تهافت الشباب المصري العاطل على الزواج من الخليجيات

تحول جذري في مفاهيم الزواج يشهده المجتمع المصري ، يبدو أن العنوسة والبطالة وهما وجهان لعملة واحدة قد دفعا بالكثير من الشباب والفتيات إلى تغيير مفاهيمهم حول الزواج وهدفه ومضمونه ،  فالفتيات حملة المؤهلات العليا يتزوجن من أميين أثرياء للحفاظ على شعرة التكافؤ ، والشباب يلهثون وراء وهم الزواج من خليجية ثرية بعد أن وقع بعضهم في شرك العجائز الأوروبيات أو الإسرائيليات .

  وبين كل ذلك تظهر مكاتب تتخفي تحت ستار مكاتب الزواج هدفها  دغدغة أحلام الشباب العاطل في الثروة والمال

ولأن النصابين يسعون دائماً للصيد في الماء العكر، ويستغلون كل فرصة وكل خسارة لتحويلها إلي مكسب ، فقد انتشرت بسرعة البرق مكاتب سماسرة الزواج التي يلعب أصحابها علي الوتر الحساس لشباب فقدوا الأمل في الوظيفة والسفر ولو حتى عن طريق الموت في البحر ، فبدأت هذه المكاتب بالترويج لفكرة الزواج من خليجية فتاة كانت أو أرملة ، معلنة عن توافر كافة السلع بمواصفات مختلفة ، وقد تمكن أصحاب هذه المكاتب من تحقيق ثروات طائلة بعد الإيقاع بالكثير من الشباب الذين وجدوا في تلك الفكرة فرصة ذهبية للهروب من جحيم الفقر الذي يهدد بقاءهم علي قيد الحياة.  

ولإتباع تلك المكاتب لوسائل مبتكرة من النصب يصعب اكتشافها للوهلة الأولي  فقد نجحت في استدراج الفقراء من كل اتجاه مداعبة أحلامهم في تحقيق الثروة والحياة السهلة

وعلي مدار عدة أسابيع نجحت إحدي هذه الشركات  في أن تحقق أرباحاً خيالية وذلك بعد أن ذاع صيتها بين الشباب العاطل عن العمل بالرغم من أن أياً من المتعاملين معها لم يتمكن من تحقيق أمله بعد.

اعتمد المسؤولون عن الشركة على مجموعة من الصور لفتيات مصريات يرتدين ملابس خليجية بالإضافة لعدد من الموظفات اللواتي يجدن الحديث بلهجات أهل الخليج حيث كان صاحب الشركة يلجأ إليهن من أجل طمأنة الشباب الذي دفع ما يملك من أجل أن يصبح من المنتمين لمنظمة الأوبك بعد الاقتران بأنثى من الخليج.

لكن الكذب مهما طال قصير ، فقد فوجئ المتعاملون مع الشركة وعددهم يتجاوز ثلاثمائة شاب أنهم تعرضوا لخديعة كلفتهم الكثير وذلك حينما اكتشفوا أن المسئولين بالمكتب يتهربون منهم ويسوفون ويماطلون في عقد اللقاء بين العروس الخليجية يرفضون أن يعقدوا اللقاء المرتقب بينهم وبين العرائس الخليجيات حيث اكتفي هؤلاء بمنح كل شاب صورة فوتوغرافية لعروسه الافتراضية وقد اكتشف العشرات من هؤلاء أنهم تعرضوا لعملية نصب حينما التقوا بالشركة مصادفة.

فأخذ كل منهم يطلع الآخر علي صورة خطيبته، وكانت المفاجأة التي سقطت فوق رؤوسهم جميعاً حينما اكتشفوا أن الشركة قامت بطباعة مئات النسخ لثلاث فتيات كل علي حدة ومنحت كل شاب صورة وظن مسئولو المؤسسة أن الضحايا لن يفطنوا لتلك الحيلة.  

وبمجرد الكشف عن المخطط اتجه هؤلاء لقسم الشرطة وقاموا بتقديم بلاغ ضد صاحب المنشأة بتهمة النصب والاستيلاء علي أموالهم .

ولا تعد تلك الشركة هي الوحيدة التي دخلت ذلك المجال أملاً في الربح السريع حيث يوجد العديد من مكاتب الزواج تمارس ذلك النشاط ولكن من وراء ستار خشية اكتشاف أمرها ، وتنتشر في أحياء العجوزة والهرم وفيصل وإمبابة ومدينة نصر.

أحد تلك المكاتب بوسط القاهرة كان في الأصل يعمل كمتعهد حفلات ونتيجة للكساد قرر صاحبه العمل في مجال تزويج الشباب، وكان يحصل من كل طرف علي مائتي جنيه غير أن الكساد دفعه لتغيير نشاطه وافتتاح قسم خاص للراغبين في الزواج من خليجيات مقابل أجر بالدولار، ونتيجة فشله في الوصول لفتيات خليجيات دخل في مشاكل كبيرة مع زبائنه حيث كان يطلب من الشاب قيمة تذكرة طيران لإحدى المدن الخليجية من أجل لقاء أهل العروس وقد وقع بعض الواهمين في شرك صاحب الشركة واقترضوا  قيمة التذكرة لكن النصاب تبخر وتبخرت معه أحلام  الشباب الطامع في الثروة والزواج من خليجية.  

وبينما تبلغ رسوم الزواج من مصرية أقل من مائة جنيه في المكاتب التي تمارس نشاطها في الأحياء الفقيرة فإن المكاتب التي تروج سراً توفر زوجات خليجيات تحصل مقدماً علي رسم يصل لمائتي جنيه قيمة الإطلاع علي صورة العروس وبعد ذلك يدفع رسم لتحديد موعد للقائها.  

وعادة ما تلجأ تلك الشركات لاختلاق الأعذار أملاً في استمرار الخداع لأطول فترة ممكنة .

وقد نجح أحد أصحاب تلك المكاتب في النصب علي زبائنه عدة شهور وذلك حينما كان يدفع عدداً من الموظفات لديه للاتصال بالزبائن والتحدث معهم بلهجة خليجية وذلك من أجل الحصول علي مبالغ إضافية كبدل دفع رسوم التأشيرة وقيمة تذكرة سفر العريس لمسقط رأس الفتاة أو المطلقة والأرملة التي وقع الاختيار عليها.  

ولأن الشباب المصري يلهث وراء الخليجيات وعجائز أوروبا من أجل المال والثروة وتحقيق الكسب السريع ، فالفتيات المصريات ، لم يجدن بداً من التضحية والتنازل قبل أن يصل بهن قطار العنوسة إلي محطته الأخيرة ،  وخاصة حملة المؤهلات العليا وما فوقها اللاتي فضلن الزواج بمن هن أقل منهن في المؤهل لكنهم أثرياء ليتحقق لهن جزء من التكافؤ من وجهة نظرهم .  

فقد كشفت إحصائية صدرت منذ وقت قريب عن وزارة العدل المصرية، أن 200 ألف فتاة مصرية من الحاصلات على درجات علمية رفيعة (بكالوريوس وليسانس وماجستير ودكتوراه) ارتبطن بأميين ولكنهم أثرياء. في الوقت نفسه كشفت دراسة أخرى أن 1655 من الحاصلات على درجة الدكتوراه تزوجن من أميين أو حرفيين. الإحصائيتان الصادمتان رصدتا التحول الكبير الذي يشهده المجتمع المصري في الكثير من مفاهيم الزواج، التي كانت سائدة حتى وقت قريب.

فقد كانت الفتاة الجامعية ترفض الاعتراف بمن هو أقل منها في المستوى التعليمي، حتى لو كان مليونيرا، فبحسب الدراسة لم تعد الفتاة المصرية تستنكف أبدا من الزواج ممن يكبرها سنا، ولا يدانيها علما، ما دام يمتلك المال. الهروب من الفقر ليس هو الدافع الوحيد في انهيار مبدأ التكافؤ في ظل انعدام فرص العمل، بل الخوف من شبح العنوسة البغيض الذي بدأ يرفرف بأجنحته الشائكة في السنوات الأخيرة، حتى إن إحصائيات رسمية قدرت عدد العوانس في مصر بـ 9 ملايين فتاة. وكما ذكرت الدراسة فإن طبيبات تزوجن (ميكانيكية) و(حلاقين) وأصحاب مهن حرفية .

وكانت  دراسة مشابهة، أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر أكدت أن  1655 امرأة حاصلة على درجة الدكتوراه في (الطب والعلوم السياسية والآداب) تزوجن من أميين، يجهلون القراءة والكتابة، والمثير أن نصف هذه الزيجات وقع في محافظتي القاهرة والجيزة، والباقي في بقية المحافظات. وبالرغم من أن الدراسة تحدثت مع بعض هؤلاء الزوجات، اللاتي عبرن عن سعادتهن وترحيبهن بارتباطهن بـ (الميكانيكية) و(الحلاقين) رغم أن أساتذة من علماء الاجتماع تنبأوا بفشل هذه الزيجات، ولو بعد حين، لافتقادها عنصر التكافؤ.

 

 

Facebook
Twitter