صاحب الامتياز
رئيس التحرير
عبدالرضا الحميد

موازنة 2011 مخصصة لرفاه الرئاسات والطبقة الحاكمة

تخصيصات الرئاسات في الموازنة تفوق تخصيصات قطاعات الزراعة والصناعة والعلوم والبيئة والاتصالات

معدل الفقر في اربيل يبلغ 3% وفي السليمانية 3% وفي الكوت 61% وفي الحلة 70% وفي المثنى 75%

الحكومة تواصل الاقتراض من صندوق النقد الدولي وفي حوزتها اكثر من 74 تريليون دينار

بغداد/ اور نيوز: تواجه موازنة عام 2011 انتقادات حادة، سواء من الجانب الحكومي او من الخبراء الاقتصاديين الذين يرون انها لم تعتمد على حقائق علمية وواقعية.
واذا كان مسؤولون في الحكومة انتقدوا طريقة إعداد وتبويب الموازنة العامة للعام 2011 كونها خضعت لـ “نظام محاسبي قديم”، فان الخبراء يرون انها اغفلت جوانب التنمية والنهوض بالاقتصاد العراقي برغم ضخامتها.
يقول موسى فرج الرئيس السابق لهيئة النزاهة ان تخصيصات الرئاسات الثلاث يفوق مجموع تخصيصات : قطاع الصناعة + قطاع الزراعة + قطاع الاتصالات + قطاع البيئة + قطاع العلوم.. للسنوات 2006 ـ2011، اما تشغيلية مجلس الوزراء والنواب ورئاسة الجمهورية فتساوي ضعف تشغيلية قطاعات (الصناعة + الزراعة + الاتصالات + البيئة + العلوم ) مجتمعة.
وبحسب فرج الذي اطلع على الموازنة، فان تخصيصات قطاع الثقافة الذي يعنى ببناء الإنسان في العراق بلغ :0،02%  فقط! وتخصيصات قطاع الزراعة بلغت 0،07% فقط! وتخصيصات قطاع الصناعة بلغت 1،5% فقط !.
ويشير فرج الى إن حجم الموازنة العراقية يفوق حجوم موازنات كل من : مصر وسوريا والأردن ولبنان، برغم ان عدد نفوس العراق يساوي ثلث عدد نفوس واحدة فقط من تلك الدول وهي مصر، ومع ذلك فان معدل الفقر في العراق يفوق حاصل جمع معدلات الفقر في تلك الدول.
ونبه فرج الى ان ما يجري في المغرب العربي من تظاهرات وانتفاضات ضد الجوع والفقر والبطالة، لافتاً الى ان معاناة الناس في تونس والجزائر لا تبلغ 10 % من معاناة الشعب العراقي، فضلاً عن ان تلك الدول مستقرة ولديها شرطة وجيش وقوى أمنية متكاملة، ونحن عكس ذلك، وربما لاتملك الحكومة ما ترد به ثورة الناس إن هي انتفضت، متسائلاً هل ان الحكومة المنتخبة لا تخشى انتفاضة الجياع؟.
ويوضح فرج بالارقام بعض فقرات الموازنة ذات الصلة بحياة المواطن،  ويقول ان بيانات وزارة التخطيط تشير الى إن معدل الفقر في اربيل يبلغ 3% وفي السليمانية 3% وفي دهوك 9 % في حين إن نسبة الفقر في ريف الكوت 61% وفي ريف الحلة 70% وفي ريف المثنى 75 % ، في حين ان حصة الزراعة وهي التي تخص الريف تبلغ 0،07% سبع الواحد من مائة؟، بينما حصة الصناعة في الموازنة 1,5%، ويتساءل كيف اذن تحقيق النهضة الاقتصادية.. ومكافحة الفقر الذي يعني اساسا خلق فرص عمل وهذا لايتحقق الا بتحريك قطاع الزراعة والصناعة والاعمار فهل أن ذلك يمكن معالجته بسُبع الواحد بالمائة وواحد بالمائة.
ويكشف فرج عن أن تخصيصات الرئاسات الثلاث للسنوات 2006 ـ 2011 تساوي 11 مليار دولار في حين كانت تخصيصات قطاع البلديات في العراق لنفس المدة 5,8 مليار وتخصيصات قطاع الصناعة 3.4 مليار وتخصيصات قطاع الأعمار 3 مليار فقط، وتخصيصات قطاع الزراعة لكل الـ 70% من الشعب العراقي هو 3 مليار فقط وقطاع النقل للعراق الفيدرالي 2,3 مليار فقط.. وبلغة الارقام فأن المخصص للرئاسات هو 2,962 في حين أن المخصص للزراعة + الصناعة + الإسكان + الاتصالات + البيئة + العلوم = 2.899 .
ويقترح فرج تأسيس مجلس اقتصادي أعلى شرط ان يكون 50% من أعضائه من خارج الحكومة، ويضم أكاديميين ووزراء ونواب سابقين لا يخضعون لسطوة الحكومة ويكون ارتباطه بمجلس النواب، متوقعاً انه بغير ذلك وبغير اعتماد التخطيط السليم لن تتم معالجة مشاكل البطالة او الفقر ولا يبنى العراق الجديد.
وينتقد فرج قيام الحكومة بالاقتراض من البنك الدولي بشروط مجحفة، وقاسية، بينما لدى البنك المركزي العراقي 43 تريليون دينار جامدة غير الاحتياطي الخاص بثبات العملة تعرف بالمصد المالي ، فضلاً عن وجود كتلة نقدية مقدارها 31 تريليون دينار عراقي وبما يعادل 30 مليار دولار أميركي ، مشيراً الى ان هذا الامر اكده مسؤول في البنك خلال ندوة تلفزيونية مؤخراً.
يشار الى ان وزير التخطيط الأسبق مهدي الحافظ انتقد، هو الاخر، الموازنة المالية العامة للدولة العراقية للعام الحالي 2011 لعدم اعتمادها على حقائق علمية وواقعية، داعيا إلى إعادة النظر بما يمكن أن يقدم تبريرات لهذه الأرقام والتخصيصات المالية، فيما وصف البنك المركزي العراقي الموازنة بأنها الأكبر في تاريخ العراق وسط ضعف نشاطات التنمية.
قال مستشار البنك المركزي العراقي مظهر محمد صالح إن “موازنة العام الحالي هي أكبر موازنة في تاريخ العراق”، مبينا أن “سقفها الإنفاقي يبلغ نحو 73 تريليون وحصة الموازنة الاستثمارية فيها 32% وهو رقم كبير بالنسبة للمستويات العالمية”.
وأوضح صالح أن “المشكلة تكمن في انتهاء السنة المالية بتنفيذ مادي لتلك الموازنة لا يتجاوز 20 أو 25%”، مؤكدا أن “حقيقة هذه الإنجازات في نشاط التنمية أضعف مما يمكن في تاريخ العراق”.
وتابع مستشار البنك المركزي أن “هذا الأمر نجم عن مشاكل وأسباب انتقالية عاشها العراق”، مشيرا إلى أن “المعوق الأكبر الذي يشهده البلد في الوقت الحاضر هو خلق قيادات إدارية تعتمد على نفسها دون خوف”.
وفي هذا السياق قال الأمين العام لمجلس الوزراء علي العلاق إن “النفقات التشغيلية انخفضت إلى حد كبير في الموازنة لهذا العام، كما زادت من المبالغ المخصصة للموازنة الاستثمارية”، واصفا الأمر بـ”التوجه الصحيح”. وأوضح أن “الجزء الأكبر من الموازنة التشغيلية يتعلق بمرتبات الموظفين والمتقاعدين، وهي غير قابلة للضغط في الوقت الحاضر، عدا ما يتعلق ببعض المواقع في الرئاسات وقدرها بسيط بالنسبة للحجم الكبير للأجور”، مؤكدا أن “مقتضيات الوضع الحالي لا تسمح بضغط مرتبات وأجور موظفي الدولة”.
وفي اشارة الى الانتقادات التي تواجهها الموازنة العامة، قال أمين عام مجلس الوزراء إن “لكل قطاع أو شريحة وجهة نظر معينة في هذه الموازنة، وهو حراك طبيعي”، داعيا إلى “إجراء بعض الإصلاحات في طريقة إعداد الموازنة وتبويبها، الذي لا يزال يقدم عند النظام المحاسبي القديم التي لا تستطيع أن تضع التحليل المناسب لما هو موجود في الموازنة”.
ولفت العلاق إلى “وجود تشابك بين أبواب الموازنة والتخصيصات الموضوعة ضمن تبويبات مسبقة لا تنطبق عليها المسميات الموجودة”، مشيرا إلى أن “الجهد المبذول، من قبل وزارة المالية، قد تأخر في إنجاز هذا المشروع”. وأوضح الأمين العام لمجلس الوزراء أن “قيمة الموازنة تبقى في القدرة على التنفيذ ومعالجة الأسباب والمعوقات الحائلة دونه”، مشيرا إلى أن “أبرز تلك المعوقات هي البيئة السياسية والاقتصادية والمالية والنقدية والإدارات العامة التي تقود هذه البرامج”.
وأعرب العلاق عن أمله أن”لا يؤثر الوضع السياسي ومتطلبات تحقيق التوافق السياسي على طريقة اختيار وتحديد الإدارات العامة المسؤولة عن تنفيذ هذه البرامج والخطط”، لافتا إلى أن “قوة الأرقام الموجودة في الموازنة تكمن في قوة تنفيذها والمراقبة عليها”. ودعا الأمين العام لمجلس الوزراء السياسيين العراقيين إلى الدقة والحرص في اختيار الإدارات العامة المسؤولة عن تنفيذ البرامج والخطط، وعدم إخضاع الرقابة عليها إلى التوافقات السياسية”.
وينص مشروع الموازنة العامة لـ 2011 على أن تقدر إيراداتها بمبلغ (78.705.237.500.000) وفق الحسابات الرئيسية، كما نص على احتساب الإيرادات الناجمة عن تصدير النفط الخام على أساس معدل سعر قدره (73) دولارا للبرميل الواحد ومعدل تصدير قدره (2.250.000) برميل يوميا منها (150.000) برميل يوميا عن الإيرادات الناجمة عن تصدير النفط الخام عن طريق إقليم كردستان.
وكان مجلس النواب قرر إعادة مشروع موازنة 2011 الى مجلس الوزراء لإجراء بعض التعديلات وإعادتها الى البرلمان لغرض إقرارها بأسرع وقت. ورغم التخفيض المحدود الذي أدخلته الحكومة على الموازنة التشغيلية لحساب الاستثمارية الا ان الموازنة العامة واجهت انتقادات عدة نظرا لاعتمادها سياسة الانفاق بغض النظر عن أزمة التنفيذ التي واجهت الموازنات السابقة.

Facebook
Twitter