الشهرستاني من عالم نووي محمود الى وزير مذموم آل بارازاني يطيحون بالشهرستاني لانه رفض تهريبهم النفط العراقي الى الخارج

ثراء فاحش بسبب الصفقات النفطية واستشراء الفساد زمن ادارته للنفط

 

 

بغداد/المسلة: الدكتور حسين إبراهيم الشهرستاني، عالم ذرة عراقي، ولادة 1942 في كربلاء، اعتذر في حزيران 2004 عن تولي منصب رئيس الوزراء في الحكومة العراقية المؤقتة مفضلا “خدمة بلاده بطرق أخرى”، على حد قوله في ذلك الوقت. لكن الطريق كانت امامه سالكة لإدارة أهم الوزارات في العراق، النفط، والكهرباء، وبعد ذلك التعليم العالي.

حاصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة الكيميائية 1965 والماجستير في هندسة المفاعلات 1967، والدكتوراه في الهندسة الكيميائية. عمل باحثاً علمياً في مركز البحوث النووية 1970-1973، ومدرساً في جامعتي نينوى وبغداد.

شارك الشهرستاني في البرنامج النووي العراقي كخبير، لكنه اعتُقل في 1980 وحُكم عليه بالإعدام بتهمة نقل معلومات عن البرنامج إلى جهات أجنبية، لكن الحكم خُفّف إلى السجن المؤبد، ليتمكّن من الهرب إلى إيران في 1991 ثم انتقل للإقامة في الولايات المتحدة.

وتقول سيرته التي نشرتها “ويكيبيديا”، انه تعاون مع أطراف في المعارضة العراقية، لإقناع الكونغرس بإصدار قانون “تحرير العراق” في 1998.

رأسَ الشهرستاني، كتلة “مستقلون” المكونة من 12 نائبا، والتي انضوت في “ائتلاف دولة القانون”. وشغل قبل ذلك نائب رئيس مجلس النواب العراقي في الحكومة الانتقالية، ورُشح لمنصب رئيس الوزراء أيضا. انضم الشهرستاني في خلال الانتخابات الأخيرة، 2014، الى “ائتلاف دولة القانون” عبر كتلة “مستقلون” وتضم 15 نائباً.

عُيّن الشهرستاني وزيراً للنفط في مايو 2006 بعد انسحاب حزب “الفضيلة” الإسلامي، وأٌسنِد اليه منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة، في حكومة نوري المالكي الثانية، ليتم اختياره وزيراً للتعليم العالي والبحث العلمي في حكومة حيدر العبادي في أيلول 2014.

وكلّف مجلس الوزراء، وزير النفط حسين الشهرستاني، بمهام وزارة الكهرباء “وكالة” في آب 2011، إضافة إلى مهامه، بعد استقالة وزير الكهرباء كريم وحيد، بعد سلسلة تظاهرات احتجاجية على أزمة الكهرباء في البلاد.

والنفط، وزارة عراقية، مسؤولة عن جميع النشاطات المتعلقة بالثروة النفطية، وترتبط جميع شركات النفط الحكومية بها بشكل مباشر، وتعمل تحت مظلتها، ومنها شركة المشاريع النفطية، الاستكشافات النفطية، الناقلات، خطوط الانابيب، تسويق النفط، توزيع المنتجات النفطية، شركة الحفر، شركات نفط الشمال، والوسط، والجنوب، نفط ميسان، غاز الشمال، والجنوب، تعبئة الغاز، شركة مصافي الشمال، ومعاهد التدريب النفطي.

لقد خاض الشهرستاني في فترة ادارته الوزارة “النفطية”، معارك سياسية ضارية مع حكومة إقليم كردستان، حين رفضت الحكومة دفع المستحقات المالية للشركات الأجنبية التي وقّعت صفقات منفصلة مع المنطقة الكردية لتطوير حقلي نفط “طق طق” و”طاوكي” في كردستان.

ورفض الشهرستاني، السياسة النفطية للأكراد الى الحد الذي أدى بهم الى “رفض” توليه وزارة النفط لدورة ثانية. كما أدت خلافاته مع “التيار الصدري”، الى الحيلولة دون توليه حقيبة النفط، لولاية جديدة.

وكان موقف الشهرستاني متشدداً، في عدم التعويض المالي للشركات تحت أي ظرف من الظروف، داعيا حكومة إقليم كردستان، إلى دفع مستحقاتها من ميزانيتها الخاصة، الأمر الذي رفضه الأكراد بشدة.

وثبت الشهرستاني، على مواقفه في إن المنفذ الرسمي الوحيد لتصدير النفط في العراق هو شركة تصدير النفط العراقية (سومو) وان أي عملية تصدير خارجها غير قانونية، وتعتبر تهريبا للنفط.

أدت خلافاته مع “التيار الصدري”، الى الحيلولة دون توليه حقيبة النفط، لولاية جديدة.

واعتبر ان ما حصل في إقليم كردستان، سابقة خطيرة، فلو نهجت محافظة البصرة وبقية المحافظات النفطية نهج كردستان فستحصل كارثة في العراق وسيتفتت البلد، لذلك، فليس من حق أي جزء منفصل في العراق، تقرير مصير ثروته النفطية.

ويرى الشهرستاني ان “قانون النفط والغاز”، الذي وضعته الحكومة العراقية، واحالته الى مجلس النواب لإقراره “لا يمنح الولايات المتحدة اي امتيازات أو مكاسب” بل انه “يعزز الوحدة الوطنية في البلاد ولا يعد مدخلاً لتقسيمها، وانه يعتمد توزيع الموارد النفطية على كل مكونات الشعب العراقي من دون استثناء”.

ولعل أحد أبرز إنجازات الشهرستاني في القطاع النفطي، نمو الإنتاج النفطي، وبشكل ملحوظ بافتتاح الحقول النفطية الجديدة وتأهيل القديمة، وتطوير انتاج حقول الاحدب، وبدرة، والبزركان، والحلفاية، والغراف، و الرميلة، وغرب القرنة الأول، و الثاني، ومجنون والزبير، وغيرها من الحقول الجديدة.

وكشفت لجنة النفط والطاقة في مجلس النواب العراقي، عن وجود “مملكة فساد” في وزارة النفط الاتحادية في حقبة الشهرستاني، وقالت ان مكتب المفتش العام للوزارة يلعب دور “العراب” فيها، متّهمة الوزارة بانها تحجب المعلومات عنها، لاسيما ما يتعلق بالعقود.

فضلا عن ذلك، فان الشهرستاني متّهم، بحسب مصادر عايشت حقبته في وزارة النفط، بانه اجلس في المناصب أقرباء وأصدقاء وموالين، فيما كان منتظرا منه – وهو المهني -، اعتماد أصحاب الخبرة لا أصحاب “الثقة”، فحسب.

وأيّدت لجنة النفط والطاقة النيابية، وجود “شبهات” بشأن الشركة السويسرية التي تم التعاقد معها لتنفيذ مصفى ميسان، واتهمت وزير النفط ونائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة، حسين الشهرستاني، بـ”احتضان المفسدين والتعتيم على الوثائق بعدم التعاون مع البرلمان”، في حين ردّت وزارة النفط بأن الموضوع عبارة عن “مذكرة تفاهم” لم تصل الى مرحلة التعاقد بعد.

وفي منصبه نائبا لرئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة، اتَّهم الشهرستاني، حكومة اقليم كردستان في 2012، بتهريب النفط العراقي بصورة غير شرعية الى كل من ايران وتركيا دون إيداع عائدات عمليات البيع في خزينة الدولة، ما كبّد العراق خسائر كبيرة بشكل يومي.

لكن الشهرستاني يظل في ذاكرة الجمهور، عرّاب السياسة النفطية حتى بعد ابتعاده عن منصبه وزيرا للنفط، اذ يعيب عليه جمهور انه لم يوضح رأيا حول الاتفاق المبدئي بين وزير النفط الاتحادي عادل عبد المهدي، وحكومة إقليم كردستان، باعتباره مهندساً للسياسة النفطية، وهو الذي تصدّى بقوة لسياسات حكومة إقليم كردستان النفطية الخارجة على الدستور والقوانين النافذة خلال السنوات المنصرمة، لكن هناك من يرى ان ذلك لم يعد من مهامه، وان تصريحاته في هذا الشأن ستُأخذ على انها “تدخلا” في وزارة، ليس من مهامه.

وفي كانون الأول 2014، كشف مصدر سياسي عن “تهاون” الشركات النفطية الاحتكارية العملاقة ولا سيما “برتيش بتروليوم” في تطبيق المواصفات العالمية في الأمان والاحتياط من المخاطر البيئية في العراق، بسبب آليات الحفر والتكرير، ليُتهم الشهرستاني بانه حوّل العراق الى لقمة سائغة في فم الاطماع الأجنبية.

بل ان التصاريح النفطية، باتت الفرصة لهذا الشركات لاحتكار الفرص الاستثمارية المربحة لها، على حساب العراقيين، في صفقات تخالف شروط التعاقد الدولية والعالمية، ليحمل سياسيون، نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني (وقتها) مسؤولية هذه الصفقات النفطية الكبرى التي تعقد على حساب مصالح العراق وشعبه.

ويدوّن كاتب مثل حسين باهض دهش المعامري، في مقال ان الشهرستاني، الحالم بمنصب اكبر من الذي فيه (وقتها) مهّد لتأسيس إمبراطورتيه الاقتصادية مع اخيه محمد رضا الشهرستاني، صاحب ملف الصفقات الفاسدة والشهيرة في ملف مصفاة النفط وغيرها من مشاريع النفط والكهرباء تحت عباءة “مناقصات التنقيب واستكتاب الشركات العالمية “، على حد زعم المعامري، ليؤول الامر في النهاية الى ثراء فاحش، يعرف القاصي والداني.

صفقات تخالف شروط التعاقد الدولية والعالمية

وكلّف مجلس الوزراء، وزير النفط حسين الشهرستاني، بمهام وزارة الكهرباء وكالة في آب 2011، إضافة إلى مهامه، بعد استقالة وزير الكهرباء كريم وحيد بعد سلسلة تظاهرات احتجاجية على أزمة الكهرباء في البلاد.

 ووزارة الكهرباء، هي الجهة مسؤولة عن كل من السياسات وإمدادات الكهرباء في جميع أنحاء البلاد، بالإضافة إلى الإشراف على الوظائف التشغيلية (توليد الطاقة ونقلها، وإيفاد الحمل والتوزيع). تأسست الوزارة في 2003 بعد أن كانت هيئة الكهرباء منذ 1999 وقبل ذلك كان قطاع الكهرباء ضمن تشكيلات وزارة الصناعة والمعادن.

وفي 2008، أفاد مقال نُشر في صحيفة “نيويورك تايمز” حمل عنوان “إبقاء العراق في الظلام” صورة قاتمة لوضع القطاع الكهربائي في العراق، مُنحيا باللائمة في ذلك على وزير النفط حسين الشهرستاني بالدرجة الأساس.

وقال كاتب المقال غلين زوربيت، إن “الشهرستاني يفضل أن يبيع النفط العراقي للخارج، على أن يزود محطات توليد الطاقة الكهربائية بما تحتاجه من وقود، مما حدّ من تزويد المواطنين بالكهرباء”. ولفت التقرير إلى أنه “بينما يتبادل المعنيون في وزارتي الكهرباء والنفط، التّهم، حول من يتحمل مسؤولية تردي الكهرباء، يتواصل حنق الأهالي من تواصل انقطاع التيار الكهربائي معظم ساعات اليوم”.

واذا كان الشهرستاني حقق نجاحات “نفطية”، فان هناك من ينتقد اداءه في تطوير قطاع الكهرباء وهو الذي وعد بتوفير الطاقة وتصديرها خلال 2013، لكنها كانت وعودا، فحسب.

ان ما يُحسب للشهرستاني، انه كان المؤسس لسياسة نفطية عراقية بعد 2003، واصر على ان تبقى الثروة النفطية للجميع تتحكم فيها السلطة المركزية، وان لا يسمح للأقاليم بخلق الذرائع لتبرير سعيها الى التصرف بهذه الثروة المهمة على انفراد.

وبسبب ذلك نال الشهرستاني الكثير من أنواع الهجوم الاعلام والسياسي، ووضعت المطبات على طريق اسقاط خططه او تليين مواقفه، او الإطاحة به وزيرا للنفط.

لكن عراقيين يحسبون “على” الشهرستاني عدم ايفاءه بوعوده في مجال توفير الكهرباء، فلطالما أطلق وعودا بدت انها مجرد اضغاث احلام لان الذي تحقّق منها ليس سوى القليل، وظلت الطاقة الكهربائية على حالها، من النقص وعدم القدرة على الوصول الى مستوياتها المطلوبة.

كما يعاب عليه تحويله الوزرات التي ادارها الى وسيلة لتوزيع المناصب على الاقرباء والمعارف.

وربما اخذت السياسة من “الرجل العالِم” الكثير من الوقت والاهتمام ليتحول رجل المختبرات والبحوث، الى رجل سياسة يخوض في غمارها، وربما ابعده الى الابد عن مجاله الحيوي في البحث والعلم، لكن ادارته لأجندة التعليم العالي في حكومة رئيس الوزراء حيدر عبادي، ستكون مفصلية في اقترابه اكثر من العلم والبحث، على طريق تحقيق إنجازات علمية وتطوير التعليم العالي، ورفد الجامعات العراقية بأحدث تقنيات البحث والتطوير. بل ان الامل معقود على الشهرستاني، بعد تجاوز العراق لازمته، في ان يقود برنامجاً نووياً سلمياً طموحاً، يساهم في توفير الطاقة، ويجعل العراق أحد دول النادي النووي.

واستقصت “المسلة” آراء مثقفين وكتاب واعلاميين، في أداء حسين الشهرستاني، وزيراً وسياسياً، بعدما يأست في الحصول على أجوبة لأسئلتها من الشهرستاني نفسه.

فقداعتبر الصحافي العراقي قاسم موزان، ان “الشهرستاني من الكفاءات التكنوقراط في العراق، وله صيت واسع في الغرب الا ان هناك من سعى الى افشال سياساته في مجال الطاقة والنفط، لاسيما الاكراد الذين حاربوه بقوة، لانه كشف ملفات تهريب النفط من الاقليم والاساليب بالملتوية في التعامل (الخبيث) مع المركز”.

واعتبر موزان، ان “المحاصصة دمرت الكفاءات العلمية بقوة، وجعلت من خطواتهم الصحيحة مجال للتندر والتشنيع ما سبب في تأخر الخدمات في وزارتي النفط والكهرباء في حقبة الشهرستاني أيضا”.

ورأى الإعلامي، ومدير مكتب مفوضية حقوق الانسان في العراق، جواد الشمري، ان “الشهرستاني حاله حال الكثير من الوزراء لم يقدم منجزا واضحا، لكن ليس عن تقصير منه، بل بسبب المحاصصة في المناصب وتقسيم السلطة”.

وقال الكاتب حسين الحسيني ان “الشهرستاني أطلق جولات التراخيص الاستثمارية لجذب شركات اجنبية كورية وصينية وروسية وامريكية للاستثمار، ونجح في هذا المجال، لكن الاعتراضات من سياسيين، انتابهم الخوف من الهيمنة الأجنبية، حال دون ذلك”.

Facebook
Twitter