فتحنا ابواب كل الدولة امام فرق التفتيش الغربية واستخدموا حتى الطائرات الاقتحامية ولم يعثروا على سلاح دمار شامل
لماذا رفض ( استاذ الخداع والتزوير) البريطاني لقاء الحديثي في نيويورك؟
بوش وبلير اجهضا كل الحلول السلمية واصرا على غزو وتدمير العراق
عد وزير الخارجية في النظام السابق ناجي صبري الحديثي، تقرير تشيلكوت البريطاني “مهما لتحقيق العدالة”، فيما بين ان التقرير خطوة على “طريق الانتصاف للشعب العراقي”.
وقال الحديثي في حوار صحفي إن “صدور هذا التقرير عمل مهم جداً لتحقيق العدالة في قضية غزو دولة العراق المستقلة ذات السيادة، وخطوة أساسية صلبة على طريق الانتصاف للشعب العراقي من الدول التي ارتكبت جريمة غزو واحتلال وطنه، وتسببت في تدمير حياته وتعريض الملايين منهم للقتل والتشريد والتهجير”.
ودعا الجامعة العربية إلى أن تتصرف وفق ميثاقها وانطلاقاً من مسؤوليتها القومية عن كل “ما يدعم الأمن القومي العربي الجماعي، باعتبار أن الغزو قد خلق تهديداً ارهابياً واسعاً ليس للعراق فحسب، بل لكثير من الدول العربية الأعضاء”.
وأشار الحديثي إلى أن “عدداً من المحامين يعكفون الآن على دراسة كيفية التقدم بطلب إلى النيابة العامة في بريطانيا لفتح تحقيق قضائي في ما ورد في تقرير سير تشيلكوت، كما يعتزم عدد من المحامين والقانونيين العرب والعراقيين المقيمين في بريطانيا وخارجها تشكيل لجنة للبدء بالتحرك لتفعيل نتائج هيئة تشيلكوت بما يؤدي إلى إنصاف العراق، دولة ومواطنين، من الدول التي اعتدت عليه دون أي مسوِّغ قانوني و دون أي استفزاز او اعتداء من جانب العراق”.
وأوضح أن “القضاء البريطاني والأوروبي بدأ بالنظر بقضايا قانونية ذات صلة بعدم مشروعية غزو العراق واحتلاله، مما سيفتح الباب، واسعاً، أمام الضحايا، البريطانيين والعراقيين إلى تقديم دعاوى في هذا الصدد”.
وبين انه “لا يمكن قراءة نتائج أعمال هيئة التحقيق العمومي في مشاركة بريطانيا بغزو العراق برئاسة سير جون تشيلكوت بعيدا عن ثلاثة اعتبارات أساسية، أولاً: الدور الرئيسي لبريطانيا في التحريض على العدوان على العراق والمشاركة في غزوه واحتلاله وتدمير دولته الوطنية وحياة شعبه بصفتها الشريك الأول للولايات المتحدة التي قادت العملية، وثانياً: صدور هذا التقرير عن هيئة رسمية شكَّلتها الحكومة البريطانية نفسها بقرار من السيد غوردن براون رئيس الوزراء السابق عام 2009، وليس عن جهة قانونية بريطانية مستقلة أو جهة غير بريطانية”.
وتابع “ويتمثل الاعتبار الثالث بالضغوط الشديدة التي مارستها الإدارة الأميركية وأتباع مجرم الحرب توني بلير على الحكومة البريطانية لتعويق عمل هيئة التحقيق ولتأخير اعلان نتائجها والضغط من أجل حجب اعمال الهيئة عن الجمهور تارة، ومنع الكشف عن الوثائق السرية الخاصة بمداولات الحكومة البريطانية، وخصوصا ما كان يدور من مداولات بين بلير والمسؤولين البريطانيين حول سياسته أزاء العراق ونيته المشاركة بغزوه، وما دار كذلك بينه وبين سيده الطاغية الأرعن جورج دبليو بوش، فضلاً عن الضغوط التي مارسها أتباع بلير على جيرمي كوربن زعيم حزب العمال البريطاني لدفعه للتخلي عن مواقفه المؤيدة لهيئة تشيلكوت ولتسهيل اطلاعها على كل الوثائق واطلاع الجمهور على مجريات عملها، واخيرا لدفعه للتخلي عن مساعيه للمطالبة بإحالة بلير للقضاء البريطاني او الدولي بصفته مجرم حرب”.
وبين “وفي ضوء هذا يمكن القول إن صدور هذا التقرير عمل مهم جداً لتحقيق العدالة في قضية غزو دولة العراق المستقلة ذات السيادة، وخطوة أساسية صلبة على طريق الانتصاف للشعب العراقي من الدول التي ارتكبت جريمة غزو واحتلال وطنه وتسببت في تدمير حياته وتعريض الملايين منهم للقتل والتشريد والتهجير”.
وبشأن امكانية الحل غير المسلح، قال الحديثي “ورد في التقرير “أن بريطانيا انضمت إلى عملية غزو العراق قبل استنفاذ الخيارات السلمية لنزع السلاح. ولم يكن العمل العسكري في حينه الملاذ الأخير”. وهي اشارة دقيقة ومهمة لحقيقة يعرفها المتابعون لملف أزمة البحث عن أسلحة الدمار الشامل المزعومة في العراق وملف العلاقات بين العراق من جهة والولايات المتحدة وبريطانيا من جهة أخرى، فقد سعت الدولتان لتعويق أي فرصة في أروقة الأمم المتحدة لاتباع الخيارات السلمية في حل الخلاف بشأن تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.
ولفت الى “وقد مارست أجهزة الولايات المتحدة كل السبل المشينة لتعويق وصول وفودنا إلى مقر الأمم المتحدة وإجرائها المفاوضات والاتصالات مع وفود الأمم المتحدة وهيئات التفتيتش، أما عن الاتصالات الثنائية بين العراق وهاتين الدولتين لتسوية الازمة التي نشبت بينهما منذ عام 1990، فقد أوصدتا جميع الأبواب بوجه أي حل أو اتصال دبلوماسي”.
وقال “حتى حينما طلبت حكومة بلير من الحكومة العراقية عبر وسيط بريطاني عام 2002 لقاءً بين وزير الدولة للشؤون الخارجية البريطاني السيد برادشو ومسؤول عراقي ووافقت القيادة العراقية وانتدبتني للقائه واتفقنا على اللقاء في نيويورك، فإن حكومة بلير تخلَّفت عن اللقاء، ولم يحضر المسؤول الكبير الذي اختير بديلا عن الوزير وهو ألستر كامبل مساعد بلير لشؤون الاتصال والعلاقات والمسؤول الأول عن ملف العراق، وقد اطلق عليه الاعلام البريطاني بعد الحرب لقب استاذ الخداع والتزوير”.
واشار الى انه “كان بلير نفسه قد أعلن ذات مرة في عام 2002 ان لديه ملفاً كاملاً عن ترسانات الاسلحة العراقية الكيماوية والبيولوجية، وان العراق عاد لإنتاج المواد النووية لصنع سلاح ذري، فرددت عليه مباشرة ودعوته لارسال فريق تفتيش بريطاني أو من الأمم المتحدة وأبديت استعداد العراق الكامل لتسهيل وصولهم إلى هذه الترسانات المزعومة، فلم يردَّ وتهرَّب من التعقيب، وكذلك فعل سيده جورج دبليو بوش، فقد وجَّهنا عدة دعوات للإدارة الأميركية وللكونغرس لإرسال فرق تفتيش لكي تدلَّنا وتدلَّ الأمم المتحدة ومفتشيها على هذه الاسلحة المزعومة، ولكن لا حياة لمن تنادي”.
واستطرد “وكانت السلطات العراقية قد تجاوزت كل المحرمات التي كانت تراعيها في البداية في تعاملها مع فرق التفتيش منذ بدء عملها في العراق في شهر أيار/ مايو 1991، وفسحت المجال لفرق التفتيش للوصول إلى أي مكان واستخدام أي وسائل وآليات وطائرات اقتحامية مستفزة لأغراض الكشف والتحري البري والجوي، كما تعاون العلماء العراقيون مع خبراء التفيتش في كل المجالات، حتى وصل الأمر بفرق التفتيش عن الاسلحة المحظورة، رغم كل المساوىء والاستفزازات في سلوك اعضائها ومسؤوليها، إلى العجز عن تثبيت أي تقصير على العراق خصوصا في الاسابيع الاخيرة من عام 2002 والشهرين الأول والثاني من عام 2003”.
وتابع “حينما عجزت إدارة بوش وتابعها بلير عن إقناع مجلس الأمن لإصدار قرار يجيز الحرب بغطاء شرعي دولي بفضل جهود الدبلوماسية العراقية، وبعدما عجز المفتشون عن إيجاد مجال لإدانة العراق ذهب بوش وبلير للحرب رغم التقدم الكبير الذي أحرزته عملية التفتيش، في عمل واضح لإجهاض الخيارات السلمية”.