين، بل ان الفاعل (المكفرَّ) قد يبوء باثم هذه الجريرة فحكم على نفسه، بما وجهه الى غيره. وثانياً فأن استباحة دماء الابرياء بحجة التكفير جريمة اخرى لم يفعلها الافرقة الحرورية(الخوارج)التي خرجت على امام الحق واستباحت دماء المسلمين وقد امرنا رسول الله بمقاتلتهم ماداموا مصرين على جرائمهم. مع ان امام الهدى جعلهم طالبي حق مخطئين ونهى عن قتالهم ان تجنبوا الخوض في دماء المسلمين مع وجود جهات من طالبي الباطل والواصلين اليه. وثالثاً ـ ليس لهذه التقولات جذور شرعية تاريخية، بل لها جذور جاهلية تاريخية مارسها قوم دخلوا الاسلام وقد وصفهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في واحدة من معاجز بيانه حول المستقبل انهم ( يقرأون القران، لايتجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية) وقد استغلوا في فترة الصراع الاخيرة مع الغرب الكافر واستعماره الاسود ليكونوا سبب البلاء والاختلاف في هذه الامة، كما استغلوا في هذه الايام لاثاره الفتن بين ابناء الامة، واستخدموا في العراق لالجاء الناس الى احضان الاحتلال نجاة من شرورهم، وهذا امر لم يكن بعيداً عن مخطط دعمهم واسنادهم. ورابعاً ـ فأن الاسلام الحقيقي برئ من هذه الممارسات ، ففي حين كانوا يجروؤن على الدماء ويكفرون امام الهدى وامير المؤمنين علي بن ابي طالب ويستحلون دمه ودم اصحابه ويجرمون بحق ابناءالامة، فان الاسلام الحقيقي الذي مثله علي امير المؤمنين، وكان حريصاً عليهم وعلى دمائهم واتاح لهم حقهم من بيت المال، وفتح لهم ابواب المساجد للعبادة والمجتمع ليدخلوه بسلام، ومقابل التكفير كان عليه السلام يقول عنهم ـ اخواننا بغوا علينا، وكانت حصيلة معارك البغي المؤسفة ، يجمعون شهداء وبغاة في مكان واحد ليصلي عليهم امام الهدى في صلاة واحدة، تاركاً الفصل بينهم الى يوم المعاد.

 وعلى هذا فمدرستنا، وكل مدرسه اسلامية، تسير على نهج علي وآل بيته وتقتدي بذلك بسنة المصطفى واوامره، فانها ترفض التكفير والتناحر والاختلاف وتدعو الامة الى جمع الكلمة تحت راية التوحيد والرسالة. لان اوضح صفات دين الحق، انه يجمع ولا يفرق، ولكنه يجمع على الحق وتحت راية الحق، واوضح صفات اديان الضلال والهوى واحزاب التناحر والتمزق هو الاختلاف والتفرقة الذي نهى تعالى.{شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ } الشورى13 {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } الأنعام159

ثورة الإمام الحسين

المحاور: كيف تقرأون ثورة الامام الحسين عليه السلام؟ وكيف تنظرون الى مظاهر ضرب الرؤوس بالسيوف(التطبير) وضرب الجسد بالسلاسل والمشي على الجمر في عزاء الامام مما شهدته مدينتكم الكاظمية في محرم السابق؟

الخالصي:ثورة الامام الحسين (عليه السلام) بشرى رسول الله الى الامة بان الاسلام لن يضيع ولن ينحرف بل سيبقى مشرقاً جلياً لمن اراد الهداية واتباع سبيل الحق . والحسين ليس  انساناً طارئاً على هذا الدين، بل هو اقرب الناس الى رسول الله و النبي المبعوث بهذا الدين نسباً، كما انه اقرب الناس تمثيلاً لسيرته العظيمة، وبذلك كانت ثورة الحسين والتضحيات الجسام ضماناً لكي لاتعود الامة الى الجاهلية القهقرى كما حاول البعض ان يفعلوا، وكانت الدماء الطاهرة لوناً فاضحا وصارخاً يميز بين الحق والباطل، الامام قال عنه جده(حسين مني وانا من حسين) وهو امام قام او قعد وهو سيد شباب اهل الجنة وهو سبط من الاسباط .والسبط هو ابن النبي ولكنه ذكر هذا بمعنى الالتزام بالمنهج على مافعله الاسباط من ابناء يعقوب وذراري الانبياء، ولم يكن الحسين بحاجة الى كل هذه المآسي المروعة، لوكان يمكن ان يصان الدين بما هو دون ذلك، ولكن صيانة الدين لما احتاجت الى الدماء، كان الحسين هو الشخصيه المهيأة والمؤهلة لاداء هذا الحق العظيم، وبناء على ذلك فان حب الحسين والتاسي به والحزن عليه لا يعني الا الالتزام بالاسلام والسير على طريق الحق باحياء امر الدين في الالتزام بالكتاب والسنة وتحكيمها في مسيرة الحياة وهذا ما كان يقوله عليه السلام في كل موقف وقف فيه، واخطر ما يشوه مسيرة الحسين وثورته العظيمة، التصرفات الشاذه التي تنقل الثورة من ممارسة ايمانية فكرية واعية، الى ممارسات عاطفية تلتزم الاثارة وتبتعد عن العقل واحكام الاسلام العظيم. وفيها اعمال لم يفعلها امام كريم من ابناء الحسين ولا اصحابهم ولا اولياؤهم ولم يأمر بها اهل العلم من هذه الامة، بل هي بدع مستوردات من افعال الامم الاخرى سربها بعض اصحاب المصالح من السلاطين الفسقه والظلمة، لابعاد الامة عن روح ثورة الحسين والهائهم بهذه الامور، لان الامة اذا فهمت ثورة الحسين تحركت ضد ظلمهم وجرائمهم، فكان هذا خطراً يجب ابعاده بالعواطف الجاهلة وبالالهاء والاشغال. وفي مقدمة هذه الامور المحرفة والمشوهة، ضرب الرؤوس بالسيوف وقد قال علماؤنا كلمة عظيمة في الماضي وما زالت قائمة الى الان( من الذي جعل اولياء الحسين يحولون السيوف لتضرب بها رؤوسهم، بدل رؤوس اعدائهم) واقول الا يشبه هذا تحويل البوصلة عن اولئك المهيجين التكفيرين ليتوجهوا الى قتل ابناء الامة بدل التوجه الى اعداء الامة، ومنها ايضاًَ ضرب الجسد بالسلاسل، وفيها الامواس احياناً لتنزف دماً يقزز النفوس ويشوه المفاهيم العظيمة، والمشي على الجمر وهي عادة هندوسية معروفة عند الهنود لم تستورد الا في الستينات، حيث واجهناها بقوة، وحرمها حتى العلماء الصامتون لما فيها من تشويه خطير، ولكن كل هذه الخزعبلات استوردت ودعمت في ظل الاحتلال الامريكي ومن جهات تعمل مع الاحتلال ولنفس الاسباب التي دفعت السلاطين الظالمين لترويجها، فاذا لم يشغل الناس بهذه الامور، وفهموا ثورة الحسين، فانهم سيواجهون الاحتلال واتباعه كما فعل ويفعل المخلصون، فكانت وسيلة تخدير حذرنا ا ونحذر منها اضافة الى انها افعال تدخل في دائرة البدع المنكرات والتشويه المقصود لدين المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولاعظم احداثه الجهادية التي بشر بها رسول الله قبل وقوعها، ويكن من اجلها سبطه المعظم عندما اخبر بها, ولكنه تقبلها بالرضا الكامل لانه وجد فيها ثباتاً للدين ونجاة للامة من الضياع والانحراف

Facebook
Twitter