قصة العدد (99) لها اكثر من معنى

حسين الربيعي

 

في أحد أيام صيف 2008 الحارة ، كنا على موعد مع أحد الأخوة الوطنيين العروبيين، وهو الشيخ نوري العنزي في منزله الواقع في شارع فلسطين بالقرب من جامعة البكر ، وفي ظهيرة ذلك اليوم أتجهت والأخ عبد الرضا الحميد رئيس تحرير ” العربية ” إلى  منزل الشيخ العنزي ، وعند وصولنا إليه وجدنا عنده ضيفاً لم يسبق لنا التعرف به ، فعلمنا إنه الشيخ عباس العبيدي ، ولم  يمض كثير من الوقت حتى توافد على المنزل عدد من الأخوة والضيوف من بينهم أفراد من التيار العربي في العراق ممن كانوا يعملون معنا قبل خروجهم على ثوابته، وأيضاً الأخ (مجيد أبو طارق) أحد القادة النقابيين ، وأخرون .

وحين التأم الجمع ، وزعت على الحضور نسخاً من العدد الأخير (آنذاك) لجريدة العربية والتي (العدد 199) الصادر في 28 حزيران 2008 ، وما أن أستلم الشيخ عباس نسخته ، ووقعت عيناه على صورة الغلاف والعنوان الذي تحمله ( أطفال أنابيب السياسة ) حتى ضحك بأتزان وقال : والله أنهم أطفال انابيب السياسة . وقال موجهاً كلامه للحضور : لو كنت أعرف أصحاب هذه الجريدة وكاتب هذه المقالة التي تحمل هذا العنوان ، لقدمت لهم ما أستطيع من مؤازرة . فنبهته الى أن رئيس تحرير الجريدة وكاتب المقال هو الأخ عبد الرضا الحميد ، الجالس بمقربته ، فكرر الشيخ العبيدي قوله بعد الترحيب بالأخ عبد الرضا : أنا مستعد لأن أقدم لكم ما تحتاجون لنصرتكم في قضاياكم الوطنية . 

شعرت حينها إن الفرصة مؤاتية لحسم أمر ملصق (بوستر) أتفقنا أنا والأخ عبد الرضا والأخ ضياء السباهي على إصداره بأسم التيار العربي ، ويدخل في فعاليات التيار العربي ضد إبرام إتفاقية بين الحكومة العراقية والإحتلال ، تحت شعار (لنتحد من أجل إسقاط أتفاقية الأنتداب الأمريكي الجديد على العراق) ، وقد صممت الأخت نادية العبيدي الملصق بشكل رائع ، فشرحت للشيخ العبيدي والأخوة الحاضرين فكرة (البوستر) ، وأضفت : إننا نجمع (تبرعات) لغرض طبعه وتوزيعه . فسالني الشيخ العبيدي عن كلفة الطباعة ، فأخبرته : خمس مئة دولار . فرد عليَ مسرعاً : هاي عليَ ، أنا الذي أتحمل الكلفة كلها من غير تبرعات.

وعلى الفور نهض الشيخ العنزي إلى داخل داره ، وعاد مسرعاً وهو يقول : خير البر عاجله و(حار بحار) هذه هي الخمس مئة دولار وسوف أخذها من الشيخ عباس في ما بعد . ومد يديه بالمبلغ فأستلمه أحد  الافراد الخوارج عن التيار العربي  ووضعها في جيبه، ولم تنتزع منه إلا بعد التي واللتيا كما يقولون !!! ظاناً أنه يدفعها من جيبه ، ثم لم يتورع عن الحديث امام اخرين لم يعرفوا حقيقة الامر بانه صاحب المال الذي طبع به البوستر ، مما أخر طباعته وتوزيعه لأسابيع ، فصدرمتزامناً مع العدد (122) الذي صدر في 19 تموز 2008 ، حيث كان الصورة الرئيسية لذلك العدد .

إن قصة العدد 199 لها أكثر من معنى ، فإن من واجبنا أن نعلن بإحترام دور شيوخ العشائر والشخصيات الوطنية في التصدي لسياسة الإحتلال وحلفائه ، وأن لانبخسهم وقفاتهم الشجاعة وأن لانغمط الناس حقوقهم وادوارهم الوطنية ، فندعي زوراً وبهتاناً ما ليس لنا ، والتأكيد هنا على شيوخنا الوطنيين ، خير خلفٍ لخير سلف ، فما بين شعلان أبو الجون وهؤلاء ، جملة من القيم والأخلاق والمواقف المشرفة وجذور متصلة لمسيرة واحدة .

ومن معاني هذه القصة ، العلاقة الفريدة بين جريدة العربية والناس الوطنيين على مختلف إنتماءاتهم ومراكزهم ، تلك الصلة التي عبرت بصدق عن سمو الأهداف الوطنية التي حملتها (العربية) في جهادها الظافر بإذن الله . وعليه فإن (العربية) وهي عصبة من المؤمنين الوطنيين ، الذين يتميزون بسلاح الصدق والأمانة والشرف ، بذلوا ، وسوف يستمرون ، بأن تكون وريقات (العربية) الست عشرة ، ساتراً حقيقاً للقضية الوطنية والقومية ، وكلمة الحق السواءِ ، ويجعلوها مدرسة … أو دعني أسميها كما يحلو لي ، معسكراً يخرج قادة ومناضلين ، يحملون في جعبهم الكلمة الحرة ، تقذف أقلامهم الحقيقة المطلقة ، والهدف الواضح الخالي من كل شائبةٍ ، دون تقاعسٍ أو ملل . وعلى العموم ، فقد آن الأوان لكي أقول أيضاً إن العربية قدمت ما يضاهي كل ما قدمته بعض احزابنا وحركاتنا السياسية عبر بياناتها واحاديثها (المقهواتية) داخل جدران غرف مقراتها ، فهي الحاضرة بين الناس ، والمتواصلة مع الامهم ، وهم الغائبون والغائرون ، فتحيةً لروح مؤسسها الشهيد عبد الرحيم النصر الله ورفاقه الأبرار، وتحية حب ووفاء لحامل أمانتها وقائد مسيرتها الأخ أبي فرات ، والأخوة الزملاء العاملين فيها ، ولكل قراء ” العربية ” في يوم جريدتنا جميعاً

 

Facebook
Twitter