بهمهمات الريح المصطفقة بالزجاج الامامي كانت العجلة تسير بسرعة جنونية فوق الطريق المتعرج والموحل . .. صمت يلف الروح الهائمة فوق ارض لا نهاية لها . صوت رشق الحصى بالدواليب يثير في النفس حزنا عظيما وكأنه انهمار سيمفوني حزين للفراق والالم ومواجع شتى . كانت الشمس حارقة ولا تجد في المكان الا تلك النظرات الحاذقة ترقب تضاريس الارض وفلواتها والبشر والشجر . ترقب العجلات . ترقب الشاردة والواردة . بل حتى الطيور في السماء كانت مرمى للعين ومقتنص للمراقبة . وجوه غير ملامحها لفح الشمس الحارقة . وجوه رغم كل الصعاب والالم والمخاوف من القادم لا تنفرج الا عن ابتسامة ابت ان تفارق اهلها . يحيطون بك كهالة من نور ويلتمسون لك الراحة رغم ندرتها عندهم . ويزودونك بما يمنع عنك الجوع والعطش رغم شحة ما عندهم مما قد لا يصلهم ايام .
انهم فتية بررة افترشوا جمر الصحراء لينعم العملاء الصغار الاقزام الهاربون الى فنادق اربيل وعمان بالامان . ثم قد يستشهد بعض من هؤلاء الفتية او ربما يختطفون ويعدمون ويمثل باجسادهم مثل مصطفى العذاري. وقد يعود الهاربون الى بيوتهم واطيانهم وثرواتهم وتجاراتهم النجسة.
تقترب منهم فيتسابقون لابداء المساعدة اليك بما يستطيعون . يتحلقون حولك بفرح عظيم وبدلا من ان تشد من عزيمتهم يشدون هم عزيمتك . ويرفعون معنوياتك الى كبد السماء عاليا . بل ينتزعون من قلبك اية مساحة للخوف مهما كانت بسيطة . وما ان تتركهم حتى تجد العيون وقد ترقرقت بالدموع وهم يقولون لك بامانة الله وحفظه قد لا نلتقي . او ربما سنلتقي عند الذي لا تضيع الودائع عنده ..
نعم انهم الفتية البررة انهم ابناء وطني
انهم الحشد الشعبي
فاشهد اللهم ربي اني معهم