تقرير اميركي: العراق اهدر 10 مليارات دولار على (البنزين) بلا جدوى

ترجمة – لميس السيد: في عام 2004، تولى ستيوارت بوين المحاولة الأولى لإعادة بناء العراق من خلال الأموال التي كان على ما يبدو أنها تستنزف خلال عمليات الفساد.

انتشر في العراق المشروعات الوهمية والموظفون الأشباح، وسرقة القادة للرواتب ولكن العراق لديه قاتل اقتصادي صامت وهو سوء الإدارة التي شهدها العراق من عائدات للنفط وصلت إلى مجمل 700 مليار دولار سنويا أنفق منها فقط 7 مليون دولار رواتب سنوية للموظفين دون تغطية نفقات المدارس والبنية التحتية، وفقا لمجلة ناشونال انترست أونلاين.

ورغم وعود كل إدارة بوضع حد للفساد، غفل كثير من السياسيين في العراق عن الثقب الأسود المالي من سوء الإدارة.ويشمل هذا الدعم السخي لأي شيء متحرك ودعم مجموعة من الشركات المملوكة ” الفاشلة” للدولة ، وكذلك رواتب الوزارات المتضخمة.

ومن أوجه سوء الإدارة، كان إنفاق مبلغ 60 مليار دولار على الرواتب من أصل 99 مليار دولار من ميزانية الدولة، وإصدار شيكات على بياض لخطط التوظيف السياسي فيما تعاني منطقة الأكراد من نفس المشكلة بإنفاق 70% من الميزانية على الرواتب.

قالت المجلة إن سوء الإدارة في العراق وإهدار المال العام قد يعطي فرصة لإزدهار داعش مرة أخرى في حال أعلن العراق إفلاسه بنهاية هذا العام.

وبكل أسف، لم تلاق دعاوى مكافحة الفساد صدىً جيدًا داخل البرلمان العراقي، حيث أعلن أحد أعضاء اللجنة المالية في المجلس أن “تخفيض نفقات الرواتب خطا أحمر”، فيما  تحبط محاولات العبادي نحو الإصلاح بسبب رغبة قلة قليلة فيه، لكنه قد نجح في خفض نسبة 3% من رواتب الخدمة المدنية بعد انخفاض عائدات الحكومة بنسبة 60% هذا العام.

ومن المفارقات، أن انعدام الاستراتيجياتعزز من وجود الفساد، حيث يعيق ذلك هدف الحكومات العراقية المتعاقبة لجذب استثمارات القطاع الخاص، وغالبا ما تحجز وحدات تطوير الإسكان لموظفي الحكومة، فيما تبقى الأراضي محجوزة لشركات حكومية، بحسب المجلة.

يجد المستثمرون من القطاع الخاص أنفسهم في حقل ألغام من المصالح السياسية، كلما حاولوا التقدم بخطوة، حيث يأتي العراق الآن في المرتبة161  من بين 189 بلدا في البنك الدولي في تقييمات سهولة ممارسة أنشطة الأعمال.

أمثلة عن سوء الإدارة في العراق

على سبيل المثال، وفقا للمجلة، في مجال الغاز الطبيعي،  إنتاج العراق من الغاز يكون فائضًا بحجم 8 آلاف ميجاواط عندما يرتفع الطلب ل 21 الف ميجا واط، وهو ما قد يبقي المصانع والتصدير في إنتاج دائم ولكن بسبب عدم وجود تكنولوجيا جيدة تحتفظ بباقي الطاقة من الغاز فإنه يتم تهديره عن طريق التسرب أو الحرق مما يؤدي لخسارة العراق مليارات الدولارات، حيث يستورد العراق غاز طبيعي بمقدار 4 مليار دولار سنويا من إيران في حين أنه يحرق ملايين الدولارات يوميًا بسبب التهدير.

أكدت المجلة أن ارتفاع الأسعار أدى إلى انتشار السوق السوداء ووقف الدعم عن الفقراء وأصبح الدعم الحكومي للعراق مبررًا شرعيًا للفساد، حيث كان ذلك الدعم يساعد الطبقة المتوسطة وليس الأغلبية من الطبقة الفقيرة.

وذكرت المجلة على سبيل المثال في العام الماضي أن نظام التوزيع العام للدقيق صرف أكثر من المطلوب للعائلات المقيدة مما سمح بالسوق السوداء لبيع الدقيق، وأدى إلى دفع الفقراء أسعار أعلى للأغذية بدلا من صرفها مدعومة.

قالت المجلة إن مبلغ الإهدار في قطاع البنزين بالعراق وصل إلى أكثر من 10 مليار دولار وهو ما يفوق المبلغ الأمريكي المخصص بقيمة 7 مليار دولار لمكافحة داعش، وهو رقم قد يكون مخطىء، حيث تقدر وكالة الطاقة الدولية تكلفة الفرصة بسوء إدارة قطاع الطاقة إلى ما يقرب من 40 مليار دولار سنويا.

جدير بالذكر أن العراق ينوي اقتراض 15 مليار دولار من البنك الدولي هذا العام، ولكن رفع الدعم قد يقي من عمليات الاقتراض وتقليل حدة الأزمة السياسية في بغداد الناتجة عن الفساد.

أشارت المجلة إلى أن الوزارات لديها سلطة التوظيف في بلاد ذات بطالة عالية، ولذلك يسعون للسيطرة على قوى التوظيف ومزاحمة الاستثمار، حيث قامت وزارة النقل منذ حوالي عامين باحتكار الشحنات، ولكنها لم تجد العدد الكافي لتشغيله بخدمات النقل، ووجد فيما بعد أن 900 موظف فقط من أصل 4 آلاف موظف هم الذين يعملون فعليا.

لا شك أن دعم العراق لإعادة الإعمار أمر ضروري ولكنه دون قدرة وزارية على الإدارة سيؤدي ذلك إلى فشل الإدارة العراقية برمتها مهما كانت قدرات المسؤول عنها، ويستطيع المتبرعون الدوليون تبريد توترات بغداد بالضغط على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بتقديم القروض ولكن خطر تلك االقروض قد يزيد بفعل حدة أزمة سوء الإدارة.

 

Facebook
Twitter