من الفلوجة والموصل الى الرقة فحلب الدم السوراقي ينتصر

في حوار اجرته معي صحيفة عربية قلت:

ان بين الفلوجة والرقة دما واحدا ينتصر.

وبينهما وبين الموصل موعد لبشرى القضاء الابرم على الارهاب والهزيمة الاكبر للتحالف الاميركي الغربي العثماني الخليجي.

طوبوغرافيا، مدينتا الموصل والرقة متماثلتان، كما انهما متماثلتان في التكوين المجتمعي، وكلاهما وقعتا تحت براثن الارهاب في توقيت متقارب، واعتمد الارهابيون في كليهما اساليب متوحشة واحدة، واشاعوا انهما المدينتان الاساسيتان في ما يسمة بدولة الخلافة، ولهذه العوامل واخرى غيرها فان اي انجاز ايجابي يحققه الجيش العربي السوري في الرقة ينعكس ايجابا على اداء القوات العراقية في الموصل، ويخيل الي ان الشروع الجدي في تحريرهما بوقت واحد يعتمد على الارادة السياسية في المقام الاول حينما تقرر وحدة البندقية السورية العراقية كما اشار الى ذلك السيد الرئيس العربي المقاوم الدكتور بشار الاسد حين قال ان وحدة البندقيتين السورية والعراقية ستضمن النصر بسقف زمني اسرع وباقل التضحيات.

واذا كانت هذه الارادة موجودة لدى سورية فان الحكومة العراقية قد لا تتوفر على مثل هذه الارادة لانها محكومة بقرار دولي او انها اسيرة لقرار دولي، فلقد دعت قوات الحشد الشعبي وكل الحركات والاحزاب العراقية الرافضة للمشروع الاميركي الى تعاون بين سورية والعراق على اعلى المستويات بدءا من التنسيق المعلوماتي الى تأسيس غرفة عمليات مشتركة لادارة المعارك على الاقل في المناطق السورية والعراقية المتداخلة او المتجاورة، لكن الحكومة العراقية لم تزل لاتجيد غير الاصغاء للمتحدث الاميركي للاسف.

وفي معركة الفلوجة قلت : تتأتى اهمية معركة تحرير مدينة الفلوجة من براثن العصابات الارهابية من عدة عناصر سوقية استراتيجية يقف في مقدمتها قربها من العاصمة العراقية اذ لا تبعد عنها الا بأقل من ستين كيلومترا، وتحكمها بالطريق الدولي الذي يربط العاصمة العراقية بغداد بالحدود السورية العراقية والحدود الاردنية العراقية وما يفرضه هذا التحكم من قطع الشريان التجاري والاقتصادي مع سورية والاردن، واتصالها مع الحدود السعودية عبر صحراء رملية متموجة تتوفر على قدر كبير من التمويه لعمليات دخول الارهابيين وتهريب البضائع والبشر الى السعودية، وكونها مثلت عاصمة التنظيمات الارهابية طيلة اثنتي عشرة سنة من عمر العراق بعد الغزو الاميركي له منذ مايسمى بتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين بزعامة المقبور ابو مصعب الزرقاوي ثم تنظيم الدولة الاسلامية في العراق بزعامة المقبور ابو عمر البغدادء وحتى نشأة ما يسمى بالدولة الاسلامية في العراق والشام بزعامة المجرم الاشد دموية ابو بكر البغدادي، وما افرزته هذه الاعوام من تكوين بيئة حاضنة متطرفة تكفيرية اقصائية دموية، كانت ولم تزل مصدرا لكل العمليات الارهابية التي شهدتها العاصمة بغداد والمدن العراقية غير الساخنة وفق المنطق العسكري المتداول.

ولهذا فان عملية تحريرها ستؤمن اعادة ترتيب الحاضنة وازالة ترسبات غسيل الدماغ التي تعرض لها الاهالي خلال الاعوام المذكورة، وتكوين مثابة عسكرية رصينة نحو تحرير منطقتي الحويجة في كركوك والشرقاط في صلاح الدين مما يعني وضع مدينة الموصل تحت كماشة عسكرية من ثلاث جهات تؤمن للقوات العراقية فرصة تحرير هذه المدينة.

كما انها ستقطع خطوط الامداد عبر الاردن والسعودية للعصابات الارهابية، وستقضي على آخر التحالفات بين داعش وبعض الجماعات المسلحة ، حيث ان المعروف ان هذه التحالفات سقطت في مدينة الموصل بسبب شراسة داعش ضدها وقيامها باعدام العديد من متزعميها، بينما استمرت في الفلوجة بحكم عوامل اجتماعية ضاغطة على جميع الاطراف.

القوات العراقية وقوات الحشد الشعبي في معركة الفلوجة عملت على نسقين: النسق الاول اعتمد تأمين احكام الطوق على المدينة وتحرير جميع المدن المحيطة بها، وقد تم انجاز تحرير مدن الكرمة والصقلاوية وعامرية الفلوجة وجميع قراها وقصباتها، والنسق الثاني قام على قطع جميع خطوط الامداد والسيطرة على عقد المواصلات الحيوية ومنع عصابات داعش من الهروب كي تظل امام خيارين لاثالث لهما: الموت او الاستسلام، وقد انجزت القوات هذه المهمة التي سميت بالصفحة الاولى حيث تم تطويق الفلوجة من اربع جهات وبستة محاور عسكرية، والصفحة الثانية تمثلت في انهاك العصابات الارهابية من خلال القصف المكثف على اوكارها وحركة ارتالها وافقادها عنصر القوة الوحيد لديها وهو العجلات المفخخة حيث ادخلت القوات العراقية اسلحة جديدة تستخدم للمرة الاولى في معالجة اي هدف متحرك عن بعد، واسهم سلاح الجو العراقي بتدمير شرايين القوة العسكرية للعصابات داخل المدينة مما تسبب في انكسارها وهروب زعمائها الى الصحراء الغربية او باتجاه مدن الموصل والشرقاط والحويجة، وباشرت القوات العراقية منذ امس بالصفحة الثالثة التي تتمثل في اقتحام مركز مدينة الفلوجة حيث اوكلت هذه المهمة الى جهاز مكافحة الارهاب والشرطة الاتحادية والحشد العشائري، ولعلها بالغة هدفها خلال الايام المقبلة.

قبل انطلاق عملية تحرير الفلوجة كانت عصابات داعش تهيمن على مناطق اقرب الى العاصمة بغداد من الفلوجة وفي الشهر الماضي نفذت العصابات الارهابية عمليات اقتحام لمنطقة ابي غريب وسجن ابي غريب الذي يقع في حزام بغداد، بل ان الاسلحة الرشاشة للعصابات الارهابية وصل مداها الى مطار بغداد الدولي واصيبت احدى الطائرات الاماراتية بنيرانها اثناء الاقلاع، وقبل شهور كان الطيارون يعمدون الى ما يشبه الطيران الحلزوني لتفادي نيران متوقعة من العصابات الارهابية، ومما لاشك فيه فان تحرير المدينة وضواحيها سيوفر للعاصمة بغداد انقشاع نسب كبيرة من فرص تنفيذ الهجمات الارهابية من خارج العاصمة، اما من داخلها فان خلايا الارهاب النائمة مازلت تجد في ثغرات الخطط الامنية فرصا لارتكاب مجاز ابادة ضد المواطنين مثلما حصل في مدينتي الصدر والشعب والغزالية والكاظمية وسط بغداد خلال الاسابيع الثلاثة الماضية.

 

Facebook
Twitter