إعادة إنتاج لعيد قديم علي السوداني

كأنَّ الكتابةَ عن العيد صارت كما لو أنها إعادة إنتاج ونبش ما تخلّفَ في الذاكرة من بهجة ممكنة. سأُجري الليلةَ تعديلا على شريط الوجع وأسميه دفتر الغضب، لأنّ مفردة الوجع قد تنامُ على جبل مهانة.

فصامٌ غير مقبول أن أشبعَ قهرا على منظر خراف الجوبة، وواحدها يلوذ بسدِّ الثاني اتقاء نظرات الشاري وسكّين الذبّاح، ثم السقوط في أول اشتهاء قادم من منقل الشواء العظيم. لم تكن الأيام رحيمة معنا، لكنّ لذّتها المحسوسة والمفتقدة الآن هي فقط بسبب تعتيقها في عمق المخ لتصير مثل كأس نبيذ طيّب معمول من عنب الخليل وما حولها.

أُحنُّ الآن إلى أكلة سخيفة ومروعة ومزفوفة بعرس ذباب، لأنني كنت استطعمتها بباب مدرسة ابن جبير الابتدائية على عتبة الصف الأول باء قبل أزيد من أربعين سنة وسنوات.

مراجيح العيد ودولاب الهواء والزمال المنتوف الذي نركبهُ وعربانة العمبة والبيض والقميص الجديد الذي قد تسقط عليه لطعة عمبة، فتخرج شيبة مضافة على رأس الأب، وشيتة في فيلم طرزان لا أعرف ماذا يفعل بالوحشي، صارت كلها تصبيرات لتسكين آلام سنّ اليأس.

كأنّ واحدنا يحتاج إلى ألف سنة كي يحصل على عيد صالح للاستهلاك البشري.

واحد وليس واحدة، جالس لي ركبة ونصّ أو على قدم وساق، يقول لي يا علّوكي والله إنّ مكتوبك الدامي هذا قد حطّم ثالث أيام العيد، وكان عليك أن ترحمنا وتواسينا بجملة طرية أو وردة بهيّة أو نكتة قوية.

ألحقّ هو أنني متعاطف مع هذا الكائن الحميم، وسأقصّ عليكم طرفة نكتة قوية عن رجل شارد باع حتى نيشان زواجه من أجل بعض خلاص، وهجَّ وركب البحر المظلم، وفي عرضه سقط وضاع ولده، فصرخت الأمّ صرخة واحدة وماتت، فانكسر ظهر الأب وجلس جلسة أبدية فوق كرسي الكساح الجميل.

أمّا جنابنا فيشتهي أن تكون ختمة المكتوب مع العمّ الكبير أبي الطيب المتنبي:

بِمَ التَعَلُّلُ لا أَهلٌ وَلا وَطَنُ

              وَلا نَديمٌ وَلا كَأسٌ وَلا سَكَن

 

Facebook
Twitter