المتقاعدون رواتب لاتسد الرمق ومعيشة قاسية والمسؤولون يعدونهم عالة على المجتمع!!!

الدار العراقية: واثق عباس : يعاني المتقاعدون العراقيون من تهميش يزيد همومهم المالية والصحية سوءاً فيما تضاعف وسائل الإعلام من معاناتهم بنشرها إشاعات وأخباراً متضاربة تزيد الصورة قتامة في أعينهم.

ويقف المتقاعد علي النوري (69 عاماً) في طابور طويل بأحد المصارف منتظراً دوره لاستلام راتبه التقاعدي الذي يصرف له كل شهرين.

ويصف النوري معاناته قائلاً ” نحن هنا مثل المتسولين ننتظر ونسمع كلاما وتوبيخا من هذا وذاك”.

ويضيف “لقد افنيت عمري في خدمة بلدي وهذه هي النتيجة؛ بضعة دراهم لا تسد الرمق، فلم نر زيادة حقيقية، ولا منحاً او قروضاً ميسرة وسهلة دون تعقيد”.

وتثير معاناة متقاعدي واحدة من اغنى الدول بالنفط الدهشة، ويقول النوري “افنيت ما يقارب سبعة وعشرين عاماً في خدمة الوطن وراتبي التقاعدي لا يكفي لشهر واحد واعتقد ان كثيرأً مثلي لأننا نعيل عوائل، ومتطلبات الحياة كثيرة، من مستلزمات ضرورية الى اشتراك المولدة والايجار والمواصلات ومصاريف الادوية، وما الى ذلك”.

ويحتج النوري قائلاً “الذي يحصل لا يليق بنا وخصوصا إننا كبار في السن، ونحن لا نريد أن نثرى ثراء فاحشاً براتبنا التقاعدي، بل نريد فقط ان نعيش عيشة كريمة ونضمن حقوقنا، ونعيش بمستوى لائق، ونحن لا نرضى ان نهمش، أو كما يتمنى البعض من الساسة التخلص منا باعتبارنا عالة على المجتمع”.

وأعربت د.مريم نور (ناشطة في مجال حقوق الانسان) عن اسفها لما يعانيه المقاعدون الذين يشكلون “اكبر الشرائح المتضررة من ارتفاع اسعار البضائع والخدمات، ولا توجد زيادات معقولة على رواتبهم، فسبعون ألفاً زيادة لن تنهض بالواقع المعيشي لهم”.

وتقول نور “نحن نتكلم هنا عن معاناة حقيقية، عن أناس أفنوا عمرهم وسنين حياتهم في خدمة الوطن، ثم تحولوا الى هامش، يركضون ويلهثون وراء أبسط الحاجات والمقومات كي يعيشوا، قضية المتقاعدين كانت في طور التشريع والمناقشة، لكن كما يقولون تمخض الجبل فولد فأراً، بعد صدور القانون، ولم تهتم الحكومة بشريحة المتقاعدين الذين يقدر عددهم بمليوني متقاعد، ويعيل الواحد منهم ما معدله خمسة اشخاص فيكون تقريباً عدد من يعيلونهم ستة ملايين”.

وتطالب نور الحكومة بـ”تسليط الضوء عليهم، وووضع حل مناسب ينصفهم ويعطيهم حقوقهم، ولقد جاء التعديل وفيه اجحاف كبير عندما قسم المتقاعدون الى فئتين: فئة القدامى الذين لا ينطبق عليهم القانون انما فقط الملحق وتم منحهم ما بين الخمسة آلاف دينار والخمسة وعشرين الف فقط، والفئة الثانية ونالهم ايضاً حيف من نوع آخر، فلذلك يجب اعادة النظر في القرار ورفع الحيف والظلم عنهم، ففي قوانين حقوق الانسان للفرد الحق في موارده الموجودة في بلده، ومن المفروض ان يستلم حصة منها، فشعبنا افقر الشعوب ونحن نعتبر بالميزان العالمي أغنى دولة في الموارد”.

أما المحامي حسن سعد (مستشار قانوني) فينتظر “من البرلمان الجديد ان يعمل على مساعدة هذه الشريحة المهمة لمواجهة ظروف الحياة والخدمات”.

ويعرف سعد التقاعد بأن “من شروطه الضعف والعجز في الذهن عن تأدية وظائفه بسلامة، وكذلك من أصيب بحالة من العجز الجسمي أو العقلي الناتج عن اصابة أو مرض، وسن التقاعد حدده العلم على اعتبار ان العمر سبعون عاماً؛ خمس سنوات طفولة وعشرون سنة تعليم وخمسة واربعون للعمل”.

ويوضح سعد “لو سألتني وأنت الان تروج لمعاملة التقاعد ماذا ستفعل بعد أن تحصل على التقاعد؟ فسوف أقول لك سأبدأ من جديد لعلي أجد عملاً مناسباً فالراتب التقاعدي لا يسد الرمق”.

ويؤكد سعد أن أحد المسؤولين قال له “إن المتقاعدين عالة على الدولة، ونتمنى أن نتخلص منهم”، مضيفاً “ولقد رددت عليه بأننا نحن المتقاعدين عملنا مع الدولة بشروطها القانونية لقاء راتب ومنه يستقطع راتبنا التقاعدي، فلا تمن الدولة علينا براتب هو حقنا بل هو بالحقيقة اكثر من هذا فنحن افنينا عمرنا في الوظائف، وبقدر ما انا متلهف لانجاز المعاملة بقدر اني حزين فقد أمضيت عمري في خدمة للوطن واصطدم بآليات معقدة وصعبة ومستمسكات، وفايل ومعاملة و’روح وتعال’ وهكذا بدأت مرحلة المعاناة والعملية كلها متعبة ومرهقة ما دامت تتعلق بنا نحن المتقاعدين ذوي الوجوه المتعبة والظهور المنحنية جراء ما بذلناه من جهود مضنية في اوقات عصيبة مهدت الطريق امام الاجيال الجديدة الصاعدة”.

ويرى الخبير الاقتصادي علي عمر (الذي كان مع مجموعة من المتقاعدين) “ان احتساب رواتب التقاعد لم يكن منصفا مقارنة بالموظفين بعد الاحتلال، فلقد احتسبوا التضخم الذي اصاب الدينار مقارنة بالدولار فكانت الزيادة مناسبة للموظف نوعا ما لكن بالنسبة للمتقاعد لم تكن منصفة، لماذا لا تكون 80% من الراتب الوظيفي؟”.

ويضيف “ولقد تمكن مجلس النواب من اصدار قانون تقاعدهم الخاص، ولقد خمنوا هذه النسبة حتى لو لم يحضر النائب الى مجلس النواب، في حين ان قانوناً يخص شريحة مهمة مثلنا عانى وأجل وعدل مرات كثيرة، مع اننا نتقاضى راتباً لا يتجاوز المئتي ألف دينار (أقل من 200 دولار)، ومعاناة المتقاعدين لم تنته بعد استلام رواتبهم المتواضعة جدا والتي لا تؤمن ابسط انواع المعيشة ناهيك عن ظروف الاحتلال وما رافقتها من مآس كبيرة”.

ويتابع “حتى مع وجود البطاقة الذكية فهناك تأخير في التسليم، مما يؤدي الى ازدحام وهذه مشكلة اضافية، ففي الوقت الذي بلغت فيه صادرات النفط ثلاثة ملايين برميل يومياً تكون رواتب المتقاعدين عقبة امام الحكومة”.

ويوضح “وحتى دائرة التقاعد العامة اعترضت على بعض المواد والفقرات في قانون التقاعد الموحد ونحن بدورنا نطالب باعادة سلم للرواتب مع زيادة التقاعد بشكل يتناسب مع التضخم الحاصل مع شمولنا بالتخصيصات، حالنا حال الموظفين، مع ضرورة الغاء التميز بين المتقاعدين الجدد والقدامى واضافة تعديل مفاده ان كل الحقوق التي يحصل عليها المتقاعدون الجدد تسري على القدامى، ففي كل دول العالم تسعى الحكومات الى وضع انظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية من أجل تحقيق الاستقرار والامان والرفاهية للكل دون تفضيل أحد على آخر

Facebook
Twitter