موسم الحج الى طهران والرياض

أثارت زيارات السياسيين العراقيين إلى بعض دول الجوار أثناء وعقب إعلان نتائج الانتخابات الأخيرة جدلا بين العراقيين، وسط تساؤلات عن أسبابها وأهدافها في وقت تجري مشاورات واتصالات بين الكتل الفائزة لتشكيل الحكومة المقبلة.  وبينما يرى محللون في ذلك ظاهرة سلبية باعتبارها تدخلا في الشأن العراقي ودليل ضعف الشخصية السياسية العراقية، يعتبرها البعض ديدن السياسيين في العالم للتواصل مع المحيط الإقليمي. فما إن ذهب رئيس الجمهورية جلال الطالباني وعدد من المسؤولين إلى إيران أثناء إعلان نتائج الانتخابات، حتى صدرت الكثير من الانتقادات، واتهمت كتل وشخصيات سياسية إيران بالعمل على صناعة الحكومة العراقية. لكن الوفود السياسية توجهت أيضا إلى سوريا والسعودية والكويت ودول أخرى. 

 

 

وعن هذه الزيارات يقول فالح الفياض القيادي بالائتلاف الوطني العراقي، إن لكل زيارة ظروفها الخاصة، موضحا أن قسما من هذه الزيارات قد تكون للتواصل مع المحيط الإقليمي، وأن العبرة في القبول بها هو بموضوعها والهدف منها. ورفض الفياض تلك الزيارات إن كانت مادة للتدخل بالشأن العراقي، لكنه رحب بها إذا كانت بهدف خدمة الوضع العراقي وحشد الدعم الإقليمي والدولي للتجربة العراقية. ويؤكد الفياض أن الوضع العراقي بدأ يتبلور، ورغم اعترافه بوجود تدخلات وتأثيرات، فإنه يعتقد أن هذا التدخل سيتضاءل مع مرور الزمن. وأوضح أن المشهد السياسي يعبر عن نفسه، فهناك –حسب الفياض- قوى سياسية على الأرض وانتخابات أفرزت حجم كل كتلة، وهي حقائق لا يمكن القفز عليها ولا يمكن تجاهلها بموجب أي إرادة دولية أو إقليمية. 

ويعتبر عضو البرلمان المنتهية ولايته حسين الفلوجي التهافت على زيارة دول الجوار "دليل ضعف في الشخصية السياسية العراقية، وانعدام الثقة بين المكونات السياسية في العراق". وبالتالي فإنه يرى أن "الجهد الذي يبذل من أجل إرضاء الجوار لو كان يبذل بين الشخصيات والكيانات السياسية مع تقديم قليل من التنازلات والقبول بالحلول الوسط، لانتفت حاجة العراق إلى التشاور مع دول الجوار وطلب استرضاء هذا الطرف أو ذاك ومجاملة هذه الدولة أو تلك". ويضيف الفلوجي  أنه من الظواهر السلبية التي تسجل الآن بحق الديمقراطية في العراق والقوى السياسية التي تشكل المشهد السياسي، تهافت تلك القوى لإرضاء دول الجوار التي لها أجندات متقاطعة ومتضاربة في العراق، انعكست على واقع الكيانات السياسية من خلال انعدام الثقة والاتهامات المتبادلة فيما بينها حسب قوله. 

وعن تأثيرات دول الجوار في رسم إطار وجوهر الحكومة العراقية، يؤكد الفلوجي وجود تأثير كبير لبعض دول الجوار التي تملك أدوات ووسائل تستطيع أن تحركها بأي وقت تشاء للتأثير في المشهد السياسي العراقي. ويقول الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي حسن البزاز إن "ظروف العراق كبلد محتل فيه تناحر سياسي كبير جدا، فتح الباب أمام لجوء السياسيين لدول الجوار". لكنه أكد أن العملية السياسية في العراق ستبقى متزاوجة بتأثيرات إقليمية ودولية، وتبنى على أساس الاتفاقات الإقليمية المحيطة "لهذا لا يمكن للسياسيين العراقيين إلا أن يحسبوا حساب دول الجوار وأن يتبادلوا الآراء والزيارات". وأشار إلى أنه خلال السنوات السابقة كان هناك محور واحد لهذه الزيارات وهو إيران، أما الآن فإن المحاور شهدت انفتاحا وتوسعاً إلى دول إقليمية أخرى.

Facebook
Twitter