نادية العبيدي
في ضيافة سيد شباب اهل الجنة كانت لي قصيدة من دموع وسفر من الم وحزن مفجع لا تبدده الايام ولا تخفته قوادمها ولا خوافيها ولا يوارى الثرى … ففي حضرتك سيدي، تتوسد احزان كل تاريخنا المسربل بدماء الاباة الرساليين نادري النوع والمثال ، وتحت ظلال ضريحك تخفت نائسة كل الحمائم وهي تلوذ برايتك المرفرفة فوق قبتك المذهبة الحزينة الباكية التي شقت صدرها احزاننا الغائمة فوق كهوف جهل وظلام لا تتبدد الا مع اول شعاع يخرج من محرابك المضيء بليل عراقنا المظلوم المكلوم ، المقفر المبكي . الساهد المضحي بعياله الجوعى المتحلقين حول قدر من حجارة تتراقص في ماء يغلي وهم يحلمون بطعام لذيذ ساخن والام الرؤوم تهدهدهم بقلب يسيل دما منتظرة ان يأخذهم الليل بسحره بغفوة طويلة ابدية عسى ان يصبح عليهم فارس يذبح جواده كي لا ينامون خاويي البطون .. متمنطقين بنطاق الصبر الذي اكل وشرب فوق جلودهم في كل المواسم والفصول.
علمنا جدك العظيم المبارك المحمود اسمه في سماوات الخالق الاعظم كيف نلوك القيم الخلاقة حرفاً فحرف فلا نحبو الا على لبها ولا نحدو الا بنشيدها ولا نحيا الا بزادها ومائها ، لكن ، ووااسفاه ياسيدي ، فان سورة الدنيا الفانية اخذت بلب بعضنا وعقله فلم يصن تلك الامانة التي علقت في اعناقنا فشق جيبها ولطم خدها حتى استغاثت من وجعها في العاليات السامقات. ما احوجنا اليك سيدي في مدلهمات ايامنا هذه ، ما احوجنا الى قولة حق لاتهن حتى وقعقعة السيوف والرماح قاب قوسين او ادنى من النحور، ما احوجنا الى هداة رسالة ينهلون من منهلك ويبذلون بذلك ولا يبالون ان وقعوا على الموت من اجل الدين والوطن والناس والرسالة والشرف والمال والدار والعرض والتاريخ او وقع الموت عليهم.
ياسيد الدم الذي انتصر على السيف ، وسيد الرسالة التي انتصرت على القبلية الجاهلية، وفتى فتيان امة جدك محمد الذي ماخرجت من مدينته الا طلبا لاصلاح ماخطل في مسارها وانحرف عن بياض الرسالة من انحرف.
الحزن فيك وعليك سيدي قصائد والصبر على فقدك والاحتياج لك اسفار معلقات، ففيك سر من اسرار عافية الدين السمح القويم النقي البهي العميق السهل اليسير.
واستميحك عذراً فقد فات الاوان كي نتحلق حول شيخ كريم يرنم حروف القرآن على مسامعنا بتنغيم له طعم القداسة ونعيدها معه او ننحتها نحتاً فوق صفحات ورق بردي القلوب بدواة منقعة من دمائك الزكية الطهور التي امتزجت مع بحر حزن امة عسف بها الجور في يوم طف مميت … في حضرتك سيدي انوار معلقة وماء ورد مزكى تطوف به ايد صغيرة ناعمة في اباريق فضية ومباخر مفضضة ملونة بثقوب ناعمة تتراقص مع اهتزازات الايد ناثرة فوق العباد كومة من صبر واحتباس انفاس متهدجة وعبرات مختنقة فوق وجنات ساخنة تهدل مع فاختات تلوذ بين جرف وطين ..
في حضرتك وعند اول مدخل تطأه القدمان يرتعد اجلد قلب ويرتجف متذكراً هول فجيعة امة قد اخترقت المألوف … وتخطت فوق المعقول … وان لم اكن احمل بين طيات الروح التائهة سوى الروع والوجل لحضرتك يا ابن بنت رسول الله … في ظلام الليل لا شيء سوى السماء والطارق وطريق لا اعرف له منتهى وسمرة ارض تشدني اليها .. تعشقتها حد الثمالة .. وادمنت كل شيء فيها . بظلمها وجورها .. بحزنها والمها .. بعشقها وتعطشها لدمائنا .. لصمتها وهي تشرب حتى دماء ال البيت الذي طهره الله واذهب عنه الرجس… ادمنت حبها عشقاً ابديا لا ينفك ان يكون رسولاً للحب او للحياة وللموت احياناً.