موت المرضى بسبب الإهمال الطبي تحت المجهر القضائي

أفاد قضاة بتلقي دعاوى كثيرة تتعلق بالإهمال الطبي، وأكدوا أن غالبية هذه الدعاوى تتضمن وفيات جرّاء إخلال الأطباء بواجباتهم الوظيفية.

وقال قاضي الجنح علي الطائي في تقرير للقضاء أن “حالات كثيرة للإهمال الطبي لا تحرك فيها شكاوى، لكن حين ورودها وتثبت فيها مقصرية الكوادر الصحية يحال المتهم إلى محكمتنا حيث نتخذ القرار بعد إجراء المحاكمة التي نستمع فيها الى الشهود بعد أن نطلع على التحقيق الإداري الذي يكون ضروريا جدا لحسم القضية”.
وينتقد الطائي الواقع الصحي في البلاد ويلفت إلى أن “الإهمال الطبي غالبا ما يؤدي إلى الموت أو العاهة المستديمة لأن الأطباء ذوو مهنة حساسة، فلا يمكن أن يبقى المريض ساعات من دون أوكسجين وبلا اطلاع على حالته”.
وأكد أن “معظم موتى الإهمال الطبي نساء أثناء عمليات الولادة التي تعتبر بسيطة وفيها نسبة نجاح كبيرة بالنسبة للحالات الأخرى، إلا أننا نشهد للأسف هكذا حالات”، فيما ذكر أن “الولادة غالبا ما تكون تحت يد الممرضة والمعاونة الطبية من دون حضور الطبيبة على رأس المريضة”.
وأفاد بأنه “من خلال الحالات التي تعرض أمامنا يتبين أن بعض الأطباء لا يأتون إلى خفاراتهم على الرغم من تحديد أسمائهم، فهم منشغلون بعياداتهم الخاصة التي أثرت بشكل كبير على عملهم الحكومي”.
بدوره، يتحدث قاضي الجنح مظهر بدر الطرفة عن أحد القرارات الصادرة من محكمته في شباط الماضي الذي يفيد بوفاة امرأة نتيجة الإهمال الطبي.
وقال الطرفة، إن “إحدى النساء لديها حالة ولادة وعند حصول مضاعفات لديها تم نقلها إلى شعبة الطوارئ، لكنها لم تلق الإسعافات المطلوبة هناك من قبل المتهمة الطبيبة وبقيت مدة 30 دقيقة إلى أن توفيت”.
وأضاف الطرفة أن “المريضة لم تتلق أنبوب التنفس الاصطناعي لها بالرغم من مناداتها بضيق التنفس، كما جاء بأقوال الشهود والمدعين بالحق الشخصي”.
وتابع أن “الحالات المماثلة كثيرة، حتى أننا وجدنا في أحد الكتب التابع للصحة أن شهرا واحدا شهد وفاة 6 شابات في حالات الولادة بظروف غامضة في محافظة بابل وأن المريضة محلّ الدعوى إحداهن وهي الوحيدة التي طلب ذووها الشكوى وثبتت مقصرية الكادر الصحي”.
وعن أكثر حالات الوفاة التي يقف وراءها الإهمال الطبي يتحدث قاضي التحقيق تحسين علي خميس عن “حالات نزف بعد العمليات ومضاعفات تتسبب بموت المرضى”.
ويؤكد خميس أن “المسؤولية قد لا تقع على الأطباء أحيانا فالطبيب يجري العملية بنجاح لكن الكادر الطبي يهمل العلاج”.
وفي ما يتعلق بالشق المدني والتعويضات في دعاوى الإهمال والأخطاء الطبية يذكر قاضي البداءة باسم العارضي أن “القضاء يستقبل دعاوى كثيرة من هذا النوع التي تذهب غالباً لصالح المدعي لأن دعوى جزائية كانت قد سبقتها”.
وقال العارضي في أن “قرارات عديدة تم الحكم فيها بالتعويض الذي يتناسب مع حجم الضرر الذي تعرض إليه المدعي”.
وأضاف أن “التعويض بحسب نوع وجسامة الضرر الذي لحق بالمجنى عليه، بحسب ما يراه الخبراء الذين تعيّنهم المحكمة”، مشيرا إلى أن “التعويضات متفاوتة، فالمحكمة عوضت احد المدعين بـ 35 مليون دينار عن وفاة طفله أثناء الولادة”.
وأفاد بأن “الأموال يتحملها الطبيب لأن الخطأ فني محض، أما إذا كان الخطأ إداري يتحمله الطبيب والوزارة”.

 

Facebook
Twitter