السجون السرية تقلق العراقيين وتخرق الدستور والقانون والمعتقلون فيها يواجهون مصائر مجهولة

لم يفق العراقيون من صدمة سجن (المثنى) السري الذي تم الكشف عنه مؤخراً، حتى صعقوا من جديد، بكشف وسائل إعلام أميركية وعراقية عن سجن (سري) آخر يقع قرب وزارة الداخلية بجانب الرصافة من بغداد يضم 168 معتقلاً من الطيارين وضباط الجيش السابق.

وكان طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية قد أعلن عن وجود سجون سرية على خلفية فضيحة سجن (المثنى السري)، وطالب بالكشف عنها وإغلاقها، وأكد أن أحد هذه السجون يقع داخل المنطقة الخضراء إلا أن كبار المسؤولين في حكومة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي نفوا ذلك نفياً قاطعاً.

وتتهم قوى معارضة الحكومة باعتقال عشرات الآلاف وبالاستمرار في استخدام عشرات السجون السرية، ونفى الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع العراقية اللواء محمد العسكري في حديث وجود مثل هذا السجن, قائلا “ليست لدينا معلومات عن وجود هذا السجن، ونحن كوزارة دفاع ننفي أن يكون مثل هذا السجن تابعا لوزارتنا”.

ورغم أن الطبيعة السرية لبعض المعتقلات في العراق تجعل من الصعب الحصول على معلومات عنها، حيث تنفي الحكومة وتتنصل من مسؤولية الإشراف عليها حينما يتم الكشف عنها فإن ما تم الكشف عنه حتى الآن أثار ردود فعل غاضبة في العراق، بسبب ظروف التعذيب القاسية في هذه السجون والمعتقلات. 

وفي هذا الإطار اتهم رئيس اللجنة القانونية في البرلمان المنتهية ولايته, بهاء الأعرجي الكتل السياسية بالانشغال بمفاوضات تشكيل الحكومة وترك شؤون البلد في دوامة.

 واستنكر نسيانها “للعهود والمواثيق التي طرحتها في برامجها السياسية ووعدت الشعب بها، ومنها إطلاق سراح جميع المعتقلين الأبرياء في السجون والمعتقلات” وطالب الأعرجي البرلمان القادم بأن يعطي أولوية لهذه الأمور ويكشف عن كل المعتقلات والسجون السرية، ويقف على الجرائم التي ارتكبت فيها لمحاسبة المسؤولين عنها.

 

  )

وذهب رئيس جبهة التوافق في البرلمان المنتهية ولايته الدكتور ظافر العاني أبعد من ذلك, فاتهم المالكي بأنه إنما يتشبث بالسلطة ويصر على البقاء على رأسها للتستر على الجرائم التي ارتكبتها حكومته في السنوات الأربع الماضية, والتي كان آخرها فضائح السجون السرية.

وشدد العاني على أن السجون التي تتكشف تباعاً هي فقط تلك التي تتوصل إليها القوات الأميركية بحكم تواجدها وانتشارها وحرية الحركة التي لديها، مضيفا أن السؤال الذي يبقى مطروحاً هو كم عدد السجون السرية الموجودة فعلاً؟ وكم عدد المعتقلين فيها وطبيعة التهم الموجهة إليهم؟ وما هي الانتهاكات التي يتعرضون لها والتي تتنافى وحقوق الإنسان؟

وكشف أن الأيام الأخيرة شهدت تسريب صور بشعة لقتل معتقلين تارة بالركل بالأرجل وتارة بالخنق، مشيرا إلى أن هذا هو ما ظهر للعين، وأن ما خفي من هذه الانتهاكات في السجون السرية ربما يكون أعظم.

وطالب العاني بأن يكون هناك جهد دولي واضح لمتابعة هذه القضية، التي لم تعد قضية عراقية فحسب بل أصبحت قضية الإنسانية جمعاء، وأكد أن سبب محاولات المالكي إبعاد القائمة العراقية عن تشكيل الحكومة، هو تعهد هذه القائمة للشعب العراقي بكشف كل هذه الملفات بعد تشكيل الحكومة، وإحالة كل المتهمين فيها إلى القضاء.

أما عضو لجنة حقوق الإنسان في البرلمان المنتهية ولايته الدكتورة ندى الجبوري فسلطت الضوء على بعض الخطوات التي قالت إن اللجنة قامت بها خلال الدورة البرلمانية السابقة بما في ذلك القيام بزيارة السجون وإعطاء الرأي بشأنها، وكتابة تقارير عنها.

غير أنها لفتت إلى أن ذلك اقتصر على السجون الرسمية دون السرية، التي لم يكن هناك ما يشير إلى وجودها, وأضافت أن الشعب العراقي الذي خرج رغم كل التهديدات لينتخب حكومة جديدة لا يستحق كل هذه الاعتقالات والانتهاكات التي تمارس بحقه، والتي تشمل وضع أبنائهم في سجون سرية تمارس فيها كل أنواع التعذيب والانتهاكات لحقوق الإنسان.

وطالبت ندى الجبوري الكتل السياسية بأن تندد بهذه الجرائم والانتهاكات التي تقوم بها الحكومة الحالية في سجونها السرية، وإطلاق سراح جميع المعتقلين في السجون العلنية والسرية، وأن تقوم بالكشف عن المسؤولين عن هذه السجون.

 

 

ووصف الخبير القانوني نقيب المحامين العراقيين السابق ضياء السعدي السجون السرية بأنها تمثل أسوأ حالات خرق حقوق الإنسان, مؤكدا أن السجون تخضع لمعايير دولية، ويجب أن تكون معروفة قانوناً وأن ترتبط بجهات حكومية تشرف عليها وهو ما لا ينطبق على السجون السرية التي يحتجز فيها مواطنون عراقيون دون أوامر قضائية من جهات مختصة، ولفترات طويلة.

وقال السعدي إن العراق عانى منذ الغزو الأميركي عام 2003 من وجود الكثير من السجون السرية، مثل ملجأ الجادرية وسجن مطار المثنى وغيره.

وتوقع السعدي الكشف عن الكثير من السجون السرية في المستقبل القريب، مشيرا إلى أن هذه المعتقلات تضم الآلاف من العراقيين الذين يعتبرهم ذووهم مفقودين ولا يعلمون شيئاُ عنهم, وحمل السعدي الحكومة العراقية مسؤولية وجود مثل هذه السجون والانتهاكات التي تحصل فيها.

Facebook
Twitter