لي مع كرنفال الانتخابات الرئاسية السورية البهيج الذي امتد من 28 ايار الى 3 حزيران حلمان رائعان، حلم عشته بكل تفاصيله لمدة 17 ساعة متواصلة، وحلم حلمت بعيشه ولم استطع.
ففي الحلم الاول كنت اعيش ذلك الزحف النبيل لاشقائنا السوريين المقيمين في العراق على المركز الانتخابي الذي اقيم على ارض سفارة الجمهورية العربية السورية في بغداد، حيث زحفوا من اقصى جنوب العراق الى اقصى شماله ، نساء وجاﻻ، شيبا وشبابا، اصحاء ومعاقين، غير عابئين بحر صيف قائظ تجاوزت حرارة يومه مايقارب 41 درجة مئوية ليمارسوا حقهم الطبيعي وليضعوا بصمتهم التاريخية في سورية المتجددة وليثبتوا للعالم اجمع بانهم المسؤولون عن سورية ومالكو قرارها الوطني الحر المستقل وحملة راية وجودها ووحدتها ومستقبلها.
كان صباحا وﻻ اروع ، صباحا مليئا بالعنوان والمسرة والحبور، صباحا رقص فيه السوريون على انغام الياسمين ساعات طويلة رغم ارهاق بعضهم الذي وصل للمركز بعد ان قطع اكثر من 560 كيلومترا او اكثر او اقل بقليل من محافظات العراق البعيدة عن العاصمة.
في ذلك الصباح كانت علامات فارقة عديدة لعل اولاها وصول بعض المعاقين على كراسيهم وبعضهم من النساء الكبيرات في السن، واصرارهم على المكوث حتى المساء في المركز وكان لسان حالهم يقول انهم يريدون ان يملأوا رئاتهم بعبير الشام.
اما العلامة الثانية فهي حرصهم على الزحف في ظروف امنية سيئة رغم اﻻرهاب الممنهج الذي يطول مدن العراق كل يوم ، فلا يكاد يوم العراق يخلو من انفجار سيارة مفخخة او عبوة ﻻصقة او حتى هجوم ارهابي واصرارهم على حمل العلم السوري وصور الرئيس الدكتور بشار اﻻسد في دبكاتهم التي حولت يوم حي المنصور الى يوم رغيد طافح بالبشائر والعزة والكبرياء.
اما العلامة الثالثة فتمثلت في اصرار بعض الاشقاء السوريين على وضع دم ابهامهم على ورقة الانتخاب تعبيرا عن افتداء سورية وقائدها بالدم، بينما كان الاطفال السوريون يلونون اصابعهم بالحبر السري وينثرون الحماسة باناشيهم والبهجة باغانيهم على الحضور.
واذا كنت قد غبطت كادر السفارة بدءا من سعادة السفير حتى اصغر موظف وعامل على اريحيتهم واصرارهم على ترك كامل الحرية للناخبين كي يختاروا من يشاؤون، فبالتأكيد ان الذين عاشوا طوفان الحب العجيب الذي اغرق المدن السورية يوم الثلاثاء الماضي كانوا اكثر غبطة مني، كان حلما لي ان اعيش ذلك الطوفان الياسميني الذي هز كل ماكنات العداء لسورية واركس كل اعدائها في وحل ما دبرته انفسهم الامارة بالشر والسوء، لكنه حلما لم يتحقق.
لاهلي السوريين في داخلها وخارجها اقول: هنيئا لكم، ومبارك لكم، وهنيئا لنا ومبارك لنا ببشار سورية والعروبة.
وكل ملحمة وسورية ببشارها اقوى وامنع.