منذ متى اصبح تخويف الناس متعة؟

نادية العبيدي

كنت قد كتبت بالاسبوع الذي سبق رمضان عن تمنياتنا ان نقضي رمضان في ورع وايمان واحتساب لله ..!! وناشد الجميع القنوات الفضائية ان تكف عن مهرجان الجنوح الى مايغضب الله ويخدش حياء المؤمن، لكن الذي حصل ان الممثلين ومن خلفهم المنتجون والممولون قد اصابهم مرض الادمان على الفساد الذي اصبح يأكل ويشرب معهم على حساب المشاهد ..!!
ورضينا بكل هذا الكوم من الموبقات واستغفرنا ربنا الحي القيوم وبدأنا نقلب بين القنوات بحثا عن اي ستار لتلك الفضائح المؤدلجة.. ومن بين تلك البرامج تعرض علينا قناة عراقية معروفة تمتعت بشهرة عالية في الاونة الاخيرة نتيجة مصادفة حدثت فغيرت واقعها بعد ان كانت شبه مغمورة..!!
برنامجا مجا ومملا وسخيفا جداً يوصلك الى مرحلة تود لو تمسك مقدم البرنامج وتطوحه ارضاً ولا تتركه حتى تخلع عدساته اللاصقة وتزيل له صف اسنانه السفلى قبل العليا..
يظهر عليك هذا المذيع بفكرة الكاميرا الخفية .. وليتها كانت حقاً كاميرا خفية .. الا انها ( بلوة خفية) توقع الفنانين بفخ غريب وسخيف بطريقة تنم عن الروح العدوانية التي تسيطر على هواجس هذا الشخص المريض الذي يستخف دمه وينتقل بين الاشخاص بطريقة استعراضية وكانه يقوم بانجاز عظيم على حساب المستضاف المسكين..!!!
فكرة البرنامج تتلخص بنصب مفرزة من الجيش تتواجد في بداية الشارع المؤدي الى القناة بعد ان يقوم مقدم البرنامج بتوريط الضيف المدعو بفخ رخيص الغاية والهدف والوسيلة.
وما ان يقترب الممثل من تلك السيطرة على بعد امتار يزعم المقدم بان سيارته عاطلة ويطلب من الفنان ان يوصله بطريقه .. وما ان يصلوا الى السيطرة حتى يقوم افرادها بتفتيش السيارة وبطريقة او اخرى يضعون شيئا يشبه العبوة اللاصقة ويصرخون بمن موجود داخل السيارة بانذار عن وجود عبوة مما يؤدي الى هلع الضيف فيقع في الفخ..!! اذ يقوم الحرس باحتجازهم والتحقيق معهم لمعرفة لمن تعود هذه العبوة .. وما بين شد وارخاء وكلام وحديث وصراخ واحيانا سوء حالة صحية تؤدي الى ارتعاب وخوف لا مثيل له يقوم المقدم بسذاجة بتقبيل الفنان وقوله انك ضيف على تلك القناة… اما من ناصح ينصح مقدم البرنامج عن احوال العراقيين ..؟ اما من احد يشرح له الوضع الذي يعيشه الناس .. الا يعرف مدى التوتر لمجرد الاقتراب من اية سيطرة في اي شارع وان كانت مكونة من شخصين فقط .. العراقيين ينزفون .. وفلان يضحك من جراحاتهم .. العراقيون يتألمون وفلان يقوم بصنع مقالب يظهر براعته بالتمثيل .. الفنان يبكي ويتوسل ويرتعد ويرتجف وفلان غير معني بكل هذا ويتصنع البكاء معه وتوريطه بما قد حمله معه بالسيارة..
اسفا على من وافق ان يقدم مثل هكذا برنامج .. منذ متى اصبح تخويف الناس متعة لا مثيل لها..!! ومنذ متى اصبح العراقيون يتنقلون من يد الجيش الى يد مقدم برامج لم يخرج من البيضة بعد..!! الم يراع ان يصاب احدهم بجلطة دماغية مثلاً او سكتة قلبية قد تودي بحياته او تودي به المفاجأة الى مرض مقيم كالسكري مثلا .. فكيف يكون الحال حينها .. الا يجدر ان يقوم الفنان بشيء اجمل واعظم من ان يقف في شارع بعد ان كان يقف له الالاف من المتفرجين تحت خشبة المسرح وهو واقف بشموخ ينظر الى جمهوره الذي تجشم العناء كي يستمتعوا بتجسيد ادوارا رائعة وكانها حقيقة..!!
كل ما يستشف من هذا البرنامج انه انتقاص لكرامة الانسان والمس بكبريائه ولا اعلم ما الهدف من كل هذا غير انه محاولة رخيصة من فرد مريض نفسيا ويعاني من عقد ما ويحاول اسقاطها على الاخرين ..

Facebook
Twitter