تقلبات الاحداث السريعة في العراق – متابعة ميدانيةالحلقة الاولى

تقلبات الاحداث السريعة في العراق – متابعة ميدانية

 

هل لفظ الاميركان نوري المالكي كما لفظ الانكليز عبدالمحسن السعدون؟

 

اكليل زهور المالكي على قبور قتلة الشعب العراقي من المارينز خطيئته الكبرى

 

 

 

 

غالب الاسدي

الملف الشعبي العراقي

 

حزب الدعوة وتشكيل الحكومة

الحلقة الاولى

 

 بسبب التعقيدات التي تعصف بالعراق والمنطقة، فان تداخلات الاحداث تؤدي الى ضبابية المشهد وبالتالي الى ضياع الموقف والحكم الصائب الذي يستند اليه، فبتغيير رئيس الوزراء نوري المالكي بصديقه في الحزب الذي كثرت فيه الانشقاقات والتغيرات والصفقات الحلفية، ليس من اليوم بل منذ زمن بعيد، حتى ان الشهيد الشيخ حسين معن، لما بادر الى كتابة كتاب سماه (الاعداد الروحي)، ليسد بعض الخلل وليجيب على سؤال اعضاء كبار فيه منهم ابو اسماء، وابو علي  وابو عصام (الشهيد صاحب دخيل) احتفظنا باسمي الاولين لاحتمال عدم رغبتهما في ان نذكرها وكان فحوى السؤال كيف نستطيع ان نغير المجتمع، والعالم كله وهدايته الى الاسلام بهذا الكادر الضعيف والمفكك وبهذه الاخلاقيات المتردية وتجلى ذلك اخيراً بمسارعة، حيدر العبادي بطعن صاحبه، الذي اتهم بانه طعن صاحبهما الجعفري، وهم جميعاً قاموا بطعن العراق وتشويه صورة الاسلام والتشيع، طمعاً بالدنيا و……. الزائفة، ولكن العجيب والغريب، ان يجتمع كل هذا الكم من المتناقضين على دعم حيدر العبادي المعزول والمجهول، وبهذا الحشد والسرعة، وهذا يؤكد على وجود امر غريب ومؤامرة معقدة، كما يدل على ضعف هذه الجهات وترددها وترديها وضعف عقولها ومواقفها، فما الذي جمع الملك السعودي والمرشد الايراني والاتحاد الاوربي والرئيس الامريكي بنفس النفسية، ووزير خارجيته بفكه المميز وان يباركوا هذا التعيين الملتوي والمفاجئ، وان يذهب صغار التابعين في العراق مع هذا الامر الى درجة الوقوف المشين مع فؤاد معصوم الرئيس المعصوب؟.

هل كان المالكي وطنياً الى هذه الدرجة بحيث اغضب كل اصحاب المصالح الخارجية في العراق من الاصدقاء والاعداء، من الجوار والاشقاء الى الابعدين والادعياء، وهل كان الموقف بسبب رفضه لمشروع التقسيم والدفاع عن وحدة العراق، وهذا افضل ما يقوم به سياسي في عراق اليوم، حتى يفسر لصالحه كل الحراك الشعبي الذي افتعله البعض بعد خلافه الشهير مع مسعود البارزاني حول المناطق المتنازع عليها، والتي ابتلعها الاخير مع كركوك بحجة الدفاع ضد داعش، فاذا كان المالكي يواجه كل هؤلاء الخصوم، دفاعاً عن العراق ووحدته فهذا مديح لايجاريه مديح، وموقف بطولة لا نظير لها، خصوصاً اذا اضفنا جرأته في التوقيع على اعدام صدام، مما يعتبره الكثيرون نقطة مشرفة اخرى بينما يراها اخرون مخالفة دستورية وواحدة من اندفاعاته الحمقاء التي لا مبرر لها، وقد استغلت كثيراً في الفتنة الطائفية، ام ان هناك شيئا اخر خلف هذا التصعيد والاجماع الغريب، وهو نفس ما جرى على المالكي اول مجيئه، حيث كبل بموضوع مقتل الزرقاوي فقد قتلوه سريعاً او ادعوا ذلك واعلنوا عنه ليقال له انك تابع لنا وعليك الطاعة، فالمسكين الجديد حيدر العبادي والاضعف والاوهن سيكون في موقع اكثر خوراً بحيث سيستسلم لكل الاملاءات الامريكية بواسطة البارزاني وجوقته الرباعية علاوي والحكيم والنجيفي، ولينتهي الامر الى تقسيم العراق حسب ما يزعمون وما يريدون فهل سينجحون؟

 

الحلقة الثانية

المالكي عميل محترف ام وطني نظيف؟!

            هل هكذا يوصف المالكي، حسب راي اعدائه، واجماعهم على اسقاطه، كشخصية وطنية مثالية رفضت تقسيم العراق، وادانت تسلط المليشيات الشيعية والسنية، وحاولت انقاذ الجيش من تسلط قوات سوات المشبوهة، وقائدها الذي اقاله ثم اعاده الاميركان غصباً عليه، وحاول جاهداً انقاذ العراق من التسلط الامريكي وكما يدعي انه هو المفاوض العراقي الذي اخرج قوات الاحتلال من العراق ام ان المالكي هو شخصية تابعة لمشروع الاحتلال وقد احترقت ورقته ككثير من العملاء فقرروا استبداله بعميل آخر، وقد يشبهه البعض برئيس الوزراء الملكي القديم عبد المحسن السعدون، الذي انهى حياته منتحراً بعد ان قدم ولائه للانكليز بلا حساب ولا حدود ثم لفظه الانكليز فانتهى الى النهاية الماساوية ام ان حالة اخرى هي التي يمكن استكشافها في شخصية المالكي بكل مواصفاتها، بل وتناقضاتها وحماقاتها؟.

            لا شك ان عيوب المالكي لو سجلت فهي اكثر من ان تحصيها هذه الصفحات وهي بحاجة الى كتابة كاملة عن كل يوم من حكم اهوج لا راس له ولا اساس ولكن هذه العيوب هي ليست من نتاج شخص واحد، وانما هي من عملية سياسية فاسدة وضعها المحتلون على هذه الشاكلة، لكي تكون تطبيقا لسياسة الفوضى الخلاقة او الهلاكة التي وضعت لتحطيم الاوطان وتقسيم البلدان، واليوم عاد القوم مرة اخرى الى نفس القواعد فجاءوا بالرئيس المعصوب فؤاد معصوم باعتباره يمثل الكرد المساكين، وجاءوا بالجبوري سليم وباوامر تركية سافرة باعتباره يمثل السنة من الارهابيين، وجاءوا بالعبادي وهذه المرة باوامر مشتركة مع امريكا الغرب وليس بارادة ايرانية متفردة، باعتباره يمثل الشيعة المخدوعين، فانهم بهذا وضعوا نفس المفارقات من المحاصصة والفساد والرذيلة وهي اشياء يهاجمها الجميع، ولكنهم يخضعون لها ويتمسحون ويتبركون بوجودها تماماً كالجاهلي الذي وجد الثعالب قد بالت على صنمه، وهو الذي كان يعده الهاً ولكن الجاهل وعى لمسألة فقال (ارب يبول الثعلبان براسه         لقد ذل من بالت عليه الثعالب)

            فاياد علاوي رئيس الوزراء الاسبق يرفض العملية السياسية ويقول انها قد اذاقت الشعب العراقي الامرين واذلته، وهو احد اهم منفذيها تحت السيطرة الامريكية وحنان الفتلاوي (الرفيقة حنان) كما كان يحلو لانور مذيع البغدادية ان يسميها تهاجم العملية، والمالكي يشتمها والنجيفي يلعنها والكرد او القادة العملاء منهم يقولون انهم سيفككون العراق لانهم لم يحصلوا على مشاركة حقيقية مع هذا فالكل يريدها ويبقى فيها ويدافع عنها ويموت في سبيلها طمعاً في الحصول على منصب ما ولو كان زائفاً وزائلاً وخادعاً. فاذا الخطة الحاقدة الفاسدة باقية، فلا امل للعراق في الخلاص من هذه المحن والكوارث، التي لا يراد منها الا تفكيك العراق وتقسيم المنطقة بشكل عام ولمرة اخرى وفق سايكس بيكو جديد.

            ولكن هل سينجحون؟! هذا هو المهم.

            البارزاني ابتلع الطعم وغص بداعش فها هي تقاتله وتقاتل البيشمركه البائسين. وهاهم يفرون امامهم كالنعاج حتى وصلت الى اطراف اربيل فدخلت القوات الامريكية للدفاع عن (تل ابيب) الشمال العراقي. وليس اربيل واهلها الطيبين وقد فر الالاف من الاكراد من اربيل بمجرد وصول داعش الى هذه المسافة القريبة.

            ولم يكن الجيش العراقي هو الفار وحده بعد مؤامرة الموصل، اذ ان البيشمركه كرروا هزيمة 75 عندما اتفق صدام مع الشاه، لاسقاط الحركة الكردية، فلم يبق من داع لشماتة الدخلاء والعملاء بالجيش العراقي عندما استعان الكرد هذه المرة بالقائد الضرورة رئيس الوزراء المالكي، والذي اصبح اليوم لا ضرورة له، والذي لم تنفعه هذه القضية ايضاً ليترك منصبه التعيس.

 

الحلقة الثالثة

اخطاء المالكي وخطاياه

والآن ما هي اخطاء المالكي او خطاياه :- نبدأ بداية الخطر والخطأ والخطيئة

1-      خنوعه لارادة حزبه التي صنعها الجعفري للتعامل مع الاميركان بعد ان كان من الداعين الى القتال والمقاومة ضد الاحتلال كما تحدث بذلك مع اصدقائه في سوريا قبل عودته. هذا هو الخطر الاكبر والمركزي في حياة نوري المالكي وهو يشبه فعل بعض رجال الكوفة عندما دعوا الحسين لنصرته فاذا بهم ينقلبون على الحسين واهل بيت رسول الله ليقتلوهم.

2-      دخوله في اجهزة الحكم ومجلسه الذي انشاه بريمر وكان بديلاً عن الجعفري او شيئا آخر، وهذا قبول عملي بالخضوع والمهانة.

3-      تصوره ان مقتل الزرقاوي كان حقيقياً في ليلة استلامه السلطة كما اشرنا، وزادت اوهامه عندما خطب بعد اعلان مقتل الزرقاوي بانه سيقضي على الارهاب في العراق، فكان كلامه ككلام الفاعل الذي قام بالقضاء على خصمه، وليس الامريكيين.

4-      اخذه غرور السلطة واغراءاتها بعيداً فكان ينطق بعبارات مرتجلة حمقاء، اشهرها (مننطيها)، مذكراً بكلام صدام عندما قال في اوائل السبعينات جئنا لنبقى ونحن انتي الليندي، معرضاً بالزعيم الشيلي القتيل، وعبارات تافهة تدل على مستواه المتدني الذي وصل اليه بعد سقوطه في العملية السياسية ولا تدل على شخصية قيادية رصينة ومحترمة.

5-      مشاركته في الفساد وتغطيته عليه وهو ملف لا يخفى على احد ولكن اشهر محطاته وزارة التجارة.

6-      وقوفه في تموز 2006 في الكونكرس الامريكي امام النواب الذين جاءوا به ليستغلوا وجوده في طائفته اثناء الحرب على لبنان وليقول لهم – اي للامريكيين وليس للبنانيين المذبوحين وحزب الله والمقاومة -، ونحن وانتم شركاء في الجبهة العالمية لمحاربة الارهاب وهي لم تعن في تلك اللحظات الا التاييد للحرب الاجرامية الصهيونية والمنفذة بالطائرات الامريكية على لبنان وشعبها وعلى المقاومة وحزب الله، وقد ذهب المالكي الى واشنطن بدعوى واصرار امريكي كبير رغم التحذيرات التي وجهت اليه من جميع معارفه واصدقائه واقربائه.

7-      خرج بعدها ليقوم بعمل اقبح حيث اقتيد الى مقبرة قتلى الجيش الامريكي، من المجرمين الذين احتلوا العراق وقتلوا اهله وهتكوا اعراض الناس ليضع وبكل ذلة وهوان اكليلاً من الزهور على قبورهم العفنة، وما هي الا حفرة من حفر النيران.

8-      وقف موقفه المشهود لصد حذاء الصحفي البطل منتظر الزيدي عن وجه بوش الاغبر، وهذا وسام لا يضاهيه وسام.

9-      اصر على توقيع الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة وهي الاتفاقية التي مهدت لمجيء داعش واحتلال الموصل وحتى لازالته عن موقعه في النهاية.

هذا هو الجانب القاتم من سياسة المالكي فهل هناك من جانب مشرق؟ كما يقول اصحابه!

ـ يتبع في العدد المقبل ـ

 

Facebook
Twitter