نعمان ماهر الكنعاني..رحيل الشاعر الانسان

عبد الأمير المجر

 

بعد عمر طويل، بدأ مع ارهاصات الدولة العراقية الحديثة، رحل الشاعر والسياسي والضابط الوطني نعمان ماهر الكنعاني، تاركا خلفه سجلاً حافلا بالمواقف الوطنية المشرفة، فهو المحارب الذي نذر حياته لقضايا وطنه ولقضية فلسطين ومنذ العام(1948) عندما خاض غمارها ضابطاً شاباً مع الجيش العراقي الباسل، اضافة الى كونه احد الضباط الاحرار الذين فجروا ثورة(14) تموز(1958)، وقد عرف عنه مواقفه القومية وكفاءته عند تسلمه المسؤوليات في الدولة.

الكنعاني قبل هذا وذاك كان شاعراً يكتب قصيدة العمود، فضلاً عن اهتماماته الثقافية الأخرى، لاسيما ما يشغل راهننا الملتهب باستمرار، وكيف لا، وهو الذي أفنى عمره في قلب المشهد السياسي العراقي الساخن، فهو المعارض (السري) في العهد الملكي، بحكم كونه عسكرياً والمعارض السياسي (شبه السري) في العهد الأول للجمهورية بسبب اختلافه مع المسؤولين عن ادارة البلاد في عهد قاسم الذي لم يكن على وئام مع القوميين بشكل عام، كما هو معروف وقد ظل حتى آخر يوم في حياته وفياً لمبادئه الوطنية التي آمن بها، وعكس ذلك في شعره الذي قرأنا بعضاً منه ولعلي في معرض تغطيتي لندوة كان يتحدث فيها عن الشعر قلت فيه شيئاً استحسنه وعندما التقيته مصادفة في مبنى وزارة الثقافة والاعلام أواخر التسعينيات وعرفني احتفى بي حتى أخجلني، فأكبرت فيه تواضعه الرائع، ودماثة خلقه التي جعلتني اتواصل معه ولو بشكل متباعد، بعد ان أحببت روحه وتاريخه الوطني فضلاً عن شعره.

لقد تملكني هاجس ان اسأل عنه في الآونة الأخيرة بعد ان انقطعت اخباره عن الوسط الثقافي، بسبب الظروف المعروفة وكم كنت اتمنى ان اعرف ما حل به بعد الطوفان الرهيب الذي اجتاح البلاد بعد الاحتلال، الا ان الاقدار أبت الا ان يكون الخبر الذي اسمعه عنه، هو رحيله الذي ترك غصة في نفوس من يعرفون هذا الرجل الوطني والشاعر والعسكري الذي كان بمستوى شرف العسكرية العراقية ومن يعتنقها عقيدة للدفاع عن الوطن وقضايا الأمة التي لم يبخل عليها حين كان في الميدان، ومنذ الاربعينيات كما ذكرنا.

فالى روح الشاعر والمناضل والانسان نعمان ماهر الكنعاني، الرحمة ونسأل الله ان يدخله فسيح جناته..

Facebook
Twitter