بالوثائق: صفقة فساد بقيمة خمسين مليون دولار في شبكة الاعلام

كشفت وثائق رسمية صادرة عن شبكة الاعلام العراقي عن عقد تجهيز وتنصيب وتشغيل منظومة طباعة الكتب، الذي أبرمه محمد عبدالجبار الشبوط رئيس شبكة الاعلام العراقي السابق، مع شركة (كوينغ أند باور آي جي فريدريك كوينغ ستراب) الألمانية، بقيمة تجاوزت الـ13,6 مليون يورو (نحو 16 مليون دولار)، فيما لم تتم الاستفادة منها لغاية الآن على الرغم من استيفاء المبلغ ونصب المطبعة منذ نحو عامين.

وكان مصدر مطلع في مجلس امناء شبكة الاعلام العراقي، قال في 10 حزيران يونيو الماضي، ان الشبوط كان يتذرع بأن مطبعة الكتب ستدر أرباحا على الشبكة من خلال طبع الكتب المدرسية، وحتى هذه اللحظة لم تحصل الشبكة على أي عرض لطباعة الكتب ولاتزال عاجزة عن طباعة مجلة (الشبكة) التي تطبع في مطبعة أهلية، لأن طباعة المجلة في المطبعة الجديدة ستكلف أضعاف ما تكلفه طباعتها في المطابع الأهلية.

وأضاف أنه استنادا الى التوجه الاقتصادي للدولة، يجب أن تساعد الحكومة القطاع الخاص، وأن لا تنافسه في حين أن شراء المطبعة يستهدف الاستحواذ على طباعة الكتب والمجلات، إن صحت ادعاءات الشبوط، وهذا مخالف لتوجه الدولة، ويهدد بإفلاس المطابع الأهلية.

جدير بالاشارة أن هذه المطبعة تختلف عن مطبعة الصحف التي تعاقد الشبوط على شرائها من ذات الشركة الالمانية والتي كلفت ميزانية الشبكة نحو 30 مليون دولار.

و كشف مصدر اخر في مجلس أمناء شبكة الاعلام العراقي عن قيام المفتش العام في الشبكة بإغلاق ملف مطبعتي (الصباح) اللتين اشتراهما رئيس الشبكة المحال على التقاعد محمد عبد الجبار الشبوط بـ50 مليون دولار، الأولى بـ30 مليون وخاصة بالصحف، والثانية بـ20 مليون وتختص بالكتب، على الرغم من عدم انتهاء التحقيق في هذا الملف، وهو ملف تشوبه شبهات فساد كثيرة.

وبيّن المصدر إن “مجلس الأمناء وبعد إعفاء الشبوط وزوال سطوته عن دوائر الشبكة سيطالب المفتش العام ولجنة النزاهة البرلمانية بإعادة فتح الملف والكشف عن هذه الشبهات”.

من جهة أخرى، كشف مصدر فني في مطبعة (الصباح) عن أن “المطبعة التي اشتراها الشبوط تسببت بهدر وسرقة ملايين الدولارات، وهي تمت من دون أية دراسة جدوى لهذا المشروع الكبير، ولذلك فإن طباعة صحيفة (الصباح) في مطبعة أهلية يمكن أن يوفر على الشبكة عشرات الملايين من الدنانير يوميا تستنزفها المطبعة الجديدة”.

وفسر المصدر الفني، ذلك بالقول إن “أي مشروع تجاري حتى وإن كان صغيرا يجب أن تحسب جدواه الاقتصادية، أي أنه ماذا سيربح وكيف ومتى سيستعيد صاحب المشروع أمواله من الاستثمار، في حين أن مشروع مطبعة (الصباح) تم من دون حساب لأي من هذه المعطيات، ولذلك تبين أخيرا أن هذا المشروع بلا جدوى اقتصادية”، موضحا “بل ويتسبب بخسائر يومية من جراء التالي:

أولا: كانت النسخة الواحدة من الصحيفة تكلف أقل بقليل من ألف دينار في المطبعة القديمة، أما الآن فهي تكلف أضعاف هذا المبلغ، وهي تباع بالسعر القديم نفسه الى الباعة، أي بحدود 600 دينار.

ثانيا: تستهلك المطبعة الجديدة أربعة أضعاف صفائح البليت التي كانت تستهلكها المطبعة القديمة للطبعة الواحدة، سعر الصفيحة الواحدة نحو تسعة دولارات.

ثالثا: تستهلك المطبعة الجديدة مايقرب من ثلاثة أضعاف من رول الورق التالف عن المطبعة القديمة ومن يزور ((الصباح)) سيجد هذه الكميات الهائلة في مخازن الجريدة، وهي قد تتسبب في يوم ما بكارثة لوجودها في العراء.

رابعا: لأسباب فنية ولحماية المطبعة الجديدة المدللة! (على حد وصف المصدر)، فهي لاتعمل على الكهرباء الوطنية، إنما على كهرباء المولد وهذا يتطلب كميات هائلة من الكاز، فضلا عن كميات الزيوت التي تستهلكها.

خامسا: واحدة من ذرائع الشبوط لشراء المطبعة الجديدة هي أنها تطبع 50 ألف نسخة في الساعة، في حين أن مجموع مايطبع من (الصباح) حاليا لايتجاوز الثمانية آلاف نسخة يذهب نصفها للتوزيع المجاني، فيما كانت المطبعة القديمة تطبع 50 ألف نسخة من دون مشكلات.

سادسا: ومن الذرائع الأخرى أن مطبعة الكتب ستدر أرباحا على الشبكة من خلال طبع الكتب المدرسية والصحف، وحتى هذه اللحظة لم تحصل الشبكة على اي عرض لطباعة الكتب أو الصحف ولاتزال عاجزة عن طباعة مجلة (الشبكة) التي تطبع في مطبعة أهلية، لأن طباعة المجلة في المطبعة الجديدة ستكلف أضعاف ما تكلفه طباعتها في المطابع الأهلية مثلما هو حال صحيفة (الصباح).

سابعا: استنادا الى التوجه الاقتصادي للدولة، يجب أن تساعد الحكومة القطاع الخاص، وأن لاتنافسه في حين أن شراء المطبعة يستهدف الأستحواذ على طباعة الكتب والمجلات، إن صحت ادعاءات الشبوط، وهذا مخالف لتوجه الدولة، ويهدد بإفلاس المطابع الأهلية.

ثامنا: ونتيجة لكل هذا يقدر المصدر الفني أن وقف العمل في المطبعة الجديدة وطبع (الصباح) في المطبعة القديمة أو في مطبعة أهلية سيوفر على الشبكة ملايين الدنانير يوميا، فضلا عن توفير جهود العشرات من العاملين والمهندسين.

وبالعودة الى مصدر مجلس أمناء الشبكة، فإن كل هذه التفاصيل وسواها من شبهات عقد الشراء موجودة في ملف المطبعة الذي قدمه المجلس للمفتش العام، إلا أنه تغاضى عنه، وأغلقه تنفيذا لرغبات الشبوط.

يذكر أن رئيس الوزراء حيدر العبادي أصدر مؤخرا، أمرا باعفاء الشبوط من منصبه وإحالته على التقاعد.

يشار الى أن الشبوط قام بوضع حجر الأساس للمطبعة في 24 حزيران يونيو من العام 2013، مبشّرا في حديث للمركز الخبري لشبكة الاعلام العراقي (تم إغلاقه العام الماضي)، عن أن “المطبعة ستكون الاكبر في البلاد، كما ستشكل نقلة نوعية في تاريخ الصحافة العراقية”.

وأضاف في حينها “ستعد معلما من معالم بناء العراق الجديد المبني على الديمقراطية والحرية والتقدم، بما في ذلك حرية الصحافة وتطورها”، معربا عن أمنياته بأن “تمهد هذه الخطوة الطريق نحو بناء عراق جديد يستطيع فيه الصحفيون ممارسة مهنتهم بكامل الحرية، ويتمكنون من مجاراة الصحافة العربية والعالمية بتقدمها التقني والمهني”.

                         

Facebook
Twitter