لكرة الأرضية مريضة. أيامها تمشي على عكّازين. هي تَعرج في أحسن أحوالها. منسوب الإنسانية ينخفض إلى أرقام قياسية غير مسبوقة. صراع الأديان والمذاهب والأقوام والرؤى على أشدّه. أكثر الضحايا يسقطون في منطقتنا المنكوبة المحشورة بين بغداد والخليج العربيّ شرقاً، والرباط والمحيط الأطلسي غرباً.
خصومنا ليسوا أشجع وأذكى منّا لذلك انتصروا علينا. نصْرُهُهم يشبه ذلك النصر الذي يحرزهُ متعافٍ قويّ يطعنُ جسداً يحتضر. المافيا التي صارت معلنة من دون خجل هي من يحكم العالم، والخبر الذي يظهر على الشاشات تصنعهُ ماكنة ومطبخ الأقوياء وتروّجه شاشاتنا الساذجة أو المرتزقة أو الخائنة.
عندما تشتد الحرائق والفتن الغبية بأرضنا المنتهكة، ويصير الموت الذي صنعوه لنا مثل عادة يومية، تصنع أجهزة دعايتهم القذرة، كمشة أخبار عن احتجاز مدير بنك في شمال بلجيكا، وإغلاق محطة مترو ميامي بسبب طرد مشبوه، ورفع درجة الطوارئ في السويد بحثاً عن سبب محتمل لموت افتراضي، وإطلاق نار في كافتيريا مكتظة بسدني. خسائرهم دائماً بالريش وليس باللحم، لكنهم ينفخون دماءهم ويضخّمون دموعهم ليقولوا لنا بأنهم مثلنا تماماً يعانون من غول الإرهاب.
مصائبنا وكوارثنا لها سببان. نحن السبب الأصغر وهم السبب الأعظم لأنهم تعاملوا معنا على أننا آبار نفط وأسواق أكل ودكة مزاد تبيع الأسلحة لنا وتجرّبها بأجسادنا.
هم يصنعون الدكتاتورية السياسية المتخلفة ويسقونها ويحمونها، وعند ساعة منعطف حادةٍ وملتبسة، ينقلبون عليها ويقتلونها ويستبدلونها بشكل آخر أكثر همجية وعنفاً وقسوة، من خلال تصنيع وزرع الدكتاتورية والفاشية الدينية المتخلفة.
يحدثكَ الرئيس أوباما بفخر وعلى كتفيه ريش طاووس، عن حلفٍ عالميّ مكوّن من خمس وستين دولة لمحاربة تنظيم داعش، لكنه يستدرك فيقول إن الحرب على هذا العدو قد تستغرق زمناً طويلاً.
دولة العراق قبل غزو الوحوش الأميركان، كانت دولة مريضة ومفلسة ومحاصرة حصاراً حقيقياً قاتلاً، وتتعرض للكفخ اليومي من صواريخ الأميركان والإنكليز، وعلى سورها تقف الذئاب الشرسة ومرتزقة الأرض كلها بانتظار فرصة الانقضاض. هذه الدولة التي كانت تموت ببطء، لكن لم يجرؤ جرذ إرهابي من تلك العناوين السائدة أيامها، على خرق سورها الطويل المحروس بجنود أطهار معاش واحدهم الشهري، يكاد لا يسدّ كلفة وصوله بسيارة مترنحة باردة إلى موضعه ووحدته العسكرية.
عالم كلب إبن سطعش كلب حتى دورة تاريخية جديدة.