سبهان وفحطان وهلكان من الناس الذين اذا لدغوا من جحر عادوا اليه مرتين وثلاثا، فليس من نواميس حياتهم (التجربة خير برهان) ولا (إسأل مجربا ولاتسأل حكيما) ولا (كذب الدلالين ولا صدق الساسة) ولا (السياسة فن الكذب والتدليس) ولا (كذب ام سبعة ازواج ولا صدق دعايات المرشحين)، ولذلك فقد تناسوا دخان البطالة الذي عمى بصرهم وبصيرتهم منذ سبع سنين ، والام التهجير من كوخ الى خيمة الى قن، والجوع والفاقة واقتعاد الاولاد قارعات الارصفة لبيع السجاير واكياس النايلون واللبان بدل مقاعد الدرس، وذهبوا صباح الاحد الماضي الى مراكز الانتخابات، ومرغوا اصابعهم بالبنفسجي منتخبين من شاءوا، وعادوا الى المقهى ليجدوا رابعهم علوان يدخن الارجيلة ويشرب القنداغ ويقهقه ملء بلاعيمه لا ملء فمه.قال سبهان ان مرشحه سيوفر له العمل.وعلوان يسمع ويقهقه.وقال فحطان انه مرشحه تعهد بألا يخذله.وعلوان يسمع ويقهقه.وقال هلكان ان مرشحه تعهد بألا يتقاضى اي راتب من رواتب النواب ولا يقبض اية امتيازات من امتيازاتهم ولا يركب اية سيارة مصفحة ولا يحيط نفسه بأية حماية.وعلوان يسمع ويقهقه.ولما زجروه لقهقهته اعتدل جالسا وشرع يغني:ادور اعله الصدك ياناس ضاع وبعد وين الكاهثم التفت لهم قائلا: اما من يوفر لك العمل ياسبهان فحقا سيوفره لك اذا فاز وسيرسم لك على ورقة صورة لدار مهدمة ويطلب منك العمل لاعمارها، فجهز سلمك ومعولك ورفشك من الان لتحفر الورقة وتصعد عليها ، وهو اخ شقيق شق المنشار للكذاب الالماني البارون مونشهاوزن الذي زعم ان أن ضيوفاً عنده اشتهوا لحم البط البري، وقد رأوا سرباً منه في السماء, فما كان منه إلا أن أطلق قذيفة من بندقيته، فوقعت من السرب بطتان، انحدرتا مباشرة نحو الفرن عبر المدخنة وخرجتا مشويتين جاهزتين للأكل، واما من تعهد بألا يخذلك فحطان فلم لم تسأله: ولماذا خذلتني وقد كنت (جوكرها وصول جعابها)؟، واما صاحبك ياهلكان فحاله حال اخوة زليخا الذين قالوا سنجعل لكم الهور مرقا والبردي ملاعق، وما مسك احد من كلامهم قبلا ولا دبرا ،وسيمضون سنواتهم الاربع المقبلة بين علس ونهش ونهب وشفط ولفط من جانبهم وسيشغلونكم بازمة تخلف ازمات والازمات تحبل سفاحا من ازمات اخرى حتى لاتجدوا صباحا ولا مساء دون ان تدوي في مسامعكم صرخاتهم وزعقاتهم وتهديداتهم بينما هم يسرحون ويمرحون ويلعبون (النجاخة) على وعودهم لكم وقلوبكم وصبركم في الليل والنهار ، فهم اساتذة لايضارعون ونطاسون بارعون في جراحات الكذب ومثلهم الاول في ذلك كذاب الغابة الذي قال : كنت ماشياً في طريق فوصلت مكاناً رأيت فيه وحوشا كثيرة من الذئاب والنمور والسباع وأمثالها مجتمعه حول شيء ما ان ابصرته حتى رأيت رجل هائلة ضخمة لإنسان نائم فسقت فرسي سريعاً وكنت كلما اسرعت أمر من جانب جسده حتى وصلت إلى رأسه بعد ثلاثة أيام من العدو على الفرس, وعندما رآني قال : إن الذباب والبعوض يؤذيني. قلت : من أنت ، وما الذي أوقعك هنا؟قال : كنت ماراً في أحد الأيام من هذا المكان إذ وصلت إلى امرأة بقيت متحيراً مدهوشاً من طولها وعرضها وضخامة حجمها ، فخفت كثيراً لكن المرأة نهرتني قائلة : مر سريعاً يا رجل من هذا المكان لئلا يصل ولدي ويؤذيك . وبينما نحن كذلك إذ جاء شخص عظيم جداً وفي جيوبه وتحت إبطه حيوانات كثيرة من الحمير والأبقار والجمال والخيول والفيلة بما يربو عددها على الالف فألقاها كلها ثم قال : أماه! انهضي واصنعي لي من هذه الحيوانات شوربة لأني مكسور الخاطر، فنهضت الأم وصبت تلك الحيوانات في قدر لم أتبين طوله وعرضه , منصوب على قمتي جبل وأوقدت النار تحته , فاختفيت أنا من الخوف في زاوية ونام ذلك الولد , ثم إنني ذهبت لأنظر جوف القدر وأتفرج عليه ، فتعلقت بطرفه لأنظر جوفه لكن يدي انزلقت فوقعت فيه، وجاءت الأم بعد لمحة وصبت الشوربة في اناء عظيم ، أما أنا فقد خبأت نفسي تحت بعض الحيوانات , واخذت الأم ذلك الاناء ووضعته بين يدي ابنها فرفع الولد ملعقة تناسب فمه الهائل وكنت أهرب من ناحية إلى أخرى لئلا أسقط في الملعقة ويبتلعني ، ولكنه ضرب ملعقته في الاناء مرة وسقطت أنا أخيراً في الملعقة مع كثير من الحيوانات. وعندما ألقى ما في الملعقة في فمه أسرعت وأخفيت نفسي في ثنايا أسنانه ، ثم طلب بعد الأكل عودا لينبش اسنانه مما علق فيها من لحوم الحيوانات، فأخرجني وقذفني بلسانه من فمه وأنا الآن ساقط حيث ترى.
- info@alarabiya-news.com