الخيانة الزوجية والتدمير العائلي على فراش الزوجية خان المهندس زوجته الدكتورة وماتت العشيقة

رغم خيانته البشعة حفظت زوجته السر ولم تود به الى السجن

 

 

لم استمتع طوال حياتي الصحفية بحوار أو حديث إلا مع كبار المستشارين والقضاة والمحامين.. للحديث معهم متعة.. وللحوار فائدة.. والوقت معهم يمضى وكأن عقارب الساعة تركب صاروخا!.. الحكايات التى عاشوها من واقع الحياة تكشف دائما عن الوجوه الأخرى للحياة سواء كان للوجه الناعم وفيه خلق من خلق الله تحكمهم المباديء والقيم والأخلاق.. أو الوجه الخشن وفيها- أيضا- من خلق الله هؤلاء الذين يستسهلون الخيانة والضرب تحت الحزام.. والرياء والتملق والنفاق.. وقلة الحياء!.. أما الوجه المؤلم للحياة فهو الذى يعيش تحت رايته التعساء وأصحاب سوء الحظ وأصدقاء الحزن!
تحضرنى الأن قصة رواها لى قبل أيام صديقى رئيس محكمة الجنايات المصرية.. وكانت ضمن أبطالها حجرة نوم طبيبة معروفة!!
هل تعرف حجرة النوم دور البطولة؟!
نعم.. بل لحجرة النوم باع طويل فى أكثر القصص اثارة أمام المحاكم!..
روى لى صديقى القاضى هذه القصة.. وأنقلها لكم كما سمعتها منه!
الأربعاء 22 سبتمبر.. يوم مشهود فى حياة الدكتورة ريم.. وبالتحديد تمام الساعة الخامسة، نفس موعد عودتها اليومى إلى منزلها، فما أن دخلت من باب الشقة التى تقع فى البرج السكنى الشهير حتى انتبهت على رائحة دخان سجائر يبدو أنها كانت حبيسة بين جدران الشقة المغلقة من التاسعة صباحا فهى تغادرها فى تمام الثامنة لممارسة نشاطها المتعدد طوال ساعات النهار من تدريس فى كلية الطب ثم للكشف على المرضى فى قسم الباطنية باحد المستشفيات الخاصة بينما يغادر زوجها الشقة فى التاسعة صباحا ولا يعود إلا مع انتصاف الليل!
الغريب أنها لا هى ولا زوجها يدخنان.. وليست هذه المرة الأولى التى تفتح فيها شقتها فتفاجئها هذه الرائحة.. حدث هذا من قبل وبرره زوجها بأن صديقا له مر عليه فى الصباح وكانت فى يده سيجارة.. يومها سألت ريم زوجها بما لديها من قوة ملاحظة: “.. لكن طفاية السجائر ليست بها أعقاب؟!”.. ورد الزوج بأن صديقه نزل معه فى التور دون أن يستضيفه!.. هذه المرة كانت الرائحة أشد وطفاية السجائر ممتلئة بأعقاب السجائر المغطاة بأحمر الشفايف!!
ألقت الدكتورة ريم بجسدها المتعب فوق أقرب مقعد واغمضت عينيها فى تفكير عميق.. هل يخونها زوجها؟!.. هل تزوره امرأة فى بيتها؟!.. ومتى يحدث ذلك؟!.. انه دائما مشغول ومهموم بمكتبه الهندسى وأعماله المترامية فى محافظات عديدة.. ثم لو كان بالفعل يخونها ألم يجد مكانا آخر غير عش الزوجية المقدس؟!.. لو صح توقعها فهى أمام كارثة.. ولماذا لايكون توقعها صحيحا وأمامها دليل دامغ لايأتيه الشك من أمامه ولا من خلفه، تلك الطفاية وما فيها من أعقاب عليها بصمات من شفتى امرأة موقعة بأحمر الشفايف!.. لكن هل كان حمدى بهذا الغباء وتلك السذاجة فلا يقوم بتنظيف الطفاية من تلك الأعقاب قبل ان يغادر الشقة؟!.. أم أن تلك المرأة التى اقتحمت بيتها شاغلته حتى تترك هذا الدليل لتخرب بيته؟!.. أفكار وهواجس متلاحقة كادت تعصف بالدكتورة ريم وهى مسترخية فوق مقعدها وكأن حركتها قد شلت!.. لكنها كتمت انفعالاتها وامسكت بالهاتف تطلب رقم زوجها:
ـ أين أنت ياحمدي؟!
ـ فى مكتبي.. خيرا ياريم..
ـ متى نزلت من البيت؟!
ـ فى موعدي.. تسعة الصبح.. هذا سؤال غريب ياريم..
ـ وهل زارك أحد قبل مغادرة المنزل؟!
ـ اطلاقا..
ـ ولا صديقك المدخن؟!
ـ لم يزرنى أحد على الاطلاق.. ماذا حدث؟!
ـ لا شيء.. نكمل حديثنا الليلة حينما تعود الى المنزل..!
ـ وماذا تفعلين الآن؟!
ـ سوف ارتاح بعض الوقت ثم اذهب إلى عيادتي.. لا جديد.. لكنى سوف انهى عيادتى مبكرا وأرجو أن ترجع أنت مبكرا أيضا لنتدحث فى أمر مهم!
ـ هل حدث شيء؟!.. هل تحتاجين مساعدتي؟!
ـ لا.. فقط سوف نتحدث معا فى المساء!
مرة أخرى لم تشعر الدكتورة ريم بالارتياح من صوت حمدي.. كانت من فرط حبها له تسمعه وقد تحولت نبراته الى سيمفونية رائعة، والأن جاءها نفس الصوت نشازا.. مرتبكا.. بلا توهج.. أو شوق.. متأنيا يفكر فى ردوده قبل أن ينطلق بها!.. تضاعفت شكوكها.. حبست فى عينيها دموعا تتأهب للانفجار كلما وقعت عيناها على أعقاب السجائر المطبوع فوقها أحمر الشفايف!.. قامت من مقعدها تجر قدميها جرا وهى تتجه الى حجرتها لتغير ملابسها وتستلقى فوق سريرها لعل وعسى تهرب بالنوم من صدمتها المروعة فى زوجها.. لكن ليت الأمر كان ينتهى عند حد الشك فى الخيانة.. لم تكن ريم تدرى أن مصيبة أكبر كانت تنتظرها.. فما كادت تفتح باب حجرتها حتى وقعت عيناها على أصعب وأخطر مشهد فى حياتها.. دون أن تشعر صرخت بأعلى صوتها وهى تشاهد امرأة ممددة فوق سريرها لايغطى بعض جسدها سوى قميص نوم شبه عار!.. ارتفع صراخ ريم فالمؤكد من خلال خبرتها كطبيبة ان المرأة الغريبة ليست فاقدة للوعي.. لكنها فارقت الحياة!!
تجمع الجيران بعد الصراخ الهيستيرى لريم.. ووقف الجميع فى ذهول امام المشهد الرهيب.. الجميع يسألون ريم عمن تكون هذه المرأة.. وريم تصرخ مؤكدة أنها لم ترها قط.. اتصل أحد الحضور بزوج ريم وأبلغه بما حدث.. ورد حمدى فى انفعال شديد بأنه سوف يحضر حالا ومعه رجال الشرطة!!
هرج ومرج داخل شقة الدكتورة ريم.. زحام شديد بعد ان تناقل سكان البرج والعاملون بالمكاتب الادارية خبر العثور على جثة امرأة فى الطابق الثامن!.. غادر طبيب الاسعاف بعد أن أكد الوفاة ووصل رجال المباحث والنيابة بعد لحظات من وصول المهندس حمدى زوج الدكتورة ريم الذى لم يستطع النظر نحو الجثة واصابه فزع واضح من المشهد.. لحظات وأمرت الشرطة باخلاء الشقة إلا من وكيل النيابة وخبراء المعمل الجنائى وصاحب الشقة وزوجته.. وبدأت المعاينة بينما ريم تكومت فى ركن قريب من الحجرة المشؤومة وإلى جوارها زوجها حمدى يعيد ويزيد ويكرر ويقسم على أنه لايعرف هذه السيدة!.. لحظات اخرى ويخرج رئيس المباحث متجها إلى ريم يسألها وفى يده بعض الأشياء.
ـ هل تخصك هذه الحقيبة الحريمى يادكتورة؟!
ـ لا..!
ـ وعلبة المكياج هذه؟
J ولا تلك!
ـ وهذا الفستان.. الحذاء؟!
ردت ريم فى عصبية تقرر أن كل هذه الأشياء غريبة عليها وعلى حجرة نومها.. وبنظرة تمتليء لؤما سأل الضابط زوج ريم:
ـ وأنت ياباشمنهدس.. هل رأيت هذه المتعلقات من قبل؟!
ـ اطلاقا.. ولا أعرف من أين أتت هذه السيدة أو أشياؤها!
ـ ترى كيف دخلت هذه السيدة الشقة؟! ومن الذى فتح لها؟! وماذا كانت تفعل؟!
ـ هذا ما يحيرنى ياحضرة الضابط.. أرجو أن تكشفوا هذا اللغز فى أسرع وقت.. هذا موقف لا يمكن أن يخطر لى ببال لا أنا ولا زوجتي!
هز الضابط رأسه فى ضيق ثم همس موجها كلامه للدكتورة ريم:
ـ الحقيبة ليس بها ما يثبت شخصية السيدة.. والشقة ليس بها فى أى مكان موبايل خاص بها.. يبدو أن الجانى كان حريصا على أن تظل هذه السيدة مجهولة.. لكن لابد أن نصل إليه وإليها.. ولا ايه ياباشمهندس؟!
لم يعلق حمدي.. احمر وجهه ولزم الصمت فالموقف لايحتمل والشبهات كلها تتجه نحوه فلا أحد يمتلك فتح الشقة أو اغلاقها سوى الزوجة والزوج.. والدلائل المبدئية تستبعد الزوجة من أى شبهة!.. يأمر وكيل النيابة بنقل الجثة بعد تغطيتها إلى المشرحة ثم يستكمل خبراء المعمل الجنائى رفع البصمات وتصوير مسرح الحادث وتتحفظ الشرطة على كل المتعلقات التى أكدت الطبيبة أنها غريبة على الشقة!.. بينما يدلى الزوج بأقواله أمام وكيل النيابة تحاصره نظرات زوجته كأنها تراه لأول مرة.

ـ خرجت فى موعدى التاسعة صباحا بعد نصف ساعة من مغادرة زوجتي.. كانت الشقة كما هى كل صباح.. الغرف خالية وأبوابها مغلقة.. لا جديد على الاطلاق!
ـ هل عدت إليها أثناء النهار؟!
ـ لم أعد لأنى سافرت مباشرة الى الفيوم لاستكمال مشروع هندسى هناك ثم رجعت إلى القاهرة فى الرابعة عصرا!
ـ ألم يسبق لك رؤية هذه السيدة من قبل فى أية مناسبة؟!
ـ هذه أول مرة اشاهد فيها هذا الوجه.. لقد تأملتها جيدا فلم أتعرف على ملامحها!
ـ من وجهة نظرك كيف تفسر ما حدث؟!
ـ لا استطيع ان اتخيل ما حدث سوى أن شخصا غريبا استغل وجود مفتاح الشقة معه واستدعى هذه المرأة التى تربطها به علاقة ما.. وربما تكون فارقت الحياة وهى بين ذراعيه فأصيب بالذعر وهرب!!
ـ ولماذا توقعت ان المرأة ماتت فجأة ولم يتم قتلها مثلا؟!
ـ سألتنى عن تصوري.. وهاذ ما تخيلته!
ـ ومن الذى يمكن ان يكون مفتاح الشقة معه؟!
ـ ربما لايكون المفتاح الأصلي.. مفتاح آخر مصطنع!!
ـ والى من تتجه شكوكك؟!
ـ لا اشك فى أحد.. لكن أحيانا كنت أنا وزوجتى نترك سلسلة المفاتيح مع سايس الشارع ليقوم بركن السيارة وبالطبع مفتاح الشقة ضمن باقى المفاتيح بالسلسلة!!
ثم تجرى المباحث تحريات مكثفة تصل فيها الليل بالنهار، لكنها تنتهى دائما إلى لاشيء.. النيابة استجوبت السايس فقرر أنه شاهد السيدة ثلاث أو أربع مرات تنزل من سيارة اجرة امام البرج وتدخله بكل ثقة فاعتقد انها تتردد على احدى العيادات أو الشركات أو أحد المكاتب الادارية فلم يهتم بأمرها.. وأنها لم تلفت نظره إلا لكونها سيدة فى غاية الجمال والأنوثة الزائدة عن الحد!.. لكن وكيل النيابة يفاجئه من حيث لايدري:
ـ أحد الأشخاص تطوع بالشهادة ضدك.. قرر انه شاهدك تصعد البرج.. إلى أين كنت تتجه؟1
ـ دورة المياة فى أحد المكاتب الادارية.. اسألوهم!
ـ وكم مرة ترك معك المهندس حمدى أو زوجته سلسلة المفاتيح الخاصة بأحدهما؟!
ـ مرات كثيرة.. لكنى لم اسيء الأمانة أبدا!
ـ أين كنت يوم الحادث؟!
ـ فى مكانى بالشارع..
ـ تحريات المباحث تقول انك اختفيت منذ الثانية ظهرا وعدت مع غروب الشمس؟1
ـ ذهبت الى زوجتى لزيارتها بالمستشفي.. واسألوها؟!
الغريب ان النيابة اخلت سبيل السايس بكفالة كبيرة لحين ورود تقرير الطب الشرعي.. ولسوء حظ المتهم ان ينشغل الطب الشرعى بتشريح جثث الضحايا فى حادث قطاع مروع راح ضحيته أكثر من خمسين قتيلا مما استدعى انتداب جميع العاملين بالطب الشرعي!.. فى نفس الوقت استطاع الزوج ان يثبت بأدلة دامغة أنه كان فى الفيوم من العاشرة صباح يوم الحادث حتى عاد فى الرابعة عصرا بينما اثبت تشريح جثة السيدة المجهولة ان الوفاة حدثت ما بين الحادية عشرة والواحدة ظهرا قبل ان تكتشفها الدكتورة ريم فى الخامسة عصرا!
ويمضى صديقى رئيس المحكمة مستطردا.. وقائلا:
..عندما نظرنا القضية كانت المفاجأة فى أحد سطور التقرير الذى وصلنا من الطب الشرعى مؤكدا ان الوفاة حدثت نتيجة هبوط حاد بالدورة الدموية مع استبعاد الشبهة الجنائية!!.. والأغرب أن جثة السيدة المجهولة ظلت فى ثلاجة المشرحة حتى موعد نظر الدعوى أملا فى ان يتعرف عليها أحد بعد ارسال نشرة تحمل صورتها من مديرية أمن الجيزة إلى جميع مديريات الأمن وأقسام الشرطة.. بل لم يثبت فى محاضر الغائبين المبلغ عنهم اية أوصاف تنطبق على هذه السيدة!.. وانتهينا الى براءة السايس وان كانت أوراق القضية من الغلاف إلى الغلاف تنطق بالشك فى الزوج.. لكن دون دليل!!
ويبدو ان شكوكى أنا وزملائى فى دائرة الجنايات كانت صائبة.. فبعد عامين قابلنى زميل لى فى نادى القضاة وكان يترأس محكمة الأسرة باحدى دوائر الجيزة، وحكى لى عن ملف قضية اصدرت أنا حكما فيها وقدمته احدى السيدات فى دعوى طلاق اقامتها ضد زوجها.. وما ان شرع زميلى فى رواية تفاصيل الملف حتى بادرته باسم الزوجة ريم والزوج حمدي.. استطرد زميلى قائلا:
ـ كانت الزوجة فى غاية العصبية وهى تبرر طلب طلاقها بانها حفاظا على سمعة زوجها لم تشأ أن تورطه فى المحكمة الجنائية.. انها تركته يفوز بالبراءة امام القانون.. لكنه أمام محكمتها الخاصة لاتملك إلا ادانته.. خاصة وقد اخفت عن الجميع دليلا لا قيمة له إلا عندها هي.. فقد عثرت على دبلته التى لايخلعها أبدا من أصبعه تحت وسادة حجرة نومها بعد نقل الجثة منها.. ومعنى هذا ان هذه السيدة المجهولة كانت ترفض ان تكون بين ذراعيه ودبلة زوجته فى أصبعه.. ونست أنها فوق سرير الزوجية.. وهذه أدلة لها قيمتها فى قوانين حواء!!
وقال زميلى انه بعد ان استمع للزوجين حكم بالطلاق لاستحالة الحياة الزوجية بين الدكتورة والمهندس.. خاصة بعد ان اقسمت الدكتورة ريم بانها فى كل مرة حاول فيها ان يصالحها كانت تفكر فى الانتحار حتى لاترى وجهه مرة اخري، لانها كانت ترى ملامح السيدة المجهولة فوق ملامحه.. الدبلة التى خلعها بارادته ليرضى هذه الساقطة عادت الى صاحبتها لتحرمه منها مدى الحياة!
المثير اننى وزميلى كنا فى غاية الدهشة من سر هذه السيدة المجهولة التى رغم جمالها الفائق لم يتعرف عليها أحد.. ورغم سوء خاتمتها إلا ان وفاتها الطبيعية انقذت الجميع من الشبهة الجنائية.. نسيناها نحن كقضاة.. ونساها كل من عرف الحادث او شاهدها من الجيران.. لكن تبقى امرأة واحدة لن تنساها مدى الحياة.. هى الدكتورة ريم!!.. سيظل شبح هذه السيدة يطاردها ليل نهار مهما مر الزمن!

 

Facebook
Twitter