أديب كمال الدين
أوقَفَني في موقفِ المَهد
وقال: وضعتُكَ, إذ خلقتُكَ، في المَهد.
وكانَ مَهدُكَ على الماء
يتنقّلُ من نهرٍ إلى نهر
ومن بحرٍ إلى بحر،
والشمسُ تحيطُ به
ثم تغربُ إلى سوادٍ عظيم
والنجمُ يحيط ُبه
ثمَّ يغرقُ فيه شيئاً فشيئاً،
وأنتَ في المَهد
تنظرُ وتبكي: إلى أين؟
وقلبُكَ فارغٌ كفؤادِ أمّ موسى.
ثمَّ تكبرُ وتشيخُ وتهرم
وأنتَ في المَهد تنظرُ وتتأمّل
لتتساءلَ أو لتصرخَ: إلى أين؟
وقلبُكَ فارغٌ كقلبِ يعقوب
حين لم يعدْ إليه من يوسف
غير القميص الملطّخ بالدمِ والأكاذيب.
ثمَّ تصمتُ دهراً فدهراً،
فإذا كلمةُ أين
قد تكسّرتْ وتبعثرتْ فوق الماء
ولم تبقَ منها سوى نقطة النون.