فضيحة: البي بي سي البريطانية تضع قانون شبكة الاعلام العراقي ومجلس النواب يقره عاجلا صفقات مريبة وعلاقات مشبوهة تتحكم في تشريع القانون

شبكة الاعلام العراقي من قانون بريمر الى قانون البي بي سي

 

 

أثار الاقرار السريع لـ”قانون شبكة الاعلام العراقي” في جلسة عاصفة الخميس (28 آيار 2015)، والتي مررت خلالها سلة قوانين في جو مشحون، وسط عراك واشتباك بالايدي بين النواب، جدلاً واستياءً واسعين في اوساط سياسية واعلامية، فضلا عن استغراب لجهة الحاح رئيس مجلس النوّاب سليم الجبوري، على قراءة نص القانون “المُستورد” رغم “الصياح” تحت قبة البرلمان.

ورغم ان النائب الاول لرئيس المجلس، الشيخ هُمام حمودي، طلب اكثر من مرة من الجبوري التوقف عن قراءة مسودة القانون المقترح والمُعدل، الا أن الاخير استمر بقراءته، ما يشير الى اتفاق “غامض” مع “عرّابي” المشروع  على ضرورة تمرير القانون الذي بات “يُكرس” المحاصصة في مؤسسة “بثٍ عامٍ” ويزيد من عطالتها المهنية بظل وجود مراكز خفية تتحكم بأجندتها الاعلامية، بحسب مصدر نيابي مطلع.

وقالت مصادر في هيئة رئاسة مجلس النواب ان “القانون اُريد له ان يُقر بسرعة، ولا يتم تأخيره، رغم ان هناك قوانين اسبق مطروحة على جدول الاعمال”، مضيفة ان “قانون شبكة الاعلام العراقي لم يكن بالضروري أو العاجل، فالشبكة لها قانون نافذ ولا يستدعي التعجيل به، بالمقارنة مع قوانين اسبق واهم كالمحكمة الاتحادية او الاحزاب، او ذات خصوصية آنية كالحرس الوطني”.

ولفتت المصادر الى أن “لجنة الثقافة والاعلام النيابية، أصرّت على تمرير القانون بالتوافق مع رئيس المجلس، فيما استغلت ظروفا غير طبيعة للتصويت عليه، رغم وجود اعتراضات على نص القانون”.

القانون الذي تم تمريره الخميس الماضي، بات بديلاً عن الامر 66 لسنة 2004 الذي تأسست بموجبه “الهيئة العراقية لخدمات البث والارسال”، حيث باتت هذه الهيئة تُسمى بموجب القانون الجديد “شبكة الاعلام العراقي”، ويشترك القانونان بـ”ميزة” انهما وضعا من قبل جهات غير عراقية، لجهة ان الاول وضعه الحاكم الاميركي بول بريمر، والثاني وضعه صندوق التنمية لبي بي سي، الذي تدخل مباشرة بكتابة القانون، عبر ممثلته البريطانية فلسطينية الاصل عبير عوض، وهو ما بدا جلياً في “الصياغات” التي وردت فيه.

وبحسب مصدر مُطلع في هيئة أمناء شبكة الاعلام العراقي، وهو ما أكده ايضا عضو لجنة الثقافة والاعلام النيابية فاضل الكناني، بأن “هناك ثلاثة مسودات للقانون، اولها المسودة الاساسية المُرسلة من قبل الحكومة في العام 2012 المعدلة حينها، والثانية المسودة التي قام بتعديلها مجلس امناء الشبكة، فيما النسخة الاخيرة التي أقرّت لم يطلع عليها مجلس الوزراء ولا مجلس الامناء، بل وضعت بالاستفادة من المسودتين السابقتين، باشراف جهة اجنبية باجتماع غامض في العاصمة البريطانية لندن”.

باتت مؤسسة “بي بي سي” للتنمية الاعلامية، تفرض رؤيتها التي لا تتطابق مع الحاجة العراقية في تطوير واقع الاعلام في العراق، بل تحوّلت الى “وصي” على “سيادة” وضع القوانين من قبل الحكومة العراقية ومجلس النواب، دون ان تُقدم تفسيرات عن تلك “الوصاية”، بحسب المصدر.

ورغم ان مؤسسة “بي بي سي” غير مرخصة بالعمل في العراق طيلة الفترة الماضية، الا انها كانت تتمتع بعلاقات سرية مع نواب ونافذين في الحكومة العراقية، اوصلت من خلالها المتحدث المُقال رافد جبّوري الى “ناطقية رئيس الوزراء”، فيما عملت على وضع قانون شبكة الاعلام العراقي، وتشتغل بشكل حثيث على وضع قانون هيئة الاعلام والاتصالات.

وأشار إقرار قانون شبكة الاعلام العراقي، الى جملة ملابسات، وفقاً لما جاء بنص القانون، انه قام بـ”حماية مصالح اشخاصٍ نافذين في الشبكة”، وفتح الباب واسعاً الى وصول “آخرين” الى مجلس الامناء الجديد على صلة بـ”رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، ورئيس لجنة الثقافة والاعلام النيابية ميسون الدملوجي”، على قاعدة “منح كوتا نسائية”، وحرمان من لم يتم 40 عاماً من تولي منصب رئيس الشبكة، في محاولة لتضييق فرص وصول طاقات شابة وقدرات اعلامية الى المنصب واحتكاره للشبوط والشلاه.

وكشفت مصادر نيابية مُطلعة الى ان “بي بي سي دعت اعضاءً في لجنة الثقافة والاعلام النيابية، وشبكة الاعلام العراقي، وشخصيات طارئة على العمل الاعلامي، لوضع اللمسات الاخيرة على القانون، على نفقتها الخاصة ولعدة ايام”.

وتساءل المصدر “ما منفعة جهة اجنبية بتحمل تكاليف سفر شخصيات تُصنف VIP الى العاصمة البريطانية لندن، رغم الكلفة العالية، وعدم استفادة بي بي سي، من ذلك بشكل مباشر سوى فرض الوصاية وشراء الذمم”، مشيراً الى ان “هذا الامر يكشف تماماً حجم الاختراق الذي قامت به مؤسسة الاعلام البريطانية الأشهر، للمجلس التشريعي العراقي، وهيئة مستقلة”.

 

وبحسب المعلومات المؤكدة فان “عرّابة” الاتفاق “المريب”، إحدى أبرز وجوه صندوق بي بي سي للتنمية الاعلامي، عبير عوض، المعروفة بصفقاتها “الكبيرة” داخل العراق، ولاسيما بتأسيس راديو وتلفزيون المربد في البصرة، والذي بلغت كلفة إنشائه 11 مليون دولار.

وكشف مصدر مرافق للوفد أنه “تألف من ميسون الدملوجي رئيس لجنة الثقافة والاعلام النيابية، واعضاء من اللجنة، فضلاً عن رئيس هيئة امناء الشبكة علي الشلاه، ومدير عام الشبكة محمد عبدالجبار الشبوط”.

وبالعودة الى نص القانون الذي لاقى اعتراضاً من جهات اعلامية ونيابية ودينية في العراق، فان القانون يُجرد شبكة الاعلام العراقي من اية ميزانية مالية حقيقية تحقق استقلاليتها المطلوبة في حين انه حوّلها الى “مؤسسة تمويل مباشر” تقر ميزانيتها من قبل مجلس النواب، توضع من قبل لجنتي الثقافة والاعلام والمالية، وفقاً لما جاء في نص المادة (21) من القانون المُقرّ، ما سيعرضها الى وصاية من كتل سياسية في مجلس النواب بشكل لا يضمن استقلاليتها، فضلا عن تحديد الاعلان في تلفزيون “العراقية” بـ”نصف ساعة يوميا” وبـ”ربع ما يُنشر من اعلانات مكتوبة في صحيفة الصباح”، ما يعني ان هناك صفقة تجارية تحتم منح تلك الاعلانات لشركة اعلانات على صلة بمسؤولين كبار لقاء “كومشينات” قد تكون عرابتها “عوض” بحسب المصدر في هيئة أمناء شبكة الاعلام العراقي.

فيما ستتحكم الدملوجي وفقاً للمادة (8) من القانون التي تعطي الحق للجنة الثقافة والاعلام النيابية باختيار المرشحين لمجلس الامناء وتزكيتهم، ومن ثم التصويت عليهم في مجلس النوّاب، وهو ما يؤشر الى وجود نية مبيّتة لتمرير مرشحين وفقاً لتشكيلة اللجنة التي يُسيطر عليها نواب كردستان واتحاد القوى العراقية، فيما يغيب التحالف الوطني (الكتلة الاكبر) عنها بتمثيل ضئيل للغاية، لا يتجاوز نائبين فقط.

 

النائب فاضل الكناني عضو لجنة الثقافة والاعلام النيابية، ابدى جملة اعتراضات على القانون المُقرّ، في بيان مطوّل ، وبيّن ان “القانون الذي رفع لرئيس البرلمان للتصويت عليه يخالف مضمون القانون المرسل من الحكومة للبرلمان لعام 2012 المعدل، لجهة ان القانون الجديد ابقى على مجلس الامناء، الذي يكُلف اموالاً طائلة ورواتب، في حين القانون السابق الغى مجلس الامناء لعدم الحاجة اليه”.

وشدد الكناني على انه سيطعن بالقانون لدى المحكمة الاتحادية لتجميده، مطالباً رئيس الوزراء بالطعن ايضا، ونقض القانون “نظراً للتعديلات الجوهرية التي أدخلت على نصوصه وبعضها ذات تبعات مالية دون الرجوع الى الحكومة أو التشاور معها”.

وكشف الكناني بأن “القانون وضع ومرر كلمح البصر وبوقت زمني لم يسبق له مثيلا باربعة ايام فقط برعاية بي بي سي والدملوجي”، مشيراً الى انه “في جلسات سابقة جمعت أكثر من سبعين توقيعا تطالب بإعادة قانون شبكة الإعلام للحكومة من اجل إعادة صياغته من جديد، فضلا عن مطالبة وزير الدولة احمد الجبوري بذلك، لكن رئيسة اللجنة وبالتعاون مع الـ(بي بي سي)، وفي لندن، بحيث أضافت وحذفت كل ما تريده، ولاسيما المادة (8) كي لا تطرح ولا تناقش في الجلسة الاستماعية، لعلمها بوجود اعتراضات لعلم الجميع ان القانون هو من وضع (بي بي سي)، وجميع الأوراق والمداخلات كانت ترفض هذا القانون”.(العالم الجديد)

Facebook
Twitter