المرجع الخالصي : المشروع السياسي الحالي في العراق سبب رئيسي في شيوع روح الطائفية

تقرير : الشيخ علي الجبوري

تصوير: مرتضى الشمري

شارك المرجع الديني المجاهد سماحة آية الله العظمى الشيخ جواد الخالصي (دام ظله) في الملتقى الأول للوحدة الإسلامية في ديالى برعاية مجمع التقريب بين المذاهب الاسلامية ومديرية التوجيه العقائدي في الحشد الشعبي، والذي انعقد في قاعة تربية ديالى بمناسبة مولد سيد الكائنات ابي القاسم محمد (ص) تحت شعار (بوحدتنا نقضي على الارهاب)، بتاريخ الاثنين 12 ربيع الأول 1438هـ الموافق لـ 12 كانون الاول 2016م.
وكانت لسماحة المرجع الخالصي مشاركة في فعاليات هذا الملتقى من خلال كلمته التي بيّن فيها تاريخ محافظة ديالى ومواقفها البطولية في رفض الإحتلال البريطاني وروح المقاومة الباسلة التي قدمها علماء هذه المدينة وشيوخها وأبناؤها في الدفاع عن العراق ومقدساته، وكذلك مقاومتهم للإحتلال الأمريكي ورفض الخضوع له ولمخططاته التقسيمية التي جاء بها.

واكد سماحته: واليوم يقدم أبناء هذه المدينة أروع الدروس في الوحدة والإخاء والتعاون والوقوف بوجه القوى التكفيرية داعش, مبيناً أن الدعوة إلى الوحدة الإسلامية لا تكون من خلال الشعارات البرّاقة والمجاملات, بل من خلال العمل الميداني والثقة المتبادلة بين الداعين إلى هذه المهمة وروح التعاون والإجتهاد في الوصول إلى تحقيق صادق لهذه الوحدة على أرض الواقع, مشيرا الى أن المشروع السياسي في العراق كان سبباً رئيسياً في شيوع روح الطائفية وظهور أشخاص يعتاشون على ذلك, وكان لوسائل الإعلام الموجهة والمأجورة دور كبير في إثارة النعرات الطائفية والعرقية والأثنية, وبالمقابل كانت هناك أصوات مخلصة عملت ولازالت تعمل من أجل وحدة العراق ورفض التقسيم والطائفية وأهلها، والعمل على بناء مشروع عراقي يجمع أبناء الوطن ويوحد كلمتهم ويجمع شملهم, ويقف بوجه التكفير, مؤكداً أن الدين الحق يجمع البشر, فإذا وجدتم ديناً يفرق المجتمع فهذا ليس دين حق بل هو تشويه لحقائق الدين وأهله.

كما تطرق سماحته(دام ظله) إلى تضحيات أبناء هذه المدينة وكل مدن العراق وهم يقفون صفاً واحداً بوجه أعداء الإسلام ممن شوه صورة الدين الحق وأن هذه المعركة تمثل قمة الصراع في المنطقة وقد خطط لها أعداء الإسلام من أميركا والصهيونية العالمية والغرب الكافر وعملائهم, وأن النصر حليف المخلصين المؤمنين الثابتين على دين الحق وهو الإسلام.

وقبل صلاة الظهر توجه إلى مدينة الحديد حيث حل ضيفاً على أهالي هذه المنطقة ليستقبل بالحفاوة والتقدير ويشارك في صلاة الظهر في مسجد الصحابي الجليل جليبيب الانصاري مستذكراً تاريخ هذا المسجد ودور الشيخ الشهيد عبد العزيز البدري فيه وتأثر أبناء المنطقة بطرحه وعلمه, فالشيخ البدري نفي إلى هذه المنطقة بسبب مواقفه من الحكم القاسمي وتجاوزه على أحكام الشريعة يومها, فالشيخ البدري والشيخ أمجد الزهاوي والشيخ عبد الكريم الجنابي كانوا من أبرز الدعاة إلى الوحدة وهكذا كان تلاميذهم وإمام هذا المسجد هو أحد تلاميذ الشيخ البدري وقد أخذ منه منهج الدعوة إلى الوحدة والتوحيد تحت راية الاسلام, وبعد إنتهاء الصلاة توجه سماحة المرجع الخالصي(دام ظله) الى مضيف المرحوم الشيخ عبد الكريم الجنابي الذي أجتمع فيه جمع كبير من علماء الدين وشيوخ العشائر وأبناء المنطقة ومن علم بوجود سماحة الشيخ هناك, وقد استذكر سماحته(دام ظله) أبياتا شعرية تخلد ذكرى المولد النبوي وما قيل في هذه المناسبة العطرة وقال: إن سيرة رسول الله(ص) كانت حافلة بالدروس والعبر لذا يجب علينا أن نتمسك بهذه السيرة وان نعمل بما أمر، ووصيتي إلى اخواننا جميعا: عليكم بالسكينة والوقار والتثبت من أي خبر ينقل من هنا أو هناك ولا تسمعوا الإشاعة وتنقلوها نقل غير الواعي, بل إنقلوها نقل الواعي الذي يعرف حقائق الأمور ولا تنطلي عليه الأكاذيب, وخذوا دينكم من كتاب الله وسنة رسوله ولا تأخذوها من أفواه الرجال, فمن أخذ دينه من أفواه الرجال ردته الرجال ومن أخذ دينه من كتاب الله وسنة رسوله زالت الجبال ولا يزال.

هذه وصايا ائمتنا سلام الله عليهم الذين يمثلون إمتداد خط الرسالة وهم حفاظ الشريعة, والموقف الذي يبنى على العقيدة لا يتغير ولا يتبدل, وكل مسلم هو مُوالٍ لآل الرسول ومحب لهم وهو شيعي مادام يسير على خطى الإسلام وهو سني في نفس الوقت لأنه متمسك بسنة رسول الله, هذا هو الموقف الحق نرفض فيه التكفير واللعن والسباب والتجاوز على أصحاب رسول الله.

وبعد الانتهاء من كلمته اقيمت منقبة نبوية بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف وقراءة الموشحات التي تمجد بهذه الذكرى وحب النبي وآله.
بعدها توجه سماحة المرجع الخالصي(دام ظله) الى الجامع الكبير في المدينة وهو المسجد الذي كان يصلي فيه الشيخ الصواف رحمه الله والذي كان داعية للوحدة بين أبناء الأمة مع الإمام الراحل الشيخ محمد الخالصي(قدس) حيث عملا معا من أجل وحدة أبناء الإسلام تحت راية (لا اله الا الله محمد رسول الله), ومع أذان العصر تقدم سماحته(دام ظله) إماما للمصلين وصلى بهم صلاة العصر والقى كلمة مختصرة أستذكر فيها مواقف الشيخ الصواف (رحمه الله) ودوره في بث روح الوعي والإيمان الصحيح بين المسلمين والعلاقة التاريخية معه ودعا إلى أن تتواصل هذه العلاقة على نفس النهج والهدف.

وغادر سماحته(دام ظله) هذه الوجوه الكريمة الى ناحية الحويش حيث التقى فيها بسماحة الشيخ فلاح فرج الله الاسدي معتمد المرجعية في محافظة ديالى, الذي تحدث بألم عما يصيب العراق من فساد ودمار وضياع على أيدي السياسيين وخصوصاً الكبار منهم والإسلاميين بالخصوص الذين تخلوا عن مبادئهم ومشروعهم وانشغلوا بالسرقات والفساد المالي والأخلاقي, وأضاف أن قائمة ديالى التي أشرف عليها شخصياً فيها من الفساد والسرقات ما يحزن وهذا الأمر لا يستثنى منه أحد من أصغر موظف إلى أعلى مسؤول في المحافظة ولا أمل في الخلاص من هذا الفساد والإنهيار يلوح في الأفق.

بدوره أكد المرجع الخالصي على ضرورة الإستفادة من هذه التجربة المؤلمة وعدم تكرار الأخطاء, وتساءل سماحته(دام ظله) : هل هناك امل في العملية السياسية الحالية؟ ام لابد من العمل على ايجاد البديل الذي يخرجنا من هذه الازمة؟, فمن يقول بأن هناك املا في هذه العملية السياسية نقول له: كيف وهذه الوجوه والاحزاب متسلطة عليها ولا تسمح بالتغيير؟, وعندها تكون الأمور أسوأ مما عليه نحن اليوم, ونحن نرى ضرورة أن تتدخل المرجعية بصورة مباشرة بعد الغطاء الذي أعطته للسياسيين. وهل بالإمكان الوصول الى المرجعية بصورة مباشرة دون المرور بالعقبات المعروفة, علماً أن هناك من المخلصين من أبناء العراق ممن لم تتلطخ أيديهم بالسرقات والمواقف المشبوهة قادرون على العمل من أجل مشروع وطني يخلص العراق مما حل فيه من فساد وخلل سياسي.

وفي نهاية اللقاء تمت دعوة سماحة الشيخ لزيارة مدينة الكاظمية وزيارة الإمامين الكاظمين عليهما السلام لتكملة الحوار ومواصلة اللقاءات، وبعد ذلك عاد سماحة المرجع الخالصي (دام ظله) إلى بغداد ومدينته الكاظمية المقدسة ليتواصل مع أبناء الأمة في الدعوة إلى الله وإلى مشروع الوحدة تحت راية الاسلام والعمل مع المخلصين من أبناء العراق للخروج بالعراق من أزماته ومحنه.

Facebook
Twitter