وثالثهما الشيطان: لا صداقة بريئة بين الرجل والمرأة

نظرة المجتمع الذكورية للصداقة بين الرجل والمرأة تسببت بكوارث في بنية المجتمع

  

هناك صداقات بين الرجل والمرأة تشهدها كل المجتمعات تقريبا، خاصة البلدان المتقدمة، تحتمها الحاجة الإنسانية إليها. أما في مجتمعاتنا الشرقية ومنها العربية وفي المجتمع العراقي بالذات فأن العلاقة بين الرجل والمرأة يكتنفها الكثير من التعقيد والاختلاف بالنظر إليها وبالأحكام التي تتسم بالمتناقضات

 والتطرف تتوزع بين الدين والأعراف والتقاليد وبين القيم الحضارية الجديدة والتطورات الاجتماعية التي باتت تزحف نحو المفاهيم القديمة لتحتلها وتحللها شيئا فشيئا لتحل محلها. وفي استطلاعنا هذا نلتقي بنماذج من كلا الجنسين لمعرفة أرائهم حول هذه العلاقة التي تشغل بال الجميع ذكورا

محسن غريب 67 سنة متقاعد قال: مجنون من يقول بالإمكان أن تكون العلاقة بين الرجل والمرأة مجرد صداقة فمن المستحيل أن يفكر الرجل منا بحيادية ويتجرد من الرغبة وهو يساير امرأة ولو نصف جميلة أو حتى الربع ولا يفعل ذلك إلا اذا كانت المراة قبيحة أو عجوزا لا تصلح إلا للصداقة التي دافعها الشفقة. فالعراقيون متعطشون للمرأة ولجمالها ولأنفاسها العطرة ولا يصدق الواحد منهم الالتقاء بامرأة، حتى الرجل العجوز منا يظل قلبه يصبو ويحن ويولع ولكن هناك نساء يضربن طوقا حول أنفسهن يمنع الرجل الذي تجمعه بها صداقة أن لا يفكر أو يتخيل انه بإمكانه الاقتراب منها أكثر من مجرد صديق ومثل هذه الصداقات نجدها تتمثل غالبا بزمالة العمل أو الدراسة ولا نستطيع أن نصفها بالصداقة بل شبه صداقة.

 نجاح محمد 37 سنة تحليلات مرضية قال: مجتمعنا مازال متعلقا بجذوره البدوية مهما وصل الى مستوى من الثقافة، والعلاقة بين الرجل والمرأة فيه يكتنفها التعقيد عبر تاريخه الطويل وأي تقارب بينهما لابد وان يفسر تفسيرا عاطفيا أو جنسيا لاسيما أن الفرد في مجتمعنا يعيش الكبت الجنسي منذ صغره ومرورا بمرحلة البلوغ والشباب وتبقى المراة بالنسبة له لغزا يتلهف لمعرفة حقيقته ولا يتعرف على المراة عن كثب إلا بعد أن يتزوج لذا فان أي علاقة تنشأ بينهما لابد أن توقظ فيه غريزته وفضوله لذا لا أرى أن بالإمكان أن تكون بين الرجل والمرأة مجرد صداقة فحسب واستثني النساء المحرمات والرجال الذين وصل بهم العمر أو التعقل الى درجة التجرد من نزواتهم.

 لكن سولاف حسن 28 سنة موظفة قالت: ظروف الوظيفة والعمل التي تجمع بين الرجل والمرأة في غرفة واحدة ضمن مجموعة من الموظفين والموظفات تحتم عليهما علاقة الزمالة وقد تكون بين زميل وزميلة نوع من الاستلطاف غالبا ولكن لا يستطيعان البوح به ومن الصعب كما هو مألوف تخطيه لأن التقاءهما لم يكن بمحض إرادتهما. وفي كل الأحوال المراة هي التي تقرر اذا ما أرادت أن تتعدى حدود هذه العلاقة الى ابعد من ذلك، ولكن سرا. أما بالنسبة للرجل فهو دائما على استعداد لتجاوز علاقة الزمالة الى العلاقة العاطفية والجنسية ما دام لا يقع عليه اللوم والاتهام لكونه ذكرا حتى لو كان متزوجا أو كبير السن بسبب الكبت الذي عاشه طيلة حياته وهناك البعض منهم يستغل مركزه الوظيفي ليضغط على المراة ويجرها الى علاقة تتعدى الزمالة بل يستميت في سبيل ذلك وكما قلت يبقى القرار بيد المرأة. 

 علي عمر 42 سنة محام: لكل قاعدة نجد استثناء فمما هو معروف إن هناك صعوبة في إقامة الصداقة بين الجنسين بسبب التقاليد والأعراف التي توارثها مجتمعنا لكن هناك نوع من الرجال يتصف بالاتزان ويدرك الحدود بين الصداقة وزمالة العمل أو الدرس وغيرهما وبين العلاقات العاطفية ولا يخلط بينهما لذا تقيم المراة معهم علاقة صداقة ناجحة وهي مطمئنة ولا يتسرب أدنى شك الى نفسها ولو للحظة بسلوك هذا الصنف من الرجال وخاصة ممن تجاوز سن الشباب وهكذا نرى إن من الممكن أن تنشأ علاقة صداقة بين الرجل والمرأة وتكون ممتعة حقا اذا ما تجردت من الرغبة العاطفية أو الجنسية أو تمكن الطرفان من لجم هاتين الرغبتين كما إن هناك صداقات تجمع بين الطرفين يكون محورها تطابق السعي للمعرفة أو لوجود ميول مشتركة نحو أهداف معينة.ومع هذا فان مجتمعنا ينظر الى مثل هذه العلاقات المنزهة من الأغراض نظرة ريب وتشكيك مما دفع بالكثيرين الى التخلي عنها ولا أظن أنها ستنجح يوما ما، ما لم يرتقي مجتمعنا بوعيه ويتفهم ضرورة مثل هذه العلاقة النبيلة.

 جنان إبراهيم 30 سنة مهندسة: العلاقة بين الرجل والمرأة تحقق السعادة والبهجة لكليهما وتحرك فيهما وازع الحياة. ومما نلاحظه في الفترة الأخيرة إن مجتمعنا بدأ يتخفف من هذه النظرة القاتلة للعلاقة بين الطرفين وبات الكثير لا يستنكرها ويغض البعض عنها حتى اذا جرت وسط أسرته وهذه العلاقة مسالة حتمية الشيوع بعد الانفجار المعلوماتي والتطور الذي يشهده العالم وتشهده المجتمعات. والغرب أدرك منذ أمد بعيد خطورة الوقوف بوجه العلاقة بين الشاب والفتاة وما يجر إليه من كبت وأمراض نفسية خطيرة لذا أطلق العنان للتقارب بين الجنسين منذ الطفولة وممارسة الجنس عند بلوغهما سن الثامنة عشرة وسمح بالعلاقات بينهما مهما كانت نوعها وأظن أن مجتمعنا على المدى البعيد سيتحرر من نظرته القديمة التي تسببت بمآس وكوارث على مر تاريخه وعطلت قدرات شبابنا على العمل والابتكار.

 سامي نجم 23 طالب جامعي قال: خلق الله الرجل وهو يحمل مفتاحه وخلق المرأة وائتمنها على قفلها وأسرارها من اجل ديمومة الجنس البشري ويسعى الرجل والمرأة منذ بدء الخليقة الى بعضهما والتواصل مع بعضهما بشتى الطرق وليس بغاية الاتصال الجنسي فحسب بل للشعور بالألفة والاطمئنان.وفي الوسط الطلابي كثيرا ما نشاهد علاقات صداقة تنتهي بقصة حب وأجمل هذه القصص تلك التي تنتهي برابطة الزواج كما نرى أن هناك صداقات الى درجة الالتصاق بين طالبة وطالب فهم في الدرس يجلسان متجاورين وفي الساحة ينزويان ويتحدثان ويأكلان ويتجولان معا ويذاكران الدرس معا ولكنهما ينفيان إنهما يعيشان قصة حب ويؤكدان إن ما بينهما مجرد علاقة صداقة وهي فعلا كما يذكرونها لإيمانهما المطلق أن هناك ظروفا وأسبابا اجتماعية ونفسية تصدهما عن تطوير علاقتهما الى علاقة عاطفية وهذا شيء جميل ونتمنى أن يرتقي شبابنا بتفكيرهم ويتنزهون عن رغباتهم وتسود الصداقة بين الشاب والفتاة والرجل والمرأة ليس في الوسط الجامعي بل في مجتمعنا عموما فكم من امرأة بحاجة الى صداقة الرجل للظروف التعسة التي تعيشها وكم من رجل يعيش الجفاف الروحي يود لو أن هناك امرأة تقف الى جانبه كصديقة فحسب تبث فيه الدفء الاجتماعي وتؤنس وحشته.

 هيفاء موسى 55 سنة معلمة: كلمة صداقة في قاموس الحياة تعني الكثير فهي دافع للطمأنينة فالمرء يشعر أن هناك من يقف الى جانبه خاصة في المواقف التي يحتاج إليه فيها وان هناك من تشاركه أو يشاركها الفرح والحزن ويساعد على اجتياز الملمات هذا اذا كانت الصداقة تلك المألوفة بين رجل ورجل وامرأة وامراة فكيف اذا كان الصديق من الجنس الآخر فلاشك إن الصداقة بهذه الحال تصل الى أرقى مستوياتها الإنسانية لذا أتمنى أن يصل مجتمعنا الى درجة من الوعي والتفهم يسمح بها أن تسود العلاقة بين الرجل والمرأة والشاب والشابة فهذا النوع من الصداقة يشكل حافزا لاستثارة همم وقدرات كلا الطرفين ويدفعهما الى المثابرة والنجاح ولاشك إن معظمنا لا يستوعب مثل هذه الفكرة ولكنني على يقين بان المستقبل سيضع الأمور في نصابها وستصبح الصداقة بين الجنسين أمرا مألوفا ولا يصح إلا الصحيح حتى لو يحصل هذا الأمر متأخرا بعد مراحل وعهود من الانكفاء والعقد والكبت عانى فيها مجتمعنا ذكورا وإناثا من الخوف والخجل والكبت والحرمان والنظرة المريبة للعلاقة بين الرجل والمرأة والتشكيك والإدانة للمرأة والنظر إليها نظرة دونية وإنها مصدر للرجس والخبائث ولكن المهم سيقدم مجتمعنا على هذه الخطوة قيما بعد ويسمح بعلاقات الصداقة بين الجنسين

 

 

Facebook
Twitter