حاوره: عبدالرضا الحميد
مقدمة
يحدث ان يجرى حوار مع ثائر بين احراش الوطن او على اكتافه فلايجد المحاور ـ بخفض الواو ـ شديد مشقة في اقتناص اسئله من لغة الاحراش واناشيد الثائر.
ويحدث ان يجرى حوار مع زعيم وطني او ديني, فلايجد المحاور ـ بخفض الواو ايضا ـ كثير عناء في التقاط اسئلة من افواه الناس او عابري سبيل او جهد ذاتي محض.
ويحدث ان يسعى كاتب او صحفي الى حوار مع عالم انتبذ له ركنا قصيا في اقصي من الارض منجمد او في اقصى من الارض على فوهة بركان ناشط, فلايجد الساعي رهقا في قطف اسئلته من فضاء ذهني, قصير زمنه, خفيف ظله, نزير قلقه.
لكم ما لايحدث ان يجرى حوار مع وطن اجل: وطن.
هذا الجدل الذاتي استغرقني اسابيع طويلة وانا اروض عقلي لتقحم محاورة من نوع غير مطروق ايامنا هذه, مع وطن يمشي على قدمين اسمه جواد الخالصي .
قد يفتئت ضال فينعت قــولي هذا بــمديح, وحاشــا للخالصي ان يكون من طالبــي المديح وحاشــا لي ان اكون من المداحين, فحين ضج الوطن باكيا بنيه الذين خنعوا للغزاة وطأطأوا هاماتهم:
اضاعوني واي فتى اضاعوا
ليوم كريهة وسداد ثغر
كان الجواد الخالصي وحــده مع صحابـــة الوطن وصديقــيه واهل بـــيته يذودون عن دياره وذماره, مهطال النار وطائشها, مديما بـــذلك نســغ النشــيد العراقي العظيم الهادر الذي اطلقه الامام الخالصي الكبير بوجه الغزو البــرطاني حتــى ضجت من هول مقاومته لندن وحلفاؤها.
ومابين وثبة الجد الاكبر ووثبة الحفيد الكبير ليست سلالة جهادية موقفية وطنية اسلامية عروبية فقط بل سلالة من الانتماء الفريد ونادر المثال للاصل الجوهر. ففي الاصل الجوهر ان الإســلام الواحــد وطن, والخاصيون وحدهم يمموا وجوههم شطر الإسلام المحمدي القرآني الموحــد في زمن تنابــز فيه الناس بــالطائفية والتمذهب, فلبــث الخالصيون في غار الإسلام وانصرف بعض سواهم الى اوثان الجاهلية الجديدة.
وفي الاصل الجوهر ان الإسلام وطن العرب الروحي والفكري والانساني الانبعاثي, وان العرب وطن مهد الإسلام وبؤرة نوره,والخالصيون وحــدهم وعوا مذ بدء مثاباتهم الاول هذه الحقيقة في وقت انزاح بــعض سواهم الى تفكيك هذه الاصرة, علها, مع التقادم, تغرب الإسلام وتعيد العرب الى الجاهلية الاولى.
وفي الاصل الجوهر ان العراق الوطن جمجمة العرب وان بغداد في البلاد كالأستاذ في العبــاد, وان حــب الوطن من الإيمان, وان بعض هذا الحــب جهاد دون ذله وذل اهله وان الجهاد من اصول الدين ومن أصول حــب الوطن الذي ماغزي أهله في عقـــره الا ذلوا, والخالصيون تنكبوا الوطن قياما وقعودا مع اهل بيت الوطن وصحابته وصديقــيه وتنادوا ان (حي على العراق), فما غشــيتهم غاشــية, ولا دانت لهم عالية, وما ارتد لهم طرف, ولا وجــب لهــم فــؤاد, ولــم يستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه ونزرة الخيل وشحة الزاد, وكأني بــهم يوم حشــر العراق تقوم قيامتهم وحدهم بين يديه تماما كالماشــي في الأرض بزهد ابن العذراء مريم.
ترى: من أي مآذن المعاني الإســـلامية الســـامية الاصيلة, ومن أي ذاريات المواطنة الصادقـة العفيفة الزاهدة, ومن أي مثابات التاريخ والحاضر الشريفة, يكون حواري مع الاســتاذ المرجع الديني الإمام المجاهد الكبير سماحـة الشـــيخ جــواد الخالصي؟
سؤال تركت الإجابة عليه الى متن الحوار الذي أسبح للحي القيوم حمدا وشكرا على الفوز بــه في زمن ندر فيه صوت عظيم مثل صوت الإمام الخالصي.
علماء الاسلام الذين أفتوا بمقاومة الاحتلال حازوا الرضا والثواب من الله والاحترام والتقدير من الأجيال والتاريخ، وذهب الذين صمتوا وتخاذلوا بعارها وشنارها وإثمها الأبدي
علماء الاسلام الذين افتوا بوجوب مقاومة الاحتلال هم الذين يمثلون الإسلام وروح الشريعة المقدسة
الابتعاد عن زمن الرسالة الاول, والافتراق العلمي عن روح الشريعة اديا الى ظهور الاحكام باشكالها المعقدة التي ضاقت عن معالجة امور المجتمع والدولة
التعاطي المباشر او غير المباشر مع المحتل, والحصول على بعض غنائم المال الحرام هو حكم بالإعدام الذاتي يصدره المتورط على نفسه وتاريخه ومستقبله
اولاد الافاعي هم تيار المحافظين الجدد وحلفاؤهم واشباههم
الاجتهاد الفقهي الحقيقي هو الذي يرتبط بالإسلام الواحد, وليس بالاجتهادات المذهبية او الطائفية الضيقة
في الأسئلة التالية التي وجهناها إلى المرجع الديني الإمام المجاهد سماحة الشيخ جواد الخالصي تفضل بالإجابة عليها من موقع المرجعية الدينية, التي تتحمل المسؤولية الوطنية في العراق, والمسؤولية الأممية لأهل القبلة كافة باعتبارهم امة واحدة هي امة الإسلام والقران, والمسؤولية الإنسانية, وهذا يشمل حتماً كل القوميات والشعوب والأمم التي تدخل في هذا الاهتمام الإنساني والاممي الشامل, ومنها الأمم والشعوب العربية والكردية والتركية والفارسية وباقي أمم الأرض, ضمن دعوة إيمانية ربانية إلى الإنسان أكرم المخلوقات, لكي يأخذ دوره في الاستخلاف الرباني ليعمر الأرض بالصلاح والإصلاح, كبديل عن المناهج المادية المنحرفة التي تريد أن تستولي على الأرض والإنسان والثروات وفق مناهج الاستكبار والاستعلاء التي سببت هذا الفساد الأخلاقي وما افرزه من تلوث في ضمير الإنسان وبيئة الإنسان.
زواج المتعة
المحاور: المسيار ، المتعة ، المسفار ، المساكنة ، الزواج بقصد الطلاق، المؤانسة ، و..و..و..، زواجات منقطعة عديدة شرعها بعض رجالات الافتاء في الدين الاسلامي .. أين موقف الاسلام المحمدي الحقيقي منها؟
الخالصي: كل هذه الأسماء للزواج والعلاقة بين الرجل والمرأة, لاوجود لها في الفقه الإسلامي المحمدي, باستثناء واحد منها ورد في السؤال وهو زواج المتعة, وقد اجمع فقهاء الامة على تشريعه, وبهذا الاسم في زمان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم), وطبقه الكثير من الصحابة, ثم نسخ الحكم حسب روايات عديدة اخذ بها شطر من العلماء, ولم يعتد بها شطر آخر لاصرار عدد معتد به من صحابة الرسول وأهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم على عدم وقوع النسخ, وهذا النكاح سواء يوم شرع في العصر الاول, او انه استمر ولم ينسخ يحوي اركان الزواج الشرعي التي يتفق عليها المسلمون, وتمنع عن هذا الزواج سلبيات الفواحش الجنسية التي تعصف بالمجتمعات الإنسانية, فالمهر والعقد (والإيجاب والقبول فيه) والإشهاد(كسنة ثابتة), والعدة بعد الفراق(المدة الفاصلة الملزمة بين زواج وآخر). هذه متوفرة في زواج المتعة ولذلك شرعه الإسلام, ومن ثبت عنده النسخ: فانه ملزم بالاقتناع بهذه النتيجة ولكن لا يجوز له العمل بهذا الحكم لثبوت نسخه عنده, اما بقية الزيجات المذكورة, فان التعريفات فيها مختلفة ولكنها حين تحوي اركان العقد الشرعي, فانها ستكون مرضية ما دامت تجري في مجتمعات اسلامية تحتاج اليها, ولكن النهاية ستركز على زواج دائم وآخر منقطع, وكلاهما مشرعان بشرائطهما في زمن الرسول صلىَّ الله عليه وآله وسلم, وان اختلف في نسخ الثاني. مع الاقرار بوجود ممارسات غير سليمة تجرى باسم الزواج خصوصاً المنقطع او زواج المتعة وهي بذلك تحتاج الى ممارسات انضباط اشد خصوصاً في هذا الزمان.
الإسلام سهل ومتسامح
المحاور: الإسلام دين سهل ومتسامح ، لكن مصادر الافتاء والاجتهاد اسبغت عليه سلسلة من التعقيدات العبادية والمعاملاتية .. هذا رأي لبعض الناس .. ما تعليق سماحتكم؟
الخالصي: بلا شك ان الابتعاد عن زمن الرسالة الاول, والافتراق العلمي عن روح الشريعة اديا الى تخفيف اهم صفتين وردتا في السؤال وهما صفتان وردتا في وصف الشريعة, وبحديث نبوي صريح حيث قال صلىَّ الله عليه وآله وسلم مبشراً الامة((جئتكم بالشريعة السمحة السهلة)). وبسبب هذا الابتعاد ظهرت الاحكام باشكالها المعقدة وتركزت في جوانب شخصية بدأت تضيق عن معالجة امور المجتمع والدولة, وكذلك تضخمت بعض الامور الفرعية على حساب الامور الجوهرية, حتى حذفت بعض ابواب الفقه الكبرى, ولم يبق في الجوانب الافتائية سوى احكام الطهارة وبعض العبادات والقضايا الاجتماعية الفردية وهي تشكل حالة مظهرية في كثير من الاحيان.
الاجتهاد والإفتاء
المحاور: تعددت مراكز الاجتهاد والافتاء في العالم الاسلامي وتعددت في كل مذهب ، وتعددها في المذهب الواحد مرشح لأن يتعدد وان يؤسس لمذاهب جديدة في هذا المذهب او ذاك .. كيف تقرأون سماحتكم هذا؟ والا تظنون انه مع التقادم الزمني يؤسس لابتعاد عن جوهر الاسلام ومن ثم يرسس ديانات اخرى ليس فيها من الاسلام الا قشوره؟
الخالصي: لاشك ان تعدد مراكز الافتاء, وبالاتجاه المذهبي سيولد انشقاقات لا تعرف نهاياتها. ويذكرنا هذا بقول الشاعر:ـ
وتقسَّموا فرقاً فكل قبيلة فيها امير المؤمنين ومنبر
وهذه هي مخاطر الاجتهاد المذهبي, الذي يبتعد عن حقيقة الاجتهاد الفقهي الحقيقي وهو اجتهاد يرتبط بالإسلام الواحد, وليس بالاجتهادات المذهبية او الطائفية الضيقة, وهو ما قد ينتهي الى مذاهب متناحرة و متباعدة او أسلامات لا يجمعها جامع, وفيها ما يفرق اكثر مما يجمع, ولكن الإسلام بحيويته الذاتية وشخصياته العلمية القادرة على الإبداع والتجديد, يقدم لنا دائماً شكلاً من الحركية الاجتهادية الذاتية, وهو ما يواجه تسلط الحالة القشرية على الفكر الإسلامي ويحفظ أسسه في الاجتهاد والإبداع.
وحدة الإسلام
المحاور: وحدة الإسلام هدف من اسمى الأهداف، هل تراه هدفاً مستحيلاً ام ممكن النوال؟ ومن هي الشخصيات المؤهلة حالياً للنهوض بلواء وحدة الإسلام؟
الخالصي: وحدة الإسلام, هذا الهدف السامي ليس مستحيلاً, وليس ممكن النوال فحسب, بل هو اسلوب ضروري لحركة الإسلام الحقيقية, كما انه هدف مقدس في حد ذاته, ولا يمكن لامة الإسلام ان تنهض الا بعالم موحد وتحرك موحد وفقه موحد, وكل شخصية في العالم الإسلامي من العلماء والمثقفين والواعين, يتحرك على هذه الأسس يمكن ان يكون من المساهمين في تحقيق هذا الهدف الكبير, وهو النهوض بلواء وحدة الإسلام, وعندنا من الأسس والثوابت والمشتركات ما يلزم أهل العلم ببدء هذه الحركة, ويكفي في ذلك إجماع علماء الأمة على مرجعية الكتاب والسنة واستمرار عملية الاجتهاد الإسلامي الواعي والمجدد.
التعامل مع الاحتلال
المحاور: ماذا تقول سماحتكم في بعض رجال الدين الاسلامي الذين ارتضوا التعاطي والتعامل المباشر والايجابي مع الاحتلال الامريكي للعراق؟
الخالصي: لايمكن لمن ارتضى التعامل المباشر او غير المباشر مع الاحتلال ان يدعي انه ينتمي الى هذا الدين ليكون ممثلاً له, او رجلاً من رجاله. ان هذا السلوك بالتعاطي المباشر او غير المباشر مع المحتل, والحصول على بعض غنائم المال الحرام هو حكم بالإعدام الذاتي يصدره المتورط على نفسه وتاريخه ومستقبله, ولن يعوضه مايمكن ان يحصل عليه من ارباح اللحظة الغافلة, وهذا الحكم ينطبق على كل احد خصوصاً على رجال الدين, ومن يحمل الصفات المقدسة, فان الخيانة والتعامل مع المحتل هي نفي لوجود الانسان, لانه بذلك يخون معنى ان يكون كما يقول السياب.
((اني لاعجب كيف يمكن ان يخون الخائنون
ايخون انسان بلاده
ان خان معنى ان يكون, فكيف يمكن ان يكون؟))
مقاومة المحتل
المحاور: قائل يقول: لو افتى علماء الدين الاسلامي في العراق بمقاومة المحتل بالحجارة فقط لما استمر الاحتلال كل هذه السنوات ولأندحر منذ السنة الاولى؟ ما رأيكم بهذا القول؟ وهل يعني ان العلماء الذين احجموا عن هذه الفتوى يتحملون وزر الاحتلال وآثامه؟
الخالصي: لقد افتى بعض علماء الإسلام في العراق والعالم بوجوب مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المتاحة و على أساس هذه الفتوى انطلقت المقاومة وسقط شهداؤها العظام ليوقفوا مشروع الاحتلال الوحشي، وهؤلاء العلماء هم الذين يمثلون الإسلام وروح الشريعة المقدسة وهي حفظ موازين العدالة ومصالح الشعوب. ولكن لو افتى الآخرون الصامتون مؤيدين لفتاوى الواعين المجاهدين لزادت وتيرة المقاومة ولامكن إرباك الاحتلال بشكل أسرع، ووضع البديل في مشروع وطني موحد، وكان يكفي للتعاون هذا العملُ الشعبي المشترك بين المرجعيات الدينية، وبالوسائل المدنية لإنهاء(الاحتلال) هذا المشروع الغاشم، فلو أمكن مثلاً تنظيم صلاة الجمعة وحدها، بشكل موحد ومستمر وعلى مساحة ارض العراق كما جرت بعض الخطوات في ذلك، لكانت كافية في محاصرة المحتلين في وقت اقصر، رغم أن وقت هزيمة وانهيار الاحتلال يُعدُّ وقتاً قياسياً في تاريخ الصراعات الكبرى. والذين أفتوا وبادروا حازوا الرضا والثواب من الله والاحترام والتقدير من الأجيال والتاريخ، مع الأذى والعنت الذي أصابهم، والذين صمتوا وتخاذلوا وخذَّلوا وتعاملوا، فقد ذهبوا بعارها وشنارها وإثمها الأبدي.
المحافظين الجدد
المحاور: اين تضع تيار المحافظين الجدد الامريكي الذي يدعي الاصولية المسيحية ، بين الديانة المسيحية الحقيقية؟
الخالصي: تيار المحافظين الجدد في المسيحية, يشبه الحركة الصهيونية في اليهودية, او ايّة حركة حتى في الإسلام وغيره من الأديان تحاول استغلال الدين لتحقيق مطامعها المادية الرخيصة, وهي بذلك لا تتمسك بقيم الأديان وأهداف السماء الخيرة, وانما تحاول استغلال الدين لتحقيق أهداف الهيمنة والتسلط, وبهذا فهي تشوه صورة الدين وتعد وبالا عليه, وتنتهي بالصد عن سبيل الله. وربنا يخاطبنا في كتابه لنحذر من الوقوع فيما وقع فيه أهل الأديان السابقة. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }التوبة34
المشهد الذي يتكرر اليوم حتى في الجزء المشوه من الإسلام اللامحمدي, الإسلام المنحرف او الأصح, تحريف الإسلام، وهي إحداث تكرر او تستنسخ ما يقوم به المحافظون الجدد باسم المسيحية, انها شركات النفط ومصانع السلاح, ومؤسسات الفساد والرذيلة, ويديرها صقور هذه العصابة, فاي شيئ منها ينتمي الى المسيح ودينه القويم. انها مواصفات اعداء المسيح الذين حاربوه, تتكتل القوى المالية, والسلطات السياسية, والغطاء الديني لمحاربة روح الدين وأهل الحق, باسم الدين وهذا من جانب آخر استنساخ معاصر لتكتل أصحاب الأموال من تجار أورشليم, وقوى الحكم الروماني الوثني, ورجال الدين الأدعياء من امناء الهيكل, الذين وقفوا في وجه السيد المسيح وحاولوا قتله, وما زال منظرو الحركة الصهيونية ورجال الدين اليهودي يفتخرون بالعمل على ذلك وتنفيذه, اذ يتفاخرون بصلب السيد المسيح, وهؤلاء هم حلفاء المحافظين الجدد, فكيف يمكن ان ينتموا الى المسيحية الحقة. ان هؤلاء و أولئك في الحقيقة لا ينطبق عليهم الا قول السيد المسيح الوارد في الإنجيل فهو يقول لهم ((انتم لستم أولاد إبراهيم انتم أولاد الافاعي )). فهم لا ينتمون الى الدين الحق ولا الى الإنسانية وإنما الى الافاعي الملتوية وسمومها.
الاثنا عشر
المحاور: الحواريون الاثنا عشر في المسيحية والنقباء الاثنا عشر في اليهودية والائمة الاثنا عشر في المذهب الجعفري .. كيف تقرأ اسلاميا ورمزياً هذا التناظر العددي ولماذا الاثنا عشر؟
مع الاخذ بالقياس الاشهر الاثنا عشر في السنة والابراج الاثنا عشر في الفلك؟
الخالصي: كتب احد ابرز علماء الإسلام، ومن حملة الحديث النبوي وأحاديث أهل بيته، وهو محمد بن الحسن المعروف بالحر ألعاملي، صاحب كتاب ((وسائل الشيعة)) المعروف، كتب كتاباً سماه ((الأثنى عشرية)) يشير فيه الى تكرر هذا العدد في مراحل تاريخية، وبمجتمعات متعددة، وأجواء طبيعية ، وقصص واحداث عديدة، منها عيون المياه التي انفجرت لبني اسرائيل بعد ان ضرب موسى الحجر. ومنها ما اشرتم اليه في الفلك والابراج والحواريين والنقباء والائمة، ومهما كانت اسباب هذا الانتشار والتشابه في هذا الرقم، الا انه جزء من منظومة الكون المحكمة، والرقم او الحساب اساس هذه المنظومة، فالمشهور عند العلماء هو القول المعروف ((الرياضيات لغة العلم)) وهي كذلك اساس الكون، خصوصاً ان الواحد هو اساس كل الارقام ولعلها اشارة الى وحدة الكون، وخضوعها في الاصل لخالق واحد. ولكن المهم في العدد الاثني عشري، هو الاشارة النبوية الى وجود الائمة من آل البيت والذين عبر عنهم بالخلفاء الذين يملكون امر هذه الامة. وهذا العدد المتسلسل مع الحديث الصحيح المتواتر الذي يقول فيه صلى الله عليه وآله وسلم ((اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض)). وهذا كله يعني بمجموعة وجود دلائل محصَّنة تحفظ حقائق هذا الدين الى نهاية التاريخ، وحفظ هذه الحقائق الخيرة التي تبحث عن المساواة و العدالة والإخاء في ظل غطاء أيماني كوني، يشمل كل الإنسانية وهو يتعلق لمعرفة الإله الواحد الأحد