انتهت امس الاثنين السنوات الاربع التقويمية من عمر البرلمان العراقي. هذه السنوات الاربع التي عاش البرلمانيون حلاوتها مع العراقيين بينما لم يعيشوا مرارتها معهم. صحيح انهم لم يطلقوا وعودا كثيرة للشعب لكي (يلزمهم من ….) ويحاسبهم عليها لانهم كانوا جميعا قد اختبأوا تحت عباءة القائمة المغلقة التي اتت بهم الى مجلس النواب الا انهم في النهاية وبعد فرز الاصوات واعلان النتائج اعلن كل واحد منهم للملأ انه نائب منتخب عن المحافظة الفلانية. لكن طوال تلك السنوات الماضية لا اعتقد ان محافظة او قضاء او ناحية او قرية من قرى الوطن كان قد شاهد 10% من اعضاء مجلس النواب المنتهية ولايته يتجولون في شوارعها او يعقدون ندوة او تجمعا في اي مدرسة او ناد او منتدى او حتى مسجد على امتداد مساحة العراق. كانت الاطلالة الوحيدة للغالبية العظمى من السادة النواب هي الفضائيات ولانهم ديمقراطيون فانهم كثيرا ماكانوا يفضلون الظهور على شاشات الفضائيات التي كانوا قد طالبوا قبل ساعة في جلسة مجلس النواب اغلاقها بوصفها معادية للعملية السياسية. وكان الناس يعرفون نوابهم ليس من خلال تفقدهم احوالهم في مناطقهم بقدر مايعرفونهم من خلال تلك الفضائيات حتى ان الناس حفظوا عن ظهر عين الخلفية التي تظهر خلف السادة النواب والتي تتراوح بين فندق الرشيد داخل المنطقة الخضراء حيث اقامتهم الميمونة او في مكاتبهم خصوصا بالنسبة لاولئك الذين يمكن وصفهم بانهم (طكوا) من بين اعضاء البرلمان بعد ان تحولوا الى زعماء يأمرون وينهون . لانريد هنا ان نبخس البرلمانيين اشياءهم ولكن من حيث المحصلة فان مؤشر الاخفاق والخلل كان واضحا تماما لاي منصف. ولانريد تكرار حكاية الرواتب والامتيازات التي حظي بها النواب وعلى مايبدو انهم سيبقون يحظون بها الى الابد بحيث صارت عملية الوصول الى البرلمان امنية كل مواطن ومواطنة نظرا لضخامة ماتم تشريعه من هذه الرواتب والامتيازات وهو امر حان وقت مراجعته بقوة. والسبب في ذلك ان الكثير من الظروف والاوقات الصعبة التي كانت تحتم على عضو مجلس النواب التضحية انتهت تقريبا بعد ان شاهدنا نوابا ومرشحين يتجولون الان خلال الحملة الانتخابية في المناطق لاغراض الدعاية. ثم ان ماحصل من تضحيات خلال السنوات الماضية بحق بعض النواب لم يطالهم شخصيا لانهم في بروج مشيدة داخل المنطقة الخضراء وفي حال سفرهم الى الخارج فان سيارات الاخوة (بلاك ووتر) وغير بلاك ووتر كفيلة بنقلهم (مثل الطلقة) على الطريق السريع من المنطقة الخضراء الى المطار لكي ياخذوا فسحة من الوقت والتمتع بالوقت والتجوال في عواصم دول الجوار وبالتالي يعوضون عدم قدرتهم على التجوال في بغداد في تلك العواصم. ليس هذا فقط فان الدلال يلاحقهم اينما حلوا ورحلوا خصوصا بعد ان تم نقل معظم مطاعم بغداد العريقة او اكلاتها الشهيرة مثل السمك المسكوف والباجة والكص الى مطاعم تلك الدول .. فماذا تكره اذن طالما ان ابو نواس نقل اليك اينما تذهب ولم تعد بحاجة الى الذهاب اليه؟ اذن انتهت حكاية مجلس النواب الماضي الذي يضم 275 عضوا وستبدأ لنا بعد ان ننتظر فرج اعلان النتائج من .. فرج الحيدري لكي نبدأ حكاية نتمنى ان لاتكون طويلة مثل حكاية غرام فريد الاطرش مع السادة اعضاء البرلمان القادم والبالغ عددهم هذه المرة 325 عضوا. ومع وجود مساع لتمديد فترته لاربعة اسابيع فانه وبصرف النظر عما يقال بهذا الشان فان من حق المواطن ان يسأل .. مانفع التمديد لاربعة اسابيع لبرلمان لم يتمكن طوال اربع سنوات من شفاء غليل المواطن في امور كثيرة واساسية. مع ذلك وجدنا من بعض السادة النواب ممن كانوا من اصحاب الاصوات العالية في الدورة الماضية يحث الشعب على اعادة انتخابه لمجرد انه قال كذا وكيت. الاهم في الامر الان هو قضية الحصانة البرلمانية. فبدءا من اليوم لم يعد اي من اعضاء البرلمان يتمتع بالحصانة البرلمانية. واستنادا لما قيل ان هناك عشرات النواب تنتظر جهات ومحاكم رفع الحصانة عنهم ليبدأ ماراثون مطاردتهم بتهمة دعم الارهاب مرة والضلوع في عمليات قتل وفساد مالي واداري مرة اخرى. وهذا يعني اننا سندخل دورة جديدة من القيل والقال لايتوقع لها ان تنتهي خلال وقت قصير. بقي شيء مهم ويتعلق بالدورة الحالية التي ستنتهي بعد اربع سنوات. والشيء المهم الذي نريد قوله هو اننا اذا بقينا على قيد الحياة والصدور معا فانه لايحق لنا كتابة حرف واحد بحق هذه الدورة عندما تنتهي والسبب في ذلك ان نواب هذه الدورة لم تأت بهم قائمة مغلقة بل هناك من اوصلهم الى البرلمان .. فاذا كرروا مافعله زملاؤهم فلا نستطيع سوى القول .. حيل بمن اوصلهم .. اما اذا كان اداؤهم مختلفا فاننا سوف نودعهم بـ (تحية كبيرة) كما يقول جورج قرداحي لضيفه لكن بعد ان يربح .. المليون
- info@alarabiya-news.com