روبوت شاعر روبوت رئيس علي السوداني

سنلجُ الليلة أحبتي بابا لطيفا طريفا عجيبا اسمه الإفرنجي الروبوت، وتسميه العرب الإنسان الآليّ أو الكائن الإنسالي بوصفه خلطة من جسد آلة معدنية، ومشاعر إنسانية تمّ زقّه بها.

قدحة الكتابة كانت هي قراءتي لنبأ يقين يفصّل مراحل نجاح روبوت ياباني بإنتاج قصة قصيرة قد تحصد جائزة أدبية. لا أعرف بالضبط كمية المبالغة في هذا الخبر، لكنني سوف أصدّقه من أجل إكمال مقالي هذا، وأيضا لأنني كنت قرأت وسمعت وشفت على الشاشات، روبوتات كثيرات وهي تزاحم البشر في لقمة العيش، فصاروا عمالة رخيصة في المعامل والمطاعم والفنادق والجيش، وسوقة سيارات وطيارات ومناصب أخرى كانت قصرا على الإنسان.

الحياة تجفُّ والعاطفة تتبلّد، والروبوتية تأكل من جرف الآدمية. تموت الجرائد والكتب والمكتوبات الورقية اللذيذة، وتنمو الإلكترونيات اليابسة والرسائل الجاهزة والورود التي لا تحمل حتى عطر المعنى. سندخل مطعما فيستقبلنا روبوت مهذب يشيل على زنده قماشة بيضاء تذكّرنا بهزيمتنا المروعة، ولحظة يزرع صحن الكباب على طاولتك، سيكون بمقدورك أن تسمعه وهو يقول لك “صحتين وألف عافية عمّي علوكي الوردة”.

شخصيا لست قلقا من تحركات هذا الوافد، فهو سيلتزم التزاما مطلقا بالمعلومات والأخلاق التي يزرعها الإنسان فيه، ولن يخرج عن النصّ الأصلي ولو بحشرجة حرف. ومن أجل أرض عامرة بالحب والسلام والجمال والفضيلة، سنحتاج إنسانا سويا، يملأ روبوتا بما لذّ وطاب من فضائل ورحمات ونعم الأرض والسماء، فإن صار هذا المولود الحديديّ رئيسا للجمهورية، فلا يخون ولا يسرق ولا يشنّ الحرب ولا يقتل.

وبنفس الطريقة والنفَس، سنصنع الشاعر الروبوت، فينتج لنا قصائد جميلة خارج مديح السلطان وقوة مزاد الدولار البشريّ الرجيم. سنرى أنّ المعلّم الآلي لن يبيع أسئلة الامتحان. أما حارس البنك الآلي، فلن يفتح الخزنة للحرامية حتى لو جاؤوا بابنته الروبوتة الحلوة، وخلعوا أظافرها ورموشها وجديلتها الطويلة.

سنعمّم تجربة الروبوت الشريف، ونصنع منه أعدادا هائلة من الأطباء والمهندسين والجنود والشرطة والفلاحين والعمال المهرة. أما أنا فسوف أشتري من سوق العتيق عشرة روبوتات وأجعلهم صحبا طيبين. وسألعب الطاولة والدومينو مع كبيرهم في المقهى، وسأختار منهم واحدة أصنع منها مطربة روبوتا، تسمعني أعذب الغناء من دون أن تحطم قلبي بطور المحمّداوي ومقام النوى وطقطوقة “جوز منهم لا تعاتبهم بعدْ”.

Facebook
Twitter