نادية العبيدي
مسؤول حكومي كبير قال في تصريح مرئي ان الشعب الذي سكت طيلة شهور لم تتشكل فيها الحكومة لن ينتفض ولن يتظاهر ، وربما لن يقلق الحكومة ، كما فهمه المتلقون.
مسؤول حكومي كبير آخر قال في تصريح صحفي ان الشعب العراقي لو خرج بقضه وقضيضه فلن يغير شيئاً.
مسؤول حكومي محلي يأمر الشرطة واجهزة الامن بأطلاق الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع ضد متظاهرين فيقتلون ويصيبون عدداً منهم.
مسؤول حكومي كبير آخر خشي من هزة تميد الارض تحت كرسيه الذي اعتلاه مؤخراً فدعا المواطنين الى عدم التظاهر ضد الحكومة الحالية وحصراً تظاهرهم ضد الحكومة السابقة,
نواب لا يتورعون عن وصف المتظاهرين بالهمج والخوارج والمخمورين ، ويصفونهم بما هو اقبح من هذا في المتسرب من احاديثهم في جلساتهم الخاصة.
نقول : ان لا حجر على لسان ايما احد ، ولا قيد على رأي ، لكن ان تتحول الاستهانة بالشعب العراقي وقدراته الى حد المجاهرة بها وكأن الشعب مجموعة من صم بك عمي لا يفقهون ولا يؤثرون ولا يتأثرون ، فهذا مما يلزم ان يحجر عليه ، ويقيد غروره ، وتكبل عنجهيته.
فالشعب العراقي ليس قطيعاً يقاد من اي راع ذي عصا ، وليس فاقداً رشده كي يتردد عن نيل حقوقه المهظومة ، ورد الفساد والمفسدين عن هدم حاضره ومستقبله معاً ، ولا يعاني من ذهان يفقده بوصلة التعبير عن رأيه ، ولا يشكو من وهن او ضعف كي يسلم راتبه بأذعان وفرض امر واقع عليه ، ويزدرد يده ولسانه وقلبه كي لا ينهى عن منكر فساد تمثيله والنيابة عنه ، وفساد حكومات لم تقدم له الا اطناناً من الوعود الكاذبة والكلام الزائف الذي لم يجد معه المواطن رغيفاً يومياً ساخناً ولا حرية حقيقية محترمة ولا مستقبلاً معلوماً غير مجهول ينتظره.
لقد قدمت انتفاضتا تونس ومصر درساً واقعياً بليغاً ومثالاً غير قابل للدحض على ان الشعوب اذا حزمت امرها وجمعت كلمتها ووحدت هدفها ووسيلتها ، وتحرك هديرها ، فلن يوقفه قصف طائرات ولن يرهبه هدير دبابات ولن تردعه فوهات نار مدافع وقنابل يدوية ولا غازات مسيلة للدموع .
الشعب العراقي مثل العاشق الحقيقي الصادق لا يقبل بأنصاف الاشياء ولا بأنصاف المشاعر ، ولا بضبابية الاحاسيس ، وديدنه الصبر على ظالميه وسارقيه ومصادري حريته وسلطته ، لا السلوان ، وامهالهم رويداً ، لكنهم لن يمهلهم مديداً ابداً ، وهو الحليم اذا غضب فما اعسر ان يصمت غضبه . وما اصعب ترويضه للذين نابتهم عنجهية السلطة فظنوا انهم صاروا بمنجاة عن طوفان غضب الشعب ، نقول ، احترسوا ، وبدل ان تستهينوا بالشعب ، وبشبابه الذي لم يكل عن التظاهر طلباًُ لتحرير وطنه ونيل استحقاقاته الانسانية والدستورية ، التفتوا اليه ، واصغوا الى مطالبه ، واجيبوا نداءاته ، وتلمسوا رضاه ، واطلبوا بالعمل الصالح الجاد صفحة عن سوء مضى ، فلعله يسمع ، ويحاوركم ، قبل ان يعلنها ثورة لن تتوقف حتى وانتم تخفون الى طائرات الهرب كما فعل زين العابدين بن علي..!!!
والعبرة لأولي الالباب
فأعتبروا تنجوا