قد يبدو المشهد مكتظا بالغيوم السود، لكنْ ثمة شمس تتثاءب الآن في عمق المنظر، قشّروا من على أمخاخكم قصص الطائفية المريضة المتخلفة، واستعينوا بلمعات تأريخكم الماجد وأريحوا نفوسكم من أثقال الخرافة والهرطقة، التي تفسد الجسد وتقتل الثورة وتحول الصبر الجميل إلى إبرة تخدير ونوم معيب.
سوّروا منغلة المحمية الخضراء بما تيسر تحت أيمانكم وأيساركم من وسائل الكنس والشطف والغسل والتطهير، فمن رأى منكم حراميا بائنا هاربا مدججا بدنانير الفقراء وحوبة المساكين، فليضربهُ بالقندرة، فإنْ لم يقدر فببصقة، فإن فشل فبصيحة، فإنْ شحت الوسيلة وباد الحيل والحيلة، فبدعاء مظلومٍ مستجابٍ إذا ناحَ ودعا.
خلّصوا أرجلكم من مطمسة وجيف المطبخ الأميركي الإيراني التخادمي وذيوله من التابعين والغاوين وأبناء المواخير الذين قتلتهم سلطة المال الحرام، وقوة الضلالة والجهل والمرض.
ربّكم أنتم وأمتكم وما حولكم واحدٌ أحد، ونبيكم محمد وكتابكم القرآن، ولكم في الحديث وقصص القياس الطيب أجملها، فلمَ تتركون كلّ هذا الوضوح وتمام المعنى، وتهاجرون صوب المندرس البائس الغاطس في طين البلبلة والنفخ الحرام!؟
التاريخ قبل الأديان وبعدها، مليء بالقصص والحكايات والأشعار والخيالات والمعاني حمّالة الأوجه، ولكلّ واقعةٍ وقعتْ وماتت، ظروفها النفسية وإطارها الذي ولدت فيه، فلا تذهبوا مذهب النابشين بقبر الحكاية، فتخرج بوجوهكم ديدان الحروف العطنة، فيضيع عليكم الجوهر النبيل، ويصير حالكم من حال الذي ذهب إلى الشطّ وعاد منه عطشا.
والله وحقكم أيها الأعزاء، لو أنّ ما وقع عليكم من ظلم وجور، قد وقع عُشرهُ على غيركم، لنزلت حتى سعفات النخل وساهمت بيوم الكنسة الكبرى.
اعلموا أنَّ الحرامية والخائنين باقون على كراسيهم، ليس لأنهم أقوياء أو أذكياء، بل لأنكم منقسمون، تذهب بكم ريح الضلالة شمالاً، وتعود بكم صرصر الخرافة جنوباً، حتى أصبحتم مزقاً شللاً، وصار حاكمكم أسداً عليكم وهو الذي إنْ دلف زقاقاً موحشاً ورأى خياله يرقص على يمينه، بالَ من قوة الخوف ونادى النجدة يا أمي وأبي وجاري.