نادية العبيدي
حيث ان العالم صغير …
وضياء الوجه الحزين أصغر من ان يستوى او يقال او يوصف .. كالحروف التي تعطشت مع بدء موسم الصيف .. موسم الجفاف .. موسم الانتقال من حال الكآبة المتصاعدة بين الحين والحين الى موسم الحصاد للابتسام .. وموعد الحب مع القلب .. وموعد السعادة مع القدر .. وموعد لقاء الاحبة تحت ناقوس الذكريات وهو يعزف سمفونيته الابدية الاثيرة في الازقة الباردة بعيداً عن اعين المتطفلين .. وبعيداً بعيداً عن همس الفضوليين الذين يثيرون الشفقة لانهم يحسبون انفسهم هم الاسياد واصحاب الكلمة الصادقة … ولايعلمون ان (من راقب الناس مات هما) وغما وكمدا …
يضيق بنا العالم احياناً فلا نجد اية فسحة امل من نور او مساحة بسيطة للتنفس .. او قليل من سعادة مخفية بين طيات الزمن الاخرس الذي يأبى ان يفارق صمته فاستحال مدونات صم لذاكرة ضاجة او ذاكرة هامسة تجترها النفس ابان زمهرير الروح وصقيعها كي تشيع في انحائها دفء غيبه تقلب الانواء وارتداد الغمام ويبوس الافق وانثلام الشفق .. وبدلاُ ان تموت البسمة فوق الشفتين .. وتتساقط العبرات سكرى تتلوى حسرة والما .. كما تتساقط اوراق الشجر المصفر بصورة حلزونية وحزينة متحدية موسم هجرتها الى الغياب في وقت الخريف …
والان .. آن لي ان اسألك …
ما لعينيك اراهما باكيتين .. تحترقان بأدمع لا لونية شفيفة … اجبني فهل حقاً حل موسم البكاء .. الم يحن بعد موسم فرحنا .. وان كانت صامتة جامدة .. لاطعم لها غير الآه المكبوتة .. المغرورقة بماء الحزن الابدي.. حزينة مبتئسة .. تحاول ان تتماسك كذباً امام الجمع كي تحول العالم الى مهرجان للفرح .. وكرنفال من سعادة .. ليصدح صوتك عالياً يسابق طيور السماء المحلقة .. ويجاريها بقهقهاتها العالية التي تحيل الارض الى دوران مستمر لا نهاية له … او قد تحيله ان حزنت الى مسرح للالم …
وايضا اقول لك الآن ..
حاول ان تختار معي .. بل وتخرجني من حيرتي الابدية في تلك الدوائر المغلقة .. كي لا نعود ثانية لاضطرارنا المؤكد بأجترار الذكريات ما الذي قررته بعد ان استطلعت وتصفحت كل مشاهد الحزن .. والالم .. والسعادة .. والفرح … هل ستقاوم … هل ستركض نحو الشمس حافياً وتترك خلفك جيوشك الجرارة من العبيد .. والجواري ؟ هل ستغامر وتقول ها انذا ارفع مرساتي من شواطئ حزني واعومها في بحر الحياة .. لا بحر الذكريات .. هل ستقول هيا لنمضي .. هيا فقد آن اوان سفننا ان تمخر عباب البحث عن عشبة خلودنا الاكيدة.. هيا فأمسكي فأسك واهوي بها على اوثانك.. هيا فبيدنا تنادينا ان هلما الى فضائي حيث لاشئ غير الرب الذي يحميك انى كنت والنجوم تحدو على وقع خطاك وقمر من فضة يرقص ثملا على رمشيك ….!!