بارازاني يبيع نفط العراق بأبخس الاثمان والكتل السياسية تبوس (لحيته)

بغداد/ المسلة: انقسمت الاحزاب والكتل السياسية العراقية، في موقفها من تصدير حكومة اقليم كردستان للنفط الى تركيا من دون موافقة الحكومة الاتحادية، بين رافض لهذه الخطوة المخالفة للدستور والتي تعرض سيادة العراق وثرواته الى الخطر، وبين منتقد في خجل لسرقة النفط العراقي، فيما لاذت كتل سياسية اخرى بالصمت ازاء هذا التطور الاقتصادي والسياسي الخطير.
ويتصرّف اقليم كردستان منذ العام 2003 وكانه دولة “مستقلة”، عززها أخيرا بتجاوز الحكومة الاتحادية، في تصديره النفط عبر تركيا في وقت يتمتّع فيه بقسط وافر من عوائد النفط خارج اقليم كردستان، ما يجعل استقلال الاقليم فيما لو اعلن رسميا، غير مفاجئ للعراقيين الذين بدأوا يشعرون بعبأ سياسيات الاقليم على الدولة العراقية وتحوّله الى “حصان طروادة ” داخل الجسد العراقي، لتنفيذ الاجندة الاقليمية.
المجلس الاعلى.. موقف “مُتهاون”
لا يمكن وصف موقف “المجلس الاعلى الاسلامي” بالشجاع والقوي ازاء الخروقات الكردية للدستور العراقي، لاسيما تصدير النفط دون موافقة الحكومة المركزية.
اذ اعتبر بيان المجلس وبعد فترة طويلة من الصمت ان الخطوة، “محاولة لاستثمار الخلاف النفطي بين الطرفين، واستثماره لأغراض سياسية”، في موقف اقرب منه الى “الحياد” منه الى الاستنكار، ما تسبب ذلك في انتقادات واسعة لموقف المجلس المتهاون من هذا التطور الخطير.
مواقف “انبطاحية”
ويمكن وصف مواقف الكثير من الكتل السياسية بـ”الانبطاحية” التي تسلك طريقة النعامة التي تدفن راسها في الرمال، في تجنبها مواجهة الحقائق. وابرز المواقف المشينة والجبانة، الصمت المطبق الذي ابداه “ائتلاف الوطنية” بزعامة إياد علاوي، ازاء سرقة النفط العراقي من قبل حكومة الاقليم.
وتتشارك قائمة علاوي مع ائتلاف “التيار المدني” الذي هلّل طول فترة الانتخابات بضرورة المواقف الحاسمة ازاء القضايا المصيرية، و”جبُن” عن اعلان رفضه لسرقة النفط.
ولم يبد ائتلافيّ “العربية” بزعامة صالح المطلك، و “الاصلاح الوطني” الذي يتزعمه رئيس التحالف الوطني ابراهيم الجعفري أي وجهة نظر حول الموضوع، فيما تجاهل ائتلاف “وحدة أبناء العراق” برئاسة حميد الهايس، ورئيس “حركة الحل” جمال الكربولي، الموضوع برمته، ما يعتبر استخفافا بسيادة العراق وتجاهلاً للقضايا التي تهم وحدة العراق و سيادته، فضلا عما تطرحه هذه المواقف من شكوك حول دوافع محاباة ومجاملة حكومة الاقليم، والتزام جانب الصمت ازاء تصرفها اللاقانوني.
و أظهرت “كتلة الاحرار” التابعة للتيار الصدري موقفاً متهاوناً من بيع النفط العراقي بأبخس الاثمان من قبل حكومة الاقليم، وبدت الكتلة في موقفها وكأنها تتناول قضية “هامشيّة” لا تتعلق بمصير ثروات العراقيين، بل ان المتحدث باسمها في تصريحه لـ”المسلة”، تعمّد الظهور بمظهر “المحايد”، الاقرب منه الى ذر الرماد في العيون، وتجنباً لما يُقال عن ان التيار الصدري صَمَت عن الموضوع، فقد اكتفى الناطق باسم الكتلة النائب جواد الجبوري بوصف قيام حكومة الاقليم بتصدير النفط الى دول الخارج من دون موافقة الحكومة الاتحادية، بانه “تعقيد” للخلاف النفطي بين المركز والاقليم فقط.
بل ان الجبوري لم يتهم حكومة الاقليم اطلاقا باستغلالها لمرحلة “حكومة تصريف الاعمال” لتحقيق مآربها، فيقول ان “ترحيل الخلاف النفطي بين المركز والاقليم، من سنة الى اخرى وعدم مشاركة القادة في الحلول، وعدم وجود تبني لحل جذري للخلافات، ادى الى الوضع الحالي”.
ويرى مراقبون ان التيار الصدري صرّح مضطراً حول الموضوع بعدما انتقدت وسائل الإعلام والرأي العام، صمت القوى والاحزاب السياسية عن التطور الخطير في مجال استغلال الثروة النفطية.
الوطني الكردستاني.. ثمن بخس
وكان الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة جلال طالباني أتهم تركيا ببيع نفط كردستان بالاتفاق مع حزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني بـ”أبخس الأثمان”.
وقال سكرتير المجلس المركزي لحزب الاتحاد الوطني عادل مراد في بيان ان “تركيا تتدخل بشكل سافر في الاوضاع الداخلية للعراق ومنطقة كردستان للتحكم في قراراته السياسية وثرواته الطبيعية”، لافتاً الى “أنها تسعى لبيع نفط كردستان بالتعاون مع الحزب الديمقراطي بأبخس الاثمان من دون علم المواطنين”.
وقال القيادي في الاتحاد الوطني إن “هناك قوى خارجية مثل السعودية وقطر وتركيا، تقوم بتغذية الخلاف بين بغداد واربيل، وتريد ان تتفاقم الخلافات بين الشعب الكردي وشيعة العراق بالتحديد”.
التغيير.. الشفافية
اما النائب الكردي عن حركة التغيير “كوران” هافال كوستاني، فيرى ان “حكومة اقليم كردستان تمتلك الحق دستوريا لتصدير نفطها الى تركيا ومن ثم يتم بيعه الى الاسواق الاوربية”، مطالبا حكومة الاقليم بـ”اجراء المزيد من الشفافية في عملية التصدير”.
وحث كوستاني حكومة الاقليم بـ”العمل على تغيير وجهة نظر الولايات المتحدة الامريكية بشان تصدير النفط الكردي”، مبينا أن “عين واشنطن على جيران الاقليم، فاذا كانت الدولة الجارة موافقة على قرار تصدير النفط، فمن المرجح ان تقبل به الولايات المتحدة أيضا”.
نائب كردي.. خاطئ و غير مضمون
وفي وقت سابق، وصف النائب عن “التحالف الكردستاني” محمود عثمان، الاعتماد على تركيا في تصدير نفط من الاقليم بانه “خاطئ” و “غير مضمون”، واكد على ضرورة ان يكون هناك “اتفاق بين بغداد واربيل حول هذا الموضوع”.
الاسلامي الكردستاني.. لا موافقة جميع الاطراف
وأكد النائب عن الاتحاد الاسلامي الكردستاني عزير حافظ، أن “تصدير النفط من اقليم كردستان لم يحض بموافقة جميع الاطراف الكردية داخل اقليم كردستان. مؤكدا أن “النفط يمثل الثروة الوطنية لجميع العراقيين دون استثناء”.
الولايات المتحدة ترفض..
ان من المُخالِف والمُسْتَهْجَن ان الاحزاب والكتل السياسية العراقية تجبن وتتَخَاذَلَ عن قول الحق، فيما يبدو نائب مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط والعراق، برت ماكورك، احرص منها على ثروتها، فيقول “لا يجوز للأكراد بيع النفط من دون موافقة بغداد”.
بل ان الولايات المتحدة الامريكية جدّدت رفضها دعم خطوة حكومة اقليم كردستان العراق في ضخ النفط الى أوربا عبر تركيا من دون موافقة الحكومة الاتحادية. وقالت المتحدة باسم الخارجية الامريكية جين بساكي، ان “واشنطن تشعر بالقلق ازاء التأثير المحتمل لاستمرار تصدير النفط بهذه الطريقة، مؤكدة ان مصدر قلقنا الآني هو استقرار العراق”.
تركيا.. تفسير آخر
واذا كان وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي طانر يلدز، يقول أن النفط العراقي وإيراداته هو ملك للعراق، كما أن الأموال الخاصة بإيرادات النفط العراقي والتي تم إيداعها في بنك “خلق” التركي، سيتم توزيعها بشكل عادل، استناداً إلى الدستور العراقي، فان العراقيين يرون ان الموضوع يتجاوز الايرادات المالية الى مسالة السيادة، والتجاوز على صلاحيات الحكومة المركزية، وتهديد وحدة العراق.
كتلة الفضيلة.. خطأ جسيم
ووصف القيادي في كتلة الفضيلة النائب حسين المرعبي، قرار كردستان بتصدير النفط الى تركيا بأنه “خطأ سياسي جسيم، وفيه مخالفة دستورية وسيؤدي الى تعميق الخلاف بين الاقليم والمركز، فضلا عن انه مخالف لجميع المعايير الدولية والقانونية والدستورية”.
القانون.. الموقف الحازم
لم يكن متوقّعاً من اولئك الذين يدّعون تمثيلهم لشعبهم وحرصهم على رفاهيته، انهم يبوسون لُحى اولئك الذين يسرقون ثروته، ليس لشيء الا لهزيمة إخوانهم، وتبوأ المناصب والفوز بالكراسي، فيما تركيا وغيرها تبيع نفطهم في سوق النِّخاسَة، بعدما وجدت فيهم زعماء طوائف لا يستحقون الاحترام.
غير ان موقف ائتلاف دولة القانون، يفضح المواقف المتخاذلة للأطراف والكتل السياسية الساكتة عن قول الحق، اذ وصف الائتلاف بيع النفط من قبل الاقليم بانه “تصرف غير مسؤول وسرقة للمال العام”.
وقال رئيس لجنة النفط والطاقة النيابية علي الفياض، ان “هذا التصرف من الاقليم غير مسؤول ولا يدخل ضمن اطار القانون والدستور”.
وابدى ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي،، استغرابه مما وصفه بـ”صمت” الاطراف السياسية الرافضة للولاية الثالثة للمالكي من تصدير اقليم كوردستان للنفط.
وقال عضو الائتلاف قاسم الاعرجي إن “الامر المستغرب ان الكتل والاطراف السياسية الرافضة لتولي المالكي دورة رئاسية ثالثة لم يسمع لهم اي موقف من بدء اقليم كوردستان تصدير النفط وبيعه دون موافقة الحكومة الاتحادية”.

Facebook
Twitter