صاحب الامتياز
رئيس التحرير
عبدالرضا الحميد

وزير خارجية العراق قبل الاحتلال يكشف : اميركا رصدت 110 ملايين دولار لانشق عن صدام

نفى الدكتور ناجي صبري الحديثي وزير خارجية العراق قبل الأحتلال نفيا قاطعا ما ورد في مقابلة الكاتب الفرنسي نوزي في برنامج الملف الذي قدمته قناة الجزيرة يوم الجمعة الاسبق من اتهامات له بالعمل مع المخابرات الفرنسية. وقال في تصريح صحفي ان ماورد في المقابلة والكتاب عنه عار عن الصحة تماما ولا اساس له على الأطلاق، وانه محض افتراء وكذب “واجترار لما سبق ان مررته جهات اميركية رسمية عبر قناة ان بي سي في اوائل عام 2006 من فبركات واكاذيب .
وأضاف الدكتور الحديثي انه كان حريا بالكاتب الفرنسي ان يتحرى الدقة ويدقق في الرواية المفبركة التي قال ان مصادر فرنسية ابلغتها له والذي اعترف انها لم تعتمد على اي دليل او وثيقة او برهان مادي وانما على ما روجته اوساط في ادارة بوش.
وأشار الحديثي الى ان محور ادعاءات الكاتب الفرنسي وقبلها المزاعم الاميركية التي اطلقت عام 2006 هو لقاء لبضع دقائق جرى معه في نيويورك في أيلول/سبتمبر عام 2002 . وروى تفاصيل هذا اللقاء فقال:(( في شهر ايلول /سبتمبر 2002 كنت في نيويورك رئيسا لوفد العراق الرسمي الى الدورة السنوية للجمعية العامة للامم المتحدة . وكنت مشغولا بترتيب قرار موافقة الدولة على اعادة مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة الى العراق مع الامين العام للامم المتحدة وبمساهمة مشكورة من الاستاذ عمرو موسى الامين العام لجامعة الدول العربية وذلك لتفويت الفرصة على ادارة بوش وحرمانها من استغلال عدم عودتهم لفرض قرار على مجلس الامن يشرعن مخططها العدواني لشن الحرب غير المشروعة على العراق).
 وأضاف قائلا: ( وفي غمرة انشغالي بذلك إتصل بي شخص عربي مقيم في فرنسا ويحمل جنسيتها وقال انه قدم من باريس للسلام علي واراد زيارتي فدعوته للمجيء الى بيت السفير العراقي الدكتور محمد الدوري حيث كنت اقيم في كل زياراتي الى نيويورك . وهذا الشخص كانت تربطني به صلة عمل ودية بعد عام 1990 عندما كنت مديرا عاما للاعلام الخارجي في وزارة الثقافة والاعلام وكان هو رئيسا لتحرير جريدة عربية وقفت الى جانب العراق في تلك الفترة. وبعد مغادرته الجريدة عام 1992 بقي يتردد على العراق بضع سنوات وكان يبحث عن فرص تجارية ويلتقي بعض المسؤولين ، ثم عرفت في ما بعد ان له صلة معينة بجهاز المخابرات).
وروى الحديثي ما جرى في اللقاء فقال انه لاحظ ان هذا الشخص كان يبدو عليه الحرج الشديد ، وبدأ يسأله عن طبيعة عمله في وزارة الخارجية. وقال: (اجبته بأن عملي متعب بدنياً ، لكنني مرتاح جدا وسعيد به وبما حققته للعراق من خطوات مهمة جدا في مواجهة النوايا والتهديدات العدوانية الاميركية والبريطانية من خلال سد العمل الجاد والمثمر لسد الثغرات في علاقات العراق الخارجية وخصوصا مع الدول العربية (وأقصد منظومة العمل الرسمي العربي التي وقفت الى جانب العراق في كل مؤتمراتها الوزارية والرئاسية) ومع منظمة الامم المتحدة ، هذه الثغرات التي كانت تستغلها ادارتا بوش وبلير للتحريض ضد العراق ولابقاء الحصار الظالم على شعبه والتحضير لشن الحرب عليه).
ومضى الدكتور الحديثي في الكشف عما جرى في هذا اللقاء قائلا: (فقال لي : وكيف علاقتك بصدام ، قلت له: ممتازة. وتحدثت له بشيء من التفصيل عما لقيته منه منذ بداية تسلمي الوزارة من تفهم ودعم ورعاية لعملي. كان طبيعيا بتصوري انذاك ان يسالني كل هذه الأسئلة لأنه لم يلتقني منذ عام 1999 اي سنتين قبل تسلمي وزارة الخارجية واراد اي يتعرف على وضعي في الوظيفة الجديدة).
واضاف الدكتور الحديثي : (بعد برهة رد علي ّ قائلا: انا اعرف ابنة الرئيس شيراك وقد سألتني إن كنت اعرف مسؤولا عراقيا يوصل رسالة خاصة من الرئيس شيراك الى صدام، فقلت لها اني اعرف وزير الخارجية فزودتني بالرسالة ومفادها ان الرئيس شيراك يريد ارسال وفد فرنسي عالي المستوى سرا الى بغداد لبحث امور تتعلق بالتهديدات الاميركية على العراق، ويرجو أن يستقبله صدام).
واضاف الدكتور الحديثي ان اللقاء انتهى عند هذا الحد، وانه عاد في اليوم التالي الى بغداد. وبعدها بيوم او يومين التقى صدام حسين وابلغه الرسالة التي نقلها له الشخص المذكور وان صدام رد عليه بانه يعرف هذا الشخص وانه موافق على استقبال الوفد. وقال انه بعد عودته الى الوزارة طلب من احد المسؤولين في مكتبه بان يتصل بهذا الشخص ويبلغه بحصول الموافقة على حضور الوفد.
وأشار الحديثي الى انه لم يسأل عما حصل بشأن هذا الوفد لان مهمته بتقديره كانت أمنية مما لا يتصل بميدان عمله . وقال انه بعد الأحتلال وخروجه من العراق بشهر تقريبا اي في اواسط شهر مايس اتصل هذا الشخص به هاتفيا من باريس . ونقل الدكتور ناجي ما حصل في الاتصال الهاتفي فقال: (بادرني هذا الشخص بالقول : لقد أضعتَ عليّ عشرة ملايين دولار، فعندما جئتك الى نيويورك كنت مكلفا من الفرنسيين ، الذين كانوا يتعاونون مع الاميركيين، بمفاتحتك للانشقاق على صدام . واذا وافقت وعد الاميركيون بدفع مئة مليون دولار لك وعشرة ملايين لي. لكنني لم استطع أن اطرح عليك الموضوع بعد ان اخذت تتحدث لي بالتفصيل عن سعادتك بالعمل مع صدام وعن رعايته لك. فكيف يمكن ان أطلب منك ان تنشق عليه وانت تشيد بعلاقتك به).
وتحدث وزير الخارجية العراقي قبل الإحتلال عما يقف وراء فبركة هذه الكذبة في الكتاب الفرنسي فقال) ثمة احتمال ان تكون الجهات الامريكية التي طلبت من الفرنسيين تكليف هذا الشخص ، حسب زعمه ، بهذه المهمة غير الشريفة في ايلول / سبتمبر 2002 والتي لم يتجرأ على طرحها انذاك قد شعرت بالخيبة لفشل مسعاها فارادت التغطية على فشلها بفبركة هذه الرواية المتهافتة ، اما الاحتمال الثاني فهو ان يكون هذا الشخص قد اختلق هذه الرواية المفبركة وباعها للفرنسيين ومنهم للامريكان لغايات ارتزاقية رخيصة وتلقفها منه هؤلاء لكونهم متعطشين لكل ما يوفر معلومات مهما انحدرت درجة مصداقيتها لاضافتها للاكاذيب التي كانوا يصنعوها لاستخدامها في التحريض ضد العراق والتهيئة لغزوه واحتلاله. وهذا ما لا اتمناه له ، وفي كل الاحوال اتمنى ان يفيق ضميره ويسارع الى كشف حقيقة الكذبة الكبيرة.
وكان الكاتب والصحافي الفرنسي فنسان نوزي قد استضيف مساء يوم الجمعة الاسبق على قناة الجزيرة في برنامج (( الملف )) ، للحديث عن اتهامات بالخيانة موجهة لوزير خارجية العراق قبل الاحتلال، وجاء فيها مايلي:
سامي كليب: سنتحدث لو سمحت قليلا عن العراق، ترصد تفصيل دور مهم قام به وزير الخارجية العراقي السابق السيد الحديثي تقول إن إدارة المخابرات الخارجية الفرنسية كانت لديها معلومات مهمة بفضل عميل عراقي يملك معلومات مهمة من قلب حكومة صدام حسين، إن هذا العميل وزير الخارجية السابق ناجي صبري أحمد الحديثي الذي وبسبب خوفه من مخاطر الصراع الذي يطل برأسه مع الولايات المتحدة الأميركية كشف هذا السند السابق في النظام وأستاذ الأدب الإنجليزي كشف للمخابرات الفرنسية كل ما يعرف عن البرامج العسكرية لبلاده، هذه المعلومات أكدت تلك التي كانت تملكها إدارة الاستخبارات الخارجية الفرنسية ومفادها ألا خطر نوويا في المدى القصير وأن المخاطر الجرثومية قليلة ولكن هناك مخازن للأسلحة الكيماوية يمكن استخدامها عبر قاذفات متحركة، وتؤكد أن الاستخبارات الفرنسية أبلغت مسؤول الـ CIA في باريس بيل مورالي بوجود هذا المصدر العراقي فطلبت الاستخبارات الأميركية لقاءه نظرا لأهميته وتم تدوير لقاء معه على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة التي انعقدت في منتصف سبتمبر عام 2002 في نيويورك، حيث كان الحديثي هناك لإلقاء كلمة رسمية باسم صدام حسين، قدم الوزير العراقي عبر وسيط بعض المعلومات المهمة، دفعت الـ CIA ما لا يقل عن مائة ألف دولار لاستمرار العلاقة. هل أنت واثق من هذه المعلومات؟ وهل الاستخبارات الأميركية فعلا استندت إليها وصدقتها؟
فنسان نوزي: الأمر يتعلق بعملية مشتركة بين الاستخبارات الأميركية والفرنسية وحصلت في سبتمبر 2002 حيث كان الأميركيون قد أنهوا فعليا استعداداتهم العسكرية للهجوم على العراق، وحسب المعلومات التي تلقيتها مداورة من أحد المصادر فإن الأميركيين لم يكونوا موافقين تماما على تلك المعلومات التي قدمها الحديثي، كانوا يعتقدون أن هذه المعلومات تقلل من شأن المخزون العسكري لدى العراق، لا بل كانوا يشكون أن ما قاله الحديثي قد يعتبر نوعا من التضليل المتعمد من قبل نظام صدام حسين وهم بالتالي لم يشأوا الاستماع إلى هذا المصدر.
سامي كليب: هل حققت بالمعلومات مثلا مع المخابرات الفرنسية أن الحديثي كان يعمل لصالح الاستخبارات الفرنسية في لحظة معينة؟
فنسان نوزي: هذه المعلومات أكدتها لي مصادر في الاستخبارات الفرنسية وكانت هناك تفاصيل تم تقديمها دون ذكر اسم هذا الشخص في التقارير الرسمية للكونغرس الأميركي، فلنتذكر مثلا أنهم حين بدأوا التحقيق في أعقاب الحرب على العراق بشأن حقيقة أسلحة الدمار الشامل فهم استعرضوا مختلف المصادر وبينها المصدر العراقي الذي غذى الملف، وجرى الحديث عن مصدر قريب جدا من الحكومة العراقية نقلته استخبارات خارجية وتم تبنيه وأعطى معلومات دقيقة تفيد بعدم وجود أسلحة دمار شامل وإنما أسلحة كيماوية قليلة وربما خطر بعض الأسلحة الجرثومية وبالطبع كان لدى الأميركيين تقارير أخرى وهم فبركوا عددا منها.
سامي كليب: على كل حال حضرتك تعدد الكثير من الأمور التي فبركها المحافظون الجدد في أميركا تذكر مثلا الأدوار التي لعبها ديك تشيني، دونالد رامسفيلد، بول وولفوفيتس تقول إنه مثلا فبركوا قضية شراء اليورانيوم من النيجر، مثلا فبركوا قصة العلاقة بين صدام والقاعدة، إذاً الهدف لم يكن نزع سلاح العراق وإنما الإطاحة بصدام وضرب العراق وتدمير العراق.
فنسان نوزي: صحيح، كان هناك نوع من الغموض في الخطاب الأميركي، فهل نريد نزع سلاح النظام العراقي أم الإطاحة بذاك النظام، وأما بالنسبة لشيراك الذي كان يعتقد بأن الأولوية هي لنزع السلاح فإنه لم يفهم جيدا أن الأميركيين لا يريدون سوى الإطاحة بصدام حسين.

Facebook
Twitter