التجار الدواعش يجنون مليارين ونصف المليار دولار خلال سنتين فقط فرق الرقابة تخفق في متابعة استغلال التجار للمواطنين في ظل الحرب فرق الرقابة تخفق في متابعة استغلال التجار للمواطنين في ظل الحرب

“مصائب قوم عند قوم فوائد” كان مبدأ لتجار استغلوا ما شهدته البلاد من أزمات بعد سيطرة تنظيم (داعش) الارهابي على اجزاء واسعة منها في حزيران من العام 2014، وعدم فرض الحكومة قيودا على السلع المستوردة، محققين أرباحا تجاوزت الـ2.5 مليار دولار من خلال احتكار السلع والبضائع الأساسية، ليقابله المواطنون بـ”تقشف وتقنين” للاحتياجات.

يذكر أن تنظيم (داعش) قد فرض سيطرته على مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى، في(10حزيران 2014)، واستولى على المقار الأمنية فيها ومطارها، وأطلق سراح المئات من المعتقلين، ما أدى إلى نزوج مئات الآلاف من أسر المدينة إلى المناطق المجاورة ، كما امتد نشاط (داعش)، إلى محافظات الانبار وصلاح الدين وكركوك وديالى، قبل أن يتم تحريرها باستثناء مدينة الموصل التي تدور الان معارك تحريرها.

ويقول المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء مظهر محمد صالح إن “بعض التجار استغلوا سيطرة تنظيم (داعش) على عدد من المدن بعد العاشر من حزيران من العام 2014، وما تبعها من معارك ضد التنظيم في مناطق شمال ووسط البلاد، باحتكار السلع وتخزينها لاسيما السلع التي تمس حياة المواطن، كالادوية والمواد الغذائية القابلة للخزن فضلا عن قطع الغيار”، واصفا اولئك التجار بـ”تجار الحروب”.

ويضيف صالح، أن “تجار الحروب تمكنوا من فرض سيطرتهم على بعض مفاصل السوق العراقية بشكل واضح خلال تلك الفترة، ما أدى الى ارتفاع  اسعار بعض المواد الغذائية كالرز والسكر وغيرها من المواد الاخرى”، مؤكدا أن “احتكار بعض السلع في ذلك الوقت تسبب بارتفاع اسعار البضائع بشكل عام بنحو 4%”.

ويقول عضو اتحاد الغرف التجارية فيصل مهيص إن “اقتصاد العراق الليبرالي الذي لا يفرض قيودا على السلع المستوردة، فتح الباب للتجار لاستيراد كميات كبيرة من البضائع المختلفة وتخزينها، تمهيدا لضخها بعد شحها في الأسواق، وهو ما مكنهم من تحصيل أرباح خيالية”.

ويكشف مهيص، أن “ارباح اولئك التجار منذ حزيران من العام 2014، وحتى منتصف شهر اب من العام الحالي 2016 بلغت أكثر من 2.5 مليار دولار”، مؤكدا، أن “تلك الأرباح توقفت بعد اتخاذ الحكومة اجراءات متأخرة أسهمت باغراق الأسواق بالسلع”.

ويرى مهيص، أن “تلك الأجراءات ساعدت نوعا باستقرار السوق، لكن لم تحل من دون استمرار بعض التجار بالتلاعب باسعار البضائع”، عادا أن “السوق العراقية ما زالت تعيش نوعا من الارباك، على الرغم من محاولات السيطرة الحكومية، بسبب اعتماد العراق على الاستيراد باعتباره أحد اكبر الدول الاستهلاكية في العالم، ما يجعله متأثرا باي ارباك أمني على حدوده”.

ويقول سائق الأجرة عقيل الموسوي الذي يسكن منطقة البلديات، شرقي بغدادإن “قتال تنظيم (داعش) لم يتسبب بارباك الوضع الامني في بغداد فحسب بل امتد الى أسواقها، بعد أن استغل تجار فرصة تردي الوضع الأمني ليرفعوا أسعار البضائع، خاصة المواد الغذائية الاساسية، فضلا عن مواد البناء والمواد الكهربائية، وهو ما دعا المواطن الى تقنين احتياجاته”.

من جانبه، يقول المواطن حسن خليفة وهو نازح من قضاء تلعفر، غرب الموصل، الى العاصمة بغداد، إن “المساعدات التي تُقدم للنازحين من قبل مجلس المحافظة والاهالي فضلا عن المنظمات الانسانية، غير كافية”، مبينا أن “عددا كبيرا من الأسر النازحة لم تسكن ضمن المخيمات واستأجرت منازل في العاصمة”.

ويضيف خليفة، أن “تلك الأسر واجهت مصيرا صعبا بسبب غلاء اسعار المواد الغذائية والبضائع الأخرى، خاصة أن معيلي تلك الأسر باتوا يكسبون رزقهم بشكل يومي”.

بدوره، يقول أبو فهد البياتي الذي يمتلك محلا لبيع المواد الغذائية، وسط بغداد، إن “بعض التجار من ضعفاء النفوس استغلوا الأزمة التي شهدتها البلاد بعد سيطرة تنظيم (داعش) على أجزاء واسعة من المحافظات العراقية، بتخزين بعض السلع واطلاقها بعد أن تنفد من الأسواق وبأسعار مرتفعة، بذريعة عدم وجود منافذ لدخول البضائع”.

ويرى البياتي، أن “اولئك التجار مازالوا يستثمرون الأوقات التي تشهد اشتداد المعارك ضد (داعش) باللجوء الى تخزين السلع طمعا بجني ارباح اضافية مستغلين حاجة المواطن”.

ويقول وكيل وزارة التجارة وليد الحلو إن “الوزارة اتخذت اجراءات لمنع احتكار البضائع واستغلال المواطنين من خلال تسيير فرق تفتيشية تتولى مهام مراقبة الاسعار والتجار، فضلا عن تسهيل اجراءات منح رخص الاستيراد وفتح منافذ حدودية اضافية في وسط وجنوب العراق”، عادا أن “تلك الاجراءات أسهمت في عدم تضخم الأسعار والحفاظ على التوازن في العرض والطلب داخل السوق”.

من جهته كشف مصدر في مديرية مكافحة الجريمة الاقتصادية في وزارة الداخلية، أن “المديرية نشرت اكثر من 250 فرقة جوالة لمراقبة السوق”، مبينا أن “تلك الفرق نجحت بتشخيص عدد من الحالات المربكة والمضرة باقتصاد البلاد، من خلال ضبط تجار محتكرين في بغداد وعدد من المحافظات”.

ويضيف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن “المحافظات التي يسيطر عليها تشهد بالتأكيد احتكارا لبعض السلع بسبب غياب الرقابة وصعوبة وصلها”.

ووفقاً لاقتصاد السوق الحر فإن القانون لايسأل عن هذه الأمور والتجارة في الوقت الحالي مفتوحة، فليس هناك قانون ينظم التجارة كما كان في السابق قبل العام 2003، في ظل الحصار الاقتصادي، إذ كان القانون يعاقب التجار بسبب المفارقة في الاسعار اما الآن فلا يوجد هكذا قانون يلزم التاجر ولا يمكن تفعيل مثل هذا القانون، لذا فأن السوق اليوم مرهون بما يتعلق بالجانب الأخلاقي والوطني تجاه هذه الازمات التي تعصف بالبلاد.

 

Facebook
Twitter