هاتفني صديق حميم مقيم في الخارج في ساعة متأخرة من الليل وصوته (يتفصد) جنونا.
ـ ما بك ياصاح؟
سألته، فرد:
ـ عقلي لا يحتمل ما يحدث، فهل صحيح ان فلانا صار مسؤولا وبمنصب كبير وخطير في العراق؟
قلت له:
ـ أجل، فما الغرابة؟
قال:
ـ وهل صحيح انه صار يملك من الدولارات مليارات ومن العقارات ما لايعد ومن الضياع والاطيان والسيارات المصفحة والحمايات والارصدة ما لايحصى؟
اجبته:
ـ صحيح، فما الغريب في الامر؟
قال:
ـ اتعرف ماكان يعمل قبيل عودته الى العراق؟
قلت ممازحا:
ـ يلعب النرد في مقهى وينتظر من يدفع له ثمن شايه او يغسل الصحون في مطعم او يمسح احذية العابرين؟
ـ ليته فعل هذا لكان اشرف من كل شرفاء روما وبيزنطه.
ـ قل لي ياصاح ماذا فعل؟
قال:
ـ اسمع، كان هذا رعديدا سكيرا فاسقا كاذبا جاهزا لاقتراف اية موبقة تشبع بطنه نهارا وتؤمن كأسه ليلا.
قلت:
ـ وما الغرابة واكثرهم رعاديد سكيرون فاسقون.
قال:
ـ ولكن ما فعله لم يفعله بشر سوي من قبل، كان اذا حل اوان الغداء او العشاء يقصد احد مطاعم الخدمة الذاتية في عاصمة عربية اقام فيها ردحا من الزمن ، فيرتقي السلالم الى صالة المطعم وينتبذ له زاوية كأي زبون ينتظر نداء دعوته لتسلم طعامه من قبل قسم الطلبات، ويرقب الزبائن وهم يلتهمون الطعام حتى اذا نهض احدهم هب الى بقايا مائدته وازدردها على عجل، ثم يخف الى المغاسل فيتوقف عند بابها متصنعا انتظار دوره، وعيناه تمسحان الصالة، فاذا نهض زبون آخر هرع الى مابقي من طعامه فانتهشه كأي (كلب سلوقي) وهكذا حتى يشبع فيغادر الى مقهى ليلعب القمار من اجل كأسه الليلي.
ثم صرخ:
ـ هل يجوز ان يكون كلب سلوقي مثل هذا قائدا في عراقك؟
قلت له:
ـ (روح بول ونام) فاكثرهم (مراحيض) ياصاحبي.