هكذا يفكر العدو الغازي المحتل تقرير اميركي يقرر يقاء العراق محمية اميركية

الجزء الاول

 

اميركا تريد اتفاقية امنية جديدة مشرطة بوصاية قوات الاحتلال على العراق

 

 

نضج العملية السياسية في العراق يحتاج الى وجود عشرات الالاف من القوات الاميركية ولعدة سنوات

 


 مساعدات اميركا للعراق مرتبطة بتوقيع اتفاقية جديدة تضمن المصالح الأمريكية

 


الولايات المتّحدة جاهزةَ للتَخلّي عن العراق بالكامل إذا لم ترغب الحكومة العراقية بالموافقة على اتفاقية جديدة

 

 

دفعت الولايات المتحدة في 2003-2006 العراق الى حرب طائفية هدّدت باستنزاف عموم البلاد

 

التغييراتَ في سياسة العراق ما زالت ناقصة والديمقراطية بشكلها الأولي تحطمت

 

السياسيون العراقيون الحاكمون اكثر تقليدية واقل تنورا ومحكومون بالعداوات الشخصية  والخوف من المؤامرات

 

الولايات المتّحدةَ لم تحمل أقدام زعماءِ العراق إلى النار لكنها دفعتهم  لفعل أشياء خاطئة

 

 

العراق مجتمع معطل بشكل جدي وفيه خلافات حرجةِ يمكن ان تنتج موجات عنف جديدة

 

سيبقى العراق لفترة طويلة رجل الخليج المريض العاجز عن الدفاع عن نفسه عسكرياً واقتصاديا ودبلوماسياً

 

 

يمتلك قادة العراق السياسيين سجلا ممتازا في الانصياع لقواعد اللعبة السياسية الجديدة وستواصل اميركا حمايتهم من الانقلابات

 

يَحتاجُ السياسيون العراقيون الحاكمون لطمأنتهم بان الجيش الأمريكي سيحميهم من منافسيهم

 

 

 

 

إستراتيجية أمريكية جديدة للمضي قدما نحو التعامل مع شؤون العراق

UNFINISHED BUSINESS :
An American Strategy
  for
Iraq Moving Forward

December  2011

The Saban Center at  Brookings

حول هذا التقرير
يعتبر هذا التقرير نتاجا بارزا للتحول، ليس فقط تحول العراق، وإنما التحول في رؤيا المحللين في الولايات المتحدة والذين يعملون على قضايا العراق.
في أثناء ربيع عام 2010، و في وسط تّشاجر وقع في مرحلة ما بعد الانتخابات العراقية، التقى سّتّة أعضاء من هذه المجموعة في عدّة مناسبات وقاموا باجتماعات اخرى متعلّقة بالعراق. حيث أدركنا على ضوء تلك الاجتماعات ان اختلافاتنا قد انحسرت بشكل دراماتيكي، على الرغم ان العديد منا قد اختلف بشكل صاخب في نظرته المتعلقة بالسياسية الأمريكية اتجاه العراق. بدا في الحقيقة، ان هناك تقاربا مفاجئا في تفكيرنا على الرغم مِن خلفياتنا السياسية المختلفة جداً.
وفي الاستجابة لذلك، قام Kenneth Pollack
  من مركز Saban  لسياسة الشرق الأوسط التابع لمعهد Brookings  بدعوة تلك المجموعة رسميا كمجموعة عمل في العراق. ولسوء الحظ، قام الجنرال Stanley McChrystal  بطلب Frederick Kagan  من معهد American Enterprise  Institute  للحضور الى أفغانستان وذلك من اجل مساعدة القوات الأمريكية في تلك المهمة، وكنتيجة لذلك، كان على Fred  ان يتبع نشاطاتنا عن بعد، من خلال الرسائل الالكترونية، والملاحظات المكتوبة من الجلسات، واللقاءات الفردية التي كان يجريها في أي مكان يذهب إليه في المدينة. أما بقيتنا فقد أمضى ساعات طويلة معا لمناقشة كل قضية بارزة متعلقة بالعراق و سياسة الولايات المتحدة اتجاهه. ويمكن القول انه ما زال هناك بيننا في النهاية بعض الاختلافات، لكن -درجة الإجماع-وإلا جماع على عدد مِنْ البيانات الجريئة بالأحرى حول ما تحتاج الولايات المتّحدة لعمله من اجل ضمان مصالحها في العراق مستقبلا، كان إجماعا بارزا.
وفي نهاية حديثنا وجد بعض أعضاء مجموعتنا الذين كانوا على استعداد كبير للعنف فيما بينهم بسبب خلافاتهم، وجدوا أنفسهم في خلاف حاد حول ما المطلوب عمله. فكان هذا التقرير وهو نتاج عكس هذا التقارب المتناسق.
وحضر Joost Hiltermann
  من مجموعة الأزمة الدولية International Crisis Group ، اغلب اجتماعاتنا بمشاركة كاملة فيما يخص المحادثات، وساهمَ في هذا النتاج بعدد من الأفكار المهمة. أما بالنسبة إلى بقيتنا، فقد أوضحت بعض الصفحات هنا وجهة نظرنا ، لكنها لا تشكل مواقف معهد العمل الأمريكي American  Enterprise Institute  و Brookings Institution, PFC Energy  ومعهد السلام الأمريكي او معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.

الخلاصة التنفيذية
ما زال العراق معلقا في الميزان.
أنتجت التحسنات الأمنية في العراق ما بين عامي 2007 و 2009 أهمية كبيرة، لكنها لم تنه التغيرات في سياسة العراق، وجعلت هذه التغيرات من الممكن تصور صعود العراق نحو بناء تدريجي لمستقبل أفضل، لكن على الأمريكيين ان يَكُونوا على أهبة الاستعداد دائما، تحسبا لانزلاق العراق نحو حرب أهلية شاملة.
كان هناك العشرات من السيناريوهات— مِنْ الانقلابات العسكرية، إلى سوءِ إدارة رسمي، إلى واحد او اثنين من القادة الرئيسيين — ومن شأن ذلك أَن يُثيرَ مثل هذا النوع من العنف، وقد يبدو الصراع مختلفا نوعا ما عن قبل، ربما يكون بسبب التشديد على النزاع العربي الكردي، النزاع السني الداخلي، أَو الأجزاء المختلفة لقوّات الأمن العراقية التي تحارب من اجل السيطرة على الدولة.
• يشير امتلاك العراق تاريخا من الحركات الداخلية والحروب الأهلية، الى ان على العراق ان يجد طريقة للنهوض المتأني نحو الاستقرار، وإلا فانه من المحتمل جدا سينزلق بسرعة نحو فوضى الحرب الأهلية وهي نتيجة غير سارة، لكن لا يجب ان تتعلق الحالةَ المستقرّةَ في حدودها الأدنى، بالولايات المتحدة.
أفصحت واشنطن عن نيتها لانسحاب القوات الأمريكية من البلاد، عاجلا أم آجلا. لكن غير الواضح هنا هو ما الذي تتمناه الولايات المتحدة لانجاز مهمتها قبل رحيل قواتها ومصادرها الخفيفة الأخرى، او كيف تخطط للوصول الى أهدافها.
• أعلنت واشنطن عن إستراتيجيتها للخروج، لكنها لم تصغ إستراتيجية الخروج بعد، والتي ستضمن و تدعم مصالحها في العراق والمنطقة.
على الرغم من ان تأثير الولايات المتحدة في العراق مازال كبيرا، إلا انه اقل مما كان عليه في الماضي، ويستمر بالتضاؤل بينما تغادر القوات الأمريكية العراق، وعند تحول المصادر الأمريكية الى مكان آخر، بالاضافة الى استعادة العراقيين أنفسهم لقدرتهم على حفظ بلدهم وحكم أنفسهم. ومن شان ذلك ان يجعل من أولويات الولايات المتحدة هو امتلاك مفهوم إستراتيجية واضح المعالم والذي يؤسس أهدافا واضحة بإمكانها ان تتحقق مع ذلك الانخفاض للدروع والمعدات.
• يجب ان تتضمن الإستراتيجية الأمريكية للخروج من العراق أفضلية قاسية لأهداف الولايات المتحدة من اجل ضمان توجيه التأثير المتضائل للولايات المتحدة نحو تامين ما هو ضروري أولا، ومن ثم ما هو ممكن ايضا.
سيكون لدى الولايات المتحدة عند مغادرتها العراق، العديد من الأهداف المختلفة، لكنها تدل على أهمية غير متساوية، و على واشنطن ان تدرك الأولويات بينها. وعلى الموضح أدناه ان يكون من أولويات المصالح الأمريكية في العراق:
1- لا يمكن السماح للعراق بالعودة الى الحرب الأهلية. بسبب مصادر العراق و موقعه في الاقتصاد الحيوي وحساسية موقعه الجغرافي في منطقة الخليج العربي (الفارسي في اصل التقرير)، ستكون كارثة على المصالح الأمريكية القومية الحيوية، إذا انزلق العراق الى أتون الحرب الأهلية، والتي من الممكن نشوبها.
2- لا يمكن للعراق ان يعود للظهور كدولة عدوانية. هناك القليل من تلك المخاطر في المدة القريبة، لكن بينما تعمل الولايات المتحدة لبناء عراق قوي متماسك لا يمكنه العودة الى النزاعات الداخلية، يجب عليها ان تتجنب ايضا بنائه كدولة ذات قوة وثقة والذي قد يشكل تهديدا لدول الجوار.
3- يجب على العراق ان يكون حليفا قويا للولايات المتحدة. لأنه سيكون من الصعب ضمان ان العراق سيتفادى الحرب الأهلية ولا يظهر بشكل”وحش فرانكشتاين” الخليج، وعلى الهدف الأخير هذا، ان يكون هدفا طموحا اكثر منه حاجة غير قابلة للإنقاص.
لكون العراق ألان دولة ذات سيادة تتمتع بنهوض القومية، من الضروري ان يرى العراقيون أنفسهم مستفيدين من استمرار التدخل الأمريكي في العراق، كلما اعتقد العراقيون ان العلاقة مع الولايات المتحدة ذات قيمة بالنسبة لهم، كلما سيكونون تواقين للحفاظ على الروابط مع الولايات المتحدة، وسيكونون اكثر تحمسا للنظر في التدخل الأمريكي او رؤيته بشكل ايجابي، وسيكونون اكثر خوفا من فقدانهم لتلك الروابط. وفي هذا السياق، يرغب العراقيون بشكل عام باستمرار المساعدة الأمريكية والاستثمار، و المساعدة التقنية بالإضافة إلى ان الولايات المتّحدةِ تساعدْ العراق على استعادة الموقف الدولي الكامل من خلال حَلّ القضايا الدبلوماسية الرئيسية التي نَشأتْ من آثام صدام حسين.
• تعطي الاتفاقية الأمنية الإستراتيجية (SFA
 ) وهي وثيقة شراكة بين الولايات المتحدة والعراق، بادرت إليها الحكومة العراقية، تعطي تأسيسا لهذا النوع من المساعدة. إذا أرادت الولايات المتحدة الحفاظ على الدعم في العراق، يجب ان تحرز الاتفاقية SFA  في النهاية نتائج ذات قيمة للعراقيين.
• ولنفس تلك الأسباب، يجب على الولايات المتّحدة العمل بالتنسيق مع مهمة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق، والمنظمات الدولية الأخرى، وحلفائها(في المنطقة، في أوربا، وأماكن اخرى) بشكل اكبر من قبل. وكلما تمكنت الولايات المتحدة من التحرك بالتزامن مع الأمم المتحدة والحلفاء الأمريكيين، كلما ستكون المبادرات اكثر لذة للعراقيين.
عمليا، تحتاج ان تكون المساعدة الأمريكية مشروطة بعمل العراقيين للأشياء التي تحتاج الولايات المتحدة لعملها من قبلهم، والتي تكون في كل قضية، هي شيء يهم مصالح الطويلة الأمد للشعب العراقي والأمة العراقية لكنها ليست بالضرورة المصالح القصيرة الأمد للسياسيين العراقيين.
ويعني اشتراط المساعدة ربط سمات معيّنة للنشاطات ألأمريكية إلى السمات معينة ذات العلاقة للسلوكِ العراقي. ويعني ايضا، ربط أوسع لسمات التعاون الأمريكي مع العراق بالنظام السياسي العراقي العام.
• في النهاية، يجب ان ترهن الولايات المتحدة استمرار العلاقة بينها وبين العراق على رغبة القادة السياسيين العراقيين في توجيه بلادهم باتجاه استقرار اكبر وحكم فعّال.

السياسة


أصبحت سياسات العراق الداخلية مركزَ ثقل الجهد الأمريكي اتجاه العراق، وسيكون مستقبل العراق محددا بشكل أساسي من خلال سياق سياساته الداخلية، والذي سيقرر تباعاً حتى لو ان المصالح ألأمريكية الحيوية هناك كانت محمية.
• تحسن ألأمن في العراق بشكل ملحوظ، لَكنَّه سيبقى على المدى البعيد فقط إذا استطاعت السياسة العراقية من الانتظام. إذا انهار الإطار السياسيِ العراقي المحلي فسيلاقي أمنه نفس المصير.
• يواصل اقتصاد العراق التلكؤ على المدى الطويل وسَيَتحسّنُ فقط عندما تكون حكومة في بغداد قادرة على الحُكْم بشكل فعال. وإذا انهار الاقتصاد العراقيَ، فسيكون ناجما بالتأكيد من فشل سياسات العراق الداخلية.
لأن سياسات العراق الداخليةَ هي المفتاحُ إلى المستقبلِ واستقرار البلادِ، ولأنه يَبْقى هشّا جداً، يَجِبُ ان يرتكز الأمريكيون بشكل أساسي على تحديد تدخل الولايات المتّحدةُ في العراق، لذا يجب أنْ تكون الأولوية العليا المُطلقة للولايات المتّحدةِ أثناء التخفيض المستمر وللسَنَوات العديدة القادمة، هي لرُؤية نهاية عمل سياسات العراق الداخليةِ بالشكل صحيح.
وسيعني ذلك بشكل مُحدّد، ان تقابل عِدّة معايير مهمة: استمرار التقدم نحو الديمقراطيةِ، شفافية، وحكم القانون؛ التطوير المستمر للقدرةِ البيروقراطية؛ عدم تفشي النشاطِ الثوريِ، بما فيها الانقلابات العسكرية؛ منع ظهورَ الدكتاتوريين؛ المصالحة بين تجمّعات الاثنية لمختلف طوائف، بالإضافة إلى ضمهم؛ تصور معقول علاقات المحيط المركزيةِ، بما فيها الاتفاقية قابلة للتطبيق على الطبيعة الاتحادية؛ الإدارة والتوزيع العادل لثروة نفط العراق، بالإضافة إلى الرخاء الاقتصادي العامِّ الذي يَجِبُ أَنْ يَنْتجَ عن مثل هذا التوزيع.
• علاوة على ذلك، لا يمكن للولايات المتّحدة أَنْ تَكُونَ واثقةَ بأنّ أهدافها الأساسية لمَنْع الحرب الأهلية / وعدم الاستقرار في العراق، قد تكون مضمونة بالكامل حتى يعالج العراقيون بشكل ملائم المشاكل الباقية في الدستورِ العراقيِ لأن من شان هذا ان يُهدّدُ قابليةَ نجاح الدولة. وسَيَكُون موقفا لا مباليَا بشكل أساسي بالنسبة للولايات المتّحدة إذا افترضت بان العراقيين سَيَكُونون قادرين على التَغَلُّب على الفجوات في الدستور لتحقيق حكومة مستقرة بدون دعم خارجي.


دعم التطور السياسي في العراق


لسوء الحظ، يمكن للسياسات الداخلية ان تتحسن لتكون المنطقةَ الواحدة حيث لن تدخر قيادة العراق السياسيةَ وسعا لإبْقاء الولايات المتّحدة خارجاً.
يمتلك قادة العراق السياسيين سجلا ممتازا في الانصياع لقواعد اللعبة السياسية الجديدة، وتواصل الولايات المتّحدة كذلك ضمان التأمين النهائيِ في عدم وجود مجموعةَ سَتَكُون قادرة بالكامل على قلب النظام والسيطرة على الآخرين. وهذا هو دور الولايات المتحدة الذي يواصل العديد من العراقيين اعتباره على الأقل شرا لا بد منه إذا لم يكن جيدا بشكل ايجابي. وهكذا، من المهم لمستقبل العراق ولمصالح أمريكا الحيوية، ان تركز الولايات المتحدة طاقتها ومصادرها على سياسات العراق الداخلية.
• لزيادة قدرتِها في التَأثير على سياسة العراق المحلية، يجب على الولايات المتّحدة أنْ تتهيأ عمليا في إتباع كلّ الأوجه الأخرى لها في سياسة العراق من خلال صنع تضحيات كبيرة في المناطق المصانة سلفا. تقريباً كلّ عنصر آخر الذي تحتاجه العلاقة العراقية- الأمريكية لتكون قوة رفع من اجل ضمان قيام العراقيين بعمل ما هو ضروري في المنطقة الواحدة من الأهمية القصوى للولايات المتحدة (بالاضافة الى مصالحهم الطويلة الأمد الأخرى).
بالرغم من أن الولايات المتّحدةِ لَها مصالح وطنيةُ حيويةُ مستثمرة في مستقبلِ العراق، إلا انه سيكون من الخطأ لواشنطن التَحديد بأنّه سَيبقى ملتزما اتجاه العراق تحت أيّ ظرف من الظروف. طالما يحرك زعماء العراق بلادهم في الاتجاه الذي يَخْدمُ المصالح الأمريكية يمكن للولايات المتّحدة ويَجِبُ أَنْ تَبْقى راغبة في مُسَاعَدَة العراقيين بسخاء.
• لكن على، الولايات المتّحدة أَنْ تَقر ان العراقيين قَد لا يَختارون أَن يَتحرّكوا في ذلك الاتجاه. و يُقاوم العديد مِنْ الزعماء العراقيين دور القانون، وحدود الدستور، وقيود أخرى عندما لا تُناسب مصالحهم الضيّقة. و قَد يَعتبرونَ دور أمريكا في العراق كعائق ضد تحركاتهم التي يرجونها.
• إذا لم يرغب قادة العراق أَو أنهم غير قادرين على التَصَرُّف وفق أسلوب متّسق مع الحكمِ الجيدِ، حكم القانون، والحاجة للمصالحةِ الوطنيةِ، ومن ثم المخاطرة بمستقبل استقرار العراق فان ذلك يتسبب حتما في وجوب إعادة حكومة الولايات المتّحدةَ لتقييم مستوى التزامها اتجاه الشراكة العراقيةِ الأمريكيةِ ومصادرها التي ترغب بالاستثمار فيها.


الأمن


تمن جدولة مغادرة جميع القوات الأمريكية في الوقت الراهن بحلول شهر ديسمبر/كانون أول 31, 2011، عندما تنتهي ألاتفاقية ألأمنية بين العراق الولايات المتحدة، على الرغم من هذا، فان هناك منافع أمنية وسياسية محتملة بشكل واضح، من استمرار وجود الجيش الأمريكي في العراق بعد ذلك التاريخ. وعلى المدى القريب, من المحتمل ان وجود الجيش الأمريكي المستمر، قد يساعد على الحفاظ على مكاسب العراق الأمنية الأخيرة و يعطي بَعض الضمانات والثقة بان القواعد الأساسِية للنظام السياسي ستكون مصانة.
رغم ذلك، القضية هنا هي ليست تأكيد على بقاء القوات الأمريكية في العراق بشكل إجباري والذي يكون على حساب جميع الاعتبارات.
• مِن المنظور الأمريكي، يكون بقاء القوات الأمريكية في العراق ذا معنى فقط عندما تكون لتلك القوات السلطةُ والقابليةُ الكافيةُ لضمان مصالح أمريكا في عراق مستقر، هكذا, يجب تحكم المشروطية أيضاً إذا حافظت الولايات المتحدة على استمرار وجود قواتها العسكرية في العراق.
هذا الموضوع بلا شك حساس بشكل واضح بالنسبة الى العراقيين وسيكون استمرُّار وجود القوّات ألأمريكية مقبولا بشكل واسع، فقط إذا تمت ملاحظة انه مطلوب من قبل العراقيين وتم التَفاوض عليه بطريقة شفّافة بين الحكومات الأمريكية والعراقية، ومصادقا عليه مِن قِبل برلمان العراقي.


أولويات المهام


في الماضي، أخذت القوات ألأمريكية في العراق على عاتقها تشكيلة واسعة من المهام أولا لأن العراق كان بحاجة الى ذلك، ثانيا بسبب وجود أعداد متوفرة بشكل كاف تمكنهم من فعل ذلك. أما اليوم فقد تغيرت تلك الظروف، ولذلك، على الولايات المتحدة ان تتعهد في المجال العسكري بتطبيق الأولوية القصوى عند صياغة إستراتيجية لعلاقتها مع العراق في المستقبل.
• تلك الأولوياتِ يجب أنْ تكون مشتقة من المصالح الأمريكية في تَقَدُّم العراق نحو الأمام، لكن لا يمكن تطبيق هذا المبدأ بشكل ينم عن قصور الرؤيا: تكون بعض المهام العسكريةِ الأمريكية، حرجة بالنسبة للمصالح الأمريكية لأنها تعزز بشكل مباشر المصالح الأمريكية الأساسية في منع الحرب الأهلية. و قد تكون المهام الأخرى، متساوية من حيث الأهمية لأنها تدعم بشكل غير مباشر المصالح نفسها من خلال دعمها لسياسات العراق الداخلية — المحدد الرئيسي لاستقرار أَو عدم استقرار العراق في المستقبلِ المنظور.
والذي يتضح مِن المصلحة الأمريكيةِ البارزةِ في مَنع أزمة داخلية التي يمكن أَنْ تتسبب في حرب أهلية شاملة، هو الى حد بعيد ان المهمة العسكرية الأكثر أهميةً الآن هي دعم الاستقرار الداخلي للعراق من خلال مواصلة أداء مهام قوات حفظ السلام، خاصا، لكن لَيسَ بشكل حصري، في كركوك وأراض أخرى متنازع عليها مِن قِبل العرب والأكراد في شمال العراق. والصحيح هنا، هو يمكن ان تكون القوات ألأمريكية بديلا حاسما للثقةِ التي تنتهجها المجتمعات المستقرّة.
ستأخذ إعادة بناء الثقةِ في العراق، كما في كُلّ المجتمعاتُ المحطمة بالنزاعات الداخلية، سَنَوات عديدة، وفي هذه الأثناء، يَحتاجُ العراقيون بعضَ القوى الخارجية القويَّة لطمأنتهم بان منافسيهم (بضمن ذلك المنافسين في الحكومةِ) سوف لَن يكونوا قادرين على استعمال القوة ضدهم. و بواقعية، القوة الخارجية تلك لا يمكن ان تكون إلا الجيش الأمريكي.
• كانت المهمّة التي مرّت في العراق بارزة الأهميةِ بالنسبة للولايات المتّحدةِ ويمكن لتلك المهمة تكون مُخَصَّصة الآن كالمهمة الأقل أولوية من مكافحة الإرهاب. ولم يعد الإرهاب في العراق مصدرا يهدد استقراره — بالرغم من أن هذا كان يمكن ان يتغير، لذا يَجب ان يطابق ألأولوية للقوات الأمريكية
بنفس الطريقة، يجب ان تعيد الولايات المتّحدة التفكير برغبتها لقبول الأخطار التي تقع على موظفيها. لا تستطيع واشنطن إهْمال حمايةِ القوةِ، لكن لا يمكن ان تجعلها الأولوية العليا للقوة الأمريكية في العراق.
• قرار الرئيسَ السريع نسبيا بسحب القوات مِن العراق يَعْني قبول الخطر لأنه سَيَكُون من المستحيل بَقاء القوات الأمريكية لمُوَاصَلَة إتمام كُل مهامهم الماضية، وعلى نفس المدى كما في الماضي، وبنفس المسموحات الآمنة. على المتبقي من القوَّات العسكرية والمدنية ان يتموا تلك المهام الحرجة من اجل المصالح الأمريكية الحيوية ولأنه سيكون هناك القليل منهم مع المصادر الشحيحة التي تقع تحت تصرفهم فان هذه المهمة ستكون صعبة جدا و سيكون من المستحيل لأفراد الجيشِ الأمريكي المتبقين من متابعة المصالح الأمريكيةِ إذا أصبحت حمايةِ القوةِ هي من أولوياتهم القصوى.
اتفاقية جديدة مع العراق
من الصعب تخيل ان العراق سيتقدم بسرعة إذا انسحبت جميع القوَّات لأمريكية بمسؤولية بنهاية الـ2011، طبقاً لجدول المواعيد ألاتفاقية الأمنية العراقية الأمريكية(
SA  ). و يبدو من المحتمل جدا استمرار الحاجة لعدة الآلاف وربما عشرات الآلاف ولعدة سنوات اخرى، على الرغم من استحالة معرفة الفترة الزمنية بشكل مضبوط لأنها ستكون محكومة بنضوج العملية السياسية في العراق. ويعني ذلك ان الولايات المتحدة والعراق سيحتاجان الى اتفاقية جديدة على غرار (SOFA  ) لتأتي بعد انتهاء الاتفاقية الحالية SA   . لا تريد الولايات المتّحدة حالة جديدة من اتفاقية أمنية ما لم يرغب بها العراقيون أنفسهم.
هناك ثلاث قواعدِ حاسمة ومتَرابطة يجب على الولايات المتّحدة ملاحظتها عند التفاوض على
SOFA   جديدة مَع العراق:
1- يجب ان تمتلك الولايات المتّحدة
SOFA  جديدة مَع العراق تحفظ قدرةَ القوة الأمريكية للعمل كقوة حفظ السلام وكوصية لحكم القانون في العراق.
2- يجب على العراقيين ان يفهموا ان جميع مساعدات القوات العسكرية الأمريكية، والسياسية، والاقتصادية والعلاقات الدبلوماسية مع العراق مرتبطة بتوقيع
SOFA جديدة والتي تلتقي مع الحاجات الأمريكية.
3- يجب على الولايات المتّحدة أَنْ تَكُونَ جاهزةَ للتَخلّي عن العراق بالكامل إذا لم ترغب الحكومة العراقية بالموافقة على مثل هذه الاتفاقية الجديدة
SOFA.

الحكم والاقتصاد


لَم يعد احدى المصالح الحيوية الأمريكية، توجيه الجهد العام لإعادة بناء اقتصاد العراق والجهاز الحكومي، فقد انتقل التقدّم في الحكمِ والاقتصاد بشكل كبير مِنْ كونه الشّيء الذي طلبته الولايات المتّحدةَ من العراقيين فعله من اجل المصالح الأمريكية، إلى الشّيء الذي يحتاجه العراقيون من مساعدةً أمريكية من اجل مصالح العراقيين، وأحد أسباب ذلك هو الأداء الحكومي والاقتصادي الأفضل وهو ألان ذلك الشيء الذي يحتاجه القادة العراقيون من اجل الحفاظ على قوتهم و شرعيتهم الخاصة.
يعتمد تعزيز استقرار عراق ديمقراطي بشكل خاص على تطورِ الحكومة الشرعية والفعّالة، وتطور الاقتصاد الذي يمنح الفرص ويوفر سبل الرزق لشباب العراق. وسيقوم معياران وهما الأكثر حساسية بعد الأمن الأساسي، بالحكم على النظام السياسي، من خلال توفير الخدمات الأساسية خاصة الكهرباء و زيادة فرص العمل.
• إن الحكم الأساسي والتحدي الاقتصادي في العراق هو تحسين كفاءةَ وشفافية العمليات التي تحول عملية بيع برميل مِن النفطِ إلى سلع وخدمات التي يرغب بها الشعب العراقي— مثل تحسين قطاع الكهرباء ، الماء و شبكة الصرف الصحي، والنظام الصحي، وفرص العمل.
• لذا يجب ان تكون المساعدة الأمريكية الاقتصادية والحكم مشروطة بان تأخذ السلطات العراقية على عاتقها الإشراف والمراقبة على الآليات التي تهدف الى تحديد الفساد وعزل تأثيره على اقتصاد العراق النفطي.
سيكون التحدي المركزي في هذه المنطقة هو توافق التوقّعات الأمريكية والعراقية حول المساعدات الأمريكية في المستقبل وإيجاد طرقِ مبتكرة لاستعمال
SOFA وأي مساعدة يرغب الكونجرس والإدارة بتوفرها عند هبوط المصادر بشكل حاد. ستحتاج الولايات المتحدة لان تكون صريحة مع الحكومة العراقية في أنها لا تَستطيعُ توقّع مشروع مارشال جديد للعراق وان واشنطن ستكون قادرة فقط على تهيئة بعض المساهمات المالية الإضافية لإعادة بناء العراق، بشكل محدود.
• لحسن الحظ، هناك مناطق رئيسية في الاقتصاد العراقيِ مثل دعم الدبلوماسية ألأمريكية، المساعدة التقنية، خدمات استشارية وتقنية ونقل المعرفة حيث من شان ذلك ان يعطي منافع سياسية واقتصادية لحكومة العراق الجديدة. ويجب على كل ذلك ان يستعمل كقوة دفع لشفافية اكبر في حكم العراق.


أهداف وتأثيرات


لم يتم ضمان المصالح ألأمريكية في العراق بعد، ولذا من المحتمل ان تبقى الولايات المتّحدة منهمكة في العراق لسنوات قادمة. وربما هدأ التأثير الأمريكي هناك، لَكنَّه لم ينته. في الحقيقة، تبقى الولايات المتّحدة أحد اكبر الممثلين المؤثرين في العراق، بالرغم من أن ذلك التأثير سيبقى فقط حين تتعلم واشنطن أَن تستخدمَه بشكل اكثر مهارة.
حذر الرئيس اوباما بقوله “ لم نرى نهاية للتضحيات الأمريكية في العراق” وشدد بأنّه يُريدُ جَلْب حرب العراق إلى” “نهاية مسؤولة. ”. إنّ الحقيقةَ المتباينة الصعبةَ هي مسؤولة الخروج الأمريكي مِنْ العراق والذي يجب ان يكون كل شي لم يكن عليه الاحتلال الأمريكي الغير ممنهج عام 2003. ربما تراجعت الولايات المتّحدة عن العمليات القتالية، لَكنَّها لم تعرف لحد ألان بشكل كامل إستراتيجية لانجاز الشراكة الطويلة المدى مَع العراق والتي يُمْكِنُ أَنْ تخدمَ المصالح الأمريكيةَ الرئيسيةَ وتُساعد على ديمقراطيةَ العراق الجديدة و تَتفادى بها الانزلاق الى الحرب الأهلية. وسيتطلب هذا، تحت بَعْض الظروفِ وبالتوافق مع العراق، سيتطلب ارتباطا أمريكيَا شاملا مَع العراق و لعدّة سَنَوات. لكن تحت ظروف اخرى، يجب على أمريكا ان تكون مستعدة للمغادرة ببساطة إذا قرر القادة العراقيون اخذ خطواتَ عدائيةَ مباشرة ضد المصالح الأمريكية واستقرار بلادهم. في هذه الأثناء، تبقى الولايات المتحدة الداعم الرئيسي لحكومةِ وجيشِ العراق، وهناك تشكيلة واسعة من المنافع الدبلوماسيِة والاقتصادية والتقنيِة، بالاضافة الى الأمنية والتي يرغب العراق فيها بشراكة الطويلة الأمد مع القوة العظمى الوحيدة في العالم. علاوة على ذلك، لم تعد الحالة في العراق هي الشغل الشاغل للسياسة الداخلية الأمريكية كما كانت من قبل، لكنها في نفس الوقت تعطي الإدارة المستقبلية المجال الأكبر لاختبار الشرطية في العلاقة بين العراق و الولايات المتحدة. وما هو مطلوب ألان، هو خطة براغماتية مدروسة بعناية من اجل استخدام مصادر التأثير تلك في السعي الى تفنيد ألأفضلية القصوى لمجموعة الأهداف الأساسية، هذا هو جوهر الشراكة — هي خدمة مصالح كلا الطرفين.


المستقبل المجهول للعراق


دفعت الولايات المتحدة بعد خطواتها المتعثرة في 2003-2006 العراق الى حرب طائفية التي هدّدت باستنزاف عموم البلاد، وأشارت سلسلة التغييرات عادة من خلال اختصار “الاندفاع” الى استقرار البلاد وسحب العراق مِن حافة الهاوية. حيث أعطيت الأولوية لأعمال التصفية الأخرى للإستراتيجية ووسائلِ التكتيك الأمريكيةِ، ونضوج قوّات ألأمن العراقية، وظهور قيادةِ عراقيةِ راغبةِ باتخاذ إجراءات جريئة على أسس أمنية ومن ثمّ تمَكّينَ القوات الأمريكية والعراقية لمَلْء فراغِ الأمنَ ذلك الذي سبّبَ النزاعِ المميت، وكْسرُ شوكة المليشيات وجلب أمنَ حقيقيَ لعموم البلاد.
أنتجت التحسنات الواضحة في امن العراق بين 2007- 2009 تغيرات مهمة، لكن التغييراتَ في سياسة العراق ما زالت ناقصة، حيث ان الديمقراطية بشكلها الأولي قد تحطمت. فيجب على القادة العراقيين ان يتحركوا ويتفقوا من اجل حصد الأصوات مِن الناخبين، ومِن أعضاءِ البرلمان، وحتى مِن أعضاء الوزارة ضمن الحكومة نفسها. أنها تجربة محبطة بالنسبة لأسياد الحرب البارزين و الثوريين وشيوخ القبائل ورجال الدين، لكنهم ما زالوا يتعلمون. بالاضافة إلى التركيبَ المحفّزَ الجديدَ الذي قدمته الديمقراطية إلى السياسةِ العراقيةِ، لكن بغداد قد شهدت ايضا ظهور سياسيين عراقيين اكثر تقليدية واقل تنورا، وتنافس الاختلافات العشائرية والدينية والعرقية مع ضغوط الديمقراطية. وتبقى الكاريزما و العداوات الشخصية من العوامل الحاسمةَ في الاتجاه السياسي للبلادِ، ويبقى الخوف، مؤامرات، وممارسات دستورية شائعة جدا.
لسوء الحظ، بينما تحسنت الحالة الأمنية، فقدت الولايات المتّحدةُ فرصا مهمة لدعم وتَعجيل نمو سياسة العراق. كان جزء من هدف “الإندفاع” هو خلق متنفس للفئاتِ العراقيةِ من اجل مخاطبة النزاعات الأكثر إلحاحا والتي تَستمرُّ في كونها مصدرا لدَيمومة التوتر و تهديد الاستقرار على المدى الطويل. ويقصد ايضا تَغيير حافز قادة العراق، بتجريدهم من أداة العنف، وإعطاء الشعب العراقي القدرة على المطالبة بتغييرات ايجابية بدون خوف. وجزئياً لأن الولايات المتّحدةَ لم تحمل أقدام زعماءِ العراق إلى النار، وكذلك لأن الولايات المتّحدةُ دفعت بنفس الوقت لفعل أشياء خاطئة. واستطاع الكثيرون ان يدعموا تمسكهم الضيق بالقوة، ومراوغة الإصلاحات السياسيةَ الرئيسيةَ وإعاقة التحول الديمقراطي.
أما اليوم، فان للولايات المتّحدة قوة دفع اقل من اجل الإصلاح، لأن واشنطن وَضعَت ألأولويات ألأمنية فوق التغير السياسي وأعطت القادة العراقيين عذرا لدعم الوضع القائم. ومن خلال ذلك، سَمحَت الولايات المتّحدةُ لإيران ايضا ان تستعيد تأثيرها في العراق بعد ان همّشَ “الإندفاع” تأثيرَ طهران بشكل مؤقت. وكنتيجة لذلك تواصل إيران بحدة لِعب دورا مربكا في العراق من خلال دعم مجموعة كبيرة من مختلف الأطياف السياسية، وتروج لمصالحها بشدة في بغداد عن طريق صنع الطائفية- هيمنة الشيعة-إطار لحكومة جديدة. لذا تهدد طهران بمَحُو التقدّمِ الملموس خلال السنتين الماضيتين خاصة، الأحزاب التي نجحت في الانتخابات والفئات (خارج منطقة كردستان) التي بدأت التحول من الأجندات الطائفية نحو مركزية القومية العراقية في الاستجابة الى المطالب الشعبية التي انطلقت بعد التحسن الأمني. لكن اليوم تلوح تلك الأحزاب نفسها بالطائفية تحت المصاحبة الإيرانية. في هذه الأثناء، يطالب الشعب العراقي بسياسة بعيدة عن الخلافات وأكثر تمثيلية وتجاهل الحكم الفعال.
ولذا، ما زال مستقبل العراق معلقا في الميزان. جعل التحسن الأمني وعناصر الديمقراطية الجديدة التي دخلت في سياسة العراق، من الممكن تخيل نهوض العراق ببطء، وبناء تدريجي نحو مستقبل أفضل. ويمكن للعراق أَن يَظْهرُ يوماً كبلد ناجح ومستقر، ويكون حتى ذي مجتمع تعدّدي، على خلاف العالم العربي الذي بدا عليه سابقا. لكن، العراق لَيس كذلك لحد الآن، وقد يستغرق سَنوات، ربما حتى عقود، لإدْراك تلك الرؤيةِ، حتى لو كانت جميع المؤسسات الضرورية كذلك.
لكن قد ينزلق العراق بكل سهولة الى وضع أسوأ، ويَحتاجُ العراقيون لتَأسيس حكومة يمكنها أَن تحكم بالفعل و تَتمتّع بالشرعيةِ الواسعةِ بين دوائر الدولة الانتخابية المختلفةَ. يبقى العراق مجتمع معطلا بشكل جدي: فيحتاج بناؤه التحتي، تعليم، صحة، اقتصاد، شبكات مياه الصرف الصحي، زراعة، والأنظمة القانونية و الصناعية الى الإصلاح و إعادة التعريف، وكذلك يحتاج الى توجيه مؤسساتي. وبنفس الطريقة، يبقى هناك الكثير من الخلافات الحرجةِ والتي يمكن ان ينتج عنها موجات عنف جديدة.
من القضايا الوحيدة المعروفة هي قانون الهيدروكربونَ، ووضع كركوك وأقاليم متنازع عليها أخرى، بالإضافة إلى العلاقةِ بين الحكومةِ المركزيةِ، المحافظات، وحكومة كردستان الإقليمية. و تحتاج كُلّ هذه المشاكلِ الى علاج ضروري ، لكن ستتطلب التحديات المعقدة بعيدة الأمد، خليطا من الصبرِ، المهارة، الحظّ، والدعم الخارجي.
يمكن معالجة هذه المشاكل في النهاية، من خلال حكومة عراقية جديدة، تتمتع بالقوة السياسية لعقد التسوياتِ، وبناء المؤسسات، تَرك العقود، توظيف وطرد الموظفين، ووضع القوانين التي أضاعتها الحكومة السابقة. وبدون مثل هذه الحكومةِ، وبدون على الأقل خارطة للتقدّمِ في قضية النزاعات السياسيةِ الرئيسيةِ، سيتمايل العراق في أحسن الأحوال ولفترة طويلة كرجل الخليج المريض، قادر على أَن يكون مرهبا من قبل جيرانه، عاجز عن الدفاع عن نفسه عسكرياً، اقتصاديا، أَو دبلوماسياً)، ومستعملا كساحة حرب ثابتة لأجهزة مخابرات دول الجوار— عملياً كنسخة أكبر من لبنان اليوم. وستسمح وتمكن عيوب الحكومة في أسوأ الأحوال، من إعادة ظهور المليشيا، وادعاء الأحقية في الأرض و السكان وشن الحرب الأهلية – مثل لبنان في أسوا أوقاتها في الثمانينيات او مثل البوسنة في التسعينيات.
يجب على الأمريكان، صُنّاع السياسة، ومدنيين على حدّ سواء، إدراك الاحتمالية الكبيرة لانزلاق العراق في أتون الحرب الأهلية. فهناك العشرات السيناريوهات — من الانقلابات العسكرية، إلى سوءِ تصرف المسؤولين، إلى اغتيال واحد او اثنين من القادة السياسيين — من شانها ان تشعل فتيل العنف. وقد يبدو النزاع مختلفا عن قبل بطريقة ما، ربما إبراز النزاع العربي الكردي، النزاع الشيعي الداخلي، أَ

Facebook
Twitter