أصدر البيت الابيض بياناً حول اجتماع رئيس إقليم كردستان، مسعود البارزاني، والوفد المرافق له، مع رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما، في واشنطن، جاء فيه أن “الرئيس الامريكي ونائبه أبديا دعمهما للأكراد واقليم كردستان، بالإضافة إلى دعمهما عراقاً فيدرالياً ديمقراطياً موحداً”.
فيما أعلن البارزاني، أن اجتماعه مع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية باراك أوباما، في البيت الأبيض في واشنطن كان ناجحا جدا، مضيفا “نشعر بالفخر بأن هيبة داعش تم تحطيمها على يد البيشمركة وأن كوردستان أصبحت ملاذا للمنكوبين”.
ويفهم من سياق تصريحات الجانبين، ان مسالة “الدولة الكردية” لم تسفر عن نتيجة، فاما انه لم يتم التطرق اليها على الاطلاق، او ان المشروع الكردي قوبل بالرفض من قبل الإدارة الامريكية.
وبهذه النتيجة، يخيب امل الكثيرين لاسيما الاكراد في التعويل على الزيارة لرسم ملامح التأسيس لدولة كردية مستقلة.
وقال البارزاني، لدى تقديمه خطابا في مركز التجارة في واشنطن، حول اجتماعه مع اوباما، إن “اجتماعنا كان ناجحا جدا، وأوصلت شكر شعب كردستان للرئيس اوباما ونائبه جو بايدن على المساعدات العسكرية المقدمة لإقليم كردستان في حربه ضد داعش، ولدعمهم الاكراد في أوقات الضيق هذه”.
وكان قد تباحث الرئيس الامريكي باراك اوباما في اجتماع في البيت الابيض مع نائب الرئيس بايدن، ومسعود البارزاني، حملة دحر داعش، والمقترحات السياسية المقدمة لتلبية نداء شعب العراق، وحثه على تقديم مزيد من المساعدات لجميع المكونات، فيما لم تصدر أي اشارت من أي جانب حول مشروع الدولة الكردية الذي سوق له الاعلام الكردي قبيل وصول البارزاني الى واشنطن.
وفي سياق ردود الأفعال على زيارة بارزاني، يتنبأ الكاتب علاء الخطيب، باحتمال قيام الدولة الكردية، بالقول “إذا كان القرن العشرين قد شهد وعد بلفور فان القرن الواحد والعشرين سيشهد وعد بايدن بانشاء دولة كردية، واعتقد ان الخطوة الاخيرة للكونغرس الامريكي تصب في هذا الاتجاه وهو عبارة عن مرحلة اختبار اطلقتها الولايات المتحدة، لستبين ردة فعل الشارع العراقي إزاء التعامل مع كردستان بشكل مستقل”.
وزاد “المقصود بإعلان الكونغرس هي كردستان وليس السنة، لكن مشروع الحزمة الواحدة التي اطلقته امريكا في المشروع ( اي السنة والكرد ) قد يخفف الوطأة، لذا جاءت التصريحات الامريكية متباينة، فالحكومة الامريكية تمسكت بالعراق الواحد، فيما عبر اعضاء جمهوريون وديمقراطيون عن رغبتهم بإقرار المشروع، ولأول مرة يتفق الجمهوريون والديمقراطيون ويندفعون بهذه القوة نحو مشروع واحد، وهي رغبة اسرائيلية بالدرجة الاولى منذ ان اعلنها بايدن، ولو قلنا ان الدولة من حق الاكراد لاستوجب على مسعود برزاني ان يناقش الامر مع الشركاء العراقيين لا ان يعتمد على الولايات المتحدة في تحقيق حلمه”.
وكان رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني قد توجه في (2/5/2015) الى الولايات المتحدة على رأس وفد رفيع المستوى للقاء المسؤولين الامريكيين لغرض البحث في ملفات عدة.
ويذكّر الكاتب والمحلل السياسي صالح السيد باقر، بان “كردستان نالت شبه الاستقلال والحكم الذاتي منذ عام 1991 وبالتحديد بعد الانتفاضة الشعبانية وانسحاب القوات العراقية من الكويت، ولكن لم تعترف أية دولة باستقلالها وانفصالها على الرغم من أنها كانت منفصلة عمليا”.
وأردف “الغريب اننا لم نسمع منذ عام 1991 وحتى سقوط صدام في 2003 أن قياديا كرديا على مستوى مسعود البارزاني أو جلال الطالباني طالب باستقلال كردستان رغم أن كل مبررات المطالبة متوفرة، وفي مقدمتها المجازر التي ارتكبها صدام وحكمه ضد الكرد”.
وتساءل صالح “مع سقوط صدام وتحول الكرد الى شريك رئيسي في الحكم والعملية السياسية برمتها، فيا ترى ما مبرر المطالبة بالاستقلال والانفصال عن العراق، خاصة وأن التحديات التي يواجهها العراق لا تقتصر عليه وحسب وانما الخطر يداهم كردستان أيضا”.
وتساءل الكاتب محمد علي محي الدين فيما اذا “ظروف المنطقة تتيح قيام دولة كردية لها المقومات المطلوبة، فالدول المجاورة للدولة الكردستانية لن تسمح بقيام دولة كردية، لأن ذلك سيكون حافزا للشعب الكردي في سوريا وتركيا وإيران للمطالبة بدولته المستقلة أو على اقل تقدير بحكم ذاتي وهو ما لا يمكن السماح به إلا بعد أنهار من الدماء، ناهيك عن المنافذ الحدودية للدولة الجديدة التي لا تطل على بحر أو دولة صديقة”.
ولم يخف النواب في التحالف الوطني مخاوفهم من سعي الاكراد الى الانفصال، فقد انتقد رئيس كتلة حزب الدعوة النيابية خلف عبد الصمد زيارة رئيس اقليم كردستان إلى الولايات المتحدة، قائلا إن “البارزاني يهدف من زيارته لاقناع امريكا واسرائيل بضرورة انفصال الاكراد، واستغلال ظروف سوريا وايران للحصول على تأييد كردها للانفصال تحت مسمى الدولة الكردية الموحدة في المنطقة”.
ورأى عبد الصمد أن “مصلحة الاكراد اليوم تقتضي البقاء تحت سيادة العراق”.
الكاتب كاظم غيلان يرى ان “المشروع الأميركي في المنطقة معد سلفاً وابتدأت ذروة تطبيقاته على أرضية الواقع العراقي منذ احتلاله العام 2003، وبعد انهيار منظومة المعسكر الاشتراكي، أصبحت أميركا الطرف الوحيد المتحكم كقوة كبرى بشؤون المنطقة، وما تريده من الجميع تنفيذ سياسة مشروعها”.
ويعتقد غيلان انه “متى ما اقتنعت واشنطن بما يريد البارزاني ستستجيب له وقتها”. وأضاف “أستبعد مثل هكذا أمر في الوقت الحاضر لما في وضع العراق الراهن من حساسية قد تؤدي بالتالي الى تدهور العلاقة الأميركية – التركية”.
الى ذلك فان الكاتب يوسف فرج يوسف، يشير الى ان “الادارة الاميركية تدرك السياسات التي ينتهجها البارزاني خصوصا بعد التغيير الذي سعى اضطراب المشهد الامني في محافظات العراق واسهاماته بارباك الوضع ومغازلة الجماعات الارهابية من خلال دفع الرشى بواسطة منحهم الاستثمارات ولعل تآمره على الجيش العراقي واحتلال الموصل شاهد على خيانته العظمي بتحالفات مشبوهة”.
ويرى يوسف ان “التوازن الاقليمي وسعي اميركا لحل مشكلة الملف النووي مع ايران وكذلك علاقتها الاستراتيجية مع تركيا واضطراب الوضع في سوريا ومشكلة اكرادها تحول دون تحقيق الحلم الكردي، الا ان البارزاني يسعى دائما الى توصيل رسالة الى العالم بان الاكراد لا يروق لهم العيش ضمن الجمهورية العراقية “.
ويعتقد الاعلامي جواد الشمري ان الاكراد مازالوا يبحثون عن تحقيق حلمهم المنشود في حق تقرير المصير واعلانهم الانفصال عن الوطن الآم لكن عوامل شتى تقف حائلا دون تحقيق ذلك الحلم و أبرزها دول الجوار العراقي متمثلة بتركيا وإيران التي لن تقبل ذلك خشية تمدد تلك الدولة ليشمل مواطنيها الاكراد، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فأن الاكراد في العراق مستفيدين من الأوضاع الحالية حيث 17% حصة الإقليم من الموازنة وكذلك لديهم حصة وزارية وكتلة نيابية في مجلس النواب العراقي وفي الرئاسات الثلاث لا يمكن التفريط بهذه الامتيازات بسهولة”.
وبحسب الشمري “تبقى مسألة كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها والتي احتلتها البيشمركة في المحصلة النهائية، تشكل جملة من التحديات لا يمكن التغلب عليها بسهولة”.
بدوره، قال عضو مجلس النواب عن ائتلاف دولة القانون، عبد الهادي موحان السعداوي، إن “رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني سيناقش خلال زيارته الى الولايات المتحدة مع المسؤولين الامريكيين مشروع التقسيم الذي اقره الكونغرس الأمريكي”.
الإعلامي طارق حسين يرى ان “مشروع الدولة الكردية في كردستان العراق مازال يواجه عددا من العقبات، رغم توفر الكثير من مستلزمات نجاحه، أهمها، هو ما يطمح له الاكراد من ضم ثلث مساحة العراق تقريبا لدولتهم المنشودة، فضلا عن عدم تخليهم عن كركوك الغنية بالنفط والتي يحرص العرب والتركمان فيها على استبعادها من لعبة الصراع، او اعتبارها اقليما مستقلا، فضلا عن توجس تركيا من احتمال فتح شهية أكراد تركيا للمطالبة بحقهم في تقرير مصيرهم، ولولا هذه العقبات لما تأخر الاكراد كل هذا الوقت في أعلان دولتهم، سيما وأن عرب العراق هم الآن أضعف من أي وقت مضى للتمسك بأراضيهم بسبب التناحر الطائفي فيما بينهم”.
ويرى طارق حسين انه “ازاء هذه الإشكالية، فان الادارة الأمريكية لوحدها لن تستطع اعطاء ضمانات للأكراد، الا اذا كانت هنالك صفقة مع تركيا مقابل مكافاتها بولاية الموصل بالتعاون مع عائلة النجيفي المعروفة بحنينها للإمبراطورية العثمانية”.
وفي نفس السياق يقول الإعلامي رافد المحمداوي ان “اقامة دولة كردية هي افضل للعراقيين لا سيما ان الاكراد في الفترات السابقة لهم دور في تخريب عملية البناء السياسي في العراق واقامة دولة كردية سيفعّل ازمة داخلية داخل مناطق كردستان، لاسيما اعتراض اتحاد الحزب الكردستاني على طريقة حكم برزاني وتمسكه بالحكم وتلك القرارات التي تؤدي الى اعتقال القادة الامنيين المنسوبين الى الاتحاد، وربما بعد اعلان هذه الدولة سينجر الاقليم الى حرب اهلية”.